Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحرب الإثيوبية تبعد المستثمرين وتزيد التضخم

انخفاض قيمة العملة وتدهور ما لدى البلاد من سيولة بالنقد الأجنبي

دمر القتال في إثيوبيا محاصيل في أقاليم زراعية غنية (رويترز)

خلف الخسائر المباشرة للحرب في إثيوبيا هناك نتائج قاسية على الاقتصاد، الذي كان صاحب واحد من أسرع معدلات النمو في العالم. وبعدما أثارت تعهدات رئيس الوزراء آبي أحمد، الذي تولى منصبه في 2018، حماسة المستثمرين، دفعت الحرب العديد منهم إلى الابتعاد.

ويقول كيفن دالي، من شركة "أبردن" للاستثمار في لندن، "إثيوبيا لا تصلح للاستثمار في الوقت الحالي. فالوضع السياسي في غاية الهشاشة، وهناك نقص في المعلومات وفي الوضوح في ما يتعلق بالاقتصاد والكيفية التي ستُحل بها المشاكل".

وقد أفسدت الحرب على مدى عام بين الحكومة ومتمردين من إقليم تيغراي الشمالي خطط الحكومة لتحديث الاقتصاد، وفتح واحد من آخر الأسواق البكر في أفريقيا.

ومع تفشي المجاعة في بعض أنحاء إقليم تيغراي، انخفضت قيمة العملة الإثيوبية وتجاوز التضخم السنوي 35 في المئة.

وقال صندوق النقد الدولي، في تقرير عن توقعاته الاقتصادية العالمية نشر في أكتوبر (تشرين الأول)، إن الاقتصاد الإثيوبي في سبيله للنمو بنسبة اثنين في المئة فقط هذا العام، بعدما كان ينمو بما يفوق العشرة في المئة قبل الجائحة.

ولم يشمل التقرير توقعات النمو للفترة من 2022 إلى 2026 استناداً إلى "درجة عالية بصورة غير عادية من الضبابية".

وفي حين لم يرد مسؤولون من وزارة المالية ومكتب رئيس الوزراء على طلبات للتعليق، اتهم وزير الدولة للمالية أيوب تكالين تولينا وسائل الإعلام الغربية بالمبالغة في تداعيات الحرب.

وقال لقناة "دي. دي" التلفزيونية الهندية، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إن الحكومة تتوقع نمواً بنسبة 8.7 في المئة في السنة المالية المنتهية في يونيو (حزيران) 2022. وأضاف "إثيوبيا بلد قوي جداً ونحن نتحدث عن صراع في جزء واحد من البلاد لكن بقية البلاد في حالة ازدهار".

تضرر محاصيل

وقد دمر القتال محاصيل في أقاليم زراعية غنية منها مساحة كبيرة من الأراضي المتنازع عليها بين إقليم تيغراي وإقليم أمهرة المجاور، بينما تضررت محاصيل بسبب الجفاف والجراد.

وتقول الأمم المتحدة إن نحو 9.4 مليون فرد يحتاجون إلى مساعدات غذائية في ثلاثة أقاليم تأثرت بالحرب.

وبعيداً من القتال أضر التضخم بالفقراء في العاصمة أديس أبابا.

وفي إحدى الأسواق المكشوفة، يبدي ليجيس ياداتا أسفه لأن سعر حبوب التيف، وهو نوع من الحبوب الأساسية، بلغ نحو 50 بيراً إثيوبياً تقريباً للكيلوغرام بزيادة 25 في المئة على سعرها قبل عام. ويمثل هذا المبلغ ثلث دخله اليومي في أعمال متقطعة يُكلف بها من وقت إلى آخر في مجال البناء.

ويقول، "ليس لدينا ما يكفي من الطعام. دفع الإيجار يفوق قدراتنا. الحياة في غاية الصعوبة".

تضرر شركات

وأدى القتال إلى إغلاق كثير من الشركات العاملة في تيغراي. واستهدفت السلطات شركات إثيوبية يُشتبه في أنها تعمل مع "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي"، وهي الحزب المسيطر على معظم الإقليم.

ويقول فرانز فان شيك الرئيس التنفيذي لشركة "أفريكا أسيت فاينانس كومباني" ومقرها نيويورك، إن مؤسسة تابعة لشركته تتخصص في تأجير المعدات فقدت معدات زراعية قيمتها قرابة مليون دولار في الحرب.

وأظهرت وسائل تحديد الموقع أن جرارات شركة "إثيو ليس" تحركت في اتجاه الحدود مع السودان قبل فقدان الاتصال بها.

ويقول إن الحكومة المركزية تولت بعد ذلك إدارة الجمعية التعاونية الزراعية التي تستأجر المعدات. وتم تجميد حساباتها المصرفية وحل مجلسها وتنصيب قيادة مؤقتة ليست على دراية بنشاطها.

وأضر الصراع أيضاً بشركات خارج منطقة الحرب.

فقد قالت شركة "بي. في. أتش" الأميركية العملاقة للملبوسات إنها ستغلق وحدة تصنيع لها جنوبي أديس أبابا، بعدما أنهت الولايات المتحدة العمل بالإعفاء الجمركي الذي تتمتع به المنتجات الإثيوبية في الأسواق الأميركية اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني) بسبب اتهامها بانتهاك حقوق الإنسان في تيغراي.

تدهور السيولة

إثيوبيا واحدة من ثلاث دول أفريقية تقدمت بطلب لإعادة هيكلة ديونها بموجب إطار العمل المشترك لمجموعة العشرين الذي يهدف لتخفيف دائم للأعباء عن الدول الفقيرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

غير أن إعادة جدولة الدين الخارجي تسير ببطء. ولم تكشف الحكومة عن الحجم الإجمالي للديون التي قدرها البنك الدولي العام الماضي بمبلغ 28.4 مليار دولار.

ومنذ نشبت الحرب تدهور ما لدى إثيوبيا من سيولة بالنقد الأجنبي. وتوضح بيانات حكومية أن احتياطيات إثيوبيا تبلغ 2.4 مليار دولار أي ما يكفي لتغطية واردات شهرين، وهو ما يقل عن حد الثلاثة أشهر المتعارف على أنه يوفر حماية كافية.

كذلك، أضرت الحرب بقدرة إثيوبيا على تدبير تمويل إضافي من أسواق المال أو من دائنين آخرين وقفز العائد على سندات أصدرتها بمليار دولار متجاوزاً 20 في المئة في الأشهر الماضية.

على الرغم من المخاطر

وسط ذلك، يقول باتريك هاينيش خبير الأسواق الناشئة في "هيلابا بنك" في ألمانيا إنه على الرغم من المخاطر لا يزال بعض المستثمرين يعملون في السوق الإثيوبية الكبيرة والمتنامية.

وقالت شركة "سيمنس جاميسا" لصناعة مولدات الكهرباء من الرياح والمدرجة في إسبانيا إن أعمالها تسير كالمعتاد. وكانت الشركة اتفقت في يناير على بناء المشروع الأول للكهرباء مع شركة كهرباء إثيوبيا.

وارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر في الربع الثاني من عام 2021 إلى 1.9 مليار دولار من أقل من 750 مليوناً في الربع الأول بفضل ترسية رخصة على كونسورتيوم بقيادة شركة "سفاريكوم" الكينية.

ويقول هاينيش إن الاستثمار الأجنبي المباشر سيظل يوفر "شريان حياة مالياً" للحكومة، وإن حاجة الحكومة إلى السيولة تمنح المستثمرين قوة أكبر في المساومة إذا ما تم خصخصة شركات أخرى مملوكة للدولة.

اقرأ المزيد