Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عبور القنال الإنجليزي منفلت بسبب صفقة "بريكست"

اتفاق دبلن يتيح إعادة كل الآتين عبر دول الاتحاد الأوروبي إليها، لكنه لم يعد سارياً الآن، ويعلم العابرون أنه يصعب على بريطانيا ردهم لفرنسا

قارب إنقاذ ينزل عشرات المهاجرين على شواطئ "كنت" (يوتيوب)

لعل واحدة من أهم القضايا التي تقلق الحكومة تتمثل في ما يتوجب فعله حيال عبور طالبي اللجوء القنال الإنجليزي. وإذ عبر حوالى 8460 شخصاً القنال في 2020، فإن ما يزيد على 23 ألف شخصاً قطعوه خلال السنة الحالية، وفوجئت الحكومة بذلك من دون شك، خصوصاً أنها لم تتوقع هذا الارتفاع الحاد في عدد عمليات العبور.

إن هذه الرحلات محفوفة بالأخطار. وفي 24 تشرين ثاني (نوفمبر) حصلت المآساة التي أوقعت العدد الأكبر من الضحايا في حينها، إذ غرق 27 شخصاً أثناء محاولتهم العبور، وضمت صفوف القتلى بعض الأطفال.

وعلى سبيل الاستجابة للمآساة، اتهم وزراء سابقون بريتي باتيل وزيرة الداخلية بأنها تواصل "الارتجال"، ذلك أنها تبدو كمن ليس لديه خطة قابلة للتطبيق في شأن تقليص عدد [عمليات العبور]، ولا تملك تفسيراً أيضاً لسبب وصول هذه المحاولات إلى مستوى قياسي خلال ولايتها.

والأفكار التي قدمت حتى الآن هي إما مجرد كلام فارغ أو غير قانونية أو الاثنين معاً. ونصت إحدى هذه الأفكار على معالجة حالات طالبي اللجوء كلها في ألبانيا بكلفة قدرت بـ 100 ألف جنيه إسترليني للشخص، بيد أن السفير الألباني أوضح أن هذا لن يحدث أبداً لأنه "مخالف للقانون الدولي".

وتردد في وقت سابق الحديث عن اقتراحات أخرى تناولت إجراء المعالجة في مكان آخر، مثل جبل طارق أو راوندا مثلاً. في المقابل، لفتت الحكومة إلى أن تلك التقارير عبارة عن "تكهنات لا أساس لها".

وتمثلت فكرة ثانية في دفع اللاجئين إلى الوراء، وتعريض أولئك الذين يركبون طوافات مرشحة للغرق [من تلقاء نفسها] بمن فيهم النساء والأطفال، إلى خطر جسيم. ووصف حزب العمال ذلك بالعمل "اللاإنساني وغير المعقول"، إلا أن هذا الإجراء يعتبر أيضاً انتهاكاً لنظم الشحن التجاري (سلامة الملاحة) لسنة 2020، التي تقضي بإنقاذ أولئك الذين يواجهون محنة في عرض البحر.

في سياق موازٍ، أنفقت باتيل القسط الأكبر من طاقتها على توجيه أصابع الاتهام بدلاً من العمل على حل المشكلة، وألقت باللوم على الحدود المفتوحة مع أن قيود مرحلة ما بعد انتشار كورونا كانت ولا تزال مطبقة، وكذلك ألقت باتيل اللوم على السطات الفرنسية لأنها لا تفعل ما يكفي، على الرغم من ورود أنباء عن تأخر المملكة المتحدة في دفع ما يترتب عليها لدعم مثل تلك الجهود مادياً. ولاشك في أنه من الممكن بذل مزيد من الجهد على الشاطئ الفرنسي، ويجب أن يجري ذلك.

مع ذلك، فإن أياً من تلك الأمور لا يفسر لماذا يحدث ذلك الآن؟ لماذا يتزايد عدد من يعبرون القنال الإنجليزي منذ سنة 2019، أكثر من أي وقت مضى؟ لا يعود ذلك إلى أن المياه باتت أكثر دفئاً أو الأمواج صارت أقل هيجاناً، ولا يكمن السبب أيضاً في تضاؤل حركة المواصلات عبر القنال الإنجليزي أو استخدام طوافات من نوعية أفضل. إن الشيء الكبير المحدد الذي حصل وقد يؤدي دوراً رئيساً في تفسير هذه الزيادة، هو صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي التي أبرمها رئيس الوزراء.

إن المشكلة المتعلقة بـ "بريكست" هي أن المملكة المتحدة تخلت بخروجها من الاتحاد الأوروبي عما يمكن القول جدلاً بأنها إحدى أكثر سياسات الهجرة شعبية لدى الجمهور البريطاني، المتمثلة في "اتفاق دبلن 3"، إذ يشكل ذلك الاتفاق معاهدة بين دول الاتحاد الأوروبي تنص على أن أي شخص يطأ إحدى دول الاتحاد الاوروبي الأخرى أولاً سيكون مستطاعاً إعادته لتلك الدولة، وبموجب "اتفاق دبلن" يجوز أن تجري إعادة أي شخص شوهد أثناء مغادرته الشواطئ الفرنسية متوجهاً إلى إنجلترا من حيث أتى، طبقاً لهذه المعاهدة.

وبالتالي تتمثل المشكلة الآن في أن الخروج من الاتحاد الأوروبي معناه أيضاً الخروج من "اتفاق دبلن"، وقد سئلت الحكومة مراراً من جانب حزب العمال خلال مفاوضات "بريكست" عن إدراج عضوية بريطانيا في "اتفاق دبلن" ضمن أي صفقة [مع أوروبا]، لكن من حيث الجوهر إما نسيت الحكومة الأمر، أو أنها لم تأخذه على محمل الجد، فبقي نص الصفقة [بريكست] النهائي خالياً من أي ذكر لـ "اتفاق دبلن"، ومن أي شيء يمكنه أن يحل محلها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 إنه أمر مهم لأنه كان متوجباً ملاحظة ذلك التغيير التنظيمي، ويرجع ذلك إلى أنه منذ قبول "الصفقة الجاهزة [لدخول] الفرن" التي عقدها رئيس الوزراء [مع الاتحاد الأوروبي]، على الرغم من أنها تخلو من أحكام للتعامل مع الحالات التي يشملها "اتفاق دبلن"، [منذها] لم يعد من الممكن إرجاع أي شخص يصل إلى بريطانيا في مرحلة ما بعد "بريكست"، إلى دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي، لأن القاعدة التي تجيز إعادته [اتفاق دبلن] لم تعد موضع تطبيق، والأسوأ من هذا هو أن الحكومة فشلت في إيجاد أي معاهدات من أجل تسليم المطلوبين من شأنها معالجة هذه المسألة، وبالتالي فإنها تواجه عقبة إضافية في محاولة فرض عمليات إعادة الوافدين [إلى بريطانيا]، وقد أدى ذلك الأمر إلى بلوغ عمليات الإعادة القسرية التي نفذتها المملكة المتحدة مستوى قياسياً في الانخفاض.

 لذلك، وعلى الرغم من الخطاب ذي النبرة الصارمة حول معالجة طلبات اللجوء في الخارج، وقد رفض من دول أخرى أو أنها قاومته على أساس كونه غير قانوني، إلا أن الحكومة عاجزة عن السيطرة على كيفية بروز هذا الوضع في المقام الأول، والآن يعرف أولئك الذين يعبرون القنال الإنجليزي أن إعادتهم لفرنسا ستكون صعبة.

وإضافة إلى ذلك، ونظراً إلى أن وزارة الداخلية تستغرق وقتاً أطول لمعالجة الطلبات وتقويمها، يعرف الوافدون إلى بريطانيا أيضاً أنه احتمالات مغادرتهم [ترحيلهم] قريباً إلى أي مكان آخر مستبعدة، وسيكونون قادرين على الإقامة في المملكة المتحدة لأشهر أو حتى سنوات، فيما تنظر طلباتهم ببطء.

لقد شكل عدم إدراج "اتفاق دبلن" أو أي بديل منه في محادثات "بريكست" فشلاً واضحاً، يشبه تماماً الفشل لجهة إدارة حجم العمل، المتمثل في ترك وزارة الداخلية قيد معاناة النقص في الموظفين والموارد.

وبصراحة، فإذا كانت باتيل تبحث عن شخص من أجل إلقاء اللوم عليه، فحري بها أن تنظر في المرآة حين تكون واقفة إلى جانب رئيس الوزراء

لقد قادنا قصر نظرهما في التعامل مع تلك المفاوضات إلى ما نحن فيه اليوم، إذ لم "يستعيدا السيطرة"، بل تسرعا في التخلي عن مقاليدها. وبانتظار أن يتعلما الدروس ويصححا إهمالهما، فقد تزيد الأمور سوءاً بالنسبة إليهما.

 

توم بروكس بروفيسور في القانون والحكومة بجامعة دورهام.

© The Independent

المزيد من آراء