Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأطراف المتصارعة في ليبيا... كل يتهم البعثة الدولية بالانحياز لغريمه

حفتر يستبعد وقف المعارك في طرابلس ... الأمم المتحدة تسعى إلى تقسيم البلاد

قوات تابعة لحكومة الوفاق تطلق النار على مواقع للجيش الوطني على طريق المطار جنوب طرابلس (أ. ف. ب.)

تتهم أطراف الصراع الليبي رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة بالانحياز وعدم وقوفه على مسافة واحدة من الجميع.
وكان سلامة قال في آخر إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي حول الوضع في ليبيا إن "حكومة الوفاق الوطني (يرأسها فائز السراج) هي الجهة الشرعية الوحيدة في ليبيا"، مستنكراً "الدمار الذي تسببت به العملية العسكرية التي أطلقها (قائد الجيش الوطني) المشير خليفة حفتر على طرابلس"، ما أثار موجة تصريحات منددة بانحيازه إلى حكومة الوفاق.

سياسة متقلبة

"لقد تغير، لم يكن هكذا، تحول من وسيط نزيه إلى وسيط منحاز"، بهذه الكلمات لخص المشير حفتر طريقة عمل غسان سلامة في مقابلة مع صحيفة "لو جورنال دو ديمانش" الفرنسية، مستبعداً وقف المعارك الدائرة للسيطرة على العاصمة طرابلس، واتهم الأمم المتحدة بالسعي إلى تقسيم ليبيا. إلا أنه شدد على "أن التقسيم مستحيل لأن الليبيين سيظلون موحدين وستظل ليبيا شعباً واحداً. الباقي مجرد وهم".
وساند الناطق الرسمي باسم مجلس النواب (يرأسه عقيلة صالح) عبد الله بلحيق موقف حفتر، فنبّه من تعميق هوة الانقسام بين شرق ليبيا وغربها، بسبب "تقلب مواقف الأمم المتحدة". وأضاف أن "الأمم المتحدة في ليبيا أظهرت انحيازها للقوات المسيطرة على العاصمة الليبية في آخر إحاطة لها أمام مجلس الأمن الدولي. وهي قوات سبق وقال عنها سلامة إنها خارجة عن القانون، وهي مَن تتحكم في مفاصل القرار السياسي"، منادياً بضرورة "إخلاء طرابلس منها واليوم نراه يشيد بدورها ويتهم حفتر بإلحاق ضرر اقتصادي بالعاصمة". وأشار بلحيق إلى موقف بعثة الأمم المتحدة سابقاً من العملية العسكرية التي نفذتها قوات حفتر في درنة، التي وصفتها بالمدمرة، ليظهر المبعوث الأممي بعد انتهائها ويقول إنها "ساهمت في استتباب الأمن وإنهاء الفوضى في الشرق الليبي". كذلك أكد الناطق الرسمي باسم مجلس النواب الليبي أن "البعثة الدولية حادت عن مهمتها النزيهة وانخرطت في لعبة دعم طرف على حساب آخر"، محذراً من "خطورة هذا التوجه الذي من شأنه أن يفشل مساعي حل الأزمة الليبية، التي سينشغل أطراف الصراع فيها بتصحيح مسار البعثة عوض الانكباب على الخروج من بؤرة الصدع الأمني التي تستغلها المجموعات الإرهابية لتنفيذ مخططاتها".

انحياز لمجلس النواب

في المقابل، لم يتوقف مجلس الدولة الحاكم في طرابلس عن التنبيه إلى السياسة التي تعتمدها بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، التي أفضت برأيها إلى "دخول البلد في مراحل انتقالية جديدة بسبب عدم نزاهتها، إذ تعمل تحت تأثير دولي"، وفق تصريح عضو مجلس الدولة عبد القادر الحويلي. 
واتهم الحويلي البعثة الدولية بترجيح كفة مجلس النواب، الذراع التشريعية للحكومة المؤقتة (يرأسها عبدالله الثني)، التي تُعد قوات "الجيش الوطني" بقيادة حفتر، ذراعها العسكرية على حساب مجلس الدولة التابع لحكومة الوفاق، بخاصة عندما قدمت اقتراحاً للخروج من الفراغ السياسي ينص على إعطاء البرلمان الحق في اختيار أعضاء المجلس الرئاسي، بينما منح مجلس الدولة حق تزكية المرشحين فحسب، "وهي خطة أممية لإخراج مجلس الدولة من دائرة القرار السياسي"، على حد تعبيره.
وأكد الحويلي أن "مجلس الدولة فقد الثقة في بعثة الأمم المتحدة التي أضحت تتلاعب بأوراق الملف الليبي تحت تأثير دولي تقوده فرنسا، التي ترنو إلى تغليب الحل العسكري لتمر عبره إلى ثورات الجنوب الليبي".
وتسائل عن "سبب تأخر إدانة البعثة للهجوم الذي شنه حفتر على طرابلس بالتزامن مع وجود الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في العاصمة الليبية". وقال "من أين اكتسب حفتر هذه القوة ليقدم على هذه العملية العسكرية لو لم يكن مدعوماً من البعثة الأممية، التي تحركها أطراف خارجية لها وزنها في مجلس الأمن الدولي"، مشيراً إلى أن "البعثة كانت على علم بهذه العملية العسكرية، لكنها لم تسع إلى إيقافها لأنها تعمل تحت ضغط دولي ما يضع نزاهتها على المحك".
وتابع عضو مجلس الدولة قائلاً، إن "البعثة الأممية لم تصدر أي إدانة للقصف الذي تعرضت له قاعة اجتماعات مجلس النواب بطرابلس، وهذا دليل آخر يُضاف إلى قائمة البراهين التي تبين أن سلامة لا يملك حتى قرار الإدانات".

جزء من المشكلة

في غضون ذلك، لم ينكر المحلل السياسي إلياس الباروني "الدور الذي لعبته الأمم المتحدة في حماية الشعب الليبي من عدوان معمر القذافي عام 2011، غير أنها تركت الليبيين يواجهون خطر انتشار السلاح ولم تساهم في بناء دولة المؤسسات، وأصبحت ليبيا عرضة للتدخل الإقليمي الذي استطاع أن ينال من نزاهة مهمة الأمم المتحدة". وأردف الباروني "نلاحظ تغييراً في مواقف المبعوثين الدوليين بسبب شراء ذممهم بالمال أو بالمناصب السياسية"، منبهاً من اتساع الهوة بين مختلف المناطق الليبية، ما ينذر بخطر التقسيم المتربص بالبلد والذي قد تكون البعثة الأممية أحد أدواته، خصوصاً إثر عدولها في أكثر من مرة عن مهمتها الرئيسة التي تقتضي التنسيق بين مختلف أطراف الصراع الليبي لا الرقص على سياسة الحبلين، للحيلولة دون قيام حكومة ليبية موحدة".
تحليل تسانده مستشارة العلاقات الدبلوماسية ليلي خليفة التي قالت، إن "سياسة الأمم المتحدة هي حاجز أمام حل الأزمة الليبية التي دخلت عامها الثامن". وتابعت "سلامة منحاز إلى مشروع دولي خطط له بإحكام لاستهلاك الجهود الليبية وتآكلها لتقبل بإملاءات المجتمع الدولي"، مؤكدة أن "المبعوث الأممي يدعم قوات حفتر ويتستر على أعمالها ولا يهتم بالانتهاكات التي أقدمت عليها في كل من بنغازي ودرنة شرق ليبيا، على الرغم من أنها موثقة من قبل منظمات حقوقية دولية".

شيفرة المشهد الليبي

تعاقب على ليبيا ستة مبعوثين دوليين فشلوا جميعهم في فك شيفرة المشهد الليبي الذي زاده تعقيداً انتشار السلاح الذي يغذي فتيل الاقتتال في طرابلس، حيث لا تزال تدور رحى المعارك بين "قوات الوفاق" التي ردت بـ8 ضربات جوية على سلسلة هجمات شنتها قوات "الجيش الوطني" على مواقع تابعة لحكومة السراج المسيطرة على مطار طرابلس الدولي ومعسكر اليرموك، فيما تخضع النقيلة وقصر بن غشير لقوات "الجيش". وخلفت تلك المعارك أكثر من 80 ألف نازح يعيشون أوضاعاً إنسانية صعبة بحسب منظمة الصحة العالمية.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي