Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انتفاضة "المستعمرات" الإيرانية... الطريق الأسرع لردع طهران

دعم حركات المقاومة في الدول الواقعة تحت تأثيرها أضحى أمرا ضروريا

مؤيدون لـ"حزب الله" يحيون الذكرى الـ 40 للثورة الإسلامية في إيران (أ.ف.ب.)

في خضم المواجهة بين إيران والولايات المتحدة الأميركية حول مختلف الملفات الأمنية والسياسية والعسكرية في الشرق الأوسط، يُجرى التركيز تقليديّاً على ثلاثة محاور تشكل أساس الصراع.

وتشكّل الولايات المتحدة الأميركية رأس المحور الأول عبر وسائلها السياسية وتعبئتها العسكرية، كإرسال حاملات طائراتها إلى الشرق الأوسط لمواجهة النظام الإيراني وميليشياته وصاروخيه الباليستية وامتداداته إلى عمق المنطقة العربية.

ويتلاقى المحور الأول مع الثاني المتمثل في السعودية والإمارات والبحرين ودول التحالف العربي، وهذه الجبهة تلعب دورا كبيرا في مواجهة "الانفلاش" الإيراني في اليمن، والتصدي لصواريخ الحوثيين، وردع الخلايا التابعة لميليشيات الحرس الثوري، والتي تحاول زعزعة الاستقرار الداخلي لهذا الدول، وكذلك تلعب دورا دبلوماسيا كبيرا في العالم لا يقلّ أهميته عن الدور "الردعي" التي تقوم به.

المحور الثالث هو اقتصادي بحت، يقوم على العقوبات الأميركية المفروضة على النظام الإيراني، وإدراج مجموعاته على لوائح الإرهاب، ومكافحة مصادر تمويلها وأذرعها في سوريا ولبنان والعراق، ويُقابله أيضا خطوات عربية جبّارة للحؤول دون وصول الأموال إلى ميليشيات إيران.

ورغم أهمية المحاور الثلاثة، إلا أن هناك محورا رابعا لا يتطرق إليه الخطاب السياسي في العالم بشكل عام، وفي الولايات المتحدة والغرب بشكل خاص، ولا يأخذ اهتماما إعلاميا كبيرا يوازي الدور الذي بإمكانه القيام به.

 وتمثل المعارضات وحركات مقاومة النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط ضد الاستعمار "الخميني" المحور الرابع، ولا بد أن يتماهى هذا المحور مع المحاور الثلاثة ليكون عنوانا رئيسا في مواجهة الإمبراطورية الإيرانية وكسر طموحاتها، ودفن أحلامها.

وكما حصل أيام الاحتلال النازي لجزء كبير من أوروبا، ثم الاحتلال السوفيتي الذي تبعه، والدور الذي قامت به حركات المقاومة الداخلية في الدول لدحر هذه الاحتلالات، فلا بدّ للمجتمع  الدولي، وعلى رأسه أميركا والتحالف العربي، أن يمد يَدّ المساعدة إلى هذه المعارضات التي تقاوم الاحتلال الإيراني في دولها.

كما أن التخطيط الأميركي- العربي لا بد وأن يوفر دورا لحركة المقاومة الإقليمية لمواجهة "الانفلاش" العسكري الإيراني، وإيجاد مساحة للدعم والحوار عبر شبكة كبيرة من السياسيين والنواب والأكاديميين والصحافيين والطلاب والضباط السابقين وجميع حركات المجتمع المدني الحقيقية في هذه الدول، فهناك طاقات هائلة تتصدى لمشروع إيران من دون أدنى مقومات المواجهة، وبالتالي يمكن إيجاد طريقة لدعم هذه الحركات المدنية عبر مؤتمر "وارسو" مثلا، الذي انعقد مطلع العام الحالي، من أجل مقاومة الوجود الإيراني والنضال حتى جلاء جيشه وميليشياته عن الأراضي التي يحتلها.

وإذا استعرضنا الدول الواقعة تحت تأثير نظام طهران، وحركات المقاومة، نجد أن دعم هذه الأخيرة أضحى أمرا ضروريا نظرا للدور الضخم الذي تلعبه، ففي العراق هناك قطاعات واسعة من النسيج الوطني تعبّر علناً عن معارضتها لسيطرة إيران وحرسها وتحكّمها بمعظم القرارات، وممارسات الحشد الشعبي، وأبرز هذه الجماعات المعارضة العربية السنيّة في الأنبار ومدن أخرى، وحكومة أربيل، ومعها أكثرية الأكراد شمال البلاد، والأهم وجود فئة عريضة من الليبراليين الشيعة ترفض الممارسات الإيرانية مع الأقليتين الإيزيدية والمسيحية. هذه الحركات مجتمعة تشعر بالضغط الإيراني المتزايد، ولها دور كبير في تحقيق دحر الاحتلال الإيراني.

أما في سوريا فهناك أكثرية عربية تتوافق مع قوات سوريا الديمقراطية على معارضة نظام الرئيس السوري بشار الأسد، والمجموعات الإخوانية أيضا، وتتلاقى مع التحالف العربي وواشنطن في الصراع مع الإرهاب المتمثل في داعش من جهة، والحرس الثوري وأذرعه من جهة ثانية.

وفي لبنان فإن حركة مقاومة النفوذ الإيراني، ومعه نظام بشار الأسد، تعدّ من أقدم حركات المقاومة وأنجزت ثورة "الأرز" في العام 2005 قبل حصول ما يسمى بالربيع العربي، ما كان تحقيقه مستحيلا، ولكن هجوم حزب الله العسكري عام 2008 وانقلابه على المؤسسات الرسمية في لبنان أوقعها في ضعف، ولذلك المطلوب مدّ الجسور معها من جديد، ورأينا في عام 2009 عندما خاضت الانتخابات موحدة في وجه حزب الله وحلفائه تمكنت من تحقيق أغلبية برلمانية لأنها تمثل في الواقع أكثرية شعبية مناهضة لسيطرة حزب الله، ومن خلفه إيران على الساحة اللبنانية.

الساحة اليمنية مختلفة عن الساحات الأخرى، فالتحالف العربي يدعم علانية الشرعية اليمنية ومعها قوى الجنوب لردع طهران، وفي إيران نفسها هناك حركات المقاومة المتمثلة في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية أو المجموعات التقليدية المناصرة لنجل الشاه، وغيرها، والتي يعيش قادتها في المنفى.

بشكل مختصر، إذا نظرت واشنطن والدول العربية إلى كل هذه القوى التي تطالب بالاستقرار وبناء دولتها الحرة والمستقلة بعيدا عن التأثيرات الإيرانية، فإن المحور الرابع، في حال تفعيله، سيشكل رأس حربة قيادة الانتفاضة في المستعمرات الإيرانية، وبإمكانه تغيير واقع المنطقة بوقت أسرع وبجهد أخفّ، لأن الشعوب دائما لها الكلمة الأخيرة.

المزيد من آراء