Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"مسألة حياة أو موت"... سباكون بريطانيون ينقذون الضعفاء من البرد

يقول جيمس أندرسون مؤسس فريق من السباكين والمهندسين يعالج فقر الوقود خلال أزمة الطاقة: "أمام هؤلاء الناس خيار بين التدفئة وتناول الطعام"... وهو الآن يقود حملة لتحديد سقف للرسوم التي يمكن للمهنيين فرضها في مقابل إجراء إصلاحات أساسية في الإمداد

جيمس أندرسون، مؤسس "الإصلاح الطارئ للسباكة والتدفئة لدى المعوقين والمسنين"، مع واحدة من آلاف الأشخاص الذين ساعدهم مجاناً (ديفر)

"إنها في الأغلب مسألة حياة أو موت"... هذا ما يقوله جيمس أندرسون حين يسأل عن العمل الذي يقوم به. هو ليس مسعفاً أو جراح قلب أو ممرضاً في جناح يضم مصابين بـ"كوفيد"، لكن ليس من المبالغة القول إن فريقه من السباكين ومهندسي التدفئة ينقذ حياة أشخاص كُثر.

يتذكر بوضوح وصوله إلى المنزل الخاص بسيدة تبلغ من العمر 84 عاماً كانت قد طلبت مساعدته لأنها لم تتمكن من أن تتحمل تكاليف تدفئة منزلها. وإذ شعر بيأسها، ترك كل شيء، وقاد مركبته إلى منزلها، حيث وجدها تحاول الانتحار.

يقول أندرسون: "خلعت الباب، واستدعيت الشرطة، وصححنا أوضاعها. لم تكن تريد إنهاء حياتها، لكنها شعرت بأنه لا حياة لديها. فلا أحد رغب في دعمها".

كان الاتصال واحداً من آلاف الاتصالات التي استجاب لها منذ أسس "ديفر" ("الإصلاح الطارئ للسباكة والتدفئة لدى المعوقين والمسنين") قبل أربع سنوات.

ويضطر بعض الزبناء إلى أن يدفعوا أكثر مما ينبغي إلى متعاقدين غير منصفين، ولا يستطيع آخرون ببساطة أن يتحملوا تكاليف إصلاح الغلايات، ولا يستطيع الكثير تدفئة منازلهم، ولا تعرض عليهم الحكومة سوى القليل من المساعدة. أما فريق أندرسون فلا يكلفهم بنساً في مقابل خدماته. فالتمويل يتوفر من خلال تبرعات.

ويشعر الزبناء بالامتنان إلى درجة أنهم سموا مهندسيه إما "ملائكة" أو "أصدقاء إلى الأبد".

يقول أندرسون: "أمام هؤلاء الناس خيار بين التدفئة وتناول الطعام. ولا خيار أمامنا سوى أن نساعدهم".

يتسبب فقر الوقود بالفعل بنحو تسعة آلاف و700 وفاة كل عام المملكة المتحدة، وكلها حالات كان يمكن تجنبها. ومع توقع أن يضرب طقس قطبي المملكة المتحدة هذا الأسبوع، سيواجه مزيد من الناس الخيار الرهيب بين الطعام والدفء.

وقفز السقف السعري المحدد من الحكومة بنسبة 12 في المئة في أكتوبر (تشرين الأول) في حين تراجع دخل الأسر المتدنية الدخل ألفاً و40 جنيهاً استرلينياً (ألفاً و375 دولاراً أميركياً) سنوياً مع خفض الائتمان الشامل.

ولن يتمكن نصف مليون شخص إضافي من تحمل تكاليف التدفئة المناسبة هذا الشتاء، وفق مجموعة "العمل لإنهاء فقر الوقود" للحملات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومما يزيد الطين بلة أن ما يقدر بـ400 ألف شخص متخلفون عن تسديد إيجارات، وتراكمت معظم هذه الديون خلال سلسلة الإغلاقات التي ضربت في شكل متفاوت مداخيل العاملين الأفقر.

ولم يخرب "كوفيد" ميزانيات الأسر فحسب، بل قلب أيضاً المسارات التجارية العالمية. وثمة نقص حاد في المواد وقطع الغيار الخاصة بأعمال البناء والسباكة والأعمال التي يمارسها المرء بنفسه كلها تقريباً.

وتعاني المملكة المتحدة أيضاً نقصاً حاداً في العمالة الماهرة بسبب عقود من الاستثمار غير الكافي في التدريب ومغادرة عاملين أوروبيين بعد بريكست.

وتعني هذه المجموعة الفوضوية من الظروف أن "ديفر" تتجه إلى أكثر أعوامها انشغالاً منذ أسسها أندرسون عام 2017. فوقتئذٍ شعر بالغضب إذ اضطر أشخاص ضعفاء إلى أن يدفعوا أكثر مما ينبغي إلى بعض المهنيين. وازداد شغفه في تصحيح الوضع أسبوعاً تلو آخر مع المشاهد المرعبة التي مرت به.

ويسأل: "كيف لنا أن نجعل بلدنا أكثر إنصافاً حين يطلب بعض المخبولين أجرة تساوي ثلاثة أو أربعة أو خمسة أضعاف الأجرة الحقيقية؟"

"على من يريد أن يحقق ربحاً صافياً بنسبة 70 في المئة أن يعمل لشخص يملك مليون دولار في مصرف، أو لشركة كبيرة تستطيع تحمل ذلك، وليس لشخص يعيش على معاش تقاعدي حكومي. ففاتورة كهذه قد تحرم من يدفعها من تناول الطعام".

وينفذ أندرسون حملة من أجل فرض سقف على المبلغ الذي يجب على الأشخاص في المجموعات الضعيفة دفعه في مقابل خدمات مهنية أساسية مثل إصلاح الكهرباء والسباكة والتدفئة.

وعلى الرغم من زيادات في المعاشات التقاعدية الحكومية وأرباح غير متوقعة للبعض من ازدهار قيم العقارات، لا تزال المملكة المتحدة تشهد واحداً من أعلى مستويات الفقر في صفوف المتقاعدين في أوروبا.

وبالنسبة إلى العائلات العاملة المتدنية الدخل، تسببت 12 سنة من ركود الأجور في قفزة في الفقر أثناء العمل. وتملك المملكة المتحدة أيضاً أدنى معدل للمزايا الأساسية المخصصة للعاطلين عن العمل وأدنى أجر مرضي قانوني في أي بلد من بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

أسس أندرسون "ديفر" من مقره الواقع في بورنلي بلانكشر كشركة لا تتوخى الربح تعمل لصالح المجتمع المحلي وتصلح الغلايات وأجهزة التدفئة المركزية مجاناً. وفي شكل شبه فوري، تنبه إلى مدى الحاجة الماسة إلى الخدمة.

وخلال سنة، أقفل شركته المربحة للسباكة ليركز وقته كله على "ديفر". وهذا العام ازدادت الحاجة إلى الخدمات التي يوفرها فريقه أكثر من أي وقت مضى.

ويتذكر عشرات الزبناء يتناقلون قصة تلو أخرى عن الأشخاص الذين ساعدهم. لقد دفعت عائلة في لانكشر ستة آلاف جنيه لإصلاح حمام تركه من أصلحه أشبه بـ"فخ قاتل"، إذ كانت ثمة أسلاك كهربائية مكشوفة قريبة من مياه جارية. وفككت "ديفر" الحمام بأسره وأعادت بناءه كما يجب خلال بضعة أيام.

ومرة لبت "ديفر" اتصالاً من سيدة تعاني مرحلة نهائية من اللوكيميا قال لها سباك محلي إنه لن يستطيع إصلاح غلايتها بأقل من ألفي جنيه. ووجد أندرسون متعاقداً آخر ودفع له ليقوم بالعمل فوراً ولن يكلف المرأة بنساً.

ومن التركيز على السباكة والتدفئة، نمت "ديفر" إلى خدمة أوسع بكثير مخصصة للمجتمعات المحلية... "على المسنين، أو الفقراء، أو المعوقين، أو الضعفاء، أو من يواجهون خطراً أن يخبرونا ماذا يحتاجون".

يقول أندرسون إن أي شخص يعاني حاجة حقيقية سيحصل على مساعدة إذا كان عاملو "ديفر" متوفرين. "نستطيع حل مشاكل الكهرباء، والغاز، وتسليم الطعام، والغلايات، والأعطال، والأنابيب المعطلة، والإصلاحات الصغيرة، والإصلاحات الكبيرة، وغير ذلك".

وقدم الفريق حتى حفلات عيد ميلاد مفاجئة وهدايا ميلادية إلى بعض الزبناء.

واتصلت عميلة اسمها جوردان بـ"ديفر" بعد أن اكتشفت أن حماها المسن يعيش من دون تدفئة في منزل "متجمد". ولم تملك العائلة المال لتركيب غلاية جديدة فاتصلت جوردان بـ"ديفر" عبر "فيسبوك".

وتقول جوردان: "كانوا سريعين ومفيدين جداً جداً. كانوا رائعين. يعاني حموي من مشاكل صحية متعددة ويدخل إلى المستشفى ويخرج منها كثيراً. هو والعائلة يقدران كثيراً ما حصل".

واجتذبت "ديفر" بالفعل بعض المعجبين البارزين، فقد سمت عضو مجلس اللوردات عن حزب الخضر جيني جونز مهندسي "ديفر" "أبطالاً"، في حين تبرع [الممثل] هيو غرانت بـ10 آلاف جنيه إلى المؤسسة.

في نظر أندرسون، ليست الخدمة التي يقدمها مجرد عمل صحيح، بل هي أيضاً مفيدة مالياً للبلاد.

"نحن شريان حياة يحمي شرايين الحياة الأخرى، فنحن نلبي اتصالات من الخدمات الاجتماعية ومن هيئة الخدمات الصحية الوطنية. نحن نجنب الناس دخول المستشفيات. ولو مولتنا الحكومة كما يجب، يمكننا أن نوفر على هذه الخدمات الأخرى مبالغ لا تصدق من المال".

وينظر أندرسون في جمع 250 ألف جنيه لتوسيع نطاق عمل "ديفر" ليشمل البلاد كلها بعد تعزيز فريق المهندسين في المناطق الأكثر حرماناً وشبكة المتعاقدين في أماكن أخرى، لكن عمله لا يتوقف هنا. هو ينفذ حملة من أجل التغيير السياسي، فيطالب بفرض سقف سعري على تكلفة أعمال الإصلاح الأساسية المخصصة للمجموعات الضعيفة.

"نحتاج إلى استمرار أعمال السباكة والتدفئة والكهرباء لذلك يجب أن تملك هذه المهن الثلاث سقفاً للأتعاب التي يستطيع أصحابها طلبها من الزبناء الذين يعانون إعاقة أو يتجاوز عمرهم سناً معينة أو يقل دخلهم عن مستوى معين".

وكتب إلى بوريس جونسون يعرض عليه مقترحاته، لكنه لم يتلقَ رداً بعد.

© The Independent

المزيد من تحقيقات ومطولات