Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أوروبا تضيق الخناق المالي والمصرفي على لندن

تداعيات "بريكست" لم تنته بعد.. وحي المال والأعمال البريطاني أكبر الخاسرين

تشدد أوروبي نحو بريطانيا يطال عمل البنوك في الاتحاد (رويترز)

يعمل الاتحاد الأوروبي على تشديد القيود على عمل البنوك من خارج الاتحاد في السوق الأوروبية المشتركة. وكما نشرت صحيفة "فاينانشيال تايمز"، سيعني ذلك تعديل بعض التشريعات التي تسمح للبنوك والمصارف الاستثمارية من خارج أوروبا بالتداول وبيع خدماتها في دول الاتحاد، ويسمى ذلك "حقوق الوصول عبر الحدود" والتي تمنحها الدول فرادى للمصارف والمؤسسات المالية. وتستفيد البنوك من التداول عبر الحدود لأنه أكثر سهولة في التعامل داخل منطقة اليورو من دون الحاجة لنقل رؤوس أموالها وموظفيها إلى أوروبا، وستكون أكثر البنوك المتضررة من تلك القيود الجديدة هي التي مقرها في حي المال والأعمال في العاصمة البريطانية "سيتي أوف لندن" بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) نهائياً مطلع هذا العام. ويعد التغيير الذي تسعى بروكسل إليه خطوة في محاولة الاتحاد الأوروبي تنظيم عمل البنوك والمؤسسات المالية العالمية في الاتحاد الأوروبي، وتهدف بروكسل إلى تسليح هيئات الرقابة والتنظيم الأوروبية بالسلطة المطلوبة لجعل البنوك من خارج أوروبا تقوم بتحويل فروعها في دول الاتحاد الأوروبي إلى بنوك تابعة لها، بحيث تسهل مراقبتها وتنظيم عملها.

التضييق على لندن

تلك التغييرات هي جزء من التوجيهات الجديدة للمفوضية الأوروبية في شأن متطلبات حركة رأس المال، وهي تشريعات جديدة ما زالت بانتظار اقرارها في البرلمان الأوروبي وتصديق المجلس الأوروبي عليها لتصبح قانوناً نافذاً، وكان المسؤولون في البنك المركزي الأوروبي عبروا عن مزيد من القلق الشديد من الزيادة الكبيرة في المعاملات المالية والمصرفية التي تستخدم حقوق الوصول عبر الحدود بعد "بريكست"، إذ واصلت بنوك عالمية تقديم خدماتها لزبائنها الأوروبيين والقيام بعمليات بيع واقراض تداول من مقارها خارج أوروبا، بخاصة من العاصمة البريطانية لندن.

وحقوق الوصول عبر الحدود هي اجراءات موجودة من قبل وتستفيد منها البنوك والمؤسسات المالية في الولايات المتجدة وآسيا وحتى في سويسرا للعمل في الاتحاد الأوروبي من مراكزها الرئيسة في الخارج، إلا أن عضو مجلس هيئة الرقابة والتنظيم في البنك المركزي الأوروبي إدوارد فرنانديز بوللو حذر في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي من استغلال البنوك لحقوق الوصول عبر الحدود "كوسيلة للقيام بنشاطات هائلة الحجم في الاتحاد الأوروبي بطريقة العمل وكأن شيئاً لم يكن".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتأمل البنوك العالمية، التي ما زالت تتخذ من حي "سيتي أوف لندن" مقراً لها، بأن يعمل البرلمان الأوروبي على تعديل تلك التشريعات قبل الموافقة عليها، بما يسمح لها بمواصلة نشاطاتها في أوروبا انطلاقاً من لندن، بخاصة وأن تعديل تلك التشريعات والاجراءات لن يطال لندن فقط، بل بعض مراكز المال والأعمال في أميركا الشمالية وآسيا كذلك. لكن يبدو أن المفوضية الأوروبية عازمة بإصرار على الحيلولة من دون استفادة القطاع المالي في بريطانيا من تدابير وإجراءات سابقة للالتفاف على "بريكست"، واستمرار العمل في أوروبا وكأن بريطانيا لم تخرج من الاتحاد.

خسائر القطاع المالي

يذكر أنه منذ مفاوضات "بريكست" العام الماضي بين بريطانيا والمفوضية الأوروبية، يشكو القطاع المالي في بريطانيا من أنه جرى إهماله ولم يتم تضمين نصوص واضحة بشأنه في اتفاق "بريكست" الذي تم التوصل إليه في اللحظات الأخيرة نهاية العام الماضي. وكانت بعض البنوك العالمية والمؤسسات المالية الكبرى نقلت أعمالها أو جزءاً منها من لندن إلى مراكز المال الأوروبية في فرانكفورت وباريس قبل نهاية العام الماضي، لضمان استمرار عملها المربح في منطقة اليورو. وفي شهر نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي بدأت لندن تخسر المليارات لمصلحة بورصات أمستردام وباريس، بعد تشديد قيود تداول المشتقات المالية الأوروبية وقصرها على داخل الاتحاد. وتقدر تلك السوق بنحو 20 تريليون دولار (15 تريليون جنيه استرليني). ورفضت السلطات المالية الأوروبية العام الماضي تغيير قواعد وآليات تنظيم التعامل في المبادلات والمشتقات المالية بعد نهاية الفترة الانتقالية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست" في 31 ديسمبر (كانون أول) 2020. وأعلنت هيئة الأسواق والأوراق المالية الأوروبية حينذاك أنه "منذ 1 يناير (كانون الثاني) 2021 سيكون على كل المؤسسات المالية التي مقرها لندن وتتعامل في الأسواق الأوروبية بحسب قواعد التعاملات المالية للاتحاد الأوروبي، بما في ذلك فروع البنوك الأوروبية في بريطانيا، أن تلتزم بالمعايير والقواعد والقوانين البريطانية والأوروبية معاً بعد نهاية الفترة الانتقالية".

بنوك ومؤسسات

وبالتالي أصبحت البنوك والمؤسسات المالية في لندن مضطرة إلى إجراء معاملاتها في الأسهم والمشتقات المالية (مبادلات، مقايضات، سندات دين مركبة) عبر نيويورك أو المراكز الأوروبية مثل فرانكفورت أو باريس أو غيرها، بدلاً من التعامل مباشرة من لندن حيث توفر الكلفة والإجراءات.

ووقتها اقترحت بريطانيا على المفاوضين الأوروبيين أن تتم إضافة ملحق للاتفاق يتعلق بالقواعد المنظمة للتعاملات المالية، بخاصة في الأسهم والمشتقات، وهو ما خشي المفاوضون الأوروبيون أن يكون طريقة بريطانية للالتفاف على الخروج من أوروبا والاستمرار في استغلال "السوق الموحدة" الأوروبية كما كان في السابق. ورفض الأوروبيون الاقتراح على أساس أن هدف بريطانيا الأساس من "بريكست" عدم الالتزام بكل "المعايير والقواعد والقوانين للبيروقراطية الأوروبية" بحسب وصف أنصار "بريكست" في بريطانيا للإجراءات الأوروبية.