Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شركة "أبل" توقف مبيعاتها في تركيا مع استمرار انهيار الليرة

محللون: خسائر العملة لن تتوقف مع مواصلة الضغط على السياسة المالية والنقدية

أدى تقلب الليرة إلى قيام شركة "أبل" بوقف المبيعات عبر الإنترنت في تركيا (رويترز)

تغرق تركيا في أزمة عملة جديدة مع تخلي المستثمرين عن الليرة استجابة للقرار الاستثنائي للبنك المركزي في البلاد بخفض أسعار الفائدة في مواجهة التضخم المتصاعد. وفي إطار سلسلة الهروب من البلاد على خلفية الأزمة التي تواجهها سوق الصرف، فقد أعلنت شركة "أبل" الأميركية وقف مبيعاتها في تركيا يوم الثلاثاء الماضي.

واستقرت الليرة في تعاملات الأربعاء، لكنها تعرضت لانخفاض كبير أمام الدولار يوم الثلاثاء. وهبطت الليرة أكثر من 15 في المئة مقابل الدولار في وقت ما. وفقدت العملة التركية أكثر من 47 في المئة من قيمتها هذا العام، متصدرة أسوأ عملات الأسواق الناشئة مقابل العملة الأميركية الخضراء.

وتواصل الليرة التركية خسائرها المتتالية بعد أن خفض البنك المركزي للبلاد الأسبوع الماضي أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس. وتم تخفيض الأسعار بمقدار 400 نقطة أساس، من 19 في المئة إلى 15 في المئة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي. هذا على الرغم من أن التضخم كان بمعدل سنوي قدره 20 في المئة خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

الضغوط لن تهدأ إلا بتغيير السياسات

وعلى خلفية التدخلات المستمرة من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وإصراره على خفض أسعار الفائدة التي يرى أنها "شر لا بد من التخلص منه حتى تتحسن مؤشرات الاقتصاد"، فقد اتهم خبراء وأحزاب معارضة أردوغان بالتدخل وممارسة الضغط على البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة. ولطالما دافع الرئيس التركي عن وجهة النظر غير التقليدية القائلة إن تخفيضات أسعار الفائدة يمكن أن تحارب التضخم المتزايد. وعادة ما ترفع البنوك المركزية أسعار الفائدة عندما يرتفع التضخم لمنع الاقتصاد من الإنهاك.

في مذكرة بحثية حديثة، كتب الاستراتيجيان في "غولدمان ساكس"، مورات أونور وكليمنس غراف، "نعتقد أن الضغوط لن تهدأ إلا بعد تغيير في السياسة والسؤال الرئيس هو ما إذا كان هذا سيكون في اتجاه أكثر تقليدية أو غير تقليدية".

لكن الرئيس التركي لا يظهر أي بوادر على التراجع. وفي خطاب ألقاه في وقت سابق هذا الأسبوع، دافع عن السياسة النقدية لحكومته، واصفاً إياها بـ"حرب الاستقلال" التي ستنتصر فيها تركيا. وقال إن أسعار الفائدة المنخفضة من شأنها أن تقلل التضخم وتعزز الإنتاج والصادرات.

وكتب أردوغان على "تويتر" مساء الاثنين الماضي "لا ينبغي أن يساور أحد أدنى شك في أن السبيل إلى زيادة التوظيف، وهو أولويتنا في بلدنا، هو من خلال الاستثمار والإنتاج والتصدير والنمو".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

شركة "أبل" توقف المبيعات

وأدى تقلب الليرة إلى قيام شركة "أبل" بوقف المبيعات عبر الإنترنت في تركيا مؤقتاً يوم الثلاثاء، بخاصة أن انهيار العملة يجعل شراء السلع المستوردة من الخارج أكثر تكلفة على السكان.

وقال البنك المركزي التركي في بيان إن أسعار الصرف "تحددها ديناميكيات السوق الحرة" وإن عمليات البيع "غير واقعية ومنفصلة تماماً" عن الأساسيات الاقتصادية. وفي المقابل، دعت أحزاب المعارضة إلى إجراء انتخابات مبكرة، وانتقدت تأثير الحكومة في سياسة البنك المركزي.

وقالت ميرال أكسنار، زعيمة أحد أحزاب المعارضة، إن "الدولار يرتفع... السيد أردوغان يتحدث، والتضخم يتزايد... السيد أردوغان يتحدث، أمتنا تزداد فقراً... مهما قلت، مهما كانت الأكاذيب التي تختلقها، فالحقيقة واضحة"، في إشارة إلى الأزمات الخانقة التي يواجهها الأتراك سواء على صعيد التضخم وارتفاع الأسعار وموجة الغلاء التي تواجه جميع السكان، أو على صعيد الاستثمارات التي تهرب من السوق المحلية، أو على صعيد البطالة التي تتفاقم. وأدى الاضطراب إلى بعض الاحتجاجات الصغيرة في العاصمة أنقرة وإسطنبول.

حزمة إنقاذ من الإمارات

ووصل ولي عهد أبو ظبين الشيخ محمد بن زايد، إلى أنقرة يوم الأربعاء، لإجراء محادثات مع أردوغان بعد سنوات من العلاقات المتوترة. وقال محمد حسن السويدي، الرئيس التنفيذي لشركة أبو ظبي التنموية القابضة، في مؤتمر صحافي في أنقرة، عقب المحادثات، إن الإمارات أعلنت عن صندوق استثماري بقيمة عشرة مليارات دولار لدعم الاقتصاد التركي وتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين.

ويبدو أن ما تم الإعلان عنه عقب المحادثات كان بمثابة حزمة إنقاذ. فقد وقعت تركيا والإمارات عدة اتفاقات باستثمارات تقدر بمليارات الدولارات، مما أسهم في استقرار العملة التركية عقب انهيارها التاريخي الثلاثاء. وسيقوم صندوق أبو ظبي السيادي "إي دي كيو" باستثمار عشرة مليارات دولار في مجالات استراتيجية بالاقتصاد التركي كالأغذية والطاقة والرعاية الصحية، كما وقع البلدان عشر اتفاقات تهدف إلى تعزيز التعاون بين الغريمين السابقين في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والبيئة والبنوك.

جاءت تلك الاتفاقات ومذكرات التفاهم خلال زيارة ولي عهد أبو ظبي، وهي الزيارة الأولى له لتركيا منذ سنوات، وأجرى خلالها مباحثات وصفها وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بأنها كانت "بناءة للغاية". وقال أحد المصادر إن المشكلات التي كانت بين البلدين أصبحت من الماضي، وإن العلاقات بين البلدين خلال الفترة المقبلة ستقوم على التعاون والمصلحة المشتركين. ومن المقرر أن يزور جاويش أوغلو أبو ظبي الشهر المقبل لاستكمال تلك المباحثات.

ويبدو أن هذه الأنباء عززت ثقة متداولي العملة التركية، التي تمكنت من تعويض بعض الخسائر التي سجلتها الثلاثاء، لترتفع بما يصل إلى سبعة في المئة في تعاملات الأربعاء.

اقرأ المزيد