Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

متطوعون يسيرون دوريات في أديس أبابا مع تفاقم النزاع

استجاب آلاف المتطوعين في أديس أبابا لنداء لحمل السلاح، بيد أن التيغراي يقولون إنهم يتعرضون للاستهداف ويجري احتجازهم من دون وجه حق، كما يقول فريد هارتر في التقرير التالي

متطوعون ينظمون دورية ليلية في أديس أبابا (غيتي)

بعد حلول الظلام بقليل، اجتمعت مجموعة مؤلفة من 8 أشخاص في أحد شوارع العاصمة الإثيوبية أديس ابابا. كانوا جميعهم يرتدون سترات "مضيئة" برتقالية اللون، وبعضهم يحمل عصي طويلة. ويقود المجموعة هابتامو ريتا، وهو سائق تاكسي، يقضي معظم الليالي حالياً في القيام بدوريات في حيه.

يشرح هابتامو،  فيما يبدأ الاستعدادات هو وزملائه من المتطوعين لقضاء الليل في الحراسة، قائلاً "نحن هنا لتفادي الهجمات والاضطرابات في مجتمعنا من قبل العملاء السريين".

ويضيف "هذا ليس وقتاً عادياً".

ومع اقتراب المتمردين من "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" [ من العاصمة] وتهديدهم بإسقاط الحكومة في سياق حرب أهلية متفاقمة، ساد أديس أبابا شعور بأنها تحت الحصار، وهي المدينة التي كانت ذات يوم مركزاً إقليمياً حيوياً ومقراً للاتحاد الإفريقي.

وإذ قُتل عشرات الآلاف من الضحايا فقد أجبر ملايين الناس على النزوح في إطار الصراع المتواصل منذ عام بين القوات الإثيوبية والقوات المتحالفة معها وبين المقاتلين من منطقة تيغراي الواقعة في شمال البلاد.

وقد فرضت إثيوبيا حالة الطوارئ على المستوى الوطني هذا الشهر، وتم تعليق الحريات [الحقوق] المدنية، كما مُنحت الشرطة صلاحيات تخولها اعتقال أي شخص مشتبه فيه بدعم نشاطات "إرهابية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحثّ المسؤولون، بمن فيهم آبي أحمد رئيس الوزراء نفسه، المواطنين على حمل السلاح والدفاع عن أحيائهم مع انتشار شائعات عن موجة من الجواسيس التيغراي والمخربين الذين ينشطون  في أديس أبابا. وأشار آبي، الذي سافر إلى منطقة عفر الشمالية الشرقية لقيادة القوات على الخطوط الأمامية، في منشور له على الفيسبوك أن الناس يجب أن "ينتظموا ويتوسلوا بكل الطرق المشروعة متسلحين بالسلاح والقوة... لإعاقة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي الإرهابية ودفعها إلى الوراء ودحرها".

وفي العاصمة، استجاب عشرات الآلاف من الأشخاص للنداء.

أصبحت دوريات الحراس ممن يحملون العصي وأحياناً القضبان المعدنية المجوفة، مشهداً مألوفاً في الشوارع بعد حلول الظلام، حيث يقومون بتوقيف الناس ويطلبون منهم إبراز بطاقات هوياتهم.

وقالت الشرطة إن حوالي 150 ألف متطوع ومتطوعة تلقوا تدريبات على مكافحة الجرائم، وتولي مهمات الشرطة المحلية [السهر على أمن منطقة بالتعاون مع سكانها]، والانضباط، واللياقة البدنية.

وذكر هاباماتو وأعضاء آخرون من مجموعته التي تقوم بالدرويات انهم قد خضعوا لـ"تدريبات" عسكرية بدنية نظمها المجلس البلدي المحلي، كما تلقوا توجيهات حول سبل التعرف على المشتبه فيهم واستجوابهم.

وأي شخص يُعتبر مصدر تهديد يجري تسلميه للشرطة لاعتقاله.

وكانت المجموعة في إحدى ليالي الأسبوع الماضي تستجوب مشرداً كان ينام في العراء. وقالت إنها قد ضبطت أخيراً شخصاً وهو يحاول قطع أسلاك الهاتف بواسطة بنسة [أداة حادة كالكماشة]، كما اعتقلت شخصاً عُثر في سيارته على مخدرات.

سامي هايلي، وهو أحد أفراد مجموعة الدرويات، الذي يكسب قوته مما يحصل عليه من بقشيش بوصفه حارس مرآب سيارات، أشار إلى أن "لدينا الكثير من الأشخاص الذين يحملون بطاقة هوية تثير الشك وهم يشبهون الجواسيس".

ومع ذلك، يقول سكان أديس أبابا من التيغراي إنهم يعيشون في خوف دائم من هؤلاء الحراس، ويتهمونهم باستهدافهم بسبب هويتهم [التيغرانية].

وقالت "لجنة حقوق الإنسان الأثيوبية" التي شكلتها الدولة إن آلاف الأشخاص، ومعظمهم من التيغراي، قد احتُجزوا في الأسابيع الأخيرة. وأضافت أن عمليات الاحتجاز تلك كانت على ما يبدو "تتم على أساس الانتماء العرقي" وأثارت المخاوف بشأن معاملة المشتبه فيهم.

 

ورأت "لجنة حقوق الإنسان الإثيوبية" أخيراً أن "جهوداً كافية لاتبذل للتحقيق بما إذا كانت المعلومات السرية التي يدلي بها المخبرون أنفسهم لايتم جمعها على أساس عرقي، ولا للتقصي والتحقق من أن هناك بالفعل أسباباً معقولة لإبقاء الأشخاص الذين تم القبض عليهم بناءً على هذه المعلومات قيد الاعتقال".

وأبلغ العديد من أبناء قومية التيغراي صحيفة "اندبندنت" أن أصدقاءهم وأفراد عائلاتهم قد احتُجزوا في إطار مداهمات الشرطة لمكاتب وبيوت وحانات. وإذ تم الإفراج عن بعضهم، فإن معظمهم مازالوا معتقلين من دون تهمة في مراكز الشرطة أو في أماكن أخرى مجهولة، على حد قولهم.

هكذا، قال تيغراني يعيش في أديس أبابا طلب عدم الكشف عن هويته "إنهم يفتشون كل منزل ويقبضون على الناس".

وأضاف أن ابن عمه [قريبه] قد قُبض عليه بعدما سمعه أحدهم وهو يتحدث بلغته التغرانية، واحتُجز في مبنى يضم عشرات آخرين. وزاد أن صديقاً للمعتقل حاول زيارته، فتم القبض عليه أيضاً.

يشكل التيغراي حوالي 6 في المئة من سكان إثيوبيا البالغ عددهم 110 مليون نسمة، وقد شغلوا مناصب رئيسة في ظل النظام السابق الذي قادته الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، إذ هيمنت على السياسة في البلاد لمدة 27 عاماً حتى أُجبرت بفعل الاحتجاجات على التنحي ومن ثم حلت محلها الحكومة الحالية بقيادة آبي في عام 2018.

وإن العديد من الإثيوبيين لايطيقون الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي نهائياً وذلك لاستيائهم من حكمها القمعي.

ولفت تيغراني آخر  إلى أن ابنة أخته صحافية اُعتقلت بعد إعلان حالة الطوارئ في 2 نوفمبر (تشرين الثاني)، ولاتزال عائلتها تجهل مكانها كما لم تتمكن من الاتصال بها.

وأردف الرجل مشترطاً عدم الكشف عن هويته أن "لا نعرف على الإطلاق المكان الذي أُخذت إليه وماذا حدث لها".

وكان جيتاشو رضا، وهو المتحدث باسم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، قد صرح في وقت سابق من هذا الشهر، أن حالة الطوارئ تُستخدم كغطاء لاستهداف التيغرانيين واحتجازهم.

إلا أن الشرطة تصرّ على أنها لا تعتقل سوى الأشخاص الذين يساعدون "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" وحليفتها جبهة تحرير أورومو، وهي جماعة متمردة من منطقة أوروميا المحيطة بأديس أبابا. وتعتبر كل منهما جماعة إرهابية محظورة.

ووصفت وزارة الخارجية تقارير الاعتقالات العرقية بأنها "معلومات مضللة".

واحتُجز حوالي 70 من سائقي شاحنات الإغاثة، وما لايقل عن 16 من الموظفين المحليين الآخرين العاملين لدى الأمم المتحدة هذا الشهر، على الرغم من أن معظمهم قد أُطلق سراحه بعد ذلك.

كما ألقي القبض على السائقين في سيميرا، وهي نقطة انطلاق قوافل المساعدات المخصصة لإقليم تيغراي، الذي تقدر الأمم المتحدة أن 400 ألف شخص فيه يعانون المجاعة.

ومع اقتراب القتال [من العاصمة]، فقد قلصت العديد من السفارات الغربية وجودها في أديس أبابا، وسحبت الموظفين غير الأساسيين وحثت السكان [من مواطنيها] على المغادرة بينما لا يزال بإمكانهم ذلك. والتحق أقارب موظفي الأمم المتحدة الدوليين بقوافل الهجرة الجماعية الأسبوع الماضي بعد ما صدرت الأوامر لهم بالعودة إلى ديارهم.

على الرغم من التحذير الدبلوماسي وتمدّد الصراع، فإن الحياة اليومية تتواصل كالمعتاد في العاصمة. ولاتزال الحانات والمتاجر مفتوحة الأبواب، كما أن حركة المرور في ساعة الذروة تسد الطرق الرئيسة.

يتغير المزاج في الليل فقط، حين يهجر المارة الشوارع ويبدأ الحراس بتسيير دورياتهم.

في إحدى نوبات الحراسة الأخيرة هذه، أصر حابتامو على أن جميع الأثيوبيين يجب أن يقفوا خلف الحكومة وأن يظلوا يقظين في مواجهة الأعداء الداخليين.

وقوبلت هذه الرسالة بتمتمات من بقية أعضاء مجموعته، بمن فيهم هايلي، تعبيراً عن موافقتهم.

وقال هايلي "نحن نحمي الناس في هذه الأوقات غير الاعتيادية [الظروف العصيبة]".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات