Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مسار الانسحاب الأميركي و"تنمر" الفصائل الإيرانية

من الوهم أن تعلو مصلحة الملالي في طهران على مصلحة العراق العربي

إصرار إيران على "طرد" القوات الأميركية من العراق (رويترز)

في نهاية العام الحالي تنتهي "المهمات القتالية" في العراق للقوات الأميركية وقوات التحالف الدولي. عام 2011، كانت هذه القوات قد انسحبت نهائياً بقرار من الرئيس باراك أوباما بعدما غزت العراق عام 2003 بقرار من الرئيس جورج بوش الابن. عام 2014، عادت بطلب من الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي للمساعدة في قتال تنظيم "داعش" الذي احتل الموصل ونصف مساحة البلد وطوّق بغداد وأعلن "الدولة الإسلامية". لكن القوات العراقية التي وصل عديدها إلى نحو مليوني شخص وصارت قادرة على القيام بالمهمات المطلوبة لا تزال في حاجة إلى مساعدة في "الاستشارة والتدريب والتمكين"، كما قال مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي. لذلك، سيبقى 2500 أميركي و1000 من قوات التحالف لتواصل "تقديم الإسناد الجوي وبعض أشكال الدعم العسكري"، حسب الجنرال كنيث ماكنزي قائد القيادة المركزية الأميركية.

ولا شيء من دون مقدمات. والبارز وراء الانسحاب الأميركي هو ثلاثة عوامل أساسية. أولها إصرار إيران على "طرد" القوات الأميركية من العراق و"غرب آسيا" وإدارة "حرب عصابات" ضدها عبر الميليشيات الوكيلة، بعدما خدمها الغزو الأميركي بإزالة الحاجز القوي أمامها على البوابة الشرقية للعالم العربي: نظام صدام حسين. وثانيها نضج الظروف التي تسمح للعراق بإقامة دولة وطنية تفك أسر البلد المخطوف وتقيم علاقات ندية مع كل الجوار. وثالثها فشل المشروع الذي قالت واشنطن إنه وراء الغزو، وهو "إعادة هيكلة" المنطقة ونشر الديمقراطية وإقامة نظام جديد في "الشرق الأوسط الواسع". والبعض في المنطقة يتحدث عن "نجاح" المشروع الأميركي الحقيقي، وهو في تصوره تفتيت المنطقة وإطلاق موجة من الصراعات الطائفية والقبلية والعرقية. وما يتوقعه الخبراء بعد الانسحاب الأميركي هو تنامي النفوذ الإيراني، وصعود "داعش" من جديد، وازدياد الحاجة إلى تمتين الدولة الوطنية ومواجهة التحديات الهائلة أمامها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والمعادلة يجب أن تكتمل: انتفاء حاجة القوات العراقية المقتدرة إلى المهمات القتالية للقوات الأميركية تفرض، بطبائع الأمور، انتفاء الحاجة إلى الحشد الشعبي الذي يضم مجموعة فصائل "ولائية" وفصائل "مرجعية". الأولى أنشأتها إيران قبل الغزو الأميركي وبعده وقبل ظهور "داعش". والثانية لبت فتوى "الجهاد الكفائي" التي أصدرها المرجع الأعلى في النجف علي السيستاني لمقاتلة "داعش". وهي قاتلت "داعش"، ثم صارت الفصائل "الولائية" تتحكم بالمناطق المحررة بحيث صار وجودها من العوامل التي تؤدي إلى تقوية "داعش" وظهور بيئة حاضنة له. وها هم أولاء قادتها يخسرون في الانتخابات النيابية بعد تنامي الموقف الوطني لدى "جيل ثورة أكتوبر" (تشرين الأول) ضدهم ويصرون على البقاء في السلطة السياسية والاستمرار في حمل السلاح.

ولا أسرار وراء ذلك. فـ"الحشد الشعبي"، كما قال قائده أبو مهدي المهندس قبل اغتياله مع قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، "مشروع أمة، مشروع مرجعية". وهو جزء مما سمته صحيفة "كيهان" المرتبطة بالمرشد الأعلى علي خامنئي "أعظم إنجاز لثورة الإمام الخميني الإسلامية: جبهة المقاومة بقيادة إيران". أعضاء الجبهة، حسب "كيهان" هم: نظام الأسد، و"أنصار الله" الحوثيون في اليمن، و"حزب الله" في لبنان، و"الحشد الشعبي" في العراق، وحركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في غزة، ولواء "فاطميون" من الهزارة الأفغان، ولواء "زينبيون" من الشيعة الباكستانيين. و"من دون جبهة المقاومة لن يكون هناك إيران ولا العراق ولا سوريا ولا لبنان ولا اليمن"، حسب "كيهان". وبكلام آخر، فإن إيران لن تسمح بإنهاء مهمات "الحشد الشعبي" لأن مشروعها الإمبراطوري مستمر و"منتصر"، في رأيها. لكن ظروف العراق تفرض الذهاب في طريق آخر. طريق الانتقال في العلاقات العراقية الأميركية "من المسار العسكري إلى المسار السياسي للعودة إلى مرحلة ما قبل 2014" بحسب الدكتور حسين علاوي مستشار رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لشؤون إصلاح القطاع الأمني. وطريق الاستقلال الوطني الحقيقي والعودة إلى العمق العربي. ومن الوهم أن تعلو مصلحة الملالي في إيران على مصلحة العراق العربي.

المزيد من تحلیل