Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

يجب تركيز البنك الدولي على المناخ... وإلا فكبح الانبعاثات أضغاث أحلام

حان وقت تغيير هدف البنك الدولي لكي يعالج أهم تحديات عصرنا

"لا يمكننا كبح انبعاثات الكربون من دون الدول النامية، ولا يمكن للدول النامية كبح انبعاثاتها من دون التمويل والدعم" (رويترز)

من السهل التعهد بتقليص انبعاثات الكربون، ولكن سيكون بلوغ مرحلة كبح الانبعاثات فعلياً صعباً للغاية في كل البلدان. عانت الدول الثرية والنامية على حد سواء من أجل تشكيل التوافق السياسي والاجتماعي المطلوب لتقبل التغييرات الكبيرة في طريقة عيشنا، أو دفع نفقات المستقبل قليل الكربون عبر زيادة الضرائب.

لكن، الدول النامية تواجه عقبة أكبر في تخصيص التمويل الكافي لدفع تكلفة التحول الأخضر. ولديها حاجات هائلة في موضوع تمويل مكافحة تغير المناخ. وبحسب تقديرات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، تبلغ فجوة التمويل السنوية في الدول النامية 2.5 تريليون دولار أميركي.

ويتوهم من يعتقد أن الدول ذات الدخل المنخفض إلى المتوسط قادرة على جمع هذا المبلغ من خلال الضرائب المحلية، أو أن أكثر من حفنة من بينها قادرة على الحصول على هذا المبلغ بشروط مواتية لها من الأسواق المالية العالمية. هذا لن يحدث ببساطة.

إنما لا يمكننا حل أزمة المناخ من دون مساهمة الدول النامية. صحيح أن الدول ذات الدخل المرتفع والصين مسؤولة عن الجزء الأكبر من الانبعاثات اليوم، ولكن انبعاثات الدول النامية، التي تزيد كثافتها السكانية ودخلها، ستزداد هي كذلك بسرعة خلال هذا القرن.

تقدر الوكالة الدولية للطاقة أن استهلاك الدول النامية للطاقة سيتضاعف ثلاث مرات بحلول عام 2050، فيما سيشكل الفحم الحجري مصدراً أساسياً للوقود. وهذا الرقم لا يأخذ بعين الاعتبار 770 مليون شخص إضافي يتركز معظمهم في أفريقيا، لم يتم وصول الشبكة الكهربائية إليهم بعد. وستساهم قدرة الدول النامية على تحمل تكلفة مشاريع الطاقة والبنية التحتية الخضراء بشكل كبير في تحديد نجاح العالم في بلوغ أهدافنا المتعلقة بالانبعاثات.

وسيتعين على الدول ذات الدخل المرتفع أن تساعد الدول النامية في تمويل الانتقال إلى اقتصاد أخضر، وعليها أن تفي بدايةً بتعهدها توفير 100 مليار دولار سنوياً لتمويل العمل في مجال المناخ، ولكن الاستثمار في المشاريع الخضراء في الدول النامية يتطلب مبالغ أكبر بكثير.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولكن، لحسن الحظ، النظام المطلوب من أجل تأمين المال الرسمي لتمويل مشاريع البنية التحتية وغيرها من المشاريع الاقتصادية بطرق فعالة من حيث التكلفة موجود بالفعل، عن طريق البنك الدولي وغيره من مصارف التنمية.

ويعد البنك الدولي، الذي تأسس في أعقاب الحرب العالمية الثانية بهدف المساعدة على إعادة إعمار أوروبا، ثم دعم الدول النامية التي استقلت حديثاً في سعيها لتحقيق الازدهار، أكبر هذه المصارف وأكثرها شهرة، ولكن عدد مصارف التنمية العامة التي تعمل على النطاق المحلي والإقليمي والعالمي يتخطى الـ500، وهي مسؤولة عن 10 في المئة من إجمالي الاستثمارات العالمية.

تأخذ معظم هذه المصارف التمويل من مساهميها، وهم غالباً دول كبيرة وثرية، وتستخدمه لتوفير قروض متدنية التكلفة وطويلة الأمد تدعم البنية التحتية والخدمات الاجتماعية في الدول النامية. من خلال هذا النموذج، كل دولار يدعم على الأقل خمسة أضعاف قيمته عبر القروض (ويمكن أن يكون المبلغ أكبر بعد لو تمكن المساهمون من إقناع هذه المصارف بإصلاح سياسات الإقراض المغالية في المحافظة). ويمكن تصميم تلك القروض بحيث تستقطب تمويلاً ضخماً من مديري الأصول الخاصة الذين يزيد اهتمامهم في البحث عن فرص استثمارات خضراء.

زاد البنك الدولي وغيره من المصارف الإنمائية من حجم القروض التي يخصصها للمشاريع المتعلقة بالمناخ، ووعد بتوسيع هذا الجهد أكثر بعد، ولكننا تخطينا مرحلة التغييرات التصاعدية وأهداف الإقراض. ويجب تحويل هدف البنك الدولي كلياً بحيث يصب كل تركيزه ويخصص عمله الرئيس على المناخ وغيره من المخاطر العالمية مثل الجائحات، ولا سيما في الدول النامية.

وعوضاً عن دعم العمل على مكافحة الأزمة المناخية إلى جانب مجموعة من النشاطات الأخرى، وفقط في البلدان العميلة التي تطلب ذلك، يجب أن تشكل الأزمة المناخية جزءاً أساسياً من كل قرض أو عرض لتقديم المساعدة التقنية في البنك الدولي.

وبالإضافة إلى البنك الدولي نفسه، تستطيع عشرات المصارف الإنمائية الإقليمية والمحلية التي حشدت سابقاً تريليون دولار لتمويل العمل على المناخ للفترة 2015-2020، أن تبذل جهداً أكبر بكثير لو جعل مساهموها هذه الغاية هدفهم الأساسي. ولو تعاونت كل هذه المصارف لإنشاء مشاريع بدل التنافس على عدد ضئيل من المشاريع، يمكنها مجتمعةً أن تجعل هدف التغيير الأخضر في البلدان النامية هدفاً واقعياً.

لكن تغيير هدف البنك الدولي، أو أي من المصارف الإنمائية، لا يمكنه أن يحدث من الداخل. فعلى الدول المساهمة في هذه المصارف أن تحقق هذا التغيير، وعلى الولايات المتحدة أن تقود هذه الجهود، ولا سيما داخل البنك الدولي، حيث تمتلك النفوذ الأكبر تاريخياً، ولكن لا يمكن للولايات المتحدة القيام بهذا الأمر من دون بناء توافق مع مساهمين كبار آخرين ولا سيما الصين، مهما بدا ذلك صعباً الآن.

يعد منع وقوع كارثة مناخية من المجالات القليلة التي يتشارك فيها البلدان هدفاً واحداً، وعليهما أن يتمكنا من التعاون. وأخيراً، على الدول الثرية أن توفر تمويلاً جديداً يتناسب، وهذا التفويض الجديد، لكي تتمكن المصارف الإنمائية من توسيع نطاق الإقراض في حقل المناخ.

إن الفرصة المتاحة أمامنا لتفادي كارثة مناخية تتضاءل بسرعة. لا يمكننا كبح انبعاثات الكربون من دون الدول النامية، ولا يمكن للدول النامية كبح انبعاثاتها من دون التمويل والدعم. ويشك البنك الدولي وغيره من المصارف الإنمائية أداة مجربة وفعالة لتوفير التمويل المطلوب. حان الوقت لتغيير هدفها من أجل مكافحة أهم التحديات العالمية في عصرنا.

مسعود أحمد رئيس مركز التنمية العالمية

© The Independent

المزيد من آراء