Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة الأساتذة المتعاقدين تتفاقم في المغرب وتتسبب بسقوط ضحايا

مطالبات بإلحاق هؤلاء المدرسين بسلك الوظيفة العمومية

تظاهرات لتنسيقيات الأساتذة المتعاقدين (اندبندنت عربية)

توفي والد أحد الأساتذة المتعاقدين متأثراً بجروح أصيب بها خلال فضّ سلطات الأمن اعتصاماً نظمته تنسيقيات الأساتذة المتعاقدين في 24 أبريل (نيسان) الماضي، وسبّب التدخل باستعمال خراطيم المياه إصابة الراحل بجروح خطيرة دخل إثرها في غيبوبة، وكان الأب يساند ابنته الأستاذة المتعاقدة في إحدى الوقفات الاحتجاجية بالرباط المطالبة بحقوق تلك الفئة.

التدخل العنيف

وندّدت "الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان" بما وصفته بـ"التدخل العنيف" الذي أدى إلى مصرع عبد الله حجيلي، وأضافت في بيان حصلت "اندبندنت عربية" على نسخة منه "أكدت تنسيقية الأساتذة المتعاقدين عبر شهود عيان أن خراطيم المياه التي استعملتها القوات العمومية لفضّ اعتصام المتعاقدين أسقطته أرضاً، ودخل إثرها في غيبوبة، إن المعايير الدولية لحقوق الإنسان تحصر استخدام القوة من قبل القوات العمومية في الحالات التي تكون فيها ضرورية بشكل خاص، وتنصّ مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية على أن مسؤولي إنفاذ القانون قد يلجؤون إلى القوة فقط إذا كانت الوسائل الأخرى غير فعالة، وفقط بالقدر اللازم لتحقيق المقصود".

نظام التعاقد

ومع حاجة المدارس المغربية إلى أعداد كبيرة من الأساتذة، اختارت الحكومة المغربية إطلاق نظام التعاقد أمام حاملي الشاهدات العليا، وتشرح وزارة التربية الوطنية المغربية ذلك الاختيار في بيان تقول فيه "إن تبنّي هذا النمط من التوظيف من طرف الحكومة جاء في إطار إرساء الجهوية المتقدمة من خلال استكمال اللامركزية واللاتمركز في قطاع التربية الوطنية وملاءمة وضعية الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بصفتها مؤسسة عمومية مع مستلزمات القانون المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى، وكذلك تقويتها باعتبارها مؤسسات عمومية تتمتع باستقلالها الإداري والمالي وتتحكم في مواردها البشرية، مع تحقيق الاستقلالية الكاملة لها في توفير الكفاءات اللازمة لممارسة فعالة وناجعة في مجال تدبير الشأن التربوي، وذلك على غرار بقية المؤسسات العمومية".

وتضيف الوزارة أنه "خلال جميع مراحل عملية التوظيف هذه، حصل اختبار جميع الأطر التي جرى توظيفها، سواء من طريق المذكرات المنظمة لهذه العملية، أو من طريق الإعلانات لفتح باب الترشيح لاجتياز المباريات، أو عند الإعلان عن النتائج النهائية بجميع البنود المتضمنة في العقود التي وقّعها المعنيون بالأمر، والتزموا احترام جميع مقتضياتها بكامل إرادتهم".

بوادر الأزمة

ويَعتبر عبد الرزاق الإدريسي الكاتب الوطني لـ "الجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديموقراطي" في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن لبّ الأشكال يكمن في ضرورة احترام مبدأ الاستقرار في العمل، ويُذكر بأن الوزارة قامت  في الموسم الدراسي 2000/1999 بإنجاز نظام أساسي لإحداث الأكاديميات الجهوية لمهن التربية والتكوين، ووُظف الفوج الأول من الأساتذة المتعاقدين عام 2016 وبلغ عددهم 70 ألفاً، وجرى التعاقد مع ذلك الفوج على مستوى جهوي لكن في إطار الوظيفة العمومية، وبالتالي لم يحتجّ أي منهم آنذاك نظراً لحصولهم على الامتيازات القانونية كافة المخولة لأستاذ التعليم.

ويضيف الإدريسي "إن الأزمة بدأت مع الأفواج الأربعة اللاحقة التي جرى تشغيلها في إطار مبدأ التعاقد، إذ يكرس هذا النظام هشاشة في الشغل، ويعطي للمشغِل الحقّ في إنهاء العقد متى شاء وبشكل قانوني في غياب ضمانات كالتعويضات، إن التدريس مهنة صعبة ويلزمها شروط الاستقرار".

رفض نظام التعاقد

وتُعبّر "التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فُرض عليهم التعاقد" عن رفضها نظام التعاقد وتطالب بإلحاق الأساتذة المتعاقدين بسلك الوظيفة العمومية بهدف أن يحظوا بالامتيازات نفسها التي بحوزة الأساتذة الآخرين، وتقول "يعيش قطاع التعليم وضعاً كارثياً خصوصاً بعد فرض نظام التعاقد المشؤوم الرامي إلى القضاء على المدرسة والوظيفة العموميتين، الأمر الذي عمّق الأزمة وزاد الاحتقان، ما جعل الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد ينتفضون ويخوضون إضراباً مدته 55 يوماً مرفقاً بمسيرات واعتصامات".

وتضيف التنسيقية "إيماناً منها بأهمية الحوار، أظهرت حسن نيتها بعدم تمديد الإضراب، وجرى التوافق مع الوزارة الوصية وبحضور خمس نقابات على مجموعة من الخلاصات في الجولة الأولى والثانية من الحوار (13 أبريل و10 مايو (أيار) 2019)، لكن بعد الرجوع إلى مقرات العمل، تفاجأ الجميع بعدم التزام الوزارة مخرجات الحوار، ومنها عدم التراجع عن التدابير الزجرية في حق الأساتذة المضربين، ووقف الأجور، واقتطاعات مهولة من أجور الأساتذة ومنحهم، وغيرها".

وتتابع أن "غياب أي بلاغ أو مذكرة وزارية رسمية يؤكد التزام الوزارة خلاصات الحوار، يطرح تساؤلات حول نية وزارة التعليم ومدى رغبتها في وضع حد للاحتقان الذي تزداد شدته يوماً بعد يوم، الأمر الذي زاد من فقدان الثقة بمؤسسات الدولة، ما نتج منه مقاطعة الجولة الثالثة للحوار التي كانت مقررة في 23 مايو، وتؤكد التنسيقية تمسكها بمطالبها وعلى رأسها إسقاط نظام التعاقد وبالتالي إدماج الأساتذة الذين فرض عليهم ذلك النظام في سلك الوظيفة العمومية".

العقد شريعة المتعاقدين

وترى أستاذة التعليم الابتدائي السيدة أم حمزة أن العقد شريعة المتعاقدين وبالتالي من غير المعقول رفض عقد ما بعد التوقيع عليه، وتقول "لا يجوز الإمضاء على عقد قُرئ محتواه وصدّق على بنوده ثم رفضه بعد ذلك، إنهم يتحملون الجانب الأكبر من المسؤولية في هذه الأزمة".

وقال ربيع الكرعي عضو "التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد" إن التنسيقية كانت تأمل في صدور مذكرة وزارية بحسب ما اتفق عليه في اجتماع مايو تلزم الإدارات التابعة للوزارة بتنفيذ مضامين الاتفاق، إلا أن الوزارة تمادت في تعنتها ولم تصدر أي مذكرة حتى الآن، وإن نوايا وزارة التربية الوطنية لم تعد واضحة في الوقت الذي يدعو الوزير إلى توطيد الثقة، ولكننا نرى أن هناك سوء نية ونريد إرادة سياسية حقيقية".

مستوى المتعاقدين

ويأخذ بعض المراقبين على الأساتذة المتعاقدين ضعف مستواهم التكويني إذ استغرقت مدة تكوين بعضهم ثلاثة أيام فقط، بينما يرد الإدريسي على هذا الاتهام قائلاً إن "ألفَي أستاذ من مجموع 11الفاً الذين ضمّهم الفوج الأول جاؤوا من قطاع التعليم الخاص وكان بعضهم يشغلون منصب مدير لبعض تلك المؤسسات، وفيهم دكاترة وذوو شهادات الماستر وأقل مستوى أكاديمي هو الإجازة".

ويضيف إن الإضراب الذي قام به الأساتذة المتعاقدون فنّد تلك الملاحظات، واستقبل التلاميذ أساتذتهم العائدين من الإضراب بالترحاب والدعم، أن هؤلاء الأساتذة لهم إمكانات وقدرات استطاعوا من خلالها ربط علاقات جيدة مع التلاميذ الذين تعاطفوا معهم، على الرغم من كونهم أضاعوا العديد من الحصص، لقد قامت وزارة التعليم خلال الإضراب بالتعاقد مع كل من هبّ ودبّ من أجل ملء الفراغ الذي خلّفه الأساتذة المضربون، إن الكرة في ملعب الحكومة التي يجب عليها التدخل وحلّ هذه الأزمة التي طال أمدها ومن شأنها الإضرار بقطاع التعليم بشكل عام".

المزيد من العالم العربي