"التأمين على الممتلكات" هل يصبح إلزاميا في الجزائر؟

على الرغم من توالي الكوارث الطبيعية، فإن التأمين على الممتلكات يبقى ممارسة بعيدة من اهتمام الجزائريين، الأمر الذي بات يقلق السلطات المعنية التي عملت على دفع المواطنين إلى السير بهذا الإجراء، سواء عبر النصوص القانونية، أو من خلال التسهيلات المقدمة.

الحرائق والفيضانات

وأحيت الفيضانات التي تسبب فيها التساقط الغزير للأمطار خلال الأسابيع الماضية، وقبلها الحرائق التي أتت على الأخضر واليابس في الصيف الماضي، مسألة التأمين على الممتلكات بعد تسجيل وفيات في الأرواح إلى جانب خسائر ضخمة في الغطاء النباتي من الغابات والأراضي الفلاحية، وتلف المحاصيل الزراعية ونفوق الثروة الحيوانية، لكن نائب رئيس اتحادية شركات التأمين وإعادة التأمين، حسان خليفاتي، صدم الجميع بالكشف في تصاريح إعلامية، عن إقبال محتشم على التأمين من الفيضانات والحرائق، ما عدا فئة قليلة جداً من الجزائريين. وأضاف أن تأمين السيارات تراجع بنسبة 3.8 في المئة.

ويطرح عدم اهتمام الجزائريين بالتأمين على مملكاتهم ضد الكوارث الطبيعية على الرغم من صدور النصوص القانونية المنظمة لهذا النوع من التأمين وأسعاره التي تبقى معقولة، استفهامات عدة رد عليها حسان خليفاتي، بالقول إن تدهور القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار وزيادة تكلفة التأمينات وراء هذا التجاهل، مضيفاً أن ما يعرف بالتأمين متعدد الأخطار والمتعلق بالمسكن كالسرقة والحرائق والكسر وتسرب المياه، ثقافة غير موجودة لدى المواطن الجزائري، كما أن المواطن البسيط بالكاد يواجه تكاليف ضرورات الحياة ولا يفكر أصلاً في مثل هذه التأمينات.

الاغتراب السياسي

إلى ذلك، ترى الناشطة في المجتمع المدني، سلمى تيوسارين، أن التأمين على الممتلكات يجب أن يكون جزءاً من ثقافة المجتمع، ذلك أن الفرد الجزائري يعتبر أن ممتلكات الدولة له الحق في تخريبها، أما ممتلكاته فهي ما يسعى للحفاظ عليه، لكن من زاوية أخرى، فإن الشعور بـ"الاغتراب السياسي" له دور كبير في عدم قدرة المواطن البسيط على أن يمنح المسؤولين ثقته في التأمين والاستئمان على ممتلكاته بشكل عام، مبرزة أن "الاغتراب السياسي" كمصطلح اجتماعي ذي بنية نفسية ومجتمعية يدل على شعور الفرد في بلده ومجتمعه بالتهميش وعدم الانتماء، لذلك نجد أن كل فرد في المجتمع يحاول الحفاظ على ممتلكاته في منعزل عن الممتلكات العامة والممتلكات الخاصة الأخرى التابعة لغيره.

وتواصل تيوسارين، أن الطبقة البرجوازية في الجزائر هي الوحيدة التي يمكنها أن تؤمن على ممتلكاتها نظراً، لما يشكله ذلك من عبء اقتصادي على العائلات متوسطة الدخل منها والهشة، مضيفة أنه يمكن اعتبار العراقيل الإدارية من بين أسباب نفور المواطنين. وقالت إن الحل لن يكون سهلاً، ومن أجل تعبئة إيجابية، وجب التنويه على أهمية التأمين على الممتلكات، والعمل على رفع المستوى المعيشي نسبياً للسماح للمواطنين البسطاء بالتأمين على ممتلكاتهم. وأهم شيء بناء ثقة بين مؤسسات الدولة والفرد، موضحة أن هذا المشكل مؤثر ومتأثر نتيجة عوامل عدة، ما جعل الأمر يشبه كأنها دائرة مفرغة. فكما المواطن يقدم لدولته، الدولة تقدم لمواطنيها، تأثراً وتأثيراً، أخذاً وعطاءً.

إجبارية التأمين

وفي السياق ذاته، شدد نائب رئيس اتحادية شركات التأمين وإعادة التأمين، على أنه خلال الـ15 سنة الأخيرة، عوضت الدولة عدداً ليس بقليل عن غير المؤمّنين عن الكوارث الطبيعية، ما يستدعي إيجاد ميكانيزمات تجعل التأمين على المخاطر الطبيعية إجبارياً، وكشف عن أنه خلال 2022، سيكون التعويض عن خسائر الفيضانات والزلازل والحرائق وانجراف التربة، وغيرها من خسائر التقلبات المناخية، بطريقة اقتصادية.

وفي الاتجاه ذاته، سار المدير العام لصندوق التعاضد الفلاحي، الشريف بن حبيلس، الذي دعا إلى إجبارية تأمين الفلاحين للتخفيف من عبء الكوارث الناجمة عن التغيرات المناخية عليهم وعلى الخزينة العمومية، مع تطبيق نموذج تأمينات خاص بالكوارث المناخية، مبرزاً أن عدد المؤمنين لا يزال ضعيفاً.

تحسيس المواطنين

ومن أجل تشجيع المواطنين على اختلاف مهنهم ومستوياتهم، أكد وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، كمال بلجود، أنه سيتم العمل على مراجعة أحكام القانون المتعلق بالوقاية من الأخطار الكبرى لتفادي تكرار الحرائق التي عرفتها البلاد الصيف الماضية، كما أوضح في جلسة برلمانية، أنه تم تسجيل برنامج تنموي لتدعيم وحماية المنطقة من خطر الفيضانات، مشدداً على ضرورة تحسيس المواطنين بأهمية التأمين على ممتلكاتهم من المخاطر.