Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انشراح موسى... جاسوسة مصرية عاشت في إسرائيل ودفنت فيها

أفرج عنها السادات وعاشت 4 عقود في تل أبيب

الجاسوسة المصرية انشراح موسى عفا عنها الرئيس الراحل أنور السادات (مواقع التواصل الاجتماعي)

توفيت انشراح موسى التي تجسست على مصر لصالح إسرائيل خلال نهاية الستينيات ومطلع السبعينيات من القرن الماضي، والتي انتقلت لاحقاً للدولة العبرية وأصبحت مواطنة إسرائيلية.

وبحسب وسائل إعلام مصرية، فإن انشراح، التي أطلق عليها جهاز المخابرات الإسرائيلية "الموساد" اسم "دينا"، توفيت عن عمر ناهز 87 عاماً في تل أبيب، ودفنت وفقاً لمراسم العقيدة اليهودية، والتي اعتنقتها لدى وصولها إسرائيل قبل نحو 45 عاماً. 

تجنيد الزوجين

ولدت انشراح علي موسى، في محافظة المنيا في صعيد مصر عام 1937، وتزوجت من إبراهيم شاهين، الذي كان يعمل في مكتب مديرية العمل بمدينة العريش أكبر مدن محافظة شمال سيناء، وعاشت معه في المدينة لعدة أعوام حتى تم اتهامه في قضية رشوة وحبسه عدة أشهر، خرج بعدها عاطلاً عن العمل، وفي تلك الأثناء وقع الاحتلال الإسرائيلي لسيناء عقب حرب 5 يونيو (حزيران) 1967.

ولأنه لم يكن يملك قوت يومه، ذهب إبراهيم شاهين للحاكم العسكري الإسرائيلي طلباً للطعام، وذلك بعد أسابيع من الاحتلال، ليجد المسؤول الإسرائيلي فيه فرصة لاستقطاب جاسوس جديد، فمنحه جوالاً من الدقيق ثم عرض عليه لاحقاً تزويد الإسرائيليين بالمعلومات عن المقاتلين في سيناء مقابل المال.

وحين لاحظت انشراح الأموال مع زوجها كشف لها عن العرض الإسرائيلي فلم تمانع بل فرحت بالأموال التي تدفقت عليهما، وتدرب الزوجان على استخدام الحبر السري والرسائل المشفرة وكيفية إرسالها، إلى جانب تزويدهم بأحدث الكاميرات لتصوير المواقع العسكرية، وتدريب متقدم على تمييز مختلف الأسلحة والمعدات العسكرية وأنواعها.

الانتقال إلى القاهرة

لاحقاً انتقل الزوجان إلى القاهرة مع أبنائهما الثلاثة، ضمن العائلات التي نُقلت من سيناء فراراً من الحرب، عن طريق الصليب الأحمر، واستقرت الأسرة في حي الوايلي الشعبي، وهناك بدأ في تكوين شبكة من العلاقات المتشعبة لتصبح أساس معلوماته الاستخباراتية لصالح إسرائيل، فبحث دائماً عن مصادقة ضباط الجيش والشرطة وأقاربهم وتحجج للتقرب منهم، وافتتح مشروعاً تجارياً ليكون الواجهة التي يتحرك من خلالها. ونجح الزوجان في إرسال معلومات مهمة للجانب الإسرائيلي، منها معلومات عن تحرك الفريق عبد المنعم رياض رئيس أركان الجيش المصري تم استخدامها في اغتياله عام 1969، بحسب تقارير صحافية مصرية.

وسافرت انشراح وزوجها، عدة مرات إلى إسرائيل مروراً بدول أوروبية، وحصلا على جهاز تجسس هو الأحدث من نوعه حينها، عقب حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973 في محاولة لتسريع إرسال الرسائل المشفرة وإبلاغ إسرائيل بتحركات المصريين ونواياهم بشن حرب جديدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

القبض على الجاسوسين

رصدت أجهزة المخابرات العامة المصرية ذبذبات جهاز التجسس الإسرائيلي بالاستعانة بمعدات سوفياتية متطورة، وبعد تحديد موقعه وتكثيف البحث تم التعرف على موقع الإرسال في منزل الجاسوسين، وفي أغسطس (آب) 1974 ألقي القبض على إبراهيم شاهين، في الوقت الذي كانت فيه زوجته انشراح في العاصمة الإيطالية روما لمقابلة أحد ضباط الموساد.

تحفظ رجال المخابرات العامة المصرية على أبناء انشراح الثلاثة، وحققوا مع زوجها الذي أدلى باعترافات تفصيلية عن كل مهامه ومعاملاته مع الموساد الإسرائيلي، حتى عادت انشراح بعد أيام من القبض عليه إلى القاهرة، لتفاجأ بضباط المخابرات المصرية يلقون القبض عليها داخل منزلها.

الحكم بالإعدام

حكم على انشراح موسى، وزوجها إبراهيم شاهين وأبنائهما بتهمة الخيانة العظمى والتجسس لصالح إسرائيل، وقررت المحكمة في نوفمبر (تشرين الثاني) 1974 إعدامها وزوجها، وحكم على نجلهما الأكبر نبيل بالحبس 5 سنوات، بينما تم إيداع نجليهما محمد وعادل في دار الأحداث لأنهما لم يتجاوزا 18 عاماً.

نفذ حكم الإعدام في إبراهيم، وتم تأجيل تنفيذ الحكم بحق انشراح، وقضت نحو عامين في السجن ثم أصدر الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات قراراً بالعفو عنها لتعول أولادها، استجابة لالتماس تقدمت به انشراح وأولادها الثلاثة، في يناير (كانون الثاني) عام 1977، وتم تسليمها إلى إسرائيل.

عقب الوصول إلى إسرائيل، اعتنقت انشراح وأبناؤها الثلاثة الديانة اليهودية، وغيرت انشراح اسمها إلى "دينا بن ديفيد"، كما أطلق على عادل اسم "رافائيل"، ونبيل اسم "يوسي"، ومحمد اسم "حاييم".

وفي عام 1989 نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن "دينا بن ديفيد" تقيم مع أبنائها بوسط إسرائيل، وتعمل في دورة مياه للسيدات بمدينة حيفا، لكنها ترغب بشدة في العودة مجدداً للعمل كجاسوسة لإسرائيل في مصر حتى نهاية حياتها.

ندم 

الحوار التلفزيوني الوحيد الذي ظهرت فيه انشراح أجري بعد العفو عنها عام 1977 وأجراه آنذاك الفنان المصري سمير صبري، وقالت إنها نادمة على ما فعلته وتوقعت الحكم عليها بالإعدام، وظهرت باكية وروت تفاصيل القبض عليها، مؤكدة أنها خلال فترة السجن اتجهت للصلاة والعبادة وقراءة القرآن، وقدمت الشكر للرئيس السادات على العفو عنها، ونصحت الجميع بعدم الثقة في إسرائيل والعمل معها، مؤكدة أن كل كلام الموساد "تضليل وأوهام وخداع"، واللافت أنها بعد ذلك توجهت مع أبنائها إلى تل أبيب وعاشت نحو 45 عاماً كمواطنة إسرائيلية.

وذكر عادل شاهين أو رافائيل بن ديفيد نجل الجاسوسين في حوار صحافي قبل أشهر تفاصيل تجنيد والديه، وقال، إن الموساد أطلق على والده اسماً مستعاراً هو "بن ديفيد"، مؤكداً أنه كان يعرف وإخوته بعمل والديه لصالح إسرائيل بدعوى المساعدة في توفير نفقات المعيشة في ظل الأزمة الاقتصادية بعد الحرب. وتوفي رافائيل منذ 6 أشهر في إسرائيل، وكان في السنوات الأخيرة يبث فيديوهات على موقع "يوتيوب" يتحدث عن ارتباطه بمصر وغيرها من الموضوعات.

قدمت الدراما المصرية، عام 1994، مسلسلاً يروي قصة تجسس انشراح موسى وزوجها إبراهيم تحت اسم "السقوط في بئر سبع"، عن رواية "إبراهيم وانشراح" للكاتب عبد الرحمن فهمي، وكيف تم الإيقاع بهما، بطولة النجم الراحل سعيد صالح والفنانة إسعاد يونس. 

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير