بدأت الحكومة المصرية التفكير بشكل جدي في الاعتماد على التكنولوجيا لحل الأزمة المزمنة المتعلقة بزيادة وتكدس الطلاب في المدارس الحكومية، وكانت وسائل إعلان محلية قد تداولت صوراً في بداية العام الدراسي الحالي لطلاب وهم يجلسون على الأرض، ما دفع وزير التربية والتعليم المصري طارق شوقي إلى بدء دراسة مشكلة نقص عدد الفصول الدراسية.
وفي تصريحات حديثة، قال وزير التعليم المصري، إن "النقص في الفصول الدراسية يتجاوز حالياً 300 ألف فصل دراسي في كل أنحاء البلاد".
الحكومة تلجأ إلى التكنولوجيا لحل الأزمة
وسعياً لحل المشكلة بدأت أنظار وزارة التربية والتعليم تتجه إلى التكنولوجيا، إذ أطلقت الوزارة مشروعاً في عام 2019 ستنشئ بموجبه فصولاً دراسية ذكية سهلة البناء والتفكيك. ومن المعتقد أن تلك الفصول الدراسية سيكون من الأسهل بناؤها فضلاً عن تجهيزها بأحدث تقنيات اللوحات الذكية. اليوم، نتعمق أكثر في البرنامج، ونستكشف تطوراته الآن، ولماذا نحتاج إليه وكيف يمكن أن يساعد في حل مشكلة نقص الفصول الدراسية؟
والفصول الدراسية الذكية عبارة عن هياكل شبيهة بالمقطورات المتنقلة يتم إيقافها إما على أرض المدرسة وإما على قطعة أرض بالقرب منها. إنها تشبه الغرف التي يقيم فيها العمال عندما يكونون في موقع لا تتوفر فيه بنية تحتية كالصحراء مثلاً. وجرى تجهيز الفصول الدراسية الذكية بالكهرباء ومكيفات الهواء والمكاتب والمقاعد بهدف زيادة مساحة ومقاعد الطلاب في كل مدرسة.
حتى الآن، جرى إنشاء 156 فصلاً دراسياً ذكياً كجزء من المرحلة التجريبية للمبادرة مع إنشاء أول فصول دراسية ذكية في مدرسة السيدة خديجة الرسمية للغات بالقرب من المعادي، حسبما ذكرت مصادر بالوزارة وفق نشرة "إنتربرايز".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتقدم شركة نت دراجون ويب سوفت الصينية القابضة لمصر هذه الفصول الدراسية الذكية، التي يسمونها الفصول الذكية، كجزء من شراكة استراتيجية بين مصر والصين. فيما تخطط وزارة التربية والتعليم لإنشاء 3125 فصلاً دراسياً نموذجياً خلال العام الدراسي الحالي لاستيعاب 141 ألف طالب وطالبة، بحسب ما قالته مصادر بالوزارة.
بديل منخفض التكلفة
وتعتبر الفصول الدراسية الذكية بديلاً منخفض التكلفة للفصول الدراسية التقليدية، لكن لم نتمكن من الحصول على سعر محدد لكل وحدة بالضبط. يسمح البناء المعياري بشكل عام بالمساحات التي تكون سهلة وسريعة النقل والتركيب والتكيف.
وربما تكون هذه الفصول ضرورية بالنظر إلى حجم الإنفاق على التعليم ونقص الفصول الدراسية حالياً. وقال وزير التعليم المصري إن متوسط تكلفة بناء الفصل الدراسي الواحد يبلغ 500 ألف جنيه (32 ألف دولار)، مما يعني أن مصر بحاجة إلى ميزانية تتجاوز 150 مليار جنيه (9.6 مليار دولار) لمجابهة الكثافة الحالية للطلاب.
وأوضح وفق بيان أن إجمالي موازنة قطاع التعليم للعام المالي (2021-2022) يصل إلى 110 مليارات جنيه (7.033 مليار دولار)، منها 12 مليار جنيه (0.767 مليار دولار) مخصصة لاستثمارات البنية التحتية. ويقدر متوسط عدد الطلاب في كل فصل بنحو 49 طالباً.
ومن المتوقع أن تلجأ وزارة التربية والتعليم إلى استخدام تكنولوجيا التعليم بالمشروع. ففي مايو (أيار) الماضي، وقعت وزارة التعليم بروتوكول تعاون مع الهيئة العربية للتصنيع وشركة بروميثيان التابعة لشركة "نت دراجون" العالمية لتزويد الفصول الدراسية الذكية بشاشات تفاعلية. كما تعاونت الوزارة في ذلك الوقت مع شركة التكنولوجيا المحلية الناشئة "إس آي فيجن" لتطوير أجهزة تتكامل مع الشاشات.
ومن المرجح إتاحة تقنيات جديدة بالمدارس الريفية. وبالنسبة إلى العديد من المدارس في جميع أنحاء البلاد، حيث يكون الوصول إلى التكنولوجيا محدوداً، يمكن لتلك الفصول الدراسية المتنقلة المزودة بشاشات ذكية أن تسمح للطلاب بتجربة تقنيات تعليمية جديدة. وهذا هو الحال بشكل خاص في القرى الصغيرة والمناطق الريفية، حيث تكون المدارس في بعض الأحيان متقادمة لدرجة أنه لا يوجد بها كهرباء في الفصول.
لكن المشكلة الرئيسة تكمن في أنه لا يوجد عدد كافٍ من المعلمين للتدريس في الفصول الجديدة. وإذا لم يكن النقص في الفصول الدراسية كافياً، فإن مصر تعاني أيضاً نقص المعلمين في المدارس الحكومية بالبلاد، الأمر الذي أدى إلى تأخير بدء تطبيق الفصول الدراسية. ومع وجود 21 مليون طالب في المدارس الحكومية و900 ألف معلم حالياً، فإن نسبة المعلمين إلى الطلاب هي مدرس واحد لكل 23 طالباً. وتشير التقديرات إلى أن مصر بحاجة إلى 250 ألف معلم إضافي لتلبية متطلبات الطلاب وجعل الفصول أكثر فاعلية، وفق ما قاله وزير التربية والتعليم.
وستحتاج الوزارة إلى عشرة مليارات جنيه (0.639 مليار دولار) لتوظيف العدد المطلوب من المعلمين، مع زيادة مليار جنيه كل عام توجه إلى الزيادات السنوية الإلزامية. وبدلاً من ذلك، دعت الوزارة المواطنين إلى التطوع للعمل كمساعدين للمدرسين لسد الفجوة، مقابل 20 جنيهاً (1.27 دولار) للحصة الدراسية الواحدة.
في الوقت نفسه، فإن المعلمين بحاجة إلى التدريب على استخدام التكنولوجيا الجديدة أيضاً. في حين أن الشاشات الذكية من بروميثيان هي أداة تعليمية مفيدة، فإن معلمي المدارس الحكومية ليسوا دائماً مجهزين بالمعرفة الكافية لاستخدامها في التدريس. وتقوم الحكومة حالياً بهذا الأمر، لكن هناك حلاً آخر، إذ يمكن للقطاع الخاص أن يتدخل فيه ويوفر دورات تدريبية منخفضة التكلفة ويمكن الوصول إليها من قبل هؤلاء المعلمين.
ولم يتضح بعد مدى فاعلية إدخال الفصول الدراسية الذكية، ولكن مع وجود ملايين الطلاب حالياً في المدارس الحكومية من مرحلة رياض الأطفال وحتى نهاية التعليم الثانوي وتفاقم النقص في الفصول الدراسية، من المهم إيجاد حلول طويلة الأجل تضمن وصول الطلاب إلى التعليم.