Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تراجع قطاع النقل يضرب تنافسية السلع التونسية في السوق الأفريقية

شركات محلية تعاني ضعف الاستثمار والإمكانيات اللوجيستية للوصول إلى فرص جديدة في بلدان مجاورة

تفتقر الشركات التونسية إلى الإمكانيات اللوجيستية لترويج سلعها (أ ف ب)

تسعى تونس إلى تعزيز فرص الاستثمار في أفريقيا وتنمية التصدير إلى هذه السوق، بحكم أن أسواق القارة السمراء سريعة النمو. وتضع تونس استراتيجية جديدة تعتمد تنمية الصادرات نحو أفريقيا كوجهة ذات أولوية، بالنظر إلى أنه يُتوقع أن يصل عدد سكان أفريقيا البالغ حالياً حوالى 1.2 مليار نسمة، إلى 1.7 مليار بحلول عام 2030. ويولد ذلك فرصاً تجارية جديدة في السوق الاستهلاكية. وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن الإنفاق السنوي للمستهلكين والشركات الأفريقية سيصل إلى 6.66 مليار دولار بحلول عام 2030.
لكن الشركات التونسية تفتقر إلى الإمكانيات اللوجيستية لترويج سلعها وأحياناً تفتقد القدرة التنافسية بسبب صعوبات متعددة، تطرق إليها مسؤولون وباحثون تحدثوا إلى "اندبندنت عربية" عن فرص الاستثمارات والتصدير إلى القارة الواعدة. 

السوق المشتركة

يُذكر أن تونس وقعت اتفاقيتين، الأولى هي اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، والثانية اتفاقية السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا، المعروفة أيضاً باسمها المختصر "كوميسا" COMESA، كما حصلت تونس على صفة عضو مراقب في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ECOWAS).

وتهدف السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا إلى إنشاء الاتحاد الجمركي بين دوله الأعضاء البالغ عددها 21 دولة. ووقعت تونس في 15 يوليو (تموز) 2018، الاتفاقية المتعلقة بانضمامها إلى هذه السوق. ودخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ في 1 يناير (كانون الثاني) 2020. وتُعفى جميع القطاعات الصناعية والمنتجات الزراعية في بلدان الكوميسا من الرسوم الجمركية. 
وشهدت الصادرات التونسية إلى دول أفريقيا نمواً في عام 2020 على الرغم من انعكاسات الجائحة وتوقف الحركة التجارية لفترات مطولة. وبلغت الصادرات إلى دول أفريقيا جنوب الصحراء 1.1 مليار دينار تونسي (392 مليون دولار) في عام 2020.
وبذلك سجلت ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.94 في المئة مقارنة بالعام السابق، وبنسبة 2.8 في المئة من مجمَل الصادرات التونسية. وبلغت قيمة الواردات 218.9 مليون دينار (78.1 مليون دولار) مقابل 264.3 مليون دينار (94.3 مليون دولار) لعام 2019 أي بانخفاض بنسبة تقارب 17 في المئة.

تسجيل فائض

وسجل الميزان التجاري مع دول أفريقيا جنوب الصحراء فائضاً لصالح تونس في عام 2020 بقيمة 884.9 مليون دينار (316 مليون دولار) مقابل 829.2 مليون دينار (296.1 مليون دولار) في عام 2019. وعرفت الصادرات إلى دول السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا جنوب الصحراء (باستثناء ليبيا ومصر التي تحكمها اتفاقيات منطقة التجارة الحرة العربية) زيادة بما يقرب من 8 في المئة في عام 2020. وتمثل ساحل العاج أول عميل لتونس وموردها الثالث، بنسبة 13.5 في المئة من إجمالي صادراتها إلى الدول الأفريقية جنوب الصحراء. وأهم المنتجات المصدَّرة لهذا البلد هي الموصلات الكهربائية 15 في المئة، مواد البناء 11 في المئة، الإسمنت 6 في المئة، والصناعات الميكانيكية 6 في المئة.

وسُجل أعلى معدل نمو في قائمة العملاء الرئيسين لتونس في أفريقيا جنوب الصحراء، لدى كل من كينيا بـ308.6 في المئة، ومدغشقر 287 في المئة، وبوركينا فاسو 44.5 في المئة. بينما انخفضت الصادرات التونسية مقارنةً بـ2019 إلى ساحل العاج بنسبة 8.5 في المئة، والسنغال بـ15 في المئة، وإثيوبيا 19.6 في المئة، والغابون  بـ9.7 في المئة، وجنوب أفريقيا بـ24.8 في المئة، وبنين بـ24.2 في المئة.

ومع 60 في المئة من إجمالي صادرات تونس إلى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، يظل غرب القارة الوجهة الأولى للمنتجات التونسية، وتم تسجيل انخفاض طفيف بنحو 3 في المئة بسبب تراجع انخفاض الصادرات من  الجص 41 في المئة والملابس المستعملة 22 في المئة والصناعات الميكانيكية 54 في المئة. وتُعد إفريقيا الوسطى الوجهة الثانية للصادرات التونسية. وبلغت الصادرات التونسية 201.5 مليون دينار (71.9 مليون دولار) عام 2020 مقابل 190.5 مليون دينار(68 مليون دولار) لعام 2019 بزيادة 5.7 في المئة.

وسُجل تطور الصادرات باتجاه بلدان الجنوب الأفريقي بنسبة 28.5 في المئة نتيجة الطلب المتزايد على "الجص". وبلغت الصادرات من هذا المنتج 35 مليون دينار (12.5 مليون دولار) في 2020، تليه الموصلات الكهربائية بنحو 39 في المئة في 2020 و"المستحضرات الغذائية" بقيمة 29 مليون دينار (10.3 مليون دولار) عام 2020، مقابل 27 مليون دينار (9.6 مليون دولار) في عام 2019. و"الأسلاك" التي سجلت ارتفاعاً كبيراً بـ222 في المئة من 7.8 مليون دينار (2.7 مليون دولار) في 2019 إلى 25 مليون دينار (8.9 مليون دولار) في 2020.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما اكتسبت منتجات أخرى رواجاً في أفريقيا الوسطى مثل "المارغرين" و"المنتجات الصحية" والمستلزمات الهندسية. لكن الإمكانات غير المستغَلة المتبقية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تبلغ 400 مليون دولار أميركي.

عوائق النقل

وإن أظهر الصناعيون التونسيون قدرتهم على تقديم الإضافة وغزو الأسواق بفضل جودة المنتج ومرافقة مختصين في دعم ريادة الأعمال وتسهيل التصدير مثل "دار المصدر" (مؤسسة حكومية)، تظل الاستفادة من الإمكانات الموجودة في بلدان هذه المنطقة محدودة لدى الصناعيين التونسيين بسبب عوائق عدة، أهمها عدم توفر وسائل نقل بغياب كلي لخط بحري.
وأشار أنيس الجزيري، رئيس مجلس الأعمال التونسي الأفريقي، إلى مبادرة مطروحة للاستفادة من الطريق الصحراوي السريع الرابط بين الجزائر وعمق القارة الأفريقية لتصدير السلع التونسية. وكشف أنه تم طرح هذا المقترح بانتظار تفاعل الجانب الجزائري، ودراسته من قبل وزارتَي التجارة بالبلدين، علماً أن الأشغال بالطريق الصحراوي المذكور استُكملت إلى حدود النيجر. ويمثل الطريق البري السريع عنصراً داعماً للصادرات التونسية في حال موافقة السلطات الجزائرية على مرور السلع التونسية عبر أراضيها. الأمر غير المتاح حالياً. ويضطر المصدرون التونسيون إلى اعتماد موانئ إيطالية وإسبانية ومغربية لتصدير سلعهم التي تستغرق 45 يوماً للوصول إلى وجهتها النهائية، مما ينقص من قدرتها التنافسية.

غياب رسمي

من ناحية ثانية، رأى "طارق الشريف" رئيس كونفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية (هيئة نقابية) أن الشركات التونسية تشكو غياب البنوك التونسية في السوق الأفريقية وانعدام مرافقة المؤسسات المالية، عكس البلدان المجاورة والمنافسة. كما تفتقر السلع التونسية إلى خطوط بحرية أو جوية مباشرة إلى بلدان القارة. وتضرب مصاريف النقل، تنافسية السلع التونسية. ويبدو الدعم الموفر من قبل السلطات التونسية للنقل، وهو تغطية حوالى ربع التكاليف، ضئيلاً للغاية مقارنة بالمنافسين. حيث تغطي تركيا المنافِسة نفقات نقل سلعها إلى أفريقيا بنسبة مئة في المئة ومصر بنسبة 50 في المئة. كما يغيب الحضور الدبلوماسي التونسي في جل البلدان الأفريقية، بينما يتحتم تكثيفه إضافة إلى توفير أقسام اقتصادية متخصصة بالسفارات. ويقتصر وجود "دار المصدر" المؤسسة الرسمية الداعمة للتصدير على خمسة مكاتب في كامل القارة. لذلك فإن الوجود الاقتصادي التونسي يبدو باهتاً ويقتصر على بعض البلدان بفضل الجهود الخاصة للمؤسسات.