Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تحمل لجنة التقصي الدولية السلام لإثيوبيا في العام الجديد؟

اتهمت جهات دولية أديس أبابا والجيش الإريتري بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في إقليم تيغراي خلال 2020

مقاتل تابع لـ "جبهة تحرير شعب تيغراي" على إحدى الجبهات في شمال إثيوبيا (أ ب)

بدأت مسيرة تحري الوضع الإنساني في إثيوبيا بعد "عملية إنفاذ القانون" التي أمر بها رئيس الوزراء آبي أحمد ضد إقليم تيغراي في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، وأتى قرار الأمم المتحدة تكوين "اللجنة الأممية" لتقصي الانتهاكات الإنسانية في تيغراي مواكباً لنهاية العام الحالي، بعد مطالبات دولية بكشف الجهات المتورطة في الانتهاكات الإنسانية.
وكانت جهات دولية ومنظمات إنسانية اتهمت الحكومة الإثيوبية إلى جانب الجيش الإريتري بانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان بعد سيطرتها على إقليم تيغراي في عام 2020. ودعا بيان مشترك لـ16 دولة بقيادة الولايات المتحدة في السابع من نوفمبر 2020، إريتريا إلى سحب قواتها فوراً من الأراضي الإثيوبية. كما طالبت الدول ومن بينها فرنسا وبريطانيا وألمانيا بضرورة مساءلة القوات الإثيوبية والإريترية بشأن الانتهاكات والتجاوزات التي ارتُكبت في إقليم تيغراي. كما أكدت تلك الدول في بيانها المشترك أهمية استقرار إثيوبيا ووحدتها وسلامة أراضيها.
مفوضية حقوق الإنسان الإثيوبية

ونتيجة لضغوط دولية، شكلت حكومة أديس أبابا "مفوضية حقوق الإنسان الإثيوبية المستقلة"، من البرلمان الإثيوبي، كي تضطلع بمهمات التحقيق والتحري حول الأعمال المنافية للقانون الإنساني التي ارتُكبت في إقليم تيغراي.
وكشفت المفوضية في بداية عملها عن ملابسات إنسانية، وتحدثت عن تلقيها تقارير عن خسائر في الأرواح وإصابات جسدية وعقلية، وحالات عنف قائم على النوع الاجتماعي، ونهب وانتهاكات أخرى لحقوق الإنسان في مناطق عدة في إقليم تيغراي. ولفتت في بيان في فبراير (شباط) الماضي، إلى أن الانقطاع المستمر للعديد من خدمات البنية التحتية والخدمات الأخرى، بما فيها الخدمات المصرفية، أدى إلى تقييد حركة المواد الغذائية والمواد الطبية والسلع الأساسية الأخرى.

كل الأطراف مرتكبة

على المنوال ذاته، أفاد تقرير مشترك بين المفوضية السامية لحقوق الإنسان ونظيرتها الإثيوبية في الثالث من نوفمبر الماضي، بحدوث "فظائع وجرائم مروّعة مُورست بحق مدنيين في إقليم تيغراي"، اتسمت بـ"وحشية قصوى" وارتكبتها "جميع الأطراف بدرجات متفاوتة". وقالت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ميشيل باشليه إن "خطورة الانتهاكات التي رصدناها تؤكد ضرورة محاسبة المسؤولين عنها مهما كان المعسكر الذي ينتمون إليه". وتابعت "ثمة أسباب معقولة تدفع إلى الاعتقاد بأن كل أطراف النزاع في منطقة تيغراي ارتكبوا، بدرجات متفاوتة، انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي وقانون اللاجئين الدولي، قد يشكل بعضها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية". (تمّ تقديم نتائج التقرير في وقت متزامن لكن ليس بشكل مشترك في إثيوبيا).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وغطت الوثيقة الفترة الممتدة من 3 نوفمبر 2020، تاريخ إطلاق رئيس الوزراء الحائز على جائزة نوبل للسلام آبي أحمد الهجوم ضد سلطات تيغراي، وحتى 28 يونيو (حزيران) 2021، حين أعلنت أديس أبابا وقفاً لإطلاق النار من جانب واحد.
وندد التقرير مستنداً إلى شهادات، بـ"هجمات عشوائية" ضد المدنيين وإعدامات خارج إطار القضاء، وأعمال تعذيب، وخطف وتوقيفات عشوائية أو حتى أعمال عنف جنسية ونهب. والتقى المحققون ناجيات وقع نصفهن ضحية اغتصاب جماعي، كما وثقوا حالات عنف جنسي ضد رجال أيضاً وتحدثوا عن حالة صبي (16 سنة) اغتصبه جنود إريتريون، أقدم على الانتحار.
وجاء في التقرير أن أعمال التعذيب "يتعرض فيها الضحايا للضرب بكابلات كهربائية وقضبان حديد. وتم إجراء 269 مقابلة سرّية واجتماعات مع السلطات المحلية والفيدرالية ومنظمات غير حكومية إلى جانب أعضاء من الطواقم الطبية". وأكد التقرير أن كل أطراف النزاع استهدفت بشكل مباشر المدنيين، موضحاً "دور القوات الإريترية التي جاءت لدعم القوات الحكومية وشاركت في الأعمال اللا إنسانية، وأجبرت لاجئين إريتريين على العودة إلى إريتريا".
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن حض في 2 مارس (آذار) 2021، رئيس الوزراء الإثيوبي، على وقف القتال في إقليم تيغراي والقبول بتحقيق دولي بشأن ارتكاب "فظاعات" هناك.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان لها إن بلينكن طلب في اتصال هاتفي مع أحمد، "أن تتعاون حكومة إثيوبيا مع المجتمع الدولي لتسهيل تحقيقات مستقلة ودولية وذات صدقية في تقارير عن انتهاكات لحقوق الإنسان ومحاسبة مَن يقف وراءها"، مشيراً إلى وجود "تقارير يُعتد بها عن ارتكاب فظائع وانتهاكات ومخالفات لحقوق الإنسان". وأضاف البيان أن "الوزير حثّ الحكومة الإثيوبية على اتخاذ خطوات فورية وملموسة لحماية المدنيين بما في ذلك اللاجئون ومنع وقوع مزيد من أعمال العنف".

جرائم مشتركة

وبعد استرداد "جبهة تحرير تيغراي" عاصمة الإقليم، مقلي، في يونيو 2021، واحتلالها مناطق عدة في إقليمي أمهرا وعفر، تصاعدت كذلك الأعمال غير الإنسانية التي ارتُكبت فيهما إلى جانب مدن عدة في إقليم وللو، حيث مورست جرائم ضد السكان، واضطر مئات الآلاف إلى ترك منازلهم.
وكانت الحكومة الإثيوبية اتهمت في 6 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، "جبهة تحرير تيغراي" بارتكاب جرائم ترتقي للإبادة الجماعية في المناطق التي أُجبرت على الخروج منها في إقليمي أمهرا وعفر. وقالت سلاماويت كاسا وزيرة الدولة بمكتب الاتصال بالحكومة الإثيوبية إن "قوات جبهة تحرير تيغراي قامت بقتل جماعي في منطقة غاشنا- أنسوكيا جمزا بإقليم أمهرا". وأكدت الوقوف على "مقابر جماعية" بالمنطقة، موضحة أن "مئات الأبرياء قُتلوا في مناطق عدة، منها: غاشنا، وأنسوكيا جمزا، وغوبو، وأغامسا، وتشالي، وشنا وأورغيسا، وكومبولشا، في إقليم أمهرا، ومنطقة جليكوما في إقليم عفر.

توقعات عمل "لجنة التحقيقات الأممية"
ووفق جهات سياسية وقانونية، فإن تكوين "لجنة التحقيقات الأممية" في الانتهاكات المرتكبة في إقليم تيغراي، يأتي بناءً على مبررات وتوثيقات دولية عدة لا يمكن تجاهلها مهما طغت عليها أحداث أو مضى عليها تاريخ.
ويقول يس أحمد، رئيس المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية عن الدوافع الحقيقية للجنة "إن حيثيات تكوين اللجنة الأممية جاءت لتضع ضغطاً على الحكومة الإثيوبية في حين أن مفوضية حقوق الإنسان الإثيوبية، التي كونتها الحكومة العام الماضي، وباشرت أعمالها مع المنظمات الإنسانية الأممية لا تزال تؤدي مهماتها". ويضيف أن "المفوضية دعت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى دعم تنفيذ توصيات التحقيق المشترك وتشجيع التحقيقات المستقلة الجارية في إثيوبيا".
ويرى أحمد أن "ما يحمله العام الجديد من تطورات بدءاً بقرار الأمم المتحدة، يعكس عدم حيادية تجاه الأوضاع في إثيوبيا، ما يؤثر في عنصر الثقة المتبادلة بين الدول والمنظمة الدولية"، مشيراً إلى أن "إثيوبيا وعلى الرغم من رفضها التعامل مع اللجنة الأممية ستظل حريصة للوصول إلى سلام عادل، وتتفاءل بقدوم العام الجديد في ظل الانتصارات العسكرية التي حققها الجيش الإثيوبي واسترداده المدن والمناطق في أمهرا وعفر، وامتلاك عنصر المبادرة لأي سلام عادل يحقن الدماء".
ويقول صلاح الدين عبد الرحمن الدومة، أستاذ العلاقات الدولية، مدير معهد الدراسات الاستراتيجية بجامعة أم درمان الإسلامية، "إن توقيت إنشاء لجنة التحقيقات الأممية، وما يتبعها من مهمات يقع ضمن مسؤوليات المنظمة الدولية، ويقترن بازدياد العنف في إقليم تيغراي وما يجاوره من مناطق، ما يشي بتطور خطير ينقلب إلى عنف قد تكون له تداعيات كبيرة على كل أرجاء إثيوبيا والمنطقة الإقليمية. وهذا ما دفع بالمنظمة الدولية إلى تبني قرار اللجنة الأممية".
وعن توقعات عمل اللجنة خلال العام الجديد، يقول الدومة إن "ما يقبل عليه العام الجديد في قضية الحرب الإثيوبية تبدأ بوادره بعمل اللجنة الأممية للحد من إراقة مزيد من الدماء، وما سيتبعها من خطوات جادة ومتعاقبة سواء في أعمال أعضائها الدوليين الموكلة إليهم مهمة تقصي الحقائق في الجرائم المرتكبة في الإقليم، إلى جانب تهدئة الأوضاع لخلق واقع ملائم لتحقيق سلام بين الأطراف المتحاربة". ويضيف "على الرغم من رفض إثيوبيا اللجنة لحساسية العلاقة مع العديد من الهيئات الإنسانية الدولية، التي تتهمها أديس أبابا بالانحياز إلى جبهة تيغراي، لكن هذا لا يمنع الاستجابة للمنظمة الدولية وفق الأعراف الدولية، ما يعطي مؤشراً لتقدم نحو سلام يعمل له المجتمع الدولي ويحمله العام الجديد".

المزيد من متابعات