Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما دور "حزب الله" في الاعتداء على صالون تجميل بالضاحية؟

أطلق متشددون في الضاحية الجنوبية لبيروت النار على متجر نسائي اعتراضاً على المظاهر الاحتفالية في حفل الافتتاح قائلين إنها "لا تليق بدماء الشهداء"

من أحداث الطيونة التي سقط فيها عدد من القتلى والجرحى  (أ ف ب)

لا ينحصر الجدل في لبنان على التناقضات السياسية أو التموضع الإقليمي للبلاد، إنما ظاهرة التناقضات الاجتماعية والثقافية تتنامى بشكل كبير، مع توسع سيطرة الأحزاب المتطرفة على الحكم واستحكامها بحكم الأمر الواقع على نمط حياة المواطن في بعض المناطق اللبنانية، على الرغم من أن الدستور اللبناني واضح ناحية حماية الحريات العامة واحترامها.

وفي هذا الإطار برزت حادثة إطلاق الرصاص على متجر تجميل نسائي في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، انتقاماً من قيام المالكة آية صبرا، بتنظيم حفل بمناسبة افتتاح المتجر، الذي تضمن عروضاً موسيقية ونارية، وشارك في الافتتاح راقصان ظهرا بصدرَين عاريَين أثناء تأدية رقصة تمزج بين الموسيقى والجمباز، الأمر الذي أثار حفيظة البعض الذين عبروا عن غضبهم، معتبرين أن احتفالات كهذه لا تليق بأهالي الضاحية.

 

وفي تفاصيل الحادثة وفق ما يروي شهود عيان من المنطقة، وبعد مرور عدة ساعات على الاحتفال، أقدم متشددون معروفون لدى سكان المنطقة بانتمائهم السياسي لحزب الله، وبشكل علني، على إطلاق النار على واجهات المتجر، ومن ثم توجه اثنان منهم وانهالا على الواجهات الزجاجية بالتكسير والتحطيم، مشددين على أنه في حال كان هناك نية حقيقية لكشف هؤلاء لدى الجهات الأمنية فإن الشارع مليء بالكاميرات وبالإمكان التعرف إليهم بسهولة.

ويشير هؤلاء إلى أنه سبق الهجوم على المتجر حملة تحريض ممنهجة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، نشطت خلالها حسابات الجيوش الإلكترونية المعروفة بدفاعها عن حزب الله، لافتاً إلى أن حملة التشفي التي أعقبت الاعتداء هي أيضاً مبرمجة وتهدف إلى ترهيب أي شخص يتجرأ على تنظيم أي نشاط يتضمن فعاليات تعتبر في ثقافة الشعب اللبناني انفتاحاً، فيما تسعى قوى الأمر الواقع لاعتبارها فسقاً ومجوناً وخروجاً عن الأعراف الاجتماعية.

وعلى الرغم من حملات التشفي، برزت انتقادات لاذعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واضعة هذه التصرفات في سياق التطرف الديني والقمع الثقافي.

 

ونوعاً من المقاربة التي تهدف ضمناً إلى اتهام حزب الله بالحادثة، أعاد عدد من النشطاء نشر صور تظهر شباناً عراة الصدور من أنصار حزب الله خلال غزوهم مخيمات الاعتصام التابعة لانتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الثاني). ولم يصدر حزب الله أي تعليق أو بيان عن الحادثة، في وقت اعتبرت مصادر قريبة منه أن الحزب لا يتدخل في القضايا الاجتماعية والشخصية للمواطنين.

 

وفي حديث صحافي أوضحت الموظفة في متجر التجميل روان أبي حيدر، أن "الاحتفال كان رائعاً وراقياً، ولم يشهد أي حادثة تُذكر. وقد تمت الاستعانة بشركة تنظيم احتفالات قدمت عروضاً متنوعة، من عروض نار وموسيقى، غير أن العرض الأخير لم يكن ضمن البرنامج، بحيث بادر أحد موظفي الشركة المذكورة إلى تقديم أداء راقص وهو عاري الصدر، شاركه فيه شاب آخر كان قد قدم عروض النار، وذلك رغبة منه بمنحنا هدية رمزية، وقد لقي عرضه تفاعلاً واسعاً بين الحضور".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولفتت إلى أنهم فوجئوا لاحقاً بخبر إطلاق النار، مشيرة إلى أن عامل التنظيف الذي كان يقوم بمهامه نجا من الرصاصات التي كادت تصيبه، "كما أن العناية الإلهية أنقذت الصالون من الانفجار وأنقذت بذلك سكان المبنى، إذ يوجد داخل المحل قارورة غاز ومواد قابلة للاشتعال".

ونشرت آية صبرا عبر صفحتها على موقع "إنستغرام" صوراً وفيديوهات لمحلها بعد تعرضه للتحطيم، وأرفقت المشاهد بعبارة "الحمد الله مكملين، كلنا بخير، الله يسامح يلي عم يحكي، بس يلي عملوا هالعمل مش مسامحتهن لا دنيا ولا آخرة، الله ما بيترك حق حدا وفرحتي مكملة بنجاحي".

 

 

دويلة المقاومة

وفي السياق اعتبر مصدر معارض في الضاحية الجنوبية (رفض الإفصاح عن اسمه)، "أن هيمنة حزب الله على المناطق الشيعية لا تتوقف عند الإطار السياسي والأمني، إنما تسعى لفرض نمط ديني وأيديولوجي متطرف على المجتمع"، مشيراً إلى "أن النظام التربوي في تلك المناطق يخضع بشكل كامل لمنظومة الحزب"، كاشفاً عن "أن المناهج التربوية حتى في المدارس الرسمية تخضع لأيديولوجية الحزب".

ورأى "أن الأعمال الترهيبية كتلك التي استهدفت أخيراً متجراً نسائياً، تهدف إلى وضع خطوط حمراء أمام أي شخص ربما فكر يوماً في تطوير عمله بشكل يخرج عن القيود التي يفرضها الحزب"، وبرأيه فإن "تلك الأعمال تضع أسلوباً حياتياً للمواطن من دون أن يضطر الحزب إلى الإعلان صراحة أن ما يجوز في لبنان بات من الماضي وهو لا يجوز في دويلة المقاومة".

فيروز والدبكة من الماضي

وأعادت تلك الحادثة الأذهان إلى حوادث كثيرة مشابهة لناحية التقييد الثقافي والفكري للمواطنين، منها منع عناصر طلابية تابعة لحزب الله بث أغاني فيروز داخل إحدى الكليات بالجامعة اللبنانية، ما أثار موجة من الاعتراضات بدأت من داخل الحرم الجامعي ولم تنته على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.

وقبلها سلسلة قرارات أصدرتها بعض البلديات في الجنوب والبقاع حظرت فيها سباحة النساء بما سمته حينها اللباس البحري الفاضح، مطالبة بتحديد أماكن سباحة النساء في أماكن مخصصة مفصولة تماماً عن أماكن سباحة الرجال، إضافة إلى قرارات تتعلق بمنع بعض المهرجانات الفنية.

ومنذ سنوات قررت بلدية جنوبية أيضاً، حظر الغناء ورقص الدبكة التراثية في الأعراس والمناسبات، ضمن إطار منع الاختلاط بين الجنسين الذي باشرت بتطبيقه البلديات المحسوبة على الحزب، وذلك كون الدبكة توجب شبك الأيادي وتوحيد الخطوات بين الشبان والشابات.

الحزب لا يشبه شعبه

وفي السياق رأى الناشط السياسي حارث شهاب، "أن حزب الله يحاول إدخال مفاهيم جديدة على العقيدة الشيعية لا تشبه معتقدات الأجداد"، موضحاً "أن هذا الحزب لا يشبه شيعة لبنان ولا طريقة عيشهم التي يتشاركون بها مع باقي المكونات"، لافتاً إلى "أن حزب الله لا يطبق القانون اللبناني الوضعي لحل النزاعات في مناطق سطوته، وللقيام بالتسويات والتحكيم بين المتنازعين وإجراء المصالحات فيما بينهم، بل يلجأ إلى تطبيق الشريعة الإسلامية حتى في خلافات الإيجارات أو تعويض الضحايا في حوادث السيارات".

ورأى "أن الحزب لا يقبل سباحة الفتيات في البحر والاختلاط بالرجال، ويتحفظ على الانخراط في عالم الأزياء والموضة والتبرج، ويحصر استعمالها من قبل الزوجات لأزواجهن فقط داخل بيوتهن، على الرغم من اشتراكه في تقييد لباس المرأة مع مذاهب إسلامية أخرى"، موضحاً "أن امرأة حزب الله أيضاً في الخارج الاجتماعي لا تشبه المرأة اللبنانية ولا تشبه أمهاتنا وجداتنا الشيعة منهن".

وأشار إلى "أن شعب لبنان يحب فيروز ويطرب لموسيقى الرحباني، التي ترافق صباحاته وركاوى قهوته، فيما يمنع حزب الله أغاني فيروز، ويحرم الغناء ما لم يكن أناشيد دينية أو مدائح للأئمة والمقاومة، وهو يتحفظ على سماع أغنيات القدس ويحرم زهرة المدائن، على الرغم من أنه جزء من فيلق إيراني، يتكنى بالقدس، وهو يُحَرِّم الموسيقى سواء كانت غربية أو شرقية".

مقرب من "حزب الله": لسنا "داعش"

في المقابل يرفض الإعلامي المقرب من حزب الله فادي أبو ديا، الاتهامات الموجهة إلى الحزب بأنه يسعى إلى تغيير العادات والتقاليد اللبنانية، معتبراً "أن بيئة الحزب وأفكاره محافظة ولكنها لا تلزم أحداً بقبولها ولا يفرضها الحزب على أحد بمن فيهم أبناء الطائفة الشيعية"، وأشار إلى "أن الحزب يؤمن بتوازي الأخلاقيات الزمنية والدينية، وبالتالي لديه قواعده الاجتماعية"، منتقداً كل من يقارب بين الانضباط الاجتماعي للحزب ونظام "داعش" الإرهابي الذي اعتبره ضد الإنسانية، مشدداً على أن الحزب لا يتدخل في سلوكيات المواطنين، وأن بعض القرارات الصادرة عن بلديات أو مناصرين ليست بالضرورة أن تكون صادرة بشكل تنظيمي عن الحزب إنما في إطار تقدير منها حصراً.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير