Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

احتفالات بيوم اللغة العربية تتحدى كورونا حضوريا وافتراضيا

من "اليونسكو" والمندوبية السعودية إلى دبي والقاهرة والمغرب ومتحف لوفر أبو ظبي

العالم يحتفل بيوم اللغة العربية (مجموعة اليونسكو)

اليوم العالمي للغة العربية الذي أعلنته منظمة "اليونسكو" في 18 ديسمبر (كانون الأول) من كل عام، والذي بات تقليداً سنوياً تُحييه غالبية الدول العربية، رسمياً وشعبياً، وبعض العواصم الغربية، لم يحظَ هذه السنة بما كان يحظى به سابقاً من احتفالات وندوات ونشاطات متنوعة، والسبب استشراء الموجة الجديدة من وباء كورونا، الذي دفع الدول إلى الحد من حركة التواصل الاجتماعي، واللجوء إلى حال العزل والإغلاق. هذا الإجراء حال دون الاحتفال بهذا اليوم العالمي احتفالاً حضورياً مباشراً، واستبداله بالنشاط الافتراضي عبر جميع وسائل التواصل الاجتماعي، أو ما يسمى التواصل عن بعد، لكن جهات قليلة جداً، اصرت على إحياء ندوات حضورية مفتوحة أمام الجمهور، ومنها على سبيل المثال الملحقية الثقافية في فرنسا بالتعاون مع المعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية، بباريس، وكذلك مجمع اللغة العربية في القاهرة. أما سائر المؤسسات، فاعتمدت الطريقة الافتراضية في عقد ندواتها.

اليونسكو والمندوبية السعودية

وكانت منظمة "اليونسكو" في باريس بالشراكة مع المندوبية السعودية لدى المنظمة، انطلقت أمس، الجمعة، بإحياء ندوة تحت عنوان "اللغة العربية والتواصل الحضاري"، في مقر المنظمة - باريس. ووفقاً لـ"اليونسكو"، فقد تم اختيار "اللغة العربية والتواصل الحضاري"، ليكون موضوعاً بهذا اليوم، لتأكيد الدور المهم الذي تؤديه اللغة العربية في مد جسور التواصل بين الناس في مجالات الثقافة والعلم والأدب، وغيرها من المجالات الكثيرة جداً، وتتمثل الغاية من هذا الموضوع في إبراز الدور التاريخي الذي تضطلع به اللغة العربية كأداة لاستحداث المعارف وتناقلها، فضلاً عن كونها وسيلة للارتقاء بالحوار، وإرساء أسس السلام. وتُعد اللغة العربية ركناً من أركان التنوع الثقافي للبشرية، وهي إحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم، إذ يتكلمها يومياً ما يزيد على 400 مليون نسمة، ويستخدمها أكثر من مليار ونصف المليار من المسلمين في العالم. وقد باتت العربية هي اللغة السادسة التي يحتفي بها عالمياً بعد الفرنسية والإنجليزية والروسية والإسبانية والصينية.

افتتح احتفال "اليونسكو" بكلمات لكل من غابرييلا راموس، مساعدة المديرة العامة لقطاع العلوم الاجتماعية والإنسانية لدى "اليونسكو"، وهيفاء آل مقرن، المندوبة الدائمة للسعودية لدى "اليونسكو"، وصالح الخليفي، المدير العام لمؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية. وتم عرض فيلم وثائقي قصير حول معرض "اللغة العربية والتواصل الحضاري"، وشمل أعمالاً لـ18 فناناً من جميع أنحاء العالم لإبراز العلاقة القوية بين اللغة العربية، ومختلف أشكال التعبير الثقافي.

وشمل البرنامج جلسة بعنوان "اللغة العربية والتواصل الحضاري"، أدارها بشير العبيدي، رئيس المرصد الأوروبي لتعليم اللغة العربية، أما المتحدثون فكانوا: منى الحاج صالح العجرمي، أستاذ مشارك في اللغويات العربية التطبيقية في الجامعة الأردنية، وماريا أفينو، أستاذ اللغة والآداب العربية في جامعة نابولي الشرقية، وفؤاد بوعلي، رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية في المغرب، وعبدالرحمن السليمان، أستاذ اللغة العربية والترجمة في جامعة لوفان في بلجيكا، وكريس ديركون، مؤرخ الفن، ونوال الحلوة، عميدة كلية الآداب وأستاذ اللسانيات في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن.

جسر بين الحضارات

في "إكسبو 2020 دبي"، احتفلت وزارة الثقافة الإماراتية مع مركز أبو ظبي للغة العربية بهذا اليوم العالمي، وأجري الاحتفال تحت شعار "مستقبل اللغة العربية - جسر بين الحضارات". وشارك في الاحتفال أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، وعلي عبدالله موسى، الأمين العام للمجلس الدولي للغة العربية، ونورة الكعبي، وزيرة الثقافة والشباب. وأشار أبو الغيط في كلمته إلى أن اللغة العربية كانت أداة رئيسة لصناعة واحدة من أكبر شبكات التواصل التي عرفها التاريخ البشري. فالتواصل هو غاية اللغة ووظيفتها، ويرتبط مستوى التواصل الحضاري والفكري بمدى قدرة اللغة على تحقيقه، وما تقدمه من إمكانات للتكيف مع نظم ثقافية مختلفة'. وأعلن أبو الغيط عن إطلاق الأمانة العامة لجامعة الدول العربية شهر اللغة العربية ابتداءً من يوم 21 فبراير (شباط) المقبل المصادف لليوم العالمي للغة الأم، وحتى 22 مارس (اذار) 2022 الموافق لتاريخ تأسيس جامعة الدول العربية، بالتعاون مع المجلس الدولي للغة العربية.

ولفت في كلمته إلى أن "اللغة العربية كانت الوسيط في الترجمة والنقل أو التأليف والابتكار، فلم تكن لغتنا قاصرة عن استيعاب ثقافة الآخر وهضم المنتج الحضاري القادم إليها من خارجها، بل كانت لغة علم وأدب وفن في آنٍ واحد، وظلت اللغة العربية لوقت طويل لغة العلوم التي نهل منها الغرب ليصنع نهضته في حركة ترجمة عكسية منذ القرن الثاني عشر".

وأضاف أن "اللغة العربية، لديها عديد من الإمكانات وسعة الألفاظ والاشتقاقات، ما يجعل منها لغة علم بامتياز. العربية بخير ما دام الناطقون بها مؤمنين بها وبإمكاناتها، وحافظين لتراثها ورسالتها ومقتنعين بأهمية تجديدها وتعزيز انفتاحها على الثقافة العالمية".

أما نورة الكعبي وزيرة الثقافة والشباب فتحدثت عن اللغة العربية التي تحمل إرثاً تاريخياً عميقاً، باعتبارها عنصراً أساسياً في مسيرتنا نحو المستقبل. وقالت: "لغتنا تواجه ‏اليوم عديداً من التحديات، ولكن الحلول دائماً متاحة، وتحتاج إلى تضافر الجهود من أجل استعادة اللغة العربية في مجالها. وفي إطار التزام دولة الإمارات بالنهوض باللغة العربية وتعزيز مكانتها عالمية، قمنا بالشراكة مع عديد من الجهات المتخصصة بإصدار تقرير حالة اللغة العربية ومستقبلها، وذلك لرصد واقعها ‏والتحديات التي تواجهها".

مجمع اللغة العربية

احتفل مجمع اللغة العربية في القاهرة باليوم العالمى بدوره، وافتتح الاحتفال وقدمه صلاح فضل، رئيس المجمع، وأدار الجلسة عبدالحميد مدكور، أمين العام المجمع. أما المتحدثون فهم أحمد فؤاد باشا، الذي ألقى كلمة بعنوان "اللغة والعلم"، والكلمة الثانية ألقاها أحمد عبدالعظيم عبدالغني، بعنوان "اللغة والمجتمع"، والثالثة ألقاها محمد السيد العبد، بعنوان "العربية المعاصرة وتحديث المعجم"، والكلمة الرابعة كانت لعبدالحميد مدكور، بعنوان "جهود مجمع اللغة العربية في المعجم التاريخي".

 وتضمن الاحتفال تقديم فقرات موسيقية غنائية باللغة الفصحى أدّتها نخبة من فناني أكاديمية الفنون.

ولم يغب "معهد العالم العربي" هذه السنة عن الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية. وقد جاءت احتفاليته بعنوان "لغة بلا حدود". وتم عرض الفيلم الوثائقي "حسن التربية" للمخرجتين إميلي جاميه، وهي - جين ماجيه، متبوعاً بحلقة نقاش معهما، ومع مديرة مركز الحضارة واللغة، في المعهد، ثم "مواعدة للحوار" بين الناطقين بالعربية والفرنسية، إضافة إلى قراءة شعرية وموسيقية، وكذلك لقاء أدبي مع الروائي المصري خالد الخميسي. وتتميز احتفالية هذا العام 2021 بصدى خاص في العالم العربي، فعديد من فعاليتها سيقام في عدد من البلدان العربية، وأولى هذه الفعاليات ستكون "ليلة من الشعر"، وذلك إضافة لتنظيم أول قمة للغة العربية في دولة الإمارات العربية المتحدة.

ندوة عالمية افتراضية

في المغرب، تم حجب معظم الاحتفالات التي دأبت الجامعات والمؤسسات الثقافية على تنظيمها بمناسبة اليوم العالمي للغة العرببية، بسبب القرار الحكومي الذي صدر مع مطلع هذا الشهر، ويقضي بمنع المهرجانات والتظاهرات الثقافية، لذلك كانت الاحتفالات هذه السنة قليلة، وبحضور محدود، وأبرزها ندوة دولية (افتراضية) أقيمت في مركز الملك عبدالله الثقافي العالمي (ثراء) بعنوان "التحول الرقمي في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها وتعلمها"، وقد نظمها "الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية في المغرب". وشارك الندوة من مركز "الإيسسكو" للغة العربية مجدي حاج إبراهيم، رئيس المركز، ويوسف إسماعيلي، المتخصص في المركز. وفي الجلسة الافتتاحية، ألقى مجدي كلمة تتناول موضوع التحول الرقمي السريع وعلاقته بمجال تعليم اللغة العربية وتعلمها، بهدف تكثيف الجهود وتنسيق العمل للوصول إلى نتائج عملية وتوصيات ناجعة لتطوير مناهج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها والاستفادة من الوسائط التكنولوجية الحديثة.

وأدار الأكاديمي يوسف إسماعيلي، جلسة بعنوان "تجارب ومبادرات في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها"، وشارك فيها خمسة متحدثين يمثلون مؤسسات تعمل في مجال تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها من دول مختلفة، استعرضوا تجاربهم في إيصال اللغة العربية للراغبين في تعلمها عن بعد، بخاصة خلال جائحة كورونا.

أمسية شعرية

 واحتفالاً بهذا اليوم رأى‏ مركز أبو ظبي للغة العربية والمعهد الفرنسي في الإمارات، بالتعاون مع معهد العالم العربي، بباريس ‏وجامعة السوربون، أبو ظبي، ‏تنظيم أمسية شعرية في متحف اللوفر للجمهور في رحلة فنية تمزج بين الشعر والفنون الإيقاعية والبصرية. و"الأمسية الشعرية" فعالية ثقافية سنوية ينظمها معهد العالم العربي في فرنسا، ‏وفي 15 بلداً عربياً في كل عام منذ عام 2016، وهي أمسية تشجع الحوار الثقافي بين ‏الشعوب، وتحتفل بجمالية اللغات من خلال الفن. وكان قد أعلن في نوفمبر (تشرين الثاني)2021 عن اتفاقية الشراكة بين مركز أبو ظبي للغة العربية ‏ومعهد العالم العربي، وهي تمثل إحدى أهم محطات التعاون الثقافي بين الدولتين، إذ ‏جاءت لتوحد الجهود في مجال تعزيز مكانة اللغة العربية على الخريطة الثقافية ‏العالمية، والتعاون في تعميم الشهادة الدولية لإتقان اللغة العربية (سمة)، إلى جانب ‏عديد من النواحي الثقافية الأخرى. وبدت الأمسية الشعرية منصة للاحتفاء بالروابط ‏الثقافية التاريخية الوثيقة بين فرنسا ودولة الإمارات، واستعراض ‏إبداعهما وثراءهما اللغوي والفني العريق‎.‎ وأكد علي بن تميم، رئيس مركز أبو ظبي للغة العربية، أهمية هذه ‏الفعاليات الثقافية الفنية، التي تجمع المبدعين في شتى أنواع الفنون، ومن مختلف ‏الدول، تحت سقف واحد، في مزيج فني مختلف وفريد من نوعه، ما يجسد مثالاً حياً ‏لتناغم الثقافات فيما بينها، ويفتح آفاقاً أوسع للحوار المشترك بلغة الفنون، من خلال ‏عروض ملهمة تدمج بين فن الشعر والفنون الأخرى الحديثة بشكل مبتكر ومميز‎.‎

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

وقال مانويل رباتيه، مدير متحف اللوفر أبو ظبي: ‎"نحن فخورون باستقبالنا ‏هذه الأمسية الشعرية التي تكرس للشعر والفن واللغة العربية، ونرحب بزملائنا الكرام ‏في متحف اللوفر أبو ظبي. عندما تحكى لنا حكايات العالم باللغة العربية، ومن خلال ‏الشعر، نقدر ثراء التقاليد الفنية والبراعة الشعرية للغة، التي يحتفل بها مركز أبو ظبي ‏للغة العربية ومعهد العالم العربي من خلال شراكتهما. نحتفل خلال الأمسية بجمال ‏اللغة العربية في ثقافات متعددة، من خلال مواهب من عديد من التخصصات ‏الفنية، في متحف مهمته سرد القصص المشتركة للبشرية"‎.‎
واحتفت الأمسية من خلال فنانين مميزين باللغات والثقافات عبر الموسيقى ‏والإيقاع والشعر والفنون المرئية في احتفالية بالشعر المعاصر والتقليدي اللذين ‏يتميزان بتحررهما من قيود المكان والزمان. ولكونه فناً شفهياً بديعاً، يتناغم الشعر مع ‏الموسيقى ليقدم تجربة فريدة تأخذ الجمهور في رحلة حول العالم‎.‎
وشارك في الأمسية: أمل السحلاوي، وشيرين تهامي، وروحان حسين، و‏كاسبار رافيل، وطلاب من قسم الدراسات الفرنسية في جامعة السوربون، أبو ظبي، ‏عائشة البلوشي، وإليازية الهرمودي، ومالك تراووريه، وعزيز ديوب، ومريم الحمصي، و‏عائشة العليلي.

ولعل هذا اليوم العالمي للغة العربية هو مناسبة فريدة للعالم العربي ليحتفي بلغته، ويطرق بابها ويسألها أو يُسائلها لا عن ظروفها، وليدرك أين أصبحت حيال صعود "لغة" العولمة، وماذا يعتريها من شجون وأية أزمات تعاني! وقد أصابت منظمة "اليونسكو" في تبني اليوم العالمي للغة العربية، فهذا اليوم يحتاج إليه العرب جميعاً على اختلاف مواقعهم، مواطنين عاديين ومثقفين وطلاباً، وتحتاج إليه أيضاً المدارس والجامعات ووسائل الإعلام والتواصل. إنه اليوم الذي يتذكر فيه العرب أن لغتهم تحتاج إليهم مثلما هم يحتاجون إليها.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة