Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حلم الانتخابات يتبدد أمام أعين الليبيين وسط سيناريوهات صعبة

كتائب مسلحة تواصل سيطرتها وحصارها لمقري المجلس الرئاسي والحكومة في طرابلس لليوم الثالث

الليبيون محبطون قبيل إجراء الانتخابات الرئاسية المهددة بالإلغاء  (أ ف ب)

قبل أسبوع واحد من الموعد الذي كان مقرراً أن يكون عرساً انتخابياً لليبيين تبدأ معه مرحلة جديدة تعيد الاستقرار المفقود في البلاد منذ سنوات، تعيش ليبيا واقعاً مختلفاً تماماً عن كل ما رُتب له، فالانتخابات باتت واقعياً حلماً بعيد المنال، ومؤسسات الدولة عادت لترزح تحت رحمة الميليشيات في العاصمة، التي واصلت حصارها لمقري الرئاسي والحكومة في طرابلس لليوم الثالث. ويرى محللون أن تداعيات تأجيل الانتخابات من المحتمل أن تجعل المقبل أدهى وأمرَّ، مع تسرب أنباء عن نية البرلمان تشكيل حكومة جديدة بالتزامن مع الإعلان الرسمي لإرجاء العملية الانتخابية لعدة أشهر، وفي ظل تمسك الحكومة الحالية بعدم تسليم السلطة إلا لكيان منتخب، مما يهدد بمرحلة جديدة من الانقسام السياسي تعود بها إلى مربع البداية ونقطة الصفر.

تجدد الصراع العاصمي

في طرابلس، عاصمة البلاد التي عاشت واحداً من أسوأ عصورها التاريخية خلال العقد الماضي، كونها مركز الصراع على السلطة والثروة، بدأت المدينة تتأهب لجولات جديدة من التنازع على النفوذ بين الطامحين إلى الحكم وأذرعهم العسكرية عقب تبدد الحلم الانتخابي.

في هذا السياق، ولليوم الثالث على التوالي، لا تزال أهم مواقع السلطة في طرابلس، وهما مقرا المجلس الرئاسي والحكومة، مغلقين بقوة السلاح ومحاصرين بكتائب عسكرية كبيرة العدد والعدة.

وقالت مستشارة المجلس الرئاسي، نسرين عامر، إن "مقر المجلس لم يقع بالكامل تحت سيطرة المجموعات المسلحة في طرابلس"، موضحةً أن" جزءاً منه محاصر حتى الآن". ونفت عامر هروب رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي من طرابلس، مؤكدةً أنه "موجود في العاصمة". وأوضحت أن "عضوي المجلس الرئاسي عبدالله اللافي وموسى الكوني قطعا زيارتهما إلى تركيا، وعادا إلى العاصمة طرابلس بعد الأحداث الأخيرة".

ماذا يجري في طرابلس؟

كانت تشكيلات مسلحة، لم تعلن عن هويتها ولا أهدافها، قد حاصرت مقر رئاسة الوزراء في طريق السكة بالعاصمة طرابلس، ليل الأربعاء/ الخميس. وقامت قوة عسكرية أخرى بإغلاق الشارع المؤدي للمجلس الرئاسي، وتطويقه بالكامل بسيارات مسلحة يستقلها عناصر بالزي المدني، وآخرون بالعسكري، ما أدى إلى انسحاب قوات الحرس الرئاسي من مقارها بعد توافد القوات المهاجمة.

وأفادت مصادر ليبية متطابقة بأن "رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي طلب قوة عسكرية لحماية منزله، بعد سيطرة الميليشيات على مقر رئاسة الوزراء".

وتوجه أصابع الاتهام في ليبيا إلى القيادي العسكري في مصراتة صلاح بادي، بالوقوف وراء السيطرة على مقار الحكومة والرئاسي، بعد أن أطلق في اليوم نفسه تهديداً باستخدام السلاح، والسيطرة على جميع مؤسسات الدولة في طرابلس ومصراتة ومنع إجراء الانتخابات.

وقال بادي في اجتماع ضم عدداً من قادة كتائب "ثوار مصراتة"، موجهاً حديثه إلى المبعوثة الأممية، ستيفاني ويليامز، إن " ليبيا لن تستمر بها المهزلة، وعلى ويليامز أن تعرف حدودها، ولن تمرر أي اتفاق مع مدينة مصراتة دون الرجوع لقادة الثوار في المدينة"، بعد الزيارة التي قامت بها المبعوثة الدولية إلى مصراتة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف، أنه "سيتم تحديد اجتماع آخر بحضور جميع كتائب الثوار على مستوى ليبيا، لإعلان خطة للتحرك ضد ما يحاك ضد الوطن، الذي أصبح يعج بالخونة والعملاء، ولن تكون هناك انتخابات من دون دستور أو قاعدة شاملة القوانين التي تمنع كل مجرم وسارق من الوصول للسلطة".

وتابع، "اتفقت مع الرجال لإغلاق كل مؤسسات الدولة في طرابلس، أما الأشخاص الذين يشوهون ثورة فبراير (شباط) ومدينة مصراتة من أجل أن يحكموا بأي ثمن، ولو تحالفوا مع حفتر وعقيلة والمجرمين، فنقول لهم انتظروا الرد قريباً من قادة فبراير".

من هو صلاح بادي؟

يُعد صلاح بادي واحداً من أكثر القادة العسكريين في الغرب الليبي إثارة للجدل، وهو مدرج على قوائم المطلوبين للأمم المتحدة والولايات المتحدة الأميركية، لدوره في حرب طرابلس عام 2014 وتدمير مطار المدينة وحرقه بالكامل، في المعارك التي دارت وقتها بين قوات تابعة لمصراتة وأخرى من مدينة الزنتان، وبرز اسمه عام 2011 عندما لعب دوراً قيادياً في مواجهات لقوات من مصراتة مع كتائب نظام القذافي، علماً بأنه كان سابقاً عنصراً تابعاً للجيش الليبي وفصل منه تسعينيات القرن الماضي لأسباب غير معروفة .

زوبعة في فنجان

في المقابل، وتعليقاً على الأحداث التي تشهدها طرابلس قال، عضو المجلس الدولة الاستشاري سعد بن شرادة، إن الأمر لا يتعدى " زوبعة في فنجان"، مستبعداً "نشوب أي اشتباكات بين الكتائب المسلحة في العاصمة". واعتبر أن "هذه التوترات ترتبط بإقالة عبدالباسط مروان من رئاسة المنطقة العسكرية طرابلس، وأنها مجرد خطوات استفزازية للعدول عن القرار، وأن الأوضاع ستعود لطبيعتها بشكل سريع".

من جانبه، رأى رئيس "المكتب السياسي لائتلاف 17 فبراير"، سامي الأطرش، أن "ما يجري في طرابلس تصحيح لمسار الثورة ". وقال في تدوينة على مواقع التواصل "تحية للأحرار، لقد وصل السيل الزبى، وحان الوقت لوضع حد لهذه المهازل وتصحيح مسار ثورتنا".

نهاية الأزمة في سبها

جنوباً، في مدينة سبها، مرت الأزمة الأمنية التي عاشتها المدينة قبل يومين من تطورات طرابلس بسلام بعد قبول قائد الكتيبة 116 التابعة للمجلس الرئاسي، مسعود جدي، تسلم الجيش الوطني مقار وآليات تابعة لـه بشكل سلمي، عقب تدخل قيادات قبائل لحل الأزمة.

يأتي ذلك عقب توتر الأوضاع في مدينة سبها، بعد سيطرة آمر الكتيبة 116، مسعود جدي، على عدة مواقع في المدينة ما تسبب في صدام مع قوات الجيش.

وأكدت عضو مجلس النواب عن مدينة سبها، فاطمة بوسعدة، التوصل لاتفاق لإنهاء التصعيد العسكري في المدينة، مشيدة بـ"الروح الوطنية التي عرفتها الاجتماعات التي أفضت إلى الاتفاق وضبط النفس والانضباط الذين أبداهما القيادات العسكرية".

ودعت بوسعدة، رئيس تكتل الوحدة الوطنية الليبية النيابي، إلى "البناء على الاتفاق والتعاون والتنسيق المستمر بين الجميع في سبها، وتجنب أي تصعيد مستقبلي يهدد الاستقرار بالمدينة".

البرلمان يتأهب لتأجيل الانتخابات

في الشأن الانتخابي، كشف الناطق باسم مجلس النواب الليبي، عبدالله بليحق، صعوبة إجراء الانتخابات في موعدها المحدد في 24 ديسمبر (كانون الأول)، موضحاً، أن "اللجنة البرلمانية التي كلفت التواصل مع المفوضية والأعلى للقضاء حول صعوبات وعراقيل العملية الانتخابية، سلمت تقريرها للبرلمان، وأن اللجنة ناقشت مع المفوضية مسألة خرق رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة، للقوانين بترشحه للانتخابات، على الرغم تعهده بعدم الترشح". وشدد على أن "ترشح الدبيبة يمثل تهديداً لمبدأ تكافؤ الفرص واستغلال سلطات الدولة في الحملة الانتخابية"، لافتاً إلى أن "الموقف من خروقات المرشحين سيحسم بعد مناقشة تقرير لجنة المتابعة ومداولاتها مع المفوضية". وأضاف، "إذا اضطرت المفوضية لتأجيل الانتخابات سيكون عليها توضيح العراقيل والصعوبات التي دعتها لاتخاذ القرار، وتحديد موعد آخر، فالبرلمان أوفى بما عليه من التزامات بإصدار القوانين اللازمة". وأكد أن "الوقت المتبقي قبل موعد إجراء الانتخابات أصبح ضيقاً، وهناك صعوبة في إجرائها في موعدها المحدد".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير