Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بدائل عن عقوبة السجن الفعلي للحوامل والأمهات في إسرائيل

سيوفر القانون الجديد حلولاً لا تمس النمو الصحي والطبيعي لأطفال المعتقلات

وقفة تضامنية مع الأسيرات الفلسطينيات داخل مقر الصليب الأحمر في مدينة رام لله (اندبندنت عربية)

ما إن سُرّحت لاورا (33 سنة) من سجن نيف تريزا (سجن النساء الوحيد في إسرائيل) وأنهت مدة محكوميتها في وقت مبكر لحسن سلوكها وإقلاعها عن الإدمان، أخذت على عاتقها الاندماج بالمجتمع واتباع نظام حياة عادي، ومواجهة تحديات إيجاد عمل، وبناء علاقات عائلية جديدة والامتناع عن الانضمام إلى أي أنماط سلوكية إجرامية كما في السابق.

لكن الأكثر إلحاحاً بالنسبة إليها هو إثبات أهليتها لإعادة احتضان ابنها ذي الخمس سنوات، الذي عاش في زنزانتها عاماً واحداً، وأرسل بعد ذلك إلى مركز الخدمات الاجتماعية لمعالجة حالته في ظل غياب الوالد والعائلة لاحتضانه خارج السجن.

بحسب الطريقة والأعراف المتبعة في إسرائيل، فإن المرأة التي تصدر بحقها إدانة بالسجن، ملزمة قضاء فترة العقوبة داخل السجن، فالقانون القائم بكل ما يخص طريقة قضاء عقوبة السجن الفعلية لا يميز فعلياً بين المرأة والرجل وحالات الاستثناء بحسب القانون، تقتصر فقط على القاصرين أو أصحاب الاحتياجات العقلية الخاصة ممن تصدر بحقهم أحكام فعلية بالسجن، وتوجد بالنسبة إليهم ترتيبات خاصة تسمح بتبديل فترة السجن من خلال قضاء المحكومية في نُزل مقفل. 

فيما يحق للسجينات الأمهات وفق القانون إدخال أطفالهن معهن إلى السجن وتربيتهم فيه حتى عمر سنتين، وإذا أصبحت السجينة حاملاً خلال فترة السجن، يحق لها بعد الولادة العودة مع الطفل وتربيته حتى عمر سنتين داخل السجن فقط. وبحسب معطيات وزارة الأمن الداخلي، تُسجن بالمعدّل 10 نساء أمهات سنوياً.

تقليص الأضرار

بداية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وبعد دراسات وأبحاث مستفيضة للمخاطر المحدقة بأطفال السجينات، قدّم الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي مقترحاً لتعديل قانون العقوبات يطالب بتوفير بدائل للسجن الفعلي للنساء الحوامل والأمهات لعام 2021، الذي يسمح للنساء الحوامل أو أمهات لأطفال، تمت إدانتهن عملياً، بقضاء عقوبتهن كلها أو جزء منها من خلال مكان بديل للسجن. الهيئة العامة للكنيست صادقت على المقترح بتصويت الغالبية، وأمرت بتمريره إلى لجان الكنيست المختصة لمواصلة إعداده وتحضيره.

عضوة الكنيست ابتسام مراعنة التي قدّمت المقترح، تقول لـ"اندبندنت عربية" إن الفكرة التي تقف وراء هذا الاقتراح، هي تقليص الأضرار التي تصيب الأطفال نتيجة تعرّض أمهم للسجن الفعلي، والحفاظ قدر الإمكان على نهجِ حياة سليم يخدم مصلحة الاطفال أيضاً خلال فترة قضاء الأم العقوبة المذكورة، لأن فصل الأطفال عن أمهاتهم هو أمر قاسٍ وذو تبعات سلبية كبيرة على حياة الأولاد، وعلى إعادة تأهيل الأم. يهدف القانون الجديد إلى خدمة المرأة ومنحها أدوات إصلاحية وتأهيلها للوالدية من خلال سد حاجاتها الشخصية، فمجموعة أبناء السجينات هي من أصعب القضايا الموجودة في إسرائيل، وأوضاعهم مقلقة وخطيرة أكثر من أوضاع أبناء السجناء الذكور، لأن قانون العقوبات الحالي لا يمنح الوزن المطلوب لحقيقة أن الشخص المدان هو امرأة وأم لأطفال صغار وربما لمولود جديد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتضيف "يعتبر سجن نيف تريزا" غير صالح لسكن البشر، وهو يجمع 147 سجينة معاً من دون تصنيف، فمرتكبات جرائم الدعارة والقتل والمخدرات والتهريب، قد يتشاركن في الزنزانة ذاتها مع سجينات جرائم غير خطيرة، وفي ذلك خطر كبير، بخاصة على السجينات الحوامل والأمهات، فمن غير الممكن أن يعيش طفل دون سنتين وسط ظروف مجهولة في زنزانة والدته التي قد تتشاركها مع سجينة ارتكبت جرائم قتل فظيعة، وقد تكون عنيفة وتشكّل خطراً عليهما".

 

 

وتوضح مراعنة "بحسب المعطيات والدراسات التي حصلنا عليها، فإن 70 في المئة من السجينات (مسلمات ومسيحيات ويهوديات) هن أمهات لأطفال، وغالبيتهن أمهات أحاديات الوالدين لأكثر من طفل واحد. 90 في المئة من هؤلاء قد تعرّضن لاعتداء جنسي خلال حياتهن وتدهورت أمورهن ووصلن إلى حد العمل في الدعارة وتعاطي المخدرات والإجرام، وبشكل مختلف عن السجناء الذكور. فعند دخول الأم إلى السجن، يبقى الأطفال من دون مرجعية ومن دون رعاية والدية، كما يتعرّضون لخطر كبير خلال هذه الفترة، وقرابة 50 في المئة من السجينات هن عربيات، وهو ما يضاعف العقبات أمامهن، بخاصة في طرق رعايتهن لأطفالهن بعد تسريحهن من السجن".

قانون حكومي

عضو الكنيست إيتمار بن جفير، المعروف بمواقفه المتشددة تجاه العرب، اعترض على القانون، قائلاً خلال الجلسة "سيقوم المقترح الجديد بإطلاق سراح عشرات من السجينات اللواتي شاركن في قتل يهود، أو شاركن في رمي الحجارة أو التحريض ضد شعب إسرائيل. لقد راجعت القانون ولا يوجد فيه أي استثناء يخص السجينات الأمنيّات وكل من شاركن في أعمال إرهابية".

فيما ردّ وزير القضاء الإسرائيلي جدعون ساعر بالقول "اقتراح القانون سيكون خاضعاً لاقتراح قانون حكومي بموافقة الجهة التي طرحته، ولا يوجد أي علاقة لقضية الجندر (النوع الاجتماعي) بذلك إلّا في الحالات التي تخص قضاء فترة العقوبة في المجتمع. وبالتأكيد، فإن حالات الإرهاب وأيضاً الجرائم الخطيرة الأخيرة ليست مناسبة لقضاء العقوبة ضمن المجتمع، بالتالي فإن ذلك لن يحدث بتاتاً".

تمييز بين السجينات

في المقابل، أكدت جهات فلسطينية مختصة أن القانون الجديد بما يشمله من "امتيازات إيجابية" للسجينات الجنائيات الأمهات والحوامل، لن يشمل السجينات الأمهات الفلسطينيات وعددهن 9 من أصل 31 سجينة يقضين أحكاماً بالسجن الفعلي في سجني الشارون والدامون الإسرائيليين.

واتهم نادي الأسير الفلسطيني (منظمة غير حكومية) مصلحة السجون الإسرائيلية بالتمييز بين السجينات، وبدلاً من تقديم الرعاية الطبية لهن ومتابعة أحوالهن وحاجاتهن بحسب القانون، تُمارس بحقهن سياسة الإهمال الطبي ويحرمن من زيارة أقاربهن، في حين تُحرم الأمهات الفلسطينيات من الزيارات المفتوحة ومن احتضان أبنائهن.

في سياق متصل، قال رئيس النادي قدورة فارس "خلال الأعوام الماضية، كانت هناك 10 أسيرات فلسطينيات حوامل أثناء وجودهن في السجن، ووضعن أبناءهن أثناء عمليات الولادة وهن مقيّدات الأيدي والأرجل على سرير الولادة، باستثناء أسيرة واحدة. رصدنا انتهاكات عدة بحق المرأة الأسيرة، بخاصة في ما يتعلق بالاعتداءات النفسية عليها بالاحتجاز غير الصحي والاكتظاظ في الغرف، والمعاملة القاسية من السجّان وتحقيرها أمام ذاتها ونصب الكاميرات، إضافة إلى التحرشات النفسية واللفظية بأشكالها كافة".

وفي ردّها على الاتهامات في وقت سابق بحسب موقع "تايمز أوف إسرائيل"، قالت المتحدثة باسم مصلحة السجون الإسرائيلية حانا شختر إن "السجناء الأمنيين الفلسطينيين يعاملون مثل أي معتقل آخر عندما يتعلق الأمر بالولادة خلف القضبان، ووفقاً للوائح مصلحة السجون الإسرائيلية، يمكن للأمهات في السجون الاحتفاظ بأطفالهن حتى سن الثانية. إن مصلحة السجون الإسرائيلية مستعدة وجاهزة للتعامل مع هذه المواقف".

فيما نفى مسؤول أمني إسرائيلي للموقع، المزاعم المتداولة في بعض وسائل الإعلام الفلسطينية بأن السجينات الأمنيّات الفلسطينيات يلدن أبناءهن وهن مقيّدات بأسرّتهن في المستشفى "حراسها سيقفون خارج الباب بالطبع، وستلد في المستشفى في الظروف التي يتوقعها المرء في المستشفى، لكنهم لن يضعوها في سيارة أجرة ويرسلونها إلى البيت".

روضة وعلاج طبي

وفق موقع "كول زخوت الإسرائيلي"، يحق للسجينة الحامل تلقّي العلاج الطبي في السجن، وإجراء جميع الفحوص اللازمة وإذا لزم الأمر تتم إحالة السجينات إلى العلاج في المستشفى. 

وللسجينات وأطفالهن أثناء الإقامة في السجن الحق بتلقّي العلاج الطبي، والرضيع الذي وُلد في السجن خلال فترة سجن الأم، أو الطفل الذي يحضر مع أمه إلى السجن، يحق له الحصول على كامل العلاج الطبي اللازم، بما في ذلك التغذية والتطعيمات المناسبة، ويتابع الطاقم الطبي في السجن حالة الرضيع في حالة المرض.

ووفقاً لـ"كول زخوت"، فإن سجن "نيف تريزا" فيه روضة أطفال توفر لأبناء السجينات حاجاتهم خلال ساعات الصباح، مثل الروضات خارج السجن، فيما نفت سجينات فلسطينيات أُفرج عنهن، وجود أي رعاية طبية للأم الحامل أو جنينها أو مولودها الجديد بعد الولادة.

تقول العضوة البارزة في "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" خالدة جرار التي أفرجت عنها إسرائيل نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي بعد عامين في السجن، "يحظى أبناء السجينات الجنائيات بقضايا الدعارة والقتل والمخدرات برعاية تامة وعدد من الألعاب والكتب والقصص والتأهيل والتعليم داخل سجن نيف تريزا، فيما يلعب أبناء الأسيرات الفلسطينيات في الشارون والدامون بالملاعق والأواني ويُحرمون من التعليم والعلاج".

صحية وطبيعية

بحسب مراعنة، فإن من بدائل السجن الفعلي للسجينات الأمهات والحوامل توفير بيت للسجينة داخل مجتمعها الذي كانت تسكن فيه (يهودي أو عربي) يضمن قربها من المرافق التعليمية لأبنائها على اختلاف أعمارهم ودعمها مادياً، فيما ستخضع ضمن شروط البدائل للسجن الفعلي، لارتداء سوار أمني إلكتروني طوال فترة عقوبتها، لضمان التزامها الحدود المكانية والزمانية التي حُددت لها، وستخضع للتأهيل والإصلاح والعلاج والدورات التعليمية التي من شأنها بحسب مراعنة "تسهيل إعادة دمجها في المجتمع في ظروف صحية وطبيعية".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات