Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تلبد سياسي في ليبيا يعاكس التقدم العسكري والاقتصادي قبل الانتخابات

طالب المجلس الأعلى للدولة بتأجيل الاستحقاق الرئاسي إلى فبراير

قوات أمنية تحرس أحد مراكز الاقتراع في طرابلس خلال الانتخابات البلدية في 6 فبراير الماضي (رويترز)

خفّض أعضاء البرلمان الليبي من لهجتهم قبيل الجلسة المغلقة التي جمعتهم برئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح، بعدما كانوا يتحدثون عن محاسبة المفوضية ومجلس القضاء الأعلى على ما رأوا أنه "تجاوزات" شابت مراحل قبول المرشحين للانتخابات الرئاسية، لتنتهي هذه الزوبعة الجديدة بتشكيل لجنة نيابية لمتابعة العوائق والعراقيل التي تواجه العملية الانتخابية.
إلا أن "المجلس الأعلى للدولة" في ليبيا دعا الأربعاء 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إلى تأجيل إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة في 24 ديسمبر إلى فبراير (شباط) المقبل.
ويأتي بيان المجلس، وهو هيئة استشارية تأسست بموجب اتفاق سلام تم التوصل إليه عام 2015 ولم تعترف بها جميع الكيانات السياسية الليبية، قبل موعد الانتخابات بأقل من ثلاثة أسابيع.
عودة ويليامز

وربط باحثون ومهتمون بالشأن السياسي، بين محاولات تهدئة الأزمة، التي هددت بتأجيل الانتخابات الرئاسية، وعودة المسؤولة الأميركية ستيفاني ويليامز، إلى منصبها في إدارة البعثة الأممية في ليبيا، وهي التي عُرفت بمواجهتها الحازمة لكل من يحاول عرقلة تنفيذ خريطة الطريق التي أشرفت بنفسها على وضعها للخروج من الأزمة.

ووسط الجو السياسي المشحون بتأثير الخلافات حول انتخابات الرئاسة المرتقبة، تلقّت ليبيا أخباراً مبشرة للمرة الأولى منذ أشهر عدة، مع الاتفاق على خطوات فعلية لتوحيد المصرف المركزي، بعد انقسام لأعوام ترك تداعيات واضحة على الاقتصاد الوطني.

لجنة برلمانية لمتابعة الانتخابات

وانتهت جلسة المساءلة التي عقدها مجلس النواب الليبي، لرئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح بسلام، بعدما كان هدفها قد حُدّد للتحقق من تقارير متواترة عن تجاوزات وقعت أثناء عملية فرز المرشحين لانتخابات الرئاسة، وحدوث مخالفات صريحة للقوانين الانتخابية وشبهات تلاعب بالأحكام القضائية التي صدرت بعد جلسات استئناف قرارات الاستبعاد بحق بعض المرشحين.

وتسببت تصريحات بعض النواب التي حملت دعوة صريحة أو تلميحاً لتأجيل الانتخابات، بقلق كبير في الشارع الليبي من نتائج هذه الجلسة، لكن الإيجاز الصحافي للمتحدث الرسمي باسم مجلس النواب عبد الله بليحق، هدّأ الأجواء حتى إشعار آخر.

وقال بليحق إن "البرلمان عقد جلسته الرسمية، الثلاثاء 7 ديسمبر، في مقره بمدينة طبرق، برئاسة النائب الثاني لرئيس المجلس أحميد حومه، لمناقشة آخر تطورات العملية الانتخابية، والعراقيل التي تواجهها. وخلصت الجلسة إلى تشكيل لجنة للتواصل مع المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، للوقوف على الصعوبات والعراقيل التي تواجه العملية الانتخابية، على أن تقدم اللجنة تقريرها إلى المجلس قبل الجلسة المقبلة".

وصرّح عضو مجلس النواب سعيد مغيب أن "الجلسة البرلمانية التي عقدت اليوم الثلاثاء كانت مؤجلة، وحضرها نحو 60 عضواً، وناقشنا فيها التطورات السلبية في العملية الانتخابية، والأسباب التي أدت إلى انحراف مفوضية الانتخابات عن مسارها وعدم التزامها قانون انتخاب رئيس الدولة ومواده". وأضاف أن "الجلسة انتهت إلى تشكيل لجنة تواصل مع المفوضية، تتكوّن من أعضاء اللجان البرلمانية الفرعية للاطلاع على الأسباب الحقيقية التي أدت إلى انحراف عمل المفوضية ومعالجتها".

وبخصوص تغيّب رئيس المجلس الأعلى للقضاء محمد الحافي، الذي دُعي إلى الجلسة، نفى النائب مغيب أن تكون الجلسة تطرقت إلى عمل القضاء، قائلاً "نحن نحترم القضاء الليبي ولم نتطرق إلى عمل المجلس الأعلى للقضاء ولجانه، وسنبحث الأسباب التي جعلت المفوضية تُقحم القضاء الليبي في التطورات الأخيرة".

هل انتهى احتمال التأجيل؟

وعلى الرغم من تجنب الأزمة التي كادت تتسبب بها جلسة النواب لمساءلة المفوضية العليا، إلا أن احتمال تأجيل الانتخابات يبقى وارداً بل مرجحاً بالنسبة إلى كثرٍ من متابعي التطورات على الساحة الليبية، وهو ما يذهب إليه الباحث السياسي أحمد أبو عرقوب، الذي يرى أن "المرحلة المقبلة في البلاد صعبة للغاية وبحاجة إلى تكاتف القوى الوطنية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأعرب أبو عرقوب عن اعتقاده بأنه "لم يعُد بالإمكان إجراء الانتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر، وربما يكون السيناريو التالي هو تأسيس قاعدة صلبة لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة وبضمانات أكبر لاحترام نتائجها".
في المقابل، يخالف المرشح الرئاسي سليمان البيوضي تحليل أبو عرقوب، ويؤكد أن "لا تأجيل للانتخابات التي ستُجرى في موعدها"، مشيراً إلى أن "العملية الديمقراطية في مراحلها الأخيرة، التي ستبدأ بإعلان القوائم النهائية للمرشحين، وموعد التصويت الذي ستحدده المفوضية".

توحيد المصرف المركزي

وبعيداً من الاستحقاق الانتخابي، اتفق محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، مع نائب المحافظ علي الحبري، على خطة مفصّلة لإطلاق عملية توحيد المصرف المركزي، بعد انقسام دام لثمانية أعوام كاملة، وترك أثراً بالغاً في الاقتصاد الوطني.

وناقش الطرفان مراحل التوحيد وفق خريطة الطريق المقترحة من قبل شركة الخدمات المهنية الدولية "ديلويت ابان"، فضلاً عن مناقشة إنجاز عملية المراجعة المالية الدولية للمصرف المركزي في شهر يوليو (تموز) الماضي، التي اتُّفق خلالها على مسارات العمل والفرق الفنية المعنية بتنفيذ عملية التوحيد.

واختُتم اللقاء الذي شاركت فيه الشركة المعتمدة من قبل الأمم المتحدة، بعدما تمت دعوتها إلى تقديم المشورة الفنية والدعم، باتفاق المحافظ ونائبه على إطلاق عملية التوحيد بشكل فعلي، مؤكدين التزامهما مواصلة التقدم لتحقيق الأهداف المرجوة من توحيد مصرف ليبيا المركزي.

وأدت هذه الأنباء إلى نشر حالة من التفاؤل والثقة بالاقتصاد الليبي، بحيث ارتفعت قيمة الدينار أمام العملات الأجنبية في تداولات الثلاثاء (7 ديسمبر) بالسوق السوداء، بشكل ملموس.

وصعد الدينار بمقدار 50 درهماً أمام الدولار، مقارنةً  باليوم الذي سبق هذا الإعلان، في قفزة كبيرة نادراً ما يحققها الدينار في يوم واحد، مسجلاً 4.98 دينار للدولار الواحد، فيما تم تداول العملة الأميركية على صعيد الحوالات الخارجية بـ 4.97 دينار.
وحقق الدينار مكاسب أيضاً أمام العملة الأوروبية الموحّدة، إذ بلغت قيمته أمام اليورو 5.55 دينار، مسجلاً ارتفاعاً قدره 50 درهماً أيضاً، مقارنةً بإغلاق اليوم السابق.

اللجنة العسكرية في موسكو

أما على المسار العسكري، وصلت اللجنة العسكرية المشتركة إلى موسكو للتفاوض مع السلطات الروسية حول ملف سحب القوات الأجنبية من ليبيا، بعد أن أنهت محادثات مماثلة في أنقرة مع الحكومة التركية.
وقال آمر التوجيه المعنوي في القيادة العامة اللواء خالد المحجوب إن "مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة الخاصة لشؤون ليبيا ستيفاني وليامز، أجرت اتصالاً هاتفياً باللجنة العسكرية المشتركة بعد وصولها إلى روسيا، للوقوف على سير عمل اللجنة وما وصلت إليه في ملف إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة"، في أولى خطواتها بعد يوم واحد من تسلّمها مهماتها.

وأشار المحجوب إلى أن "زيارة اللجنة العسكرية إلى روسيا تهدف إلى تكملة عملها للتنسيق في تنفيذ مخرجات برلين واتفاقية جنيف".

وكشف عن نتائج لقاءات اللجنة مع المسؤولين الأتراك في أنقرة، قائلاً إنها "أسفرت عن نتائج إيجابية ومشجعة للغاية، إذ تجاوب الجانب التركي مع الدعوات لإجلاء المرتزقة، تزامناً مع خروج بقية هؤلاء بشكل يشمل الجميع، بحسب تواريخ وجداول زمنية تضعها اللجنة العسكرية". وأضاف أن "المسؤولين الأتراك أكدوا قبول نتائج الانتخابات، أيّاً كان الفائز بها من المرشحين للرئاسة، وأن أنقرة ستتعاون من أجل إرساء علاقات متميزة تحترم سيادة ليبيا واستقلالها ووحدتها، وتتطلع إلى تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي معها".

المزيد من العالم العربي