Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اقتصاد بريطانيا في 2021... ازدهار لم يشعر به أحد فما الأسباب؟

إحصاءات تشير إلى أن أزمات التوريد والتضخم ستبقى مهيمنة على البلاد خلال العام المقبل رغم النمو الضعيف المتوقع

متسوقون خارج أحد متاجر التجزئة المخفضة في لندن  (أ ف ب)

لن يتذكر البريطانيون 2021 باهتمام كبير، فهو العام الذي كان من المُفترض أن نتخلص فيه من فيروس كورونا والعودة إلى النشاط المعتاد، لكنه كان مختلفاً نوعاً ما. فقد انتهى العام كما بدأ تقريباً، وسط حال من عدم اليقين كبيرة. 

عندما ينظر مؤرخو المستقبل إلى الوراء، بالتأكيد المؤرخون الاقتصاديون، سيكون هناك فضول. فبالنظر إلى أحدث الأرقام الرسمية التي تم نشرها قبل أيام قليلة، وبافتراض نمو متواضع للغاية في الاقتصاد البريطاني خلال الربع الحالي، فإن نمو هذا العام سيكون حوالى 7 في المئة، ربما يمكن إضافة علامة عشرية أو اثنتين. 

السياق مهم هنا بحيث يأتي النمو في 2021 بعد الركود في 2020، عندما تقلّص الاقتصاد بنسبة 9.4 في المئة، وهو تقلّص ضخم ولكنه أقل قليلاً من التقديرات السابقة. ومع ذلك، يُظهر النمو في 2021 على أساس الأرقام ازدهار الاقتصاد البريطاني... فلماذا لم نشعر به أبداً؟ 

تقول "صنداي تايمز" إن "الجواب إحصائي، فإذا ما نظرنا إلى الوراء في 2021، في ما يتعلق بأرقام النمو ربع السنوية، كانت هناك فترة واحدة قوية فقط مدتها ثلاثة أشهر، بحيث بدأ العام مع انخفاض ربع سنوي في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.3 في المئة، خلال الإغلاق الثالث، وارتد بقوة مع توسع بنسبة 5.4 في المئة خلال الربع الثاني من أبريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران)، مع إعادة فتح الاقتصاد، ثم تباطأ إلى 1.1 في المئة خلال الربع الثالث، وربما تباطأ أكثر في الربع الرابع، وشعرنا بتأثير "أوميكرون"، متحوّرة كورونا الجديدة. 

وتضيف الصحيفة، "في أي ظروف طبيعية، يمكن اعتبار ذلك بمثابة ازدهار. في الواقع، في غضون 20 أو 30 عاماً، عندما ينظر الناس إلى بيانات الناتج المحلي الإجمالي، سيبدو عام 2021 إلى حد كبير مثل الانتعاش الأسطوري على شكل حرف   V(يتميز بانتعاش سريع ومستدام في مقاييس الأداء الاقتصادي بعد التدهور الاقتصادي الحاد). 

قصة الركود والنمو  

كانت قصة النمو لعام 2021، تماماً مثل قصة الركود في 2020، تدور حول الربع الثاني. في الربع الثاني من العام الماضي، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 19.4 في المئة، وهو ما يفسر إلى حد كبير سبب كون انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لعام 2020 هو الأكبر منذ فترة طويلة جداً. ارتداد الربع الثاني هذا العام، الذي تُرجم إلى زيادة بنسبة 24.2 في المئة مقارنة بالعام السابق، أصبح الآن بعيداً جداً منّا، لكنه يضمن أن الحصيلة النهائية لعام 2021 ستكون قوية. 

وتقول الصحيفة، "ومع ذلك، كان هناك ما هو أكثر من هذا. فلم نشعر أبداً بطفرة النمو الحاصلة في الاقتصاد لأننا دائماً ما كنّا نراقب كوفيد وتكرار حدوثه وعيننا الأخرى على ارتفاع التضخم، جنباً إلى جنب مع مشكلات سلسلة التوريد ونقص العمال في بعض القطاعات، التي يمكن أن تجلب عمليات الاسترداد ضغوطاً وإجهاداً".  

الاستثمار التجاري وحوافز الشركات 

ربما يمكن رؤية ذلك بصورة أفضل في الاستثمار التجاري. تم منح الشركات حافزاً عظيماً لجلب الاستثمار من قبل وزير الخزانة البريطاني ريشي سوناك في أول موازنته هذا العام أوائل مارس (آذار)، كان "الخصم الفائق" بنسبة 130 في المئة مقابل ضريبة الشركات هو ذلك الحافز، وقد وفّر جسراً للوقت، في أبريل 2023، عندما يرتفع معدل ضريبة الشركات من 19 إلى 25 في المئة. 

لكن الحافز لا يزال بعيداً من تحقيق طفرة استثمارية، بحيث أظهرت التقديرات الجديدة التي نُشرت قبل عيد الميلاد مباشرة أن الاستثمار التجاري انخفض بنسبة 2.5 في المئة خلال الربع الثالث وكان أقل مما كان عليه في نهاية 2020، قبل تقديم الحافز كان الاستثمار أقل بنسبة 11.7 في المئة مما كان عليه في نهاية 2019، قبل اندلاع الوباء. بالتالي من الواضح أننا بحاجة إلى استثمارات أكثر بكثير، وليس أقل. 

وتضيف الصحيفة، "لكي نكون منصفين للاستثمار في الأعمال التجارية، وبالنسبة إلى وزير الخزانة، عكست بعض الانخفاضات الأخيرة ما أطلق عليه الإحصائيون الرسميون انخفاضات كبيرة في الاستثمار في معدات النقل، التي ربما تعكس نقصاً في الرقائق وتقييد الإمدادات من السيارات الجديدة والمركبات التجارية. ولكن كان هناك أيضاً انخفاض في الاستثمار بالملكية الفكرية، قابلته جزئياً زيادة الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وغيرها من المعدات". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مخاوف "كوفيد" والتضخم والتجارة 

ومع ذلك، لم تكُن الشركات متأكدة من أي وقت مضى أن الأسوأ قد انتهى هذا العام. لقد اضطروا أيضاً إلى التعامل مع الخوف والواقع من "كوفيد" والتضخم، إلى جانب حكومة فوضوية وغير صديقة للأعمال حمّلتها ضرائب إضافية ضخمة، حتى لو لم يأتِ معظمها بعد، بدءًا من أبريل. أيضاً في الأرباع الثلاثة من 2021 التي لدينا أرقام عنها، تجاوز النمو السنوي في بريطانيا في الواردات النمو للصادرات. 

وعلى الرغم من أن الطريق لا يزال طويلاً للتعافي بالنسبة إلى كل من الصادرات والواردات، نتيجة للوباء ومشكلات سلسلة التوريد وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يبدو أن حجم الصادرات هذا العام سينخفض ​​بنحو 16 في المئة مقارنة بمستويات 2019، بينما تراجعت الواردات بنحو 14 في المئة. وسيستغرق الأمر وقتاً أطول حتى تعود التجارة إلى مستويات ما قبل الأزمة، مقارنة بمعظم مجالات النشاط الاقتصادي الأخرى. 

نمو ادخار الأسر 

على مستوى المستهلك البريطاني، فخلال معظم هذا العام، بدت الأسر حذرة مثل الشركات من حيث الإنفاق. وتمت إعادة فتح متاجر التجزئة غير الأساسية في الربيع. ولكن كانت هناك  أشهر عدة تراجعت فيها مبيعات التجزئة، وحتى مع السماح بتحويل الإنفاق إلى الضيافة والعطلات، كان هذا مخيباً لآمال المحال التجارية. ومع ذلك، تخبرنا أحدث الأرقام أنه قبل "أوميكرون"، كان الإنفاق الاستهلاكي يرتدّ مرة أخرى، مما يضيّق الفجوة مقارنة بمستويات ما قبل الوباء. 

كان أحد المتغيرات الاقتصادية الأكثر إثارة للاهتمام على مدى العامين الماضيين هو نسبة ادخار الأسرة، الادخار كنسبة مئوية من الدخل المتاح. في ربيع عام 2020، عندما كان الناس غير قادرين على الإنفاق على كثير من الأشياء التي يقومون بها عادة، ارتفعت النسبة إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 23.7 في المئة. كان معظم هذا توفيراً "غير طوعي"، لكن البعض الآخر كان احترازياً. 

وتراجعت النسبة في النصف الثاني من العام الماضي، لكنها ظلت أعلى بكثير من المستويات العادية، قبل أن تقفز إلى 18.4 في المئة في الربع الأول من العام الحالي. ومع ذلك،  انخفض الإنفاق بشكل حاد للغاية، إلى 8.6 في المئة فقط في الربع الثالث. وهذا أعلى مما كان عليه قبل الوباء مباشرة ولكنه أقل مما كان عليه، على سبيل المثال، في منتصف عام 2010. 

يُعتقد أن قصة الادخار هذه قد انتهت الآن، على الرغم من أن جانباً إضافياً من هذا هو مقدار المُدخرات التي تراكمت بشكل إجمالي من قبل الأسر خلال الوباء. 

كما تراجعت ثقة المستهلك في أعقاب "أوميكرون"، على الرغم من أنها لم تنهَر. علاوة على ذلك، تواجه الأسر ضغوطاً في تكاليف المعيشة، التي ستزداد حدة مع الزيادات الهائلة في فواتير الطاقة، إلى جانب الزيادات الضريبية المستحقة في أبريل.

حقيقة ما إذا كان يُمكن الاعتماد على المستهلك البريطاني العظيم في الإنفاق خلال المحن أو لا، سيكون أحد الأسئلة الكبيرة لعام 2022. 

اقرأ المزيد