شهدت العملة اليمنية تعافياً كبيراً أمام العملات الأجنبية في تداولات اليومين الماضيين، حسب إفادة البنك المركزي، وسط تأكيد حكومي عن وديعة سعودية مرتقبة سترفد خزينة البنك المركزي في البلاد من العملة الصعبة، ما من شأنه أن يحسن سعر العملة.
وقالت الحكومة الشرعية إنها تمكنت من السيطرة على المضاربات في سوق العملة التي تحسنت بنسبة تجاوزت الـ40 في المئة، بالتزامن مع جملة من المعالجات التي تهدف إلى تحقيق أكبر استفادة ممكنة من الوديعة السعودية، بدأتها بتعيين قيادة جديدة للبنك وإجراءات حوكمة مالية جديدة.
إلى الـ741 ريالاً
وحققت العملات الأجنبية هبوطاً إضافياً أمام الريال عن المعلن أمس والذي قبله، ووصل سعر الدولار 741 ريالاً، بعد انهيار تاريخي شهده على مدى الأسابيع الماضية بتخطيه حاجز 1675 ريالاً للدولار الواحد للشراء، و1705 ريالات للبيع، في انهيار غير مسبوق مقارنة بنحو 215 ريالاً قبل اندلاع الحرب، الأمر الذي رفع من منسوب احتمالية دخول الملايين موجة مجاعة حقيقية بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى مستوى لا يمكن لغالبية اليمنيين تحمّله.
آليات الحوكمة
وقال رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك، خلال ترؤسه اجتماعاً مشتركاً ضم قيادات وزارة الصناعة والتجارة (تشرف على أسعار السلع وتموين الأسواق)، والهيئة العامة للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة، واللجنة العليا لحماية المستهلك، إنه أجرى نقاشات مع السعوديين لدى زيارته الرياض الأسبوع الماضي، وتطرقت إلى "الوديعة القادمة وآليات الحوكمة المعدة لإدارتها وضمان الاستفادة منها بشكل فاعل ومؤثر في الوضع الاقتصادي والمعيشي بشكل عام"، في إشارة إلى معالجات حكومية متوقعة في هذا الجانب. مؤكداً أن الوديعة السعودية السابقة بمبلغ ملياري دولار التي سلمت للبنك المركزي اليمني مطلع عام 2018 "كان لها الأثر الأكبر في تخفيف حدة الوضع الإنساني بشكل كبير ومؤثر في مستوى اليمن عامة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وشدد رئيس الوزراء على المسؤولية التكاملية للأجهزة المعنية في تعزيز الرقابة على الأسواق وضبط أسعار السلع وتخفيضها، بما يتوازى مع التحسن الكبير في سعر صرف العملة الوطنية.
ووجه بعدم التهاون مع المتلاعبين بالأسعار ومكافحة ظاهرة التهريب والتحقق من جودة السلع وصلاحيتها.
قرارات مهمة
وفي أعقاب عدد من القرارات الإدارية التي طالت المؤسسة المالية في البلاد، وقضت أخيراً بتغيير إدارة البنك المركزي وعدد من مسؤولي وزارة المالية، كشف رئيس الوزراء "عن قرارات قادمة في هيئات ومؤسسات الدولة في إطار عدم التهاون مع المقصرين في أداء واجباتهم، وتعزيز النزاهة والشفافية في جميع إدارات ومؤسسات الدولة".
معركة التحسن
وقال رئيس الوزراء "نحن في معركة اقتصادية صعبة، والنتائج بدأت تظهر الآن، هناك إصلاحات كثيرة من الممكن أن الناس لم يشعروا بها لكن نتائجها أتت خلال هذه الفترة، واستطعنا السيطرة على المضاربات في سوق العملة، التي تحسنت بنسبة أكثر من 40 في المئة، وستشهد المزيد من التحسن".
التعامل بحزم
وفي سبيل فرض الإجراءات الحكومية توعد رئيس الوزراء اليمني بمعاقبة المتلاعبين، مؤكداً أنه "سيتم التعامل بحزم مع المتلاعبين بالأسعار من التجار، كون ذلك يمس قوت ومعيشة المواطن".
وأشار إلى أن جهود الحكومة مرتبطة بالتحقق من جودة السلع وصلاحيتها ومدى التقيد بالمواصفات والمقاييس المعتمدة.
زيادة الإيراد
وفي خطوة تهدف إلى زيادة إيرادات الدولة، أعلن البنك المركزي، في وقت سابق، فتح مزاد جديد لبيع مبلغ خمسة عشر مليون دولار أميركي، من المقرر اليوم الثلاثاء. فيما أصدرت الحكومة، الجمعة الماضي، قراراً قضى بحصر شراء وتوزيع المشتقات النفطية عبر شركة النفط الحكومية.
وتتأثر أسعار المواد الغذائية والأساسية في اليمن بأسعار صرف العملات الأجنبية نتيجة اعتماد البلاد على استيراد السلع الأساسية والكمالية بالعملة الصعبة، التي تتم تغطية فارق قيمتها مع العملة المحلية برفع الأسعار، وهو ما تسبب في موجة غلاء فاحش غير مسبوقة في السلع الغذائية والضرورية بالعاصمة المؤقتة عدن، والمحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، الأمر الذي يزيد المخاوف من شبح مجاعة يلوح في الأفق أكثر من أي وقت مضى.
أقل من 500 ريال
من جانبه، قال الباحث الاقتصادي، عبد الواحد العوبلي، إن هناك تحسناً في قيمة العملة الوطنية، ولكن الوصول لمرحلة التعافي لن يحدث قبل نزول سعر الدولار إلى أقل من 500 ريال كما كان.
وأضاف "نتذكر في عام 2018 عندما وصل الصرف إلى 830 ريالاً للدولار، قدمت السعودية منحة إلى البنك المركزي قيمتها مئتي مليون دولار للحد من تدهور العملة وتحسنت قيمة الريال واستعاد عافيته، وبلغ الدولار 450 ريالاً، ولكن حتى مع وجود المنحة والوديعة السعودية اللاحقة البالغة مليارين، عاد الدولار للارتفاع بشكل تدريجي نتيجة الإخفاقات المالية داخل الحكومة الشرعية ومنها عدم زيادة الإيرادات العامة للبلاد".
العوبلي أورد مؤشراً ثانياً للتعافي يتمثل في إلغاء العملتين، كما هو حاصل في مناطق الحوثيين والشرعية كونه أحد أهم الأسباب التي تسببت في تدهور العملة.
استعادة الموارد
وحول الإجراءات المحتملة من القيادة الجديدة للبنك المركزي، أشار إلى أنها تتمثل في استغلال كل موارد البلاد في حقول النفط وميناء بلحاف وتفعيل مؤسسات الدولة.
بالإضافة إلى "إيقاف النزف الحاصل في النفقات التي تقوم بها أجهزة الحكومة على أعضاء الشرعية المنتشرين في الخارج الذين يتسلمون بالدولار، وهو ما سبب ضغطاً كبيراً على سوق العملة الصعبة داخل البلاد".
وقف إهدار الدولار
ووفقاً للباحث العوبلي، فإن النقطة الأهم أمام الحكومة "تتمثل في وضع حل عاجل لمنع إنفاق ما يزيد على 2.7 مليار دولار، وهو ما يفرغ خزينة الدولة من العملة الصعبة لشراء المشتقات النفطية، بينما حل هذه المشكلة سيتم فوراً بتشغيل مصافي عدن التي يتم تعطيلها بشكل متعمد لصالح متنفذين داخل كل من الشرعية والحوثيين، الذين يتربحون بشكل هائل من تجارة المشتقات النفطية، وهناك مصالح مشتركة تجمع هؤلاء المتربحين وهم من يضغطون بشتى السبل من أجل تعطيل تشغيل مصافي عدن".