Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الليرة التركية تتهاوى وتترك انعكاساتها على الشمال السوري

خرجت تظاهرات متفرقة تطالب أردوغان بالاستقالة وسط تنبؤات بانهيار اقتصادي واسع

تسبب انهيار الليرة التركية بخسارات متلاحقة في الداخل التركي وفي الشمال السوري (اندبندنت عربية)

سجلت الليرة التركية خسارات جديدة وصلت إلى أدنى مستويات لها بحدود 15 في المئة، إذ بلغت قيمة عملة البلاد 13 ليرة للدولار الأميركي الواحد، الأمر الذي ترك تأثيراته الاقتصادية في الداخل التركي، ولاحت في الأفق أزمة مالية غير محسوبة النتائج بعد.

ودخلت العملة المتهاوية (الليرة) في نفق مظلم يجهل اقتصاديون إلى أي حد تهوي وتسبب خسارات متلاحقة، لا سيما بعد خطة مثيرة للجدل أعلن عنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، هدفها خفض أسعار الفائدة على ثلاث دفعات كان آخرها الأسبوع الماضي.

الليرة بين السورية والتركية

لم تنحصر تأثيرات المشهد الضبابي في الداخل التركي والوضع الاقتصادي والمعيشي فقط، وإنما تجاوزت ارتداداته الحدود الجغرافية لتصل إلى الشمال السوري، تحديداً المناطق الخاضعة لسيطرة أنقرة في إدلب، وبشكل كبير في ريفي حلب الغربي والشمالي، حيث تتعامل الشريحة الأكبر من الناس هناك بالعملة التركية.

وارتفعت مطلع العام الماضي وتيرة استبدال العملات الورقية (الليرة السورية) بـ (الليرة التركية) بعد نشاط شركات الصرافة التي تتمركز في مدينة الباب بشكل واسع، علاوة على تسليم الموظفين رواتبهم بالعملة التركية، وسحب العملات السورية من التداول.

وترجح المعلومات الواردة ارتفاع أسعار السلع في إدلب وريفها، بعد تحرك شركة "وتد" المتخصصة في المحروقات، والتي تتبع لـ"هيئة تحرير الشام" (النصرة سابقاً) ورفعت منتجاتها النفطية متعاملة بالدولار الأميركي.

في المقابل، فرضت هذه التطورات أعباءً إضافية على السوريين الفارّين من آتون الحرب واللاجئين على الحدود بين البلدين، وتقطعت بهم سبل العيش وعددهم ما يقارب مليون ونصف المليون شخص في مخيمات النزوح المسجلة أو العشوائية المترامية الأطراف على الحدود الجنوبية لتركيا، وبات من الصعب على هؤلاء تأمين حاجاتهم وزادت معها الأعباء المالية بشكل مطّرد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

انهيار اقتصادي وسياسي

في غضون ذلك، يلتهب الشمال السوري على وقع التداعيات الاقتصادية الطارئة، وسط هواجس عملة جديدة غير موثوقة استبدل الناس عملة بلادهم الأساسية بها. وتوقع الباحث والمتخصص في الاقتصاد السياسي محمد عابدين، خسارات متزايدة في شمال البلاد، ولعل رجال الأعمال والسوريين الأتراك لن يتأثروا كثيراً لامتلاكهم العملات الأجنبية، بينما ستزداد خسارة السوريين ممن يدخرون ويتعاملون بالليرة التركية، داعياً إياهم لأن يكونوا حريصين على امتلاك القطع الأجنبية لعدم الثقة بتقلبات العملة التركية، وسط تنبؤات بانهيار اقتصادي واسع تشهده الدولة المجاورة في الشمال.

ويردف: "قد تنهار الليرة التركية إلى درجات غير مسبوقة وقد تنضم إسطنبول إلى منطقة اليورو نتيجة مساعٍ حثيثة من بلديتها بعد انتخاب رئيسها من خارج حزب العدالة الحاكم، وهذا إن حصل يعني تفكك الدولة التركية من الداخل".

العملة وحسابات المستقبل

وثمة توقعات تحدث عنها مراقبون اقتصاديون باعتماد إجراءات استثنائية كما حصل مع العملة (المعدّلة)، حين حذفت الحكومة التركية ستة أصفار بعدما كان الدولار يعادل مليون تركي، في وقت دعا حاكم البنك المركزي السابق سميح تومن المُقال حديثاً في شهر أكتوبر (تشرين الأول)، إلى ضرورة وضع سياسات تحمي الليرة عبر تغريدة له على "تويتر"، بينما خرجت تظاهرات متفرقة في الداخل التركي تطالب أردوغان بالاستقالة، وطالب معها سياسيون من أحزاب مختلفة معارضة بانتخابات مبكرة.

ويقول عابدين "بحسب التجارب السابقة، انهيار العملة التركية يعني إما اللجوء إلى حالة حرب خارج الحدود، أو تغيير حكومي مع هجرة رؤوس الأموال بالتوازي مع الانهيار المصرفي. ولكن حالة الحرب مستبعدة لأن روسيا أوقفت أنقرة عند حدها".

ويرى أنه لا يمكن إنقاذ تركيا إلا إذا تدخلت أميركا، على النقيض من الموقف الأوروبي الذي لم يكُن يملك النية لإنقاذها، ولا يستبعد أن تعود أنقرة إلى الاتفاق مع موسكو ودمشق، لحل سياسي قريب.

وتأتي كل هذه التطورات بالتوازي مع زيارة ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وتوقيع تسع اتفاقيات في مجال الطاقة واستثمارات التكنولوجيا والموانئ، وتأسيس صندوق بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا، والتركيز على الاستثمارات في قطاعي الصحة والطاقة، بما في ذلك توقيع البنكين المركزيين الإماراتي والتركي على اتفاق تعاون، وليس من المستبعد أن يكون اتفاق تبادل.