Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جدل افتراضي بين السوريين بعد تبني قطتين

أثنى البعض على الخطوة انطلاقاً من دوافع إنسانية واستهجنها آخرون وعدوها ترفاً في بلد يعاني ويلات الحرب

هناك من تندر من السوريين ومن أخذ الأمر بسخرية مرة (جمعية ستار سوريا)

لم تتوقع فتاتان هولنديتان أنهما ستثيران موجة من الجدل الافتراضي وحتى السخرية السوداء والتندر القاسي لإنقاذهما قطتين أخذ المرض منهما مأخذاً عظيماً خلال حياتهما في سوريا، أما اليوم فالقطتان موعودتان بحياة هانئة وآمنة ومطمئنة بين أيدي أمينة في أمستردام، كما هو حال كثير من اللاجئين السوريين أيضاً.

"هولي" و"زينة" قطتان مبتورتا الطرف، أثار مقطع لهما مصور بثته إحدى الجمعيات المهتمة بالحيوان اهتمام الفتاتين الهولنديتين، وسرعان ما طلبتا تبني القطتين، وتكفلتا بنفقات السفر والإجراءات القانونية من جوازات السفر والفيزا الخاصة لانتقالهما إلى بلدهما الجديد.

تباين المواقف

إزاء ذلك، وما إن تسرب نبأ التبني على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي حتى اشتعلت تعليقات انقسمت بين من يؤيد هذه الخطوة ويثني عليها كونها تنطلق من دوافع إنسانية، ومنها من استهجنها واعتبرها ترفاً في بلد يعاني ويلات الحرب.

في غضون ذلك وصلت القطتان هولي وزينة إلى أمستردام في وقت تشهد البلاد حال إغلاق واسع في فترة عيد الميلاد، حيث يرمي قرار إلى احتواء التفشي المتسارع للمتحورة "أوميكرون"، فيما بثت الفتاتان مقاطع مصورة للقطتين في منزل دافئ تتلقيان العناية المناسبة.

في المقابل، وعلى الرغم من كل التباين حول آراء المتابعين لهذه القضية الإنسانية، فإن الشارع السوري الذي يتلظى من حصار قاس ترك آثاره في اقتصاد البلاد، وصف هذا التصرف بـ "المستفز"، وأكثر من ذلك عدم التفات الفتيات حتى إلى المخيمات، بحسب الناشط في العمل الإنساني بمخيمات النزوح براء مزين، الذي يرى أنه من الأجدى الوصول إلى الأطفال الذين يعانون الفاقة والعوز والمرض. ويردف، "لقد بحت أصواتنا ونحن نناشد المجتمع الدولي للالتفات إلى واقع المخيمات التي ينقصها كثير من المستلزمات الغذائية والدوائية، ويمكن لكثيرين ممن يود المشاركة في العمل الإنساني مشاهدة الكم الكبير من المعوقين ومبتوري الأطراف والأطفال المشردين من دون مأوى".

فعل الخير والعمل الإنساني

ولم يتفق الوسط الشعبي على كلمة واحدة إزاء هذه الحالة، إلا أنه متفق على أنه عمل إنساني في نهاية المطاف. ويلفت أحد المتابعين لقضية ما زالت تثير زوبعة من الآراء المتناقضة حول أولوية تقديم هذه المساعدة للحيوان أم الإنسان، إلا أن الأمر لا يتعدى حرية شخصية، ولا تخلو على الإطلاق من العمل الإنساني حتى وإن كان مع الحيوان، "فهذا التصرف يدل على فعل الخير، إذ ينقسم الناس في هذا إلى أشكال عدة منها ما يدعم الإنسان، أو كثيرون يتجهون نحو تخفيف الألم عن الحيوان، وهذا شأنهم الذي يجب أن نحترمه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الجمعية التي أشرفت على هذا العمل يطلق عليها الفريق السوري لإنقاذ الحيوانات (ستار)، إذ لفتت رئيس مجلس الإدارة هنادي المحتسب إلى وصول زينة وهولي لمكانهما الجديد، وهذا يعطي مدعاة للفرح بإنقاذهما وتأمين حياة جديدة لهما حتى وإن كانتا تعيشان حالياً في بلد أوروبي.

وتضيف في حديثها إلى "اندبندنت عربية" أن "هذه الحيوانات بحاجة إلى رعاية وبيت دافئ يتبناها، وللأسف من سنوات سابقة لليوم ينقصنا مبادرات مجتمعية تعمل على دعم التبني لحيوانات ذات إصابات، بينما الأجانب لديهم الاستطاعة بأن يتكفلوا بالحيوانات المصابة ويقدموا لها الرعاية الطبية والاهتمام الحقيقي، ونحن مجموعة من محبي الحيوانات نقوم على إنقاذ ومعالجة ورعاية الحيوانات المتضررة أو المصابة".

ولدى جمعية "ستار" مقر في الصبورة بريف دمشق، وتحتضن في الوقت الحالي ما يقارب الـ 2000 كائن حي من قطط وكلاب معظمها تشكلت لديها إعاقة دائمة بسبب إصابتها، مثل فقدان البصر والشلل أو فقدان أحد الأطراف. وتضيف المحتسب، "نحن نقدم كل ما نستطيع من خدمات لهذه الكائنات لتستعيد حقها في الحياة مثل المعالجة الفيزيائية أو تركيب الأطراف الصناعية أو العربات المساعدة".

الإصابات والتعنيف البشري

وتروي رئيس مجلس الجمعية تلقي الجمعية إنذاراً بالإخلاء من قبل صاحب العقار المؤجر منذ بداية العام الحالي، "واستطعنا الحصول على عقار مناسب جداً في منطقة قريبة من دمشق تقع في صحنايا بمساحة 13 دونماً قُدم لنا من أحد المتبرعين، ليصار إلى إيجاد غابة طبيعية للحيوانات".

وتضيف، "نفتقد إلى المتبرعين ضمن ظروف بلدنا، ونفتقد التعاون الدولي نظراً إلى العقوبات المفروضة، وخطتنا تسلم ملف معالجة ظاهرة الكلاب الشاردة التي باتت تنشر الذعر بشكل كبير للسكان، بخاصة خلال الفترة الأخيرة، وتم التنسيق ووضع خطة مدروسة مع وزارة الزراعة وريف المحافظة، والتنسيق مع الوزارات ذات الصلة لتنفيذ الخطة".

وفي ظل غياب القانون، كما تعتقد رئيس مجلس إدارة جمعية الفريق السوري عن حماية الحيوان في سوريا، فإن أغلب الحالات التي يتم تسلمها في الجمعية هي حالات لحيوانات مصابة بسبب التعنيف البشري، وإن العديد من هذه الحالات لديها إعاقة دائمة، مثل فقدان البصر أو أحد الأطراف، وبالتالي فهذه النسبة زادت مع الحروب التي حصلت خلال عقد من الزمن، لكن يبقى الجانب الأكثر جدلاً هو تقبل المجتمع الذي يعيش الحرب والحصار حالات التبني وتفضيل الحيوان على الإنسان.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير