من الملاحظ أن صفقة تبادل الأسرى بين حركة "حماس" وإسرائيل تسير ببطء شديد، على الرغم من إعلان الأولى جهوزيتها لإنهاء هذا الملف، وتقديم خريطة طريق لتنفيذه، إلا عدم اكتراث تل أبيب لذلك، بحسب مصادر "حماس" دفع بإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إلى تحويل ملف تحرير المعتقلين الفلسطينيين إلى "معركة مفتوحة" في جميع الساحات والأماكن.
ومنذ انتهاء القتال العسكري بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل في مايو (أيار) الماضي، دخلت "حماس" وتل أبيب في مفاوضات غير مباشرة، الهدف منها التوصل إلى صفقة تبادل أسرى، إلا أن هذه المباحثات ما زالت تراوح مكانها في ظل رفض إسرائيل إبرام الصفقة بأثمان تطلبها الحركة.
ويؤكد ذلك رئيس مكتب العلاقات العربية في "حماس" خليل الحية، قائلاً، إن إسرائيل هي التي تعطل التوصل لصفقة تبادل أسرى، فيما قدمت حركته خريطة طريق لهم عبر الوسيط المصري ولم تقدم تل أبيب رداً عليه، مشيراً إلى أنهم جاهزون للمضي في هذا الملف إذا كانت إسرائيل جاهزة.
جميع الساحات!
ويرى مراقبون سياسيون أن رفض إسرائيل إحراز تقدم في صفقة التبادل واستمرارها في حالة المراوغة، يعد السبب الرئيس الذي دفع هنية إلى تحويل هذا الملف لمعركة مفتوحة في جميع الساحات والأماكن.
وقال هنية في حديث له بذكرى انطلاقة حركته، إن "تحرير المعتقلين الفلسطينيين من سجون إسرائيل بات معركة مفتوحة في كل الساحات والأماكن، ولن نصبر طويلاً على بقاء الأسرى داخل الزنازين، لذلك هذه القضية أصبحت على رأس أولويات الحركة والفصائل الأخرى".
وأضاف هنية "كتائب القسام سوف تنجز صفقة تبادل جديدة كما فعلت عام 2011، وعلى إسرائيل أن تدرك بأن الأسرى في غزّة لن يروا الشمس، حتى يعانق المعتقلون الفلسطينيون الحرية".
وحول هنية ملف تحرير الأسرى لمعركة مفتوحة في جميع الساحات بعد فشل الوسطاء المصريين في الحصول على موافقة إسرائيلية بشأن تصور "حماس" لصفقة التبادل، إذ لم يقدم مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، إيال حولاتا، ورئيس "الشاباك" رونين بار، أية إشارات إيجابية حول ما قدمته الحركة، أثناء اجتماعهم مع رئيس جهاز الاستخبارات العامة المصرية عباس كامل، بحسب الحركة.
خطف جنود أو معركة عسكرية جديدة
ويقول الباحث السياسي إياد القرا، إن "حماس" قررت الذهاب إلى خيارات مفتوحة وتنفيذ عمليات اختطاف إسرائيليين، واستخدام أدوات ووسائل مختلفة من أجل ذلك، لهذا جعل هنية معركة تحرير الأسرى مفتوحة في كل مكان، ما يدلل على إمكانية إجراء ذلك داخل الضفة الغربية أو الأراضي الإسرائيلية.
ويضيف القرا "فكرة حماس تتمثل في خطف جنود من أي ساحة تتواجد فيها، سواء في غزّة عبر الحدود مع إسرائيل أو عبر عملية عسكرية تعد لها، أو في الضفة الغربية وشهدت المنطقة هناك حراكاً للحركة أخيراً، في داخل إسرائيل نفسها، أو مناطق أخرى تعتقد تل أبيب أن فيها تواجداً للفصيل".
في الواقع، اتهمت إسرائيل حركة "حماس" بأنها تعمل عسكرياً في الضفة الغربية، وتحاول تأسيس ذراعاً عسكرياً لها في مناطق أخرى. ويقول المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي، إنهم يعملون على تفكيك خلايا تابعة لحركة "حماس" في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وهذه الفئة تعمل بإشراف وتوجيه من كبار مسؤولي الحركة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"حماس": نعمل في كل فلسطين
في المقابل، لا تنفي "حماس" أنها تمارس نشاطاً في الضفة الغربية والقدس الشرقية، إذ أقرت قبل أيام أن القتيل فادي أبو شخيدم الذي نفذ هجوماً مسلحاً في القدس وأسفر عن مقتل مستوطن وإصابة أربعة آخرين، يعد أحد عناصرها.
ويقول القيادي في الحركة حماد الرقب، إن مقارعة إسرائيل كفعل مقاوم موجود في كل مكان فلسطيني، وتمر أفعال الحركة بين المد والجزر بناءً على الظروف، وتواجدهم في الضفة الغربية وكل فلسطين لن يتوقف في أي يوم، على الرغم من تعرضهم لضربات كبيرة.
ويشير إلى أن "خطوة خطف جنود في مناطق تواجد حماس إذا تحققت، تدفع المنطقة إلى تصعيد عسكري كبير، ومن المتوقع وفق المؤشرات أن يستمر الهدوء، لذلك وفقاً للمعطيات السياسية فإن إسرائيل تحاول المراوغة في الوقت فقط في ملف التبادل، لكن في النهاية سيجري تنفيذه"
وبحسب القرا، فإن حديث هنية يشمل رسالة واسعة من ضمن دلالاتها، أن معارك مقارعة إسرائيل مفتوحة على كل الجبهات بينها الاستخباراتية، وهذا يدل على أنها غيرت من تكتيكها العسكري أيضاً.
إسرائيل تدرس الخيارات والتوصيات
وعقب تحويل ملف تحرير الأسرى إلى معركة مفتوحة، نفذت "كتائب القسام" الذراع العسكري لحركة "حماس" مناورة قتالية في قطاع غزّة، وقالت إنها تأتي ضمن سلسلة التدريبات العسكرية المتواصلة لمحاكاة مختلف أشكال العمليات القتالية، وشملت محاكاة اقتحام مواقع إسرائيلية وخطف جنود إسرائيليين منها.
في المقابل، قالت وسائل الإعلام الإسرائيلية، إن تل أبيب تدرس الخيارات المتاحة لصفقة التبادل مع "حماس"، في حين أن كبار ضباط الجيش رفعوا توصياتهم إلى رئيس الوزراء نفتالي بينيت بضرورة استغلال الهدوء على جبهة غزّة، والإسراع في إبرام صفقة أسرى معقولة للجانبين.
وبحسب المسؤولين الإسرائيليين، فإن أسرى فلسطينيين وعائلاتهم يمارسون ضغوطاً على قيادة "حماس"، كي تدفع المفاوضات قدماً، لذلك من المتوقع أن تقبل الحركة بمقترح معقول يشمل تحرير أسرى "ملطخة أيديهم بالدماء، ولكن ليس بالضرورة الأسرى الأكثر أهمية".