Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حمدوك أمام اختبار المليونية وإقناع الشارع السوداني

تشهد أروقة الأحزاب السياسية والكتل المدنية نقاشات واجتماعات متواصلة لبلورة رؤية موحدة

ينتظر رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، اختبار صعب أمام مدى قدرته على حماية مواكب المليونية التي دعت إليها تنسيقيات لجان المقاومة، اليوم الخميس 25 نوفمبر (تشرين الثاني)، في العاصمة المثلثة (الخرطوم، الخرطوم بحري وأم درمان) لإزالة المكون العسكري من السلطة في البلاد، اعتراضاً على الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر (تشرين الأول) بإعلان الطوارئ وتعطيل الوثيقة الدستورية، وعدم الاعتراف بالاتفاق السياسي الذي وقع بين البرهان وحمدوك الأحد الماضي.

وتعتبر هذه المليونية الأولى من نوعها، بعد تسلم حمدوك زمام السلطة التنفيذية، إذ استبقها بلقاء قادة الشرطة، الأربعاء. ووجه حمدوك، بحسب بيان صادر عن مجلس الوزراء، بتأمين مواكب 25 نوفمبر، والشروع في إطلاق سراح المعتقلين من لجان المقاومة في العاصمة وأقاليم البلاد. واطلع على استعدادات الشرطة والخطة التفصيلية لتأمين المواكب في ظل التأكيد أن حرية التعبير والتظاهر السلمي حق مشروع وفق مبادئ ثورة ديسمبر (كانون الأول).

وأكدت قيادة الشرطة التزامها العمل وفق القانون بما يحفظ للجميع أمنهم وسلامتهم وممارسة حقهم في التعبير السلمي.

في المقابل، تشهد أروقة الأحزاب السياسية والكتل المدنية من مختلف الاتجاهات، منذ اتفاق البرهان وحمدوك، نقاشات واجتماعات متواصلة لبلورة رؤية وصيغة موحدة في شأن كيفية التعامل مع الواقع السياسي الجديد، في ظل تباين الآراء بخصوص الاتفاق الثنائي لإنهاء الأزمة السياسية التي استمرت قرابة الشهر.

لكن ما الخطوات التي ترى القوى السياسية أنه من الواجب توافرها لتهيئة الأجواء واطمئنان الشارع لدعم الاتفاق السياسي، وإيجاد سند جماهيري لمؤازرة هذا الاتفاق خلال هذه الفترة الانتقالية التي من المقرر انتهاؤها في يوليو (تموز) 2023؟

حرية التعبير 

في هذا الشأن، يرى القيادي في الحزب الناصري في السودان، ساطع الحاج، أن "تفعيل عودة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك إلى منصبه مرتبط بمجموعة من الشروط، هي إطلاق جميع المعتقلين السياسيين من دون تلكؤ، والإقرار بأن سلطة الاعتقال تحددها النيابة العامة وليس السلطات العسكرية، وإلغاء قرارات التعيين والإعفاء في أجهزة الحكم التي تمت بعد 25 أكتوبر، بما في ذلك السفراء ومديرو البنوك، وحماية حرية التعبير السلمي في التظاهر خصوصاً المواكب السلمية، أما الفيصل فهو مواكب مليونية 25 نوفمبر من خلال تأمينها ووقف شلال الدم الذي صاحب التظاهرات السابقة، فضلاً عن تشكيل لجان تحقيق مختصة لتقصي ما حدث من قتل في التظاهرات التي خرجت في مدن العاصمة المثلثة منذ الانقلاب العسكري".

ويلفت الحاج إلى أنه "مطلوب من حمدوك إقناع حلفائه وشركائه في المشهد السياسي بأنه يمتلك كامل الصلاحيات التنفيذية، وأنه ممسك بزمام الأمور حتى يكسب السند السياسي الحقيقي بعيداً من أصحاب المصالح والأطماع، الذين يحاولون إظهار ولائهم لثورة ديسمبر ظاهرياً من أجل تمكنهم في السلطة من جديد"، لافتاً إلى أنه "حتى اللحظة، لم تتبلور صيغة نهائية تتضمن اتفاقاً بين القوى السياسية داخل قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) لدعم حكومة حمدوك الحالية".

ويضيف القيادي الناصري، "ربما يصعب إعلان موقف جماعي موحد من الكتل السياسية المؤمنة بالتحول الديمقراطي تجاه اتفاق البرهان - حمدوك، في ظل رمال متحركة تحت الأقدام، لكن هناك اجتماعات مستمرة تهدف إلى إيجاد قواسم مشتركة بالنظر إلى تباين المواقف والآراء بشأن الاتفاق السياسي، للخروج برؤية موحدة تعبر عن تطلعات الشعب السوداني وثورته المجيدة، والرغبة في التحول المدني من أجل بناء المرحلة الانتقالية".

حوار شفاف 

من جانبه، يقول الأمين السياسي في "حركة العدل والمساواة"، سليمان صندل، "في البداية لا بد من الإشارة إلى أن الاتفاق السياسي الذي تم بين البرهان وحمدوك طوى أزمة سياسية كان يمكن أن تعصف باستقرار السودان وأمنه، فهو اتفاق جيد، ولا يعني ذلك أن الجميع راضٍ عنه، لكنه خطوة ممتازة للعبور إلى الأمام وإنهاء الفترة الانتقالية بسلاسة وصولاً إلى التحول الديمقراطي المنشود. وبشكل عام، فإن هذا الاتفاق يمكن أن يؤسس لمرحلة جديدة، وأن تبقى النصوص الواردة فيه أساساً لبناء فترة انتقالية قائمة على العدالة وبسط الحريات وحسن الأداء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي ما يتصل بمتطلبات الفترة المقبلة وأولوياتها، يقول صندل، "الاتفاق تحدث عن ضرورة أن يكون هناك إعلان سياسي بشأن كيفية إدارة الفترة الانتقالية، من خلال إيجاد صيغة شراكة بين القوى الوطنية السياسية والمدنية والمكون العسكري والإدارة الأهلية ولجان المقاومة وقوى الثورة الحية وقطاعات الشباب والمرأة ورجالات الطرق الصوفية، وإنجاز هذا الإعلان يتطلب حواراً شفافاً يشارك فيه الجميع بقلب مفتوح ورؤية ثاقبة تناقش كل قضايا البلاد الملحة".

يضيف، "لا بد من أن ينخرط رئيس الوزراء في مشاورات واسعة مع القوى الحديثة والتقليدية لتشكيل حكومة التكنوقراط الجديدة، التي يجب أن تتم وفق معايير عامة تركز على تمثيل أقاليم السودان من أجل إحداث توازن. الأمر الذي يؤدي إلى الارتياح والقبول وسط معظم سكان البلاد، وهي من المشكلات التي قادت إلى الحرب في العهود السابقة. إضافة إلى تكوين لجان قانونية لتعديل الوثيقة الدستورية بالتوافق من خلال إصلاح العيوب وتطويرها وصولاً إلى وثيقة جديدة تلبي آمال الشارع السوداني وطموحاته، فضلاً عن استكمال أجهزة الحكم المختلفة كالمفوضيات والمحكمة الدستورية والنيابة العامة ورئاسة القضاء وتشكيل المجلس التشريعي الذي يجب أن يضم كل القوى المدنية ما عدا المؤتمر الوطني (حزب الرئيس السابق عمر البشير)، بجانب الشباب والمرأة، فالمرحلة المقبلة عنوان الحوار الواسع المتصل بكل القوى الحية".

توافق سياسي 

ويتابع صندل، "لدينا في السودان خبرة سياسية تراكمية تساعد في قيام حوار يمكن أن يقود إلى الاستقرار الحقيقي، ولا بد من أن يلعب مجلس السيادة دوراً مهماً لدفع عملية الحوار مع مختلف القوى الوطنية للخروج بتوافق سياسي، لأنه من المؤكد أن أي محاولة لعزل أو إقصاء أي قوى أو جهة لن تؤدي في النهاية إلى نجاح هذه الفترة. كذلك، من المهم أن تكون هناك شفافية كي يفهم الجميع، وخصوصاً الشباب، ما يدور في هذه الفترة وكيفية الرسم لها لتحقيق التحول الديمقراطي. ويجب العمل على تنفيذ اتفاقية السلام التي وقعت في جوبا بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة المنضوية تحت الجبهة الثورية، باعتبارها استحقاقاً حقيقياً، ومن الأهمية بمكان استكمال السلام بانضمام عبد العزيز الحلو رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال، وعبد الواحد محمد نور قائد حركة جيش تحرير السودان إلى هذه الاتفاقية ليكون سلاماً شاملاً". 

ويعتقد صندل أن "هناك قطاعاً عريضاً من الشباب يحمل أفكاراً ومعلومات مغلوطة في ظل الشحن الزائد والاستقطاب الحاد، ويستدعي ذلك فتح حوار مع هؤلاء الشباب لتصحيح المفاهيم السالبة التي يسيرون عليها، لكن من المهم مخاطبة قضاياهم بشكل واضح والعمل على توفير فرص حقيقية لتوظيفهم وتعليمهم. ولا بد من إجراء تحقيق واضح وشفاف بشأن عمليات القتل التي استهدفت التظاهرات الأخيرة التي راح ضحيتها 41 قتيلاً حسب لجنة أطباء السودان المركزية".

طي الأزمة

وطوى اتفاق البرهان وحمدوك أزمة سياسية تطاول أمدها وشهدت وساطات دولية ومحلية وإقليمية مورست خلالها ضغوط على المكون العسكري، وأدت إلى توقيع هذا الاتفاق الذي يتضمن 14 بنداً، إذ أكد أن "الوثيقة الدستورية لعام 2019 (تعديل 2020) المرجعية الأساسية لاستكمال الفترة الانتقالية، مع مراعاة الوضعية الخاصة لشرق السودان والعمل المشترك على معالجتها بصورة ترضي أهل الشرق وتضمن الاستقرار، مع تعديل الوثيقة بالتوافق بما يحقق مشاركة سياسية شاملة وواسعة لمكونات المجتمع السوداني باستثناء حزب المؤتمر الوطني المحلول".

وأكد الطرفان في الاتفاق أن "الشراكة القائمة بين المدنيين والعسكريين هي الضامن لاستقرار السودان وأمنه، لذلك اتفقا على إنفاذ الشراكة بروح الثقة والالتزام التام بتكوين حكومة مدنية من الكفاءات الوطنية المستقلة (تكنوقراط)، وضمان انتقال السلطة في موعدها المحدد إلى حكومة مدنية منتخبة".

إلى جانب تأكيد الاتفاق إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، تعهد الطرفان في الاتفاق بإدارة الفترة الانتقالية بموجب إعلان سياسي يحدد إطار الشراكة بين القوى الوطنية (السياسية والمدنية) مع المكون العسكري والإدارة الأهلية ولجان المقاومة وقوى الثورة الحية وقطاعات الشباب والمرأة ورجالات الطرق الصوفية.

وتعهد الجانبان بموجب الاتفاق، بالعمل على بناء جيش قومي موحد وتنفيذ اتفاق سلام جوبا واستكمال الاستحقاقات الناشئة بموجبه وإلحاق غير الموقعين على الاتفاق وبدء حوار موسع وشفاف بين القوى السياسية والمجتمعية وقوى الثورة الحية، ويؤسس لقيام المؤتمر الدستوري والإسراع في استكمال مؤسسات الحكم الانتقالي بتكوين المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية وتعيين رئيس القضاء والنائب العام، يتبعها تكوين المفوضيات ومؤسسات الانتقال الأخرى ومباشرة مهماتها فوراً وفق جداول زمنية محددة.

كذلك، شمل الاتفاق السياسي التحقيق في الأحداث التي جرت أثناء التظاهرات من إصابات ووفيات وسط المدنيين والعسكريين وتقديم الجناة إلى المحاكمة، وضرورة إعادة هيكلة لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو (حزيران)، مع مراجعة أدائها في الفترة السابقة، ودعمها بالكوادر المؤهلة في التخصصات والخبرات اللازمة بما يمكّنها من أداء عملها بصورة ناجزة وعادلة، مع تفعيل لجنة الاستئنافات ومراجعة قراراتها وفقاً لدرجات التقاضي المقررة قانوناً.

المزيد من العالم العربي