الترقيص هو نفسه، والتمرير هو ذاته، والمراوغة ربما أفضل، والتقنيات متطابقة، والتسديد يحظى بالفرحة نفسها من قبل مشجعي هذا الفريق والغمة ذاتها من قبل الفريق المضاد، حتى الأخطاء الشائعة من فرصة ضائعة وتمريرة غير صائبة وتسلل يختلف حوله الحكام والمعلقون تكاد لا تختلف قيد أنملة. صحيح أن هامش العنف أضيق وأصوات الصياح ألطف وحتى هبات الغضب وموجاته أهدأ، لكنها تظل كرة قدم تصادف أن يلعبها لاعبات لا لاعبون.
ربما الفرق الوحيد هذه الآونة بين فرق كرة القدم الشباب من جهة والشابات من جهة أخرى هي أن الأخيرة تحتكر التنمر والتحرشات اللفظية والأحكام الدينية، وجميعها نابع من كون اللاعبات إناثاً في مجتمع مالت دفته في الخمسين عاماً الأخيرة تجاه "المحافظة" التي لا تخلو من تشدد وتطرف.
حديث الشارع المصري
تطرق حديث الشارع المصري إلى فرق كرة القدم النسائية التي باتت منتشرة في أغلب النوادي الرياضية المصرية تغلفه توليفة من السخرية والتحرشات اللفظية والتنمر الاجتماعي، ولا يخلو أبداً من دق على وتر ديني يدعي الحرمانية ويطالب بالمنع "قبل أن يفلت العيار" و"تدور البنات على حل شعرهن".
وفي تلك الأثناء، وفي ملعب غير بعيد عن حديث شارعي ساخن عن "مسخرة" السماح للبنات بلعب كرة القدم تدور رحى تدريبات يومية شاقة. هنا، لا أثر لـ"مسخرة" ولا مجال للحديث عن شعور محلولة أو حتى مشاعر محمومة. فقط تدريبات جادة واستعدادات دائمة لمباراة محلية هنا أو مشاركة دولية هناك.
أعداد متنامية
ربما لا تكون أعدادهن كبيرة، لكنها متنامية. وربما تبقى هناك قاعدة شعبية مستنكرة أو متفاجئة من الفكرة، لكنها آخذة في التبدل والتغير. المدرب صاحب السجل الحافل في تدريب فرق ومنتخبات كرة القدم في مصر ودول عدة، والمدير الفني الحالي لمنتخب مصر لكرة القدم النسائية تحت 20 عاماً عبد الفتاح عباس يقول، "إن تقبل المجتمع المصري فكرة لعب البنت كرة القدم يتغير وإن كان ببطء، التغيير الذي لا يعني توقيفه بقدر ما يعني قوة المقاومة. وعلى الرغم من أن البنات يلعبن كرة طائرة ويد وسلة منذ سنوات طويلة من دون أدنى اعتراضات شعبية أو مقاومات ثقافية، فإن كرة القدم تواجه مقاومة متفردة".
والغريب أن المقاومة ليست حكراً على فئة من دون أخرى، لكن التعبير عنها يختلف من فئة لأخرى. يقول تامر كروان (38 سنة) (رجل أعمال)، لديه ابنتان في العاشرة والـ12 من العمر، "لا أعارض أبداً ممارسة البنات الرياضة بل أشجعها وأدعمها، لكن ممارسة كرة القدم أمر يصعب عليَّ تقبله. ولو أظهرت ابنتاي رغبة في ممارستها لن أمنعهما، لكني سأبذل كل جهدي لإقناعهما بالعدول عنها. إنها رياضة خشنة وقاسية". يسكت قليلاً ثم يضيف، "كما أنها مرتبطة في ذهني بلعب الأولاد الذكور في المناطق الشعبية في الشارع".
البداية في الشارع
الغريب أن نقطة البداية في فرق كرة القدم النسائية في مصر كانت لعب الشارع. يقول كابتن عباس، "إنه عكس المعتقد السائد بأن فرق كرة القدم النسائية قامت على بنات الطبقات الاقتصادية والاجتماعية القابعة أعلى الهرم الاجتماعي، فإن البداية كانت من البنات اللاتي يلعبن كرة القدم في الشارع. بدأنا نجمع البنات اللاتي يلعبن في الشارع كنوع من التسلية واللهو، ثم التحقن بأندية صغيرة، وتم تكوين فرق، ثم امتدت الظاهرة إلى الأندية الأكبر مثل الطيران ووادي دجلة. وحالياً أصبح لدى مصر فرق في أغلب الأندية ومنتخبات للأعمار المختلفة ومشاركات إقليمية ودولية".
مسيرة كابتن عبد الفتاح عباس مع كرة القدم النسائية تلخص مسيرة اللعبة ذاتها في مصر، إذ وقع عليه الاختيار لتدريب منتخب الآنسات في عام 2008.
عباس القادم من عالم كرة القدم الذكورية يتحدث عن تدريب البنات والآنسات باعتباره أمراً عادياً لا يثير التعجب أو الاستفهام، على الرغم من علمه بأن التعجب والاستفهام وربما الرفض ما زالت تهيمن على قطاعات عدة في المجتمع المصري؛ أو بالأحرى القطاعات الرافضة في المجتمع، لا تعرف أن ممارسة كرة القدم لا تختلف عن ممارسة أي رياضة أخرى للفتيات.
التشدد وكرة النساء
لكن المسكوت عنه هو أن موجات التشدد التي ألمت بمصر خلال العقود الخمسة الماضية تبدو آثارها واضحة في فتاوى متعددة المصادر عن "حرمانية" ممارسة الفتيات الرياضة حيناً وتقييدها بممارستها في مجتمع نسائي مغلق حيناً آخر. وعلى الرغم من عدم ترديد هذه الفتاوى جهراً أو تداولها بطريقة رسمية على مدى السنوات السبع الماضية فإنها مترسخة في فكر كثيرين. بالإضافة إلى الفكر المتأثر بعقود التشدد، فإن جانباً من الثقافة المصرية المحافظة التي لا تساوي بين الرجل والمرأة ما زال موجوداً.
وجود فرق ومنتخبات البنات في العديد من النوادي الرياضية وأكاديميات كرة القدم الكثيرة التي تم تأسيسها في السنوات القليلة الماضية يعني أن الأمور تتغير والنظرة إلى ممارسة البنات كرة القدم تتبدل، في الأقل تدريجياً.
تدرج القبول
وفي مقابل التدرج المجتمعي المتردد في القبول، هناك طفرة في التطور تعود إلى قطبي كرة القدم في مصر؛ الزمالك والأهلي. يقول عباس إن "دخول الناديين الأكبر والأشهر والأكثر شعبية في كرة القدم على خط كرة القدم النسائية أحدث تغييراً كبيراً بها، من حيث إقبال الفتيات على الانضمام وكذلك بدء تقبل المجتمع الفكرة وتوسيع نطاقها. ولو بادرا إلى تلك الخطوة في وقت مبكر لكانت اليوم في مكان آخر".
اليوم هناك العديد من لاعبات كرة القدم المصريات اللاتي احترفن في فرق أجنبية بينها بريطانيا وإسبانيا وأميركا وتركيا ولبنان، وأبرزهن سارة عصام (22 سنة) الملقبة بـ"الملكة المصرية" في فريق "ستوك سيتي" البريطاني، وزينة أبو النور التي تلعب في صفوف نادي توتنهام البريطاني أيضاً.
الصغيرة زينة سامي (ثماني سنوات) تلعب كرة القدم في أحد النوادي الرياضية في القاهرة. تقول والدتها، "إنها لا تمانع في ممارسة الصغيرة كرة القدم، لكنها تخشى عليها قليلاً من التعليقات السخيفة مثل (هذه لعبة الأولاد) أو التنمر بعبارات مثل (أنت مسترجلة)؛ تتصرف كالرجال"، لكنها تظل تشيد بتدريبات اللياقة البدنية والرياضة نفسها التي تصب في مصلحة الصغيرة. أما الصغيرة نفسها فتقول إنها تعشق كرة القدم ولا تتخيل نفسها تمارس رياضة أخرى. وتراها لعبة مناسبة للبنات.
التدريب واحد
يقول كابتن عبد الفتاح عباس، "إن تدريب الفتيات لا يختلف كثيراً عن الشباب. بالطبع هناك اختلافات فسيولوجية يتم مراعاتها، وكذلك فروق سيكولوجية ينبغي على المدرب فهمها لتسهيل المهمة على اللاعبات". يشرح عباس "أن التركيبة النفسية للبنات تختلف عن الذكور، فحالاتهن المزاجية تؤثر كثيراً في أدائهن. تليفون صغير (مكالمة هاتفية) في إمكانها قلب مزاج اللاعبة رأساً على عقب عكس الشباب". لكن هناك مميزات تختص بها الفتيات، حسبما يؤكد عباس، "هن أكثر التزاماً واتباعاً للتعليمات والقواعد".
وعلى الرغم من أن القواعد واحدة لفرق الذكور والإناث، وعلى الرغم من أن الإمكانات المطلوبة لكليهما متطابقة، فإن الفرق النسائية تعاني نقص الإمكانات مقارنة بفرق الذكور. يقول عباس إن "درجة الاهتمام بفرق الذكور والإناث ليست واحدة، لذلك فإن الإمكانات المتوفرة لهما غير متكافئة. الأخيرة تحتاج أدوات ومصروفات للتدريب والسفر وغيرها بالإضافة إلى رعاة. وتوفر الاهتمام ومعه الإمكانات من شأنهما أن يثمرا نتائج بالغة الإيجابية على أداء وموقع كرة القدم النسائية في مصر".
وفي مصر وغيرها من الدول الأفريقية ما لا تنجزه الأندية ويتقبله المجتمع طواعية ينجزه قرار الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف)، الذي ينص على "حرمان الأندية التي لا تملك فرق كرة قدم نسائية من المشاركة في البطولات الأفريقية بدءاً من الموسم المقبل 2022-2023".
وليدة "الأحواش" هل لها شعبية في السعودية؟
وفي السعودية حين أصدرت الهيئة العامة للرياضة في السعودية، قرارها بالسماح للنساء بحضور المنافسات الرياضية في منتصف عام 2018، كانت الشغوفات منهن بالرياضة على أهبة الاستعداد، وبجهود شخصية، لقرار إضافي يسمح لهن بمزاولة أنشطتهن، في ضوء ما حققه الرجال من إنجازات.
وفي عام 2019، شكل أول فريق كرة قدم نسائي للمشاركة في المنافسات العالمية، الذي شهد انطلاقة دوري جدة النسائي لكرة القدم. وتقدمت اللاعبات السعوديات بجهود حثيثة دعمتها وزارة الرياضة السعودية لإثبات تمكن المرأة التي تتطلع إلى القيام بعدد من الأنشطة، تسابق من خلالها الزمن.
هذه القصة الحديثة في الرياضة السعودية لا تبدو ملامحها واضحة من ناحية الشعبية، بخاصة على المستوى الفني لأسباب متعلقة بنضج التجربة، ويعلق محمد الخلفان، أول مدرب حراس للنساء في البلاد، "الرياضة النسائية في طريقها نحو التوسع، وشعبيتها في نمو، إلا أن انتشار شعبيتها وتزايد ممارسيها يعتمد على توفير الإمكانات والمرافق لتسهيل الأمر عليهن".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع "الحديث حول ضعف شعبية كرة القدم النسائية غير صحيح، يحصل النساء على دعم كبير من قبل المجتمع، مقابل قلة معارضين، أو غير معترفين برياضة النساء وقدرتهن على تحقيق الإنجاز". وأضاف "لدينا لاعبات متميزات، بعضهن يصلن لمستوى اللاعبين ونشاهد قوتهن على أرض الملعب، وعلى المشجع العربي الاعتراف باللاعبات في مجال كرة القدم".
وأردف، "قبل شهر تم اعتماد المنتخبات النسائية لكرة القدم في الصالات والأراضي العشبية. أيضاً تم عمل معسكر خارجي في كرواتيا لمنتخب النساء للصالات، وأقيمت أربع مباريات، النتيجة هي استفادة اللاعبات من خلال الاحتكاك مع المنتخبات والأندية النسائية، أيضاً تم التعاقد مع المدربة الألمانية كوتش مونيكا ستاب لمنتخب النساء الأول العشبي، وتم عمل تجارب أداء لاستقطاب لاعبات من جميع أنحاء المملكة لضم الموهوبات، وسيتم عمل معسكرات داخلية وخارجية".
وأوضح "أن النساء لديهن توجه نحو ممارسة الرياضة بشكل محترف، فضلاً عن ذلك سيكون هناك دوري للنساء عما قريب لكرة الصالات والعشبي، وهن يملكن مطلق الشجاعة وردود الفعل المتمكنة".
لكن بقاء القصة مبهمة وتجربتها غير واضحة مرده أن هذه الرياضة لم تولد في النوادي والأماكن العامة، وإنما ولد بعضها من داخل أسوار المنزل، أو كما يطلق عليه السعوديون "الحوش". هكذا قالت هدافة الدوري في المباراة الودية التي جمعت فريقي "التحدي" و"جدة إيغلز" بالرياض فرح جفري.
وأضافت، "صممت أذني عما يوقف شغفي برياضة كرة القدم، حين كان البعض مصراً على أنها رياضة الصبيان، وكان حوش البيت ملعبي مذ كنت في السابعة، وقتها لم نسمع عن وجود المرأة في هذه الرياضة، وعلى الرغم من ذلك حرصت على مرافقة والدي لمشاهدة المباريات، وحين بلغت الـ15 أسست فريقاً مكوناً من بنات المدارس، بعد ذلك علمنا من مالك الملعب الذي كنا نمارس فيه أنشطتنا الرياضية، عن مباراة ودية ستجمع فريقين نسائيين، حينها كان فريق جدة يونايتد ينافس فريق الـ(كينغ يونايتد)، ومن وقتها وأنا ضمن فريق جدة يونايتد".
وأضافت فرح، التي خاضت 16 مباراة داخلية، "يمكنني وصف الدوري النهائي الذي شاركت فيه بالحدث السعيد، فحصولي على جائزة هدافة الدوري بمثابة تتويج لفريقنا الداعم، وطموحي يكبر للمشاركة في كأس العالم، والألعاب الآسيوية من خلال تمارين مكثفة، وجهد مستمر أقوم به مع زميلاتي".
عوائل تبعد فتياتها وأخرى تتحدى العادات بالعراق
أما العراق فلديه لاعبات متميزات في المحافظات الشمالية بإقليم كردستان اللاتي يختلفن بشكل جذري عن مثيلاتهن في الأخرى من ناحية المستوى الفني، إضافة إلى عدد من يمارسن لعبة كرة القدم نتيجة لطبيعة المجتمع في تلك المحافظات الذي يشجع على الانفتاح والتطور والتركيز على دور المرأة الكردية. وعند المقارنة بالمحافظات الجنوبية سنجد اختلافاً واضحاً تبعاً لتمسك تلك المجتمعات بالعادات والتقاليد.
لعبة الرجال
لا بد هنا من الإشارة إلى جانبين مهمين، يرصدهما الكابتن موفق عبد الوهاب، المدرب السابق لنادي الزوراء، والناطق الإعلامي لوزارة الرياضة والشباب، "يتعلق الأمر الأول بواقع كل بلد، إذ يختلف الحال تبعاً لطبيعة المجتمع الذي تمارس فيه هذه اللعبة، ويتمثل الأخير في أن المجتمعات العربية ذكورية لا تتقبل فكرة ممارسة المرأة كرة القدم. هذه اللعبة التي يقال عنها دائماً إنها لعبة الرجال. لذلك ما زالت تشهد انحساراً نسائياً ولم تنتشر، كما هو الحال مع بقية الألعاب التي تمارسها المرأة العربية وتبدع فيها محققة إنجازات بعضها أولمبي والآخر عالمي".
يوضح، "ممارسة كرة القدم بالنسبة إلى المرأة وتشجيعها على ذلك يحتاج إلى أمور عدة، أولها البنى التحتية ومستلزمات التدريب، وتهيئة البيئة الصحية والصحيحة للفتيات من أجل ممارسة هذه اللعبة، وهذا يتعلق بمدربين ومدربات مؤهلين، وعلى مستوى عالٍ من الخبرة التدريبية والثقافة العالية التي تمكنهم من استيعاب فكر اللاعبات، فلا يختص التدريب بتعليم المهارات وخطط اللعب فحسب، بل الأهم من ذلك، هو الإشراف التربوي عليهن بالشكل الذي يجعلهن يشعرن كأنهن يعشن ضمن عائلة واحدة لكي يتحقق مبدأ انتشار اللعبة وليس احترافها، ذلك أننا بعيدون عن الاحتراف بالتأكيد".
التحرش والرياضة النسوية
إن قضية التحرش وعلاقته بالرياضة بشكل عام حساسة جداً، فقد غدا ظاهرة عالمية عامة شملت جميع المجتمعات ولم تقتصر على مجتمع معين. وحين نسلط الضوء على مجتمعنا العربي، وعلى العراق خصوصاً، ستزداد درجة الحساسية حتماً، فهو مجتمع تسوده الأعراف والتقاليد. فمن دون مقدمات نجد هجمة إلكترونية ومعلوماتية من خلال التواصل الاجتماعي التي أصبحت متاحة للجميع.
وكشف عبد الوهاب عن هذا الجانب في العراق قائلاً، "بالتأكيد، لاعبات كرة القدم يتعرضن للتحرش وبعضهن يصارعن من أجل البقاء لممارسة هذه الهواية حديثة العهد عليهن"، إلا أن ضعاف النفوس أرغموهن على الابتعاد عنها، فقط، كي يحمين أنفسهن. وأشار إلى أن هذا "لا يقتصر على كرة القدم فقط بل كل الألعاب الرياضية التي تمارسها المرأة".
وعن أهمية توفير البيئة الصحية للعبة، ذكر صفاء صاحب، رئيس الاتحاد العراقي للعبة لكرة القدم، "أن كل الألعاب النسوية تحتاج إلى بيئة صحية تعتمد بالأساس على تقدير الأنثى لذاتها، ومنحها الثقة الكافية بقدراتها، إضافة إلى توفير البنى التحتية اللازمة من الملاعب إلى القاعات ومستلزمات التدريب الأساسية، وكذلك توفير المخصصات المالية التي تناسب حاجة النساء واكتفاءهن الذاتي ليتفرغن للرياضة".
يضيف، "المعوقات في الرياضة النسوية كثيرة جداً، نستطيع أن نشخص أهمها في نظرة المجتمع للنساء اللاتي يمارسن الرياضة، وغياب التخطيط الاستراتيجي لتطوير الرياضة النسائية بشكل خاص، وكذلك قلة المسابقات والمنافسات والمهرجانات الخاصة بالنساء، وأسباب تخص القاعدة، بمعنى عدم اهتمام المدارس والثانويات وحتى الجامعات بالرياضة النسوية". واستطرد، "نحتاج إلى حملات تثقيفية على مستوى عالٍ وتكاتف مؤسسات وأشخاص مؤثرين، للعمل على تغيير هذه النظرة المتحفظة للمجتمع".
أما عن ظاهرة التحرش فأفاد، "لا أعتقد وجود مثل هذه الحالات في الرياضة، فالرياضيون بشكل عام أكثر انفتاحاً من باقي شرائح المجتمع، وحتى إذا كانت موجودة، فهي بالتأكيد خارج إطار مجتمع الرياضة".
أكاديمية عراقية لكرة القدم النسوية
وأيدت أزهار محمد جاسم، رئيسة اللجنة النسوية في الاتحاد المركزي لكرة القدم، عدم اعتراف المشجع العربي بالنساء كلاعبات كرة القدم، قائلة، "إن المجتمع العربي بصورة عامة مجتمع ذكوري، ويعتبر هذه اللعبة خشنة لا تصلح إلا للرجال. ويبشر مستقبل كرة القدم النسائية العراقية بخير إذا توفرت لها سبل النجاح، والدعم المالي، وإقامة المعسكرات الداخلية والخارجية للمنتخبات النسوية" .
أما البيئة الصحية والصحيحة الواجب توفرها لممارسة اللعبة من وجهة نظر جاسم، "فهي فتح أكاديمية كرة قدم نسوية في كل محافظة لممارسة اللعبة". وأكدت "وجود خطة عمل مع المشرفة رشا طالب وعضو اتحاد كرة القدم لبناء المنتخبات النسوية، سواء في كرة قدم الصالات، أو الساحات المكشوفة".
وتكشف رسل محسن، حكم في الاتحاد العراقي لكرة القدم الشاطئية، عن واقع الكرة النسوية في العراق، وتذكر "أنها تعاني عدم الاهتمام من الجهات المعنية كالاتحاد العراقي، ووزارة الشباب والرياضة، واللجنة الأولمبية. وعدم تسليط الضوء من قبل الإعلام على هذه الرياضة، التي تعد من أهم أسباب عدم انتشارها".
تضيف، "على الرغم من هذا التقصير نلاحظ وجود كثير من النساء لديهن الرغبة في الانضمام للعبة، ونطمح أن يكون هناك في المستقبل القريب حل جذري لجميع المشاكل والمعوقات التي تعانيها هذه الرياضة، مع توفر قاعات للتدريب وتخصيصات مالية للاعبات، وافتتاح أندية نسوية ومراكز تدريبية وتخصصية، إضافة إلى زج المدربات للمشاركة في الدورات التطويرية، وإقامة المعسكرات التدريبية، والمشاركات الدولية التي تغير من المستوى الرياضي اللاعبات. واستبعدت محسن ظاهرة التحرش تماماً".
الكرة النسوية في تقدم
أما مدرب كرة القدم النسوية عادل عبد القادر فيستبشر خيراً بقوله، "بدأت الآن الرياضة النسوية التقدم إلى الأمام من خلال تفاعل الأندية مع اللجنة النسوية في اتحاد كرة القدم، ولدينا لاعبات على مستوى جيد، إضافة إلى توفر كوادر تدريبية، لكننا بحاجة إلى اكتشاف طاقات جديدة من كل الفئات العمرية لبطولات الصالات والملاعب المكشوفة، وبحاجة أيضاً إلى تسليط الضوء من وسائل الإعلام كافة على النشاط النسوي". وعن ظاهرة التحرش يذكر "من خلال تجربتي مع المنتخب الوطني الأول ومنتخب الشابات ولمدة تزيد على الخمسة مواسم لم أشهد أي حالة تحرش، لأن رياضيينا وشعبنا مثقفون بدرجة عالية ولديهم ضمير".
ويؤكد الكابتن علي حسين عودة، مدرب منتخب شابات العراق، ومدرب القوة الجوية السابق للرياضة النسوية، "أن لدينا من الكفاءات النسوية في مجال الرياضة من يمتلكن بصمات واضحة في الأندية، أذكر منهن رشا طالب مشرفة منتخب القوة الجوية النسوي، والآن هي عضوة في اتحاد الكرة، ونتوسم فيها خيراً للرياضة النسوية، ولدينا لاعبات لمنتخب شابات العراق، يمتلكن القدرة والكفاءة على منافسة اللاعبات العربيات في المستويين الفني والمهاري أيضاً".
حتماً سيبدأ المشجع العربي في التفاعل إيجاباً وبنسبة أكبر عندما تنتشر هذه اللعبة ويزداد عدد النسوة الممارسات لها، فالمشجع العربي يعشق كرة القدم لكنه لا يستسيغ اللعبة للنساء بل يجدها حكراً على الرجال فقط، إذ بات لزاماً إقناعه بتطور هذه اللعبة من خلال نشرها بين صفوف الفتيات منذ المراحل الدراسية الابتدائية وصعوداً إلى المراحل الدراسية الأخرى، ذلك أن موهبة الإنسان تظهر في المراحل المبكرة من عمره. فإذا تحقق ذلك وصل فكر المشجع العربي إلى استيعاب وتقبل ثم تشجيع الفتيات لممارسة كرة القدم، وبالتالي سنشاهد الجنس اللطيف داخل المستطيل الأخضر يمارسن اللعبة، وتجلس قريناتهن في المدرجات لمشاهدتهن وتشجيعهن والتصفيق لهن.
بدأت تفرض نفسها على جماهير المغرب
بعد أن تفوقت فيها المرأة العربية في أكبر التظاهرات القارية والدولية بدأت كرة القدم النسائية تفرض نفسها على الجماهير، لكن هذا لا يمنع أن المرأة الرياضية لا تزال تواجه تحيزاً مستتراً وأحكاماً مسبقة.
تقول لمياء بومهدي، المدربة السابقة للمنتخب المغربي لكرة القدم، بعد مسيرة كروية بارزة، إن نظرة المجتمع بدأت تتغير، على الرغم من أنها لم تُخفِ الصعوبات التي واجهتها منذ بداياتها. وبالنسبة إلى بومهدي، "ليس هناك فرق بين المرأة والرجل في هذا المجال، بل إن الكفاءة هي النقطة المهمة، لكن المرأة مطالبة بمجهود أكبر لإثبات وجودها ومهارتها". وأشارت إلى "أنها لقيت تشجيعاً أثناء مزاولتها هذه الرياضة من محيطها العائلي وزوجها، وأيضاً بعض الزملاء، وهو ميل أصبح سائداً في هذه الأيام، عبر تشجيع الآباء بناتهم على الالتحاق برياضة كرة القدم".
تشجيع الفتيات على ولوج عالم كرة القدم
يوضح الإعلامي الرياضي، الحسن جابري، "أن كرة القدم النسائية المغربية تحظى في السنوات الثلاث الأخيرة بأولوية على مستوى الاهتمام من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، عكس ما كان عليه الأمر في السنوات الماضية". ويرجع ذلك إلى "أن جامعة الكرة برئاسة فوزي لقجع، وضعت برنامجاً يهدف إلى تطوير الممارسة والرقي باللعبة وتوسيع قاعدة ممارساتها".
ويشير جابري إلى "أن الجامعة عمدت إلى دعم الأندية وتوفير كل الإمكانات المادية واللوجيستية، على غرار وسائل النقل والأمتعة والملاعب، وأخذت على عاتقها التكفل بدفع أجور لاعبات البطولة النسائية، التي دخلت في عالم الاحتراف في الموسم الماضي، فضلاً عن تكفلها بالرواتب الشهرية لسبعة أفراد من الطاقم التقني لكل فريق في القسمين الأول والثاني".
ووفق جابري، "تهدف هذه الخطوة إلى تفادي تأخر حصولهن على أجورهن، كما كان الشأن في المواسم السابقة، وضمان مصدر دخل لهن من كرة القدم، إضافة إلى تشجيع الفتيات الموهوبات على ولوج اللعبة، بالتالي توسيع قاعدة ممارستها في البلاد".
التصور الذكوري والغياب الإعلامي
ويرى خالد مصلي، الباحث في علم الاجتماع، "أن المرأة تمكنت من المساواة مع الرجل في العديد من مجالات الحياة، إلا أنها في الأنشطة الرياضية لا تزال تصارع من أجل الوصول إلى المناصفة في كرة القدم". ويشير إلى "أن مكانة المرأة في المجتمع تحكمها رواسب ثقافية ونفسية وتاريخية، وقد تختلف من منطقة إلى أخرى. فالفتاة التي تمارس كرة القدم في القرى، مثلاً، تواجه مشاكل كبيرة بسبب الثقافة المتحفظة، بخاصة أن نظرة المجتمع لا تزال قاسية تجاه الراغبات في الالتحاق بالميدان الرياضي، لا سيما كرة القدم، لأنهم يشبهونها بالرجل، الأمر الذي يجعل الأسر تمنع بناتها من ممارستها، خوفاً من تعرضهن لمضايقات أو تحرش".
يرى الإعلامي محمد يونس "أن كرة القدم النسائية تفتقر إلى اهتمام الجمهور العربي بها، ولا يتم أخذها على محمل الجد"، مشيراً إلى "أن الصور النمطية وضعف الاهتمام الإعلامي يعرقلان الكرة المستديرة في صيغة المؤنث". ويعبر عن أسفه لكون هذه الرياضة لا تجذب جمهوراً عريضاً على غرار كرة القدم الرجالية.
ووفق جابري، "يعد فريق (الجيش الملكي) من أبرز الأندية المغربية على مستوى كرة القدم النسائية، وبفضل تنظيمه والخطوات الأخيرة التي اتخذتها الجامعة كان ممثلاً للمغرب وأندية شمال أفريقيا في أول نسخة من دوري أبطال أفريقيا للسيدات أقيمت في القاهرة عقب تأهله من دورة أقيمت في المغرب". ويشير إلى "أن مستوى الفريق كان جيداً، وحظيت مبارياته بتغطية إعلامية عوضت النقص الذي كانت تعانيه في السابق كرة القدم النسائية". ويؤكد جابري "أنه على مستوى المنتخبات تحرص الجامعة على وضع منتخب النساء على قدم المساواة مع الرجال، فيما يتعلق بظروف الإعداد للمباريات الدولية".
تتألق في تونس على الرغم من تجاهل المجتمع
على الرغم من الصعوبات المادية والمجتمعية، استطاعت كرة القدم النسائية في تونس فرض نفسها عربياً وأفريقياً، بل تألقت التونسيات في هذه اللعبة التي تُعتبر إلى حد ما لعبة ذكورية بامتياز. وفي سابقة عربية، تمكنت لاعبات تونسيات من الوصول إلى مسابقة دوري أبطال أوروبا للسيدات وسجلن فيها أهدافاً. لكن تبقى المشكلات التي تعترض مشوارهن الكروي، وأبرزها نقص الإمكانات ونظرة المجتمع لهن أو تعرّضهن للتحرش أو التنمر والازدراء. وباتت تلك المشكلات من المعضلات التي تقيّد أحلام محترفات أو هاويات اللعبة الشعبية الأولى في العالم.
تجاهل واحتقار
تقول الصحافية التونسية المتخصصة في الإعلام الرياضي، نعيمة ساسي، إن "لعبة كرة القدم ذكورية بالأساس، على الرغم من أنه في الأعوام الأخيرة أخذت المرأة مكانها بها، بخاصة في أوروبا وأميركا". أما بخصوص تونس، فصرحت أن "كرة القدم النسائية في البلاد تُعتبر متطورة جداً مقارنة ببلدان عربية أخرى، سواء على مستوى اللعبة أو على مستوى تقبل المجتمع، بخاصة العائلات لهذه اللعبة الذكورية عندما تحترفها فتيات"، لكن لم تنفِ معاينتها لـ"صعوبات تعترض مسيرة اللاعبات، بخاصة على مستوى تقبّل المجتمع للعبة عُرفت بأنها للرجال، إضافة إلى ما تعانيه من تنمر وتشبيههن بالرجال".
وتأسست الرابطة التونسية لكرة القدم النسائية عام 2004، وعلى الرغم من المسيرة المليئة بالصعوبات واستطاعتها الصمود، فإن رئيسة الرابطة فاطمة الفوراتي أعلنت في تصريح يعود إلى عام 2013، "أن كرة القدم النسائية في تونس أصبحت مهددة بالاندثار بسبب عقلية جديدة تتعامل بكثير من الازدراء مع كرة القدم النسائية"، إضافة إلى معاناتها مشكلات مالية خانقة.
وقالت الفوراتي في تصريح لوكالة الأنباء التونسية "إن ما يحز في نفسها ظاهرة التجاهل والاحتقار التي أصبحنا نعانيها من خلال بعض الممارسات التي تخص تنظيم المباريات وإلغاء الكثير منها بسبب عقلية جديدة تتعامل بكثير من الازدراء مع كرة القدم النسائية، لكن قبل عامين تقريباً استرجعت لاعبات تونس لكرة القدم النسائية ألقهن، فأصبحن يتنافسن على أهم الألقاب العربية والأفريقية".
تحرش وتنمر وازدراء
وفي حديثها عن تجربتها مع كرة القدم، تقول اللاعبة السابقة والمدربة الحالية لوجين الزهو "إنها تلعب كرة القدم منذ كانت طفلة في الحيّ مع الفتيان"، مضيفة "أُعجب بعضهم بمهاراتي ووجَّهني إلى اللعب في أحد النوادي المعروفة". وأوضحت "أنها لم تجد صعوبة كبيرة في إقناع عائلتها بممارستها كرة القدم، لكن الإشكال الوحيد كان تخوف والدتها من أن تفقد ابنتها أنوثتها". ولم تخفِ تذمرها من نظرة المجتمع وعدم اعترافه بمهارات بعض الفتيات في كرة القدم، فقالت "انظروا إلى تعليقات متابعي صفحة الرابطة التونسية لكرة القدم النسائية أو متابعي صفحات أندية السيدات لكرة القدم"، موضحة أنها بمعظمها "تعليقات تسخر من الفتيات وتشبههن بالرجال أو تدعوهن إلى ترك كرة القدم والتوجه إلى المطبخ". وأضافت "نتعرض للتحرش في الملاعب أو عبر الإنترنت، بخاصة عندما تقوم اللاعبة بحركات تروّض بها الكرة برجلها أو عن طريق صدرها"، معتبرة أن "العقلية الذكورية دائماً ما تريد أن تنظر إلى المرأة كجسد فقط".
ورأت لوجين أن "المجتمع في تونس يقبل أن تلعب الفتاة كرة السلة أو كرة الطائرة ولا يقبل أن تلعب كرة القدم". وأعربت عن اعتقادها بأن "الرفض لا يتعلق باللباس لأن الأزياء الرياضية تكاد تكون متشابهة في رياضات عدة"، لكنه بحسب تقديرها "مرتبط بالعقلية الذكورية في لعبة كرة القدم".
وأكدت أن "تألق لاعبات كرة القدم في تونس نابع من حبهن للعبة ومن رغبتهن بالنجاح"، منتقدة "تجاهل السلطات الرسمية نساء كرة القدم وكأن اللعبة للرجال فقط".
تجاهل لبنان أنهى مسرة اللعبة بين النساء
كرة القدم النسائية ليست غريبة على لبنان، فقد لعبت المرأة هذه الرياضة في سبعينيات القرن الماضي حين أسست جامعة بيروت العربية فريقاً للنساء من الطالبات وأشرف على تدريبهن حارس مرمى نادي الأهلي المصري الراحل عادل هيكل. وبرز هذا الفريق بشكل ملحوظ إلا أن عدم قيام الأندية الرياضية اللبنانية بتشكيل فرق للسيدات حرم فريق الجامعة من خوض المباريات الرسمية، إذ لا يمكن لاتحاد كرة القدم أن ينظم بطولة ما لم يكن هناك أندية تمارس اللعبة. ومع تخرّج اللاعبات في الجامعة ومغادرة "هيكل" لبنان انطوت رحلة فريق لبنان النسائي. ومع ذلك، فإن معظم الألعاب الرياضية الأخرى تشارك فيها النساء ككرة الطائرة والسلة والمضرب وألعاب القوى والسباحة وغيرها من الألعاب الرياضية.
بدايات كرة القدم النسائية
تقول المتخصصة في الشؤون الجنسانية عبير شبارو "بدأت النساء الأجنبيات بلعب كرة القدم خلال الحرب العالمية الأولى. وكان الدافع وراء المشاركة هو اكتساب مهارات جديدة بينما بدأن في الانخراط بسوق العمل وأصبحن في مواقع القيادة. وكان الهدف من مشاركتهن هو القيام بأعمال خيرية في فترة الحرب؛ أي انطلاقاً من عام 1890 وازدهرت بعد ذلك عام 1920، إلا أنه وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، أُقيمت حملة ضد النساء في إنجلترا وقد مُنعن من اللعب لمدة 50 سنة بحجة أنها غير مناسبة لهن".
وتشير شبارو إلى أن "محاربة النساء ومنعهن من ممارسة هذه المهنة كانت كمقاومة سياسية، خصوصاً أنه في هذه الفترة ازدادت المطالب التي تندد بحقوق المرأة وكانت النساء تتمتع بكامل الحرية في التعبير عن آرائهن ومنهن قائدات خضن المعترك السياسي في أوروبا".
وفي فترة السبعينيات، تحديداً عندما أُريد إعادة إحياء لعبة كرة القدم العالمية، كان لبنان يخوض غمار الحرب الأهلية وكان الشباب والفتية يمارسون هذه الهواية في الشوارع والأحياء والأزقة. وتشير إلى أنه في حينها "كانت المناطق اللبنانية مقسمة وبالتالي لا يوجد أي فرق ولا نوادٍ وقد امتدت هذه الفترة إلى حين بدأ تأسيس نوادي كرة القدم للنساء عام 2005".
غياب السياسات الجندرية
وعن سبب وجود عدد ضئيل من النساء المشاركات، تعتبر أن "مجتمعنا لا يزال منغمساً بالعقلية الذكورية وغيرها من مواضيع التحرش وبالتالي لا يوجد هذا التوجه لإنشاء نوادٍ"، لافتة إلى أن "الفتيات في المنتخب اللبناني من أعمار 15-18 فزن ببطولة آسيا في كرة القدم، وبالتالي لا بد من تعميم هذه التجربة وعلى الدولة اللبنانية أن تضع سياسات مبنية على المساواة في المدارس بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم وإنشاء نوادٍ خالية من التمييز"، مؤكدة "أهمية هذا الموضوع في تعزيز عمليات السلام عبر تعزيز الروح الرياضية والأخوة بين الناس".
في حين بدأت الدول العالمية تعي أهمية إشراك النساء في هذه الهواية، أصدر رؤساء الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا - FIFA) قراراً بضرورة المساواة من كل النواحي، خصوصاً تلك التي تشمل المساواة في الرواتب والأجور، وقد بدأ تنفيذه في البرازيل، أما الولايات المتحدة الأميركية فهي على الطريق. والمشكلة في لبنان خصوصاً والعالم العربي عموماً بحسب شبارو أنه "لم يكن هناك اتحادات أندية للنساء، لذا من هذا المنطلق إذا أردنا أن نُحدث ثورة نسائية في كرة القدم يجب أن يكون الأساس حاضراً"، مشيرة إلى أن "الفتيات اللبنانيات المشاركات في الاتحاد اللبناني لكرة القدم (LFA) يتلقين الدعم المادي من الـFIFA والـLFA".
التمييز المجتمعي
للأسف لا تزال القيود ضمن المجتمع والأسرة الموجودة بنسب متفاوتة في كل دول العالم ومحكومة تحت غطاء الأعراف والتقاليد ومظلة التشريعات الدينية والأسس القانونية لتحدد "للحلقة الأضعف" دورها وتيسرها كما يحلو لها.
في هذا السياق، تعتبر الباحثة في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا ليلى شمس الدين، أن "مجتمعاتنا تميز وتصنف الأفراد ليس بحسب إمكاناتهم ومهاراتهم وإنما على أساس جنسهم. لذا فالعقلية الذكورية قد تكون موجودة عند النساء وليس فقط الرجال".
وتشير إلى أنه "بحسب الدراسات التي أجريت على النساء العربيات اللواتي يمارسن لعبة كرة القدم، تقوم الاتحادات الوطنية الخاصة بتصنيفها بالمرتبة الثانية بعد الذكور"، معتبرة أن "هذه النظرة الدونية للمرأة التي تنشأ في الأسرة والمدرسة والمهنة والتي تقوم وسائل الإعلام بتعزيزها، جعلت المشجع العربي محكوماً بهذه العقلية الذكورية إذ بات لا يفكر بالمرأة سوى في إطار جمالي وكأنها سلعة".