Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

2021 تسلم 2022 ملفات العالم الملتهبة

جولة بانورامية على بؤر الصراع والأزمات في الشرق والغرب: السياقات والمآلات

ضمن الإرث المزعج الذي خلفته 2021 يأتي ملف أوكرانيا الكفيل بإشعال حرب عالمية (أ.ب)

مع نهاية عام 2021 وبداية عام ميلادي جديد، عادة ما يطرح المراقبون تساؤلات حول إرث العام الذي مضى، متطلعين إلى  مآلات العام الجديد، غير أن واقع الحال يخبرنا بأن ما كان واقع حال في السنة الفائتة، سيظل امتداده قائماً وقادماً في العام الجديد، لا سيما الملفات الخلافية الكبرى التي تترك العالم في حالة من الخوف على أمن وسلام الكرة الأرضية بشكل عام، ومنطقة الشرق الأوسط بنوع  خاص.

لا شك أن أوضاع العالم بشراً وحجراً في بدايات العام الجديد تبدو ومن أسف مقلقة، ما بين ظروف وعوامل طبيعية، أسهم الإنسان في المزيد من اختلالها، وصراعات سياسية بعضها ينذر بمواجهات عالمية، ناهيك عن ملفات تفاوضية تبدو متعثرة إلى درجة اليأس من الوصول إلى نهايات سلمية، ما يعني أن قعقعة أصوات الحروب باتت تسمع من وراء كواليس وجدران قاعات المناقشات... فإلى أين يمضي العالم في 2022؟

عاصفة فيروسية مستبدة تهب على العالم 

تبدو النذر الأولى للعام الجديد غير مبشرة فيما يخص جائحة "كوفيد-19" بكل تحولاتها وتحوراتها، والذين استمعوا، أخيراً، للرئيس الأميركي جو بايدن، وحديثه عن العاصفة الفيروسية التي ستهب على الولايات المتحدة، ويمكنها أن تصيب الملايين، لا سيما من الذين لم يتلقوا اللقاح، يمكنه أن يدرك إلى أي مدى سيرث العام الجديد ملفاً  قاسياً من العام الذي سبقه.

والشاهد أن العاصفة لن تهب على الولايات المتحدة الأميركية فحسب، بل المؤكد أنها ستنسحب على بقية بقاع وأصقاع العالم وما تجري به المقادير في الشرق الآسيوي والغرب الأوروبي يشي بأنها عاصفة شرسة قولاً وفعلاً.

تدخل كورونا مع البشرية عامها الثالث ولا يزال السر غائباً، من أين أتت وكيف لها أن تمضي وتغادر المسكونة، ثم وهو الأهم هل سيتمكن العلم والعلماء من الإجهاز على الفيروس الذي أرعب البشر، أم العكس، وبخاصة في ظل تضارب الروايات حول مقدرة المتحور الجديد، أوميكرون، على مقاومة اللقاحات الموجودة... هذا هو الخطر الأول المحدق بالبشرية في السنة الجديدة والكفيل بجعل نهار البشر قلقاً، وليلهم أرقاً.

شتاء قارس البرودة وتغيرات مناخية مخيفة  

على عتبات العام الجديد، تبدو الكرة الأرضية على موعد مع شتاء قارس البرودة، وسلسلة متصلة من التغيرات المناخية المخيفة، والتي رأينا بعضاً من تباشيرها من خلال ما جرى في بعض الولايات الأميركية، تلك الرياح والأعاصير التي خلفت وراءها نحو مئة قتيل ومئات الجرحى وخسائر مالية بالمليارات استدعت الدعم الفيدرالي.

عاش العالم صيفاً حاراً جافاً متطرفاً في شدته، ومن بعده شتاء لا قبل لكثيرين به، الأمر الذي يؤكد صدقية التحذيرات التي انطلقت خلال أعمال مؤتمر غلاسكو الأخير.

آخر التقارير المناخية تشير إلى أن البرودة القاسية والعواصف أدت إلى تعطيل إنتاج النفط في الولايات المتحدة الأميركية، وفي الوقت عينه فإن ارتفاع درجات الحرارة في الشرق الأوسط والخليج العربي، مع العواصف الرملية والجفاف والتصحر، جميعها ستؤثر على  مصادر النفط الخام وتعرضها للخطر، وما بين الشرق والغرب يتعرض اقتصاد العالم للخلل.

أما الطامة الكبرى، فتتمثل في العلاقة بين التغيرات المناخية من جهة، وأحوال العنف المتوقع في العام الجديد من جهة أخرى.

على سبيل المثال لا الحصر، لفتت مجموعة الأزمات الدولية إلى أن القارة الأفريقية قد تمر بأسوأ المخاطر المتعلقة بتغيير المناخ، وفي الوقت نفسه قد تواجه أجزاء من آسيا وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط مخاطر مماثلة.

هنا ينبغي الإشارة إلى أن بعض الدراسات تفيد بأن ارتفاع درجات الحرارة بمقدار نصف درجة مئوية، يزيد من احتمالات نشوب  صراع مميت بنسبة تتراوح ما بين 10 و20 في المئة. وحال ثبوت هذه التنبؤات، فإن حكومات الدول الأكثر عرضة للخطر سوف تحتاج إلى تنظيم الوصول إلى الموارد، سواء كانت نادرة أو وفيرة في الوقت نفسه والعهدة على مجلة "فورين بوليسي".

أميركا بين الإقدام والإحجام دولياً

من بين المشاهد الدولية المثيرة في العام الجديد ما هو متعلق بالولايات المتحدة الأميركية، والسياسات الخارجية لإدارة الرئيس بايدن.

جرى القول، إن العالم يعاني من الفوقية الأميركية، ومن تدخلاتها  شرقاً وغرباً، والتي كثيراً ما ولدت إشكاليات عوضاً عن أن تحل المشكلات.

لكن وعلى الرغم من ذلك تبدو خطوط السياسة الدولية من غير أميركا معتلة ومختلة، فهي وحتى الساعة الأهم والأكثر فاعلية.

من هنا يبقى التساؤل: ما محددات ومعايير رؤية إدارة بايدن للعالم، هل ستميل إلى تيار الانعزاليين الجدد إن جاز التعبير، أم أنها  ستمضي في الاشتباك الخلاق مع بقية أرجاء العالم؟

تبدو الصورة ملتبسة وغير واضحة، ففي مناطق بعينها نرى أميركا وكأنها على عجلة من أمرها في الانسحاب، كما حدث في أغسطس (آب) الماضي، حين أنهت وجودها العسكري في أفغانستان، بصورة مرتبكة وفوضوية.

الانسحابات الأميركية ربما تتكرر مرة أخرى من مناطق نفوذ تقليدية ومنها منطقة الشرق الأوسط على سبيل المثال. فبعد عدة عقود من وجود أميركي طويل الأمد، ها هي تجهز أوراقها للانسحاب الكامل والشامل من العراق، وربما لم يعد لها سوى نحو ألفي جندي في البلد الذي احتلته عام 2003، وهم جاهزون للانسحاب في أي وقت، إضافة إلى أعداد قليلة في سوريا.

الاشتباك الأميركي لا يتوقف على الشرق الأوسط فقط، بل يمضي كذلك نحو أوروبا حيث الجناح الآخر من حلف الناتو، وقد كان الرئيس الأميركي السابق ترمب قد هيأ المشهد لسحب القوات الأميركية من ألمانيا، فيما يظهر أن خلفه بايدن لم يلق بالاً للقرار، وها هو يجذر لهذا الحضور مرة جديدة.

ومن أقصى الغرب الأميركي، انطلقت ملامح عالم جديد وتحالفات محدثة في 2021 ستلقي ولا شك أثرها على 2022، وهنا نحن بصدد تحالف أوكوس العسكري مع أستراليا وبريطانيا، وتحالف كواد مع الهند واليابان، إضافة إلى بريطانيا.

روسيا وأوكرانيا... حرب أم سلام؟

ضمن الإرث المزعج الذي خلفته 2021، يأتي هذا الملف الكفيل بإشعال حرب عالمية جديدة إن لم يتم التوافق السلمي بين أطراف النزاع كافة.

يتوقع المراقبون أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيقوم بعملية عسكرية تجاه أوكرانيا في فبراير (شباط) من العام الجديد.

القيصر الروسي لا يود الحرب، لكنه يرى نفسه عاجزاً عن الصمت  أو الوقوف محلك سر وهو يشاهد حلف الناتو يتمدد شرقاً إلى حدود بلاده الغربية.

لم يحافظ الناتو على تعهداته والتزاماته التي قطعها على نفسه يوم تسبب في انهيار الاتحاد السوفياتي. ولعل محاولات الأميركيين تشجيع الثورات الملونة في بعض من جمهوريات الاتحاد السابق كما الحال مع جورجيا عام 2008، ترك يقيناً في عقل القيصر بأن واشنطن تعد من قبيل الأرباب الدائمة الخذلان لعبادها، فما بالك بالأعداء التاريخيين!

على مشارف العام الجديد يحشد فلاديمير بوتين نحو 175 ألف جندي مع عتاد وسلاح متقدم، وفي الوقت نفسه يطرح على مائدة الحوار مع  العم سام شروطاً متقدمة لحفظ الأمن في بلاده، وقطع الطريق على  التقدم العسكري الغربي بجواره.

هل ستنجح المفاوضات الروسية الأميركية، أم سيقع المحظور والمتمثل في عمل عسكري روسي ضد أوكرانيا، وليس شرطاً أن يكون حرباً شاملة وغزواً مسلحاً لكل أرجاء البلاد، بل يكفي عمليات انتقائية جراحية؟

ثم ماذا سيكون رد الفعل الأميركي والأوروبي، هل يكتفيان بالعقوبات الاقتصادية الموجعة، أم ينزلق الأمر إلى مواجهات عسكرية، ربما تقود إلى حدوث ما تجنبه العالم عام 1962، أي زمن أزمة صواريخ كوبا؟

مشهد ضبابي يكاد يشابه كرة الثلج المتوقع ارتطامها بسفح الجبل.

تايوان وبكين... وصراع الأقطاب الدولية

تبقى الصين قوة عالمية، سواء كانت قوة قطبية، أو إقليمية، الأمر الذي يجعل من وجودها في شرق آسيا أمراً فاعلاً ومؤثراً في الصراعات المفتوحة هناك وفي مقدمها الصراع في بحر الصين الجنوبي، والصراع بشأن تايوان.

تؤمن الصين بأن مياه بحر الصين الجنوبي هي مياه إقليمية خاصة بها، ولهذا فإنه من حقها أن تقيم فيها ما شاء لها أن تقيم من مشروعات كالجزر الصناعية التي تبنيها هناك.

فكرة هذه الجزر الحقيقية تقوم على إمكانية استخدامها كقواعد عسكرية وقتما تشاء، ذلك أنها بحساباتها الاستشرافية تدرك أن الصراع قادم لا محالة مع الولايات المتحدة من جراء تنامي قوتها العسكرية، ونفوذها خارج حدودها الأمر الذي لا تفضله واشنطن ولا تتطلع إلى رؤيته في الحال أو الاستقبال.

على أن ما يجعل إرث 2021 ثقيلاً على خليفتها بنوع خاص، حالة الصراع الدبلوماسي، والتي يمكن لها أن تنفلت في لحظة من 2022 بسبب جزيرة تايوان التي تبدو اختباراً صعباً لواشنطن وبكين معاً.

الصينيون يقطعون بأن تايوان جزء لا يتجزأ من أراضيهم، وخطابات الرئيس الصيني، شي جين بينغ، خلال العام المنصرم تفيد بأن بكين تريد عودة سلمية للجزيرة، وإن لفت النظر إلى استعداد بلاده لاستخدام أدوات أخرى، ما يعني عسكرة المشهد، واستخدام القوة المسلحة لإعادة توحيد الجزيرة ضمن إطار الصين الكبرى.

على الجانب الأميركي، شهدنا تصريحات متفاوتة من الولايات المتحدة، فقبل بضعة أشهر كان الرئيس بايدن يتحدث عن وجوبية الدفاع عن تايوان في مواجهة أي تطورات صينية، الأمر الذي لاقى ردوداً ساخنة من الجانب الصيني.

تالياً اتسمت تصريحات بايدن بتخفيف لهجة الحديث العسكري، ربما لقناعة أميركية بأن الأمر يمكن أن يقود إلى مواجهة مسلحة شاملة كاملة بين الأميركيين والصينيين، قد تؤدي إلى انفلاش نووي.

 هل تقبع واشنطن في العام الجديد في مأزق؟

حكماً هي كذلك، ذلك أنه لو انخطرت بعمق في الدفاع عن تايوان، لتعرضت لإشكالية الحروب التي تسعى للهروب منها خارج أراضيها، وحال وقفت عاقدة الذراعين على الصدور، إذا تدخلت الصين عسكرياً في تايوان، فإن مشهد التدخل العسكري الروسي في جورجيا، سيعاد إنتاجه ثانية، الأمر الذي يعني فقدان واشنطن ومن جديد لثقة العالم الحر والديمقراطي فيها، ولتراجعت بأكثر حدة رؤية حلفائها لها كصديق يمكن اللجوء إليه وقت الحاجة والعوز، وهو ما دعا بعض الأميركيين لوصف بلادهم بأنها مثل: "الأرباب التي يدعوها أصحابها فلا تستجيب"، وفي الحالين سنجد أميركا مأزومة وأمام اختيارين أحلاهما مر، وحلان كلاهما أعرج.

أفغانستان الجرح الآسيوي النازف دوماً

أطلق جيم غولبي، الزميل البارز غير المقيم في مركز الدراسات الأميركية، وصفاً على إدارة بايدن في تعاملها مع الملف الأفغاني، فرأى فيها: "إدارة مهزوزة، تسببت بانسحابها المرتبك في تداعيات فوضوية على الشعب الأفغاني".

ما من أحد قادر على الإجابة بجلاء وشفافية تامين عن التساؤل الخاص بسر انسحاب أميركا من أفغانستان في هذا التوقيت وبهذه الصورة التي ذكرت العالم بما جرى في سايغون في فيتنام قبل عدة عقود.

في المناقشات التي جرت في جلسة مجلس الشيوخ الخاصة بلجنة  القوات المسلحة، ألقى الجنرالات بمن فيهم رئيس الأركان الجنرال مارك ميلي، اللوم على إدارة الرئيس بايدن، واعتبروه صاحب القرار السياسي الحاسم والحازم بالانسحاب، وأن القوات المسلحة أطاعت.

هل كان لدى الرئيس بايدن سيناريو لليوم الثاني؟

يقول البعض، إن بايدن أراد جعل أفغانستان مستنقعاً للروس والصينيين. غير أن أحداً لا يصدق تلك الرواية لأكثر من سبب، في مقدمها أن عقلية بايدن ليست عقلية استراتيجية عسكرية منظمة، لا سيما وأنه طوال أكثر من أربعة عقود في العمل السياسي لم تظهر له كرامات خاصة، أو وضع بصمات متميزة على الحياة السياسية في الداخل الأميركي، فما بالنا برسم خطة عميقة لاستدراج الدب الروسي أو التنين الصيني؟

 ثم إن الأهم في هذا الأمر، هو الرهان على "طالبان" التي باتت قائمة على شؤون وشجون أفغانستان، وما إذا كانت ستمضي عبر سيرتها الأولى من جديد أو أنها قد تعلمت الدرس جيداً وستحاول تغيير صورتها في أعين العالم.

اكتشف الجد بايدن اليوم أن الروس والصينيين ربما لديهم خطط لاحتواء "طالبان"، وليس بالضرورة ردعها، بل أكثر من ذلك وجود احتمال أن تصبح فيه "طالبان" خنجراً في الخاصرة الأميركية في عموم شرق آسيا، ما يزيد من فداحة الانسحاب الأميركي.

أما الجرح النازف والمفتوح في الجسد الأفغاني حتى الساعة، فمرهون بتوافقات أو افتراقات "طالبان" لجهة وجود المنظمات الإرهابية على أراضيها، فعلى سبيل المثال تنقسم جماعة "طالبان" اليوم حول وجود "القاعدة" وحمايته، فهناك فريق يرى أنه يتوجب على عناصره الرحيل، وفريق آخر يرحب بوجوده وتقديم الحماية والعون له.

الأمر غير قاصر على "القاعدة"، فهناك على سبيل المثال تنظيم "داعش" الذي يحاول ضبط مساراته ولم شمله، من خلال التماس أي بطن رخوة في المنطقة يمكنها أن تصلح موطئ قدم له.

أوائل ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تحدث الجنرال كينيث ماكينزي، قائد القيادة المركزية الأميركية، عن رصد تحركات متنامية لتنظيم "القاعدة" من جديد على الأراضي الأفغانية.

هل في الأمر خطورة حقيقية على أمن وأمان العالم؟

مؤكد أن المشهد اختلف اختلافاً واضحاً عما كان عليه الحال في نهاية تسعينيات القرن الماضي، إذ إن هناك تهديدات وإرهاباً جديداً يمكن أن يقوم به من يشاء من غير أن ينتقل من مكان إلى آخر، ويتكبد مشقة الالتحام المباشر، ويكفي أي جماعة إرهابية شبكة عنكبوتية متقدمة وعقول مبدعة ولو في الشر لإحداث خسائر في الأرواح والممتلكات غير مسبوقة في أي موقع أو موضع حول العالم... هل من مزيد؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التهديدات السيبرانية... إرث سيئ السمعة

من أكثر ما يخشاه العالم في السنوات المقبلة بشكل عام، وليس في 2022 بنوع خاص، الحروب والتهديدات السيبرانية، تلك التي يمكن لها أن تفجر حرباً نووية بقصد أو بغير قصد.

لم تفلح الهيئات أو المنظمات الأممية في وضع قواعد أخلاقية على  مجال العمل السيبراني، وفضاءاته المتعددة، ذلك التعبير الذي خرج على العالم في تسعينيات القرن الماضي.

والثابت أنه إذا كانت القوة تنقسم إلى ناعمة وخشنة، فإن أدوات الحروب اليوم كذلك تمضي في هذا الاتجاه.

أحدث التقارير الواردة عبر شبكة "بلومبيرغ" الأميركية تشير إلى أن الولايات المتحدة على سبيل المثال، باتت في مواجهة خطر داهم يتمثل في نشوب الحروب على أراضيها، وذلك بعدما تمتعت طوال تاريخها بحماية طبيعية من المحيطين الأطلسي شرقاً والهادي غرباً.

هنا تتحدث الوكالة الإخبارية الأميركية عن حرب وليس عمليات كتلك التي جرت بها المقادير في عام 2001، والسؤال كيف، وهل هناك من قوة على الأرض يمكنها أن تحرك أدواتها العسكرية لغزو أميركا؟

الجواب يقودنا إلى التوقف عند شكل تلك القوة، فهي هنا ليست أساطيل وجيوشاً تقليدية، وإنما مسارات ومساقات سيبرانية يمكنها اختراق قلب وعقل أميركا السيبراني، أي الكمبيوترات والنظم التي تدير الدولة، من عند شبكات الكهرباء، ومحطات تحلية المياه، وشبكة المواصلات البرية، والمطارات والخطوط الجوية، وصولاً إلى شبكات الدفاع الجوي، والقواعد العسكرية، أما الطامة الكبرى، فتتمثل في قواعد الصواريخ النووية.

هل يمكن أن يشهد العام الجديد صراعاً سيبرانياً ما يعيد ذكريات بضعة أعوام خلت؟

تبدو الاحتمالات مفتوحة، لا سيما أن العام الجديد هو موعد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي، وقد جرت المقادير منذ عام 2016 على اتهام الأميركيين لعناصر خارجية بالتلاعب بقدراتهم السياسية والتدخل في شؤون المجتمع الأميركي، وتوجيه اتجاهات الرأي العام.

في عام 2020 تحديداً وقبل تسلم بايدن السلطة رسمياً، تعرضت أميركا لهجوم سيبراني فادح، وبدا جلياً أن أصابع الاتهام توجه إلى الروس.

التساؤل هنا: ماذا لو احتدم الصراع الأميركي - الروسي بسبب أوكرانيا... هل سنرى معارك سيبرانية انتقامية من الطرفين؟

علامة الاستفهام عينها تمضي إلى الصين والتساؤل إلى أي مدى  يمكن للصين أن توجع أميركا سيبرانياً إذا حاولت الأخيرة التجرؤ على التدخل بشكل فج في الملف التايواني؟

المؤكد في كل الأحوال هو أن الصراع السيبراني سوف يضحى إحدى أهم القضايا المفتوحة ضمن سياقات العام الجديد ومآلاته.

وفي الخلاصة، يحتاج الحديث حكماً إلى قراءة مكملة، فهناك من الجراح التي على 2022 أن تتعاطى معها كثيراً، من عينة عسكرة الفضاء، وكيف ستكون خطوات القوى الكبرى في العام الجديد، إضافة إلى ملفات الصراعات المفتوحة دبلوماسياً، والتي يمكن أن تنحو إلى  أزمة عسكرية كما الحال مع الملف الإيراني.

عطفاً على ذلك هناك أزمات مشتعلة كالملف الإثيوبي، وأزمة ليبيا  التي أخفقت في التوصل إلى توافق بشأن الانتخابات، عطفاً على  قضايا الإرهاب الذي يعيد تشكيل صفوفه مرة جديدة، ولا ننسى الساحل الأفريقي وقضاياه المتشظية.

وإن ننسى فلا ننسى الوضع في القارة الأوروبية التي شهدت تحولاً واضحاً في الحكومة الألمانية الجديدة، وينتظر العام الجديد انتخابات رئاسية في فرنسا، إضافة إلى التغيرات المتوقعة في أميركا اللاتينية.

حكماً سيكون 2022 عاماً مفصلياً تجاه العديد من الملفات الساخنة.

المزيد من تقارير