Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"أوميكرون" جزاء عالم منقسم إلى "من يملك لقاحات وآخر معدم"

لا بد من التنازل عن براءات الاختراع الخاصة باللقاحات وتقديم حفظ أرواح الناس على جني الأرباح، وينبغي أن يكون الوصول الشامل إلى اللقاحات على رأس جدول الأعمال في الاجتماع المنتظر لدول "مجموعة السبع"

فيما وفّرت الحكومة البريطانية، على نحو جدير بالإعجاب، مخزونات مبكرة ومستمرة من اللقاحات للمملكة المتحدة، لم تبذل جهداً كافياً للمساعدة في ضمان حصول البلدان منخفضة الدخل على نصيبها من الجرعات التحصينية (آي ستوك)

فيما نحن مشغولون بقدوم عيد الميلاد، يعترينا خوف حقيقي من أن تحد متحورة "أوميكرون" من وقتنا برفقة الأصدقاء والعائلة، ولكن المتحورة الجديدة بمثابة تذكير آخر لنا بأن التقاعس عن طرح وتوزيع اللقاحات بصورة منصفة بين البلاد على مستوى العالم يزهق أرواحاً داخل المملكة المتحدة وخارجها.

فاقم التوزيع غير العادل للقاحات خطر ظهور متحورات جديدة [من فيروس كورونا]، وصنع عالماً منقسماً إلى من "يملك لقاحات ومن لا يملكها". عندما قالت وزيرة الخارجية البريطانية [ليز تراس] الأسبوع الحالي، إن العالم الحر قد أضاع تركيزه، أصابت بكلامها هذا كبد الحقيقة فعلاً.

تهديد "كوفيد-19" لا تكبحه أي حدود وطنية، لذا فإن حماية سكان المملكة المتحدة، تقتضي وجود قيادة تحرص على سلامة الناس أجمعين حول العالم.

وكما نعرف من الخبراء في الطب، الطريقة الأفضل التي تحول دون ظهور متحورات من كورونا قادرة على مقاومة اللقاحات المعمول بها، تكمن في الحرص على توفير الجرعات التحصينية للجميع، ليس في بلد واحد، إنما في البلاد كافة.

صحيح أن الحكومة البريطانية حرصت ببراعة مثيرة للإعجاب على توفير مخزونات مبكرة ومستمرة من اللقاحات للمملكة المتحدة، غير أنها لم تبذل جهداً كافياً للمساعدة في ضمان حصول البلدان منخفضة الدخل على نصيبها من الجرعات التحصينية.

أوضحت منظمة "كريستيان أيد"، جنباً إلى جنب "تحالف لقاح الناس"، أن التوزيع العادل للجرعات المضادة لكورونا يتطلب زيادة في الإنتاجية، والتنازل عن براءات الاختراع الخاصة باللقاحات المضادة لفيروس كورونا، وضمان نقل التكنولوجيا والمعرفة المتصلة بها إلى البلاد الأخرى، فضلاً عن حزمة شاملة لإلغاء الديون. بالنسبة إلى المملكة المتحدة، التي تملك مخزونات وافية من اللقاحات وأبرمت ما يكفي من عقود متصلة بها، تترتب عليها مسؤولية أخلاقية لإبداء مزيد من المرونة في إعادة التوزيع والحد من الهدر الفاضح المتمثل في اللقاحات المنتهية الصلاحية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هكذا، ستفتح التدابير المذكورة آنفاً باباً من الفرص أمام بلاد كثيرة، لا سيما في القارة الأفريقية، حيث تفشت متحورة "أوميكرون" بوتيرة سريعة.

ولكن مرة تلو أخرى، أخفقت حكومة المملكة المتحدة في اتخاذ تلك الخطوات الضرورية من أجل وضع أرواح الناس في الصدارة الأولوية قبل تحقيق الأرباح، وإزالة المعوقات التي تحول دون التوزيع السريع للقاحات في بلدان الجنوب العالمي. الآن، مع دعوة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إلغاء براءات الاختراع الخاصة باللقاحات المضادة لكورونا، يزداد بوريس جونسون عزلةً.

لقد رأينا إخفاقاً آخر تقع فيه المملكة المتحدة الأسبوع الماضي عندما استضافت اجتماعاً لوزراء الصحة في "مجموعة السبع" من أجل البحث في التطورات المتصلة بـ"أوميكرون". شكل الاجتماع فرصة ممتازة لاغتنام ظهور المتحورة من أجل اتخاذ إجراءات مناسبة [تضمن التوزيع العادل للقاحات]، ولكن عوض ذلك، أصدرت المجموعة بياناً مشتركاً [لا يعتد به] وليس إلا حبراً على ورق.

الوقت ينفد، ولا يسعنا أن نسمح بإضاعة فرصه (تبديده) وهدر كميات إضافية من الجرعات التحصينية. في "كريستيان أيد"، كنا شاهدين على المآسي الشخصية الكامنة خلف إحصاءات "كوفيد". لقد مددنا يد العون للمتألمين والخائفين والمفجوعين برحيل أحبائهم.

في بلاد من قبيل كينيا وسيراليون وبوروندي، تتعاون "كريستيان أيد" مع شركاء لها في سبيل التصدي للمعلومات المضللة بشأن اللقاحات والتخفيف من وطأة الأزمة الاقتصادية، ولكن مع ذلك، تبقى التحديات جسيمة. توظيف الأموال في عمليات التعقيم أدنى كثيراً مما نراه في البلاد الغربية، ما يؤدي إلى تفاقم التهديد.

نعلم أن الجهود المبذولة من أجل المساعدة ليست كافية. مثلاً، لا يرقى التعهد الذي قطعته المملكة المتحدة بشأن توزيع اللقاحات (على البلاد المنخفضة الدخل) إلى إسهامات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة كليهما، ومع ذلك، لم ترسل لندن في الأشهر الخمسة الماضية سوى 11 في المئة من كمية الجرعات التحصينية التي التزمت بها، وفق "تحالف لقاح الشعب".

وفي الوقت نفسه، نجد أنه مقابل كل ستة بالغين يأخذون جرعاتهم المعززة في البلاد ذات الدخل المتوسط والمرتفع يتلقى شخص بالغ واحد الجرعة الأولى من اللقاح في بلد منخفض الدخل. ومفاد ذلك، أن 90 في المئة من العاملين الأفارقة في مجال الصحة ما زالوا غير محصنين ضد كورونا نظراً إلى أن معدل التطعيم في بعض الدول أدنى من 1 في المئة من السكان، بحسب ما صرحت به "منظمة الصحة العالمية".

من دون أدنى شك، وكما لاحظت "كريستيان أيد" من خلال العمل الذي تضطلع به، لا يمكن أن يشكل التردد في أخذ اللقاحات المضادة لكورونا مبرراً للأرقام المذكورة. الحق أنه في بلاد أفريقية عدة، تبدو نسبة التردد بشأن أخذ اللقاحات أقل مقارنة مع الولايات المتحدة أو الكثير من الدول الأوروبية. في الواقع، تكمن المشكلة الأساسية في إمكانية الحصول على الجرعات التحصينية.

في نهاية الأسبوع، تستضيف المملكة المتحدة اجتماع وزراء الخارجية في "مجموعة السبع"، لذا يجب أن يكون على رأس جدول الأعمال التوزيع المنصف للقاحات. ادّعت وزيرة الخارجية البريطانية هذا الأسبوع أنها تريد أن تعيد صياغة العالم في شكل جديد، وهنا يكمن الاختبار الحقيقي الأول.

لا حاجة للناس بوعود أخرى، بل يحتاجون إلى لقاحات. يتعلق الأمر بالعدالة والقيام بالصواب من أجل حماية إخوتنا وأخواتنا في شتى أنحاء العالم. في نهاية المطاف، لن يكون في مقدورنا أن نمضي قدماً في منأى عن مخاطر تتهددنا في المملكة المتحدة، من دون أن تكون هذه حال سائر العالم أيضاً.

* جنيفر لاربي رئيسة قسم الدعوة والسياسات في المملكة المتحدة لدى منظمة "كريستيان أيد" Christian Aid.

© The Independent

المزيد من آراء