Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السودان... إضراب شامل واتهامات متبادلة بين الانتقالي وقوى التغيير

تعثر في التوصل إلى صيغة توافقية بين المجلس العسكري والمعارضة

تظاهرات السودان متواصلة على الرغم من انسداد الأفق السياسي (أ.ف.ب)

مع انسداد الأفق السياسي في السودان، وتوقف المفاوضات بين قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي، اتجه كل طرف إلى تقوية مواقفه وجمع المؤيدين من حوله.

ومع إعلان المعارضة تنفيذ إضراب شامل يومي الثلثاء والأربعاء في 28 و29 مايو (أيار)، اتجه المجلس العسكري، في محاولة منه، إلى ترتيب صفوفه الداخلية، تمهيداً لخطوة متوقعة مستقبلاً، ولم يتوقف المجلس عن تلك اللقاءات بل اتبعها بزيارات خارجية لرئيسه الفريق أول عبد الفتاح البرهان، إلى دول خارجية مثل مصر، والإمارات العربية المتحدة، ودولة جنوب السودان وكينيا.

مخاطبة المجلس لجنود العاصمة

عقد عضو اللجنة الأمنية في المجلس العسكري الانتقالي في البلاد ياسر العطاء لقاءات مع ضباط وضباط صف وجنود منطقة بحري العسكرية، وخلال اللقاء قال العطاء، إن هناك جهات تسعى إلى خلق الفتنة بين مكونات المنظومة الأمنية داعياً إلى تفويت الفرصة على المتربصين بالوطن. وأكد ضرورة التسامي والنهوض بالبلاد ونبذ الخلافات والبعد عن سياسة الإقصاء حفاظاً على الديمقراطية وليس انحيازاً إلى حزب معين تجنباً لردود الأفعال في الفترة الانتقالية حتى تحديد موعد لانتخابات حرة ونزيهة، كما أكد أهمية بناء قوات مسلحة متميزة لتتمكن من القيام بواجباتها في حفظ الأمن والدفاع عن الوطن.

إلى ذلك، خاطب رئيس اللجنة السياسية والناطق الرسمي باسم المجلس العسكري الانتقالي الفريق الركن شمس الدين كباشي، أفراداً عسكريين في منطقة أم درمان غرب العاصمة الخرطوم، وقال، إن قوى إعلان الحرية والتغيير شريكة أصيلة في عمليات تفاوض شهدت مواقف متعددة، مؤكداً تماسك المجلس ووقفته من أجل أمن السودان وسلامته من دون الرغبة في الحكم، وأوضح كباشي أن الفترة التي تمر بها البلاد دقيقة يتخللها بعض التهديدات، لذلك، فإن المجلس العسكري هو الممثل للقوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى والضامن الرئيس لاستقرار البلاد.

أبعاد الخطابات العسكرية

ومع كثافة تحرك أعضاء المجلس العسكري داخل المؤسسات الرسمية المدنية والعسكرية منها، يمكن تصنيف تلك التحركات على أنها رد فعل على حالة التعثر في الوصول إلى صيغة توافقية بين المجلس العسكري والمعارضة السودانية، إذ يعمل المجلس على التمسك بتجاوز المعارضة التي تزعم سيطرتها على المحتجين والشارع، لضمان سيطرته على الأوضاع في البلاد مستقبلاً.

ويمكن من خلال تلك التحركات التكهن بأن المجلس وصل إلى شيء من القناعة بأنه لن يصل إلى اتفاق قريب مع المعارضة، وبتحركه لتماسك أفراده يسعى إلى الحفاظ على التوازن داخل المؤسسات العسكرية والمدنية، للحيلولة دون حدوث انهيار متوقع في المؤسسات العامة، وفق رؤية المراقبين المحليين.

تماسك العسكر

من جانب آخر، يمكن أن يتجه المجلس عقب تحركاته الداخلية والخارجية إلى إقامة انتخابات في فترة قصيرة لا تتعدى ستة أشهر، وهذا الخيار يبدو مرفوضاً من قوى المعارضة وربما يجد حظه من التأييد من الموالين للنظام السابق باعتبار أنه يمكنهم من أن يعودوا إلى السلطة من باب الانتخابات على عكس إرادة المتظاهرين والمعتصمين وقوى المعارضة.

ومن المرجح أيضاً أن يتجه المجلس عقب تحركاته إلى تشكيل حكومة مدنية تتوافق معه من بعض الأحزاب التي شاركت في النظام السابق حتى لحظة عزل البشير في 11 أبريل (نيسان) الماضي، أو من بعض الأحزاب التي قد تعلن انسلاخها عن تحالفات قوى إعلان الحرية والتغيير وإن كان هذا مستبعداً بحسب الخبراء.

وبالإضافة إلى ذلك، تبدو جولة المجلس العسكري إلى المناطق العسكرية ومخاطبة الضباط لخلق مزيد من التماسك بين هذه القوة والمجلس العسكري حتى لا يحدث تحرك من قبل الجيش ضد المجلس في ظل الأزمة السياسية المستمرة بين العسكري وقوى التغيير. كما أن تركيز المجلس العسكري على مخاطبة الجيش في هذا الوقت، باعتباره مواجهة للتصعيد الجماهيري الذي تقوده قوى التغيير، للتأكيد أن المجلس العسكري يمسك بزمام الأمور على المستوى العسكري.

مهاجمة المعارضة

وفي تحركات المجلس ولقاءاته المختلفة، عقد نائب رئيس المجلس العسكري الفريق محمد حمدان دقلو "حميدتي"، مساء الاثنين، لقاءً مع قوات الشرطة، واتهم خلاله قوى المعارضة بأنها لا تبحث عن شركاء لها، بل عن مشاركة رمزية في الحكومة الانتقالية.

وقال إنهم لن يغلقوا باب التفاوض، وسيسعون إلى إشراك الأطراف الأخرى في السلطة المدنية، مشدداً على أن المجلس لن يسلم السلطة إلا إلى حكومة مدنية تمثل كل الشعب السوداني، مضيفاً "لدينا القاعدة الجماهيرية الأكبر في السودان"، وحذر من وجود قوى لم يسمها تسعى إلى الوقيعة بين الجيش وقوى التغيير، وطالب أفراد الشرطة بالنزول إلى الشارع لحفظ الأمن، بمساعدة من قوات الأمن والدعم السريع التي يقودها "حميدتي"، وذكر أن أهدافهم تتمثل في فرض هيبة الدولة، وأن المعارضة تريد تغيير كل الأجهزة الأمنية، بما فيها قوات الدعم السريع.

تصريحات "حميدتي" جاءت مخالفة للهجة الوفاقية التي كان يتبناها المجلس خلال حديثه في الفترة الماضية.

وفق المحلل السياسي حسن قسم السيد فإن "تلك التصريحات تمثل بصورة واضحة توجهات المجلس العسكري المستقبلية، التي تؤسس لمرحلة حكم منفرد والترتيب لفترة انتقالية بمعزل عن الجميع"، وأشار إلى أن" تلك اللقاءات المتعددة لا يمكن وصفها باللقاءات الروتينية التي تدرج القيادة العسكرية على تنفيذها، إنما تأتي للحفاظ على القوة حتى يضمن العسكر ثبات أرضيتهم للقيام بخطوات مستقبلية، وتتلخص في مجملها بالترتيب لانتخابات عاجلة".

المعارضة توضح

وفي مؤتمر صحافي عقدته قوى إعلان الحرية والتغيير، مساء الاثنين، قالت، إن المجلس العسكري أصبح قيادة سياسية وليس مجلساً انتقالياً، وأوضح القيادي في المعارضة وجدي صالح أن العسكريين متمسكون بالسلطة وإن ملف المفاوضات معهم لم يحدث فيه اختراق جديد، وأكد صالح تنفيذه إضراباً عاماً يومي الثلثاء والأربعاء في جميع المؤسسات الخاصة والعامة.

وعن خطوات التصعيد المتوقعة تجاه المجلس العسكري قال "إنهم ماضون نحو تنفيذ إضراب شامل، وإذا لم يحقق استجابة، سنتجه إلى الإضراب السياسي المفتوح والعصيان المدني الشامل الذي لن يتوقف حتى تسليم السلطة كاملة إلى المدنيين من دون التنازل عن أي مطلب". وفي المؤتمر الصحافي نفسه، قال القيادي في تجمع المهنيين محمد ناجي الأصم، إن "كل العاملين في القطاع العام والخاص سيشاركون في الإضراب" وأكد مشاركة "محامين، وقضاة، ومصرفيين، وأطباء، وصيادلة، وقطاعَي النقل والاتصالات".

التعامل مع الحالات الحرجة

وأوضح أن الأطباء المضربين سيعملون فقط على استقبال الحالات الحرجة ومعالجتها، بينما سيحجمون عن استقبال الحالات غير الحرجة، كما سيعمل الإعلاميون على تغطية الإضراب فقط، بينما يتوقف قطاع النقل بين الولايات وسيعمل فقط داخل العاصمة الخرطوم". أضاف "سيضرب العاملون في البنوك الرسمية والخاصة، والعاملون في سوق الخرطوم للأوراق المالية، والمعلمون الذين يعملون الآن على تصحيح امتحانات الشهادة السودانية العامة للمرحلة الثانوية"، كما سيتوقف العاملون في قطاع الاتصالات عن أداء العمليات الفنية الأخرى، ويلتزمون فقط بالقدر الذي يتيح استقرار شبكات الاتصال.

المزيد من العالم العربي