Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وجوه مصر... كما يراها مصور لبناني

بدأ رحلته من جنوب البلاد واعتبر مشروعه تحية لأهلها الطيبين

اعتمد الفنان الأبيض والأسود في كل الصور للتركيز على الملامح  (اندبندنت عربية)

وجوه مصرية طيبة تشبه الأرض التي يسكنونها منذ آلاف السنين، تجدهم في الشوارع والأسواق والمناطق الشعبية التي تحمل طابع المكان وروح أهله ليشكلوا معاً في النهاية جزءاً من تاريخ البلاد وهويتها بلغتهم وملابسهم ونمط حياتهم المميز. ومع تكرار زياراته لمصر وقع المصور اللبناني وائل اللادقي في حب المناطق العريقة والشعبية، عندما بدأ رحلته من الجنوب وتحديداً من الأقصر ليقرر بعدها تبني مشروع فني لتوثيق هذه الوجوه.

 بعد جولاته في مصر من أقصاها إلى أقصاها، حيث بدأ من الجنوب حتى وصل إلى الإسكندرية اعتبر المصور أن مشروعه الفني تحية لأهل مصر البسطاء ووجوههم الطيبة التي حافظت على أصالتها. يقول اللادقي لـ"اندبندنت عربية"، "بدأ شغفي بالتصوير منذ عمر الـ6 سنوات مع أول كاميرا حصلت عليها كهدية آنذاك، ومن وقتها وحتى اليوم فالتصوير هو هوايتي وعملي الذي منحني الفرصة للتنقل بين البلدان وتصوير أحداث وفعاليات متباينة، فمن الحروب والنزاعات إلى الاحتفالات والمهرجانات إلى الأحداث الرياضية والإنسانية الكبرى توثق الكاميرا لحظات متعددة تبقي حتى بعد انتهاء الحدث".

يضيف، "مصر بالنسبة إلى كل العرب جزء من ثقافتنا وذكرياتنا اليومية خلال مرحلة الطفولة من خلال الأعمال الدرامية والمسلسلات المصرية التي شاهدها الناس في كل بيت عربي، لذلك هي قريبة من الجميع لأنهم عايشوا الثقافة المصرية وطبيعة حياة المصريين من خلال هذه الأعمال الدرامية على مدار السنوات فعند رؤيتي لبعض من قمت بتصويرهم شعرت بأنني أعرفهم ورأيتهم من قبل، وبشكل عام من أكثر ما يبهرني في مصر خلال زياراتي المتعددة لها رؤية حقب تاريخية عدة في مكان واحد، وانعكاس لثقافات متنوعة في منطقة محدودة والأمثلة على ذلك كثيرة، فالتناغم بين الحضارة المصرية القديمة والثقافات اللاحقة، يمثل أحد عوامل الإبهار فيها".

 

 

وجوه مصرية

زيارات متعددة قام بها الفنان وائل اللادقي إلى مصر منذ عام 2004، ليبدأ رحلته في حب مصر التي نتج منها هذا المشروع الفني، الذي بدأه فعلياً مع عام 2016 بجولات متعددة لمناطق مختلفة أبرزها الأقصر وأسوان، والنوبة، ومحافظات الصعيد عامة إضافة إلى القاهرة والإسكندرية والبحر الأحمر.  

يذكر، "مع تكرار زياراتي لأماكن مختلفة داخل مصر وتفاعلي مع أهلها البسطاء الذين لا يزالون محافظين على طابعهم الأصيل في الحياة والملابس والتقاطي صوراً لبعضهم تولدت لدي فكرة مشروعي الفني وجوه مصر، وقررت أن أضع فيه بصمتي كمصور وروحي كمحب لمصر وبدأت الرحلة من الجنوب من الأقصر وأسوان تحديداً، حيث لا يزال كثير من الناس محافظين على الهوية، ولا تختلف حياتهم كثيراً عن أسلافهم ممن عاشوا في المنطقة نفسها منذ زمن طويل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يضيف، "تنقلت عدستي بعدها في مناطق متنوعة فصورت القاهرة بأهلها الحقيقيين في المناطق الشعبية القديمة، لتكون لكل صورة روح عفوية يحملها أصحابها، وبالطبع أضاف تفاعلي مع الناس بعداً آخر للصورة بمعرفتي بحكاية كل واحد منهم، فهؤلاء الناس يناضلون يومياً من أجل لقمة العيش، ولكن الرضا والابتسامة لا تفارقهم وتعطي ملمحاً رئيساً لوجوههم في الحقيقة والصورة على السواء، فالطيبة والعفوية والتواضع سمات رئيسة في شخصياتهم".

حكايات بالأبيض والأسود

اعتمد الفنان الأبيض والأسود في كل صور مشروعه الفني ليضفي هذا ثراءً وعمقاً على كل مفرداتها التي تعكس ثقافة البيئة المصرية التقليدية وأبناء البلد الموجودين في تفاصيل الحياة اليومية البسيطة والثرية في الوقت ذاته فيقول اللادقي، "الأبيض والأسود يعطي قيمة لأي عمل فني لأن الألوان أحياناً تشوش على فكرة الصورة، فهنا تعابير الوجه هي البطل الرئيس وحضور الألوان يمكن أن يلفت الانتباه إلى تفاصيل أخرى مثل ألوان الملابس أو أي شيء يجذب الانتباه، وهذا لا ينفي أن التفاصيل في كل صورة لا تقل في الأهمية عن صاحبها، فهي تحمل كثيراً من المفردات التي تدفع من يشاهدها للتأمل وليس مجرد إلقاء نظرة عابرة عليها".

يوضح، "مثلا إحدى الصور هي صورة عم عيسي وهو جزار في جنوب مصر، ومنه بدأ مشروعي (وجوه مصر)، فإلى جانب ملابسه التقليدية وعمامته فإن التفاصيل المدهشة المتمثلة في الشيشة التي يدخنها، الصور المعلقة على الحائط، والقطة، العبارة التي كتبها على البوابة خلفه (سأصبر حتى يعجز الصبر عن صبري)  كلها تفاصيل في غاية الثراء وتجعل الصورة أشبه بلقطة من فيلم سينمائي، وليس مجرد صورة فوتوغرافية".

 

 

توثيق لحقبة معينة

تمر السنوات وتبقى الصور واحدة من أهم أدوات التوثيق لمراحل سابقة بكل ما تحمله من سمات عاش فيها الناس في مكان معين، ويمثل تفاعلهم مع المصور إضافة تعطي له مساحة أكبر ليخرج الصورة في أفضل حالة ممكنة، وعن تفاعل المصريين مع الصور يقول اللادقي "لم أواجه مشكلات في تصويرهم وتفاعل الناس معي بشدة، فطبيعة المصريين اجتماعيون ومتقبلون لكل الناس من كل الثقافات، خصوصاً من قابلتهم في الجنوب، فالسياحة ووجود الناس في هذه المنطقة هو شيء أساس في حياتهم، بالتالي لديهم انفتاح وقبول للناس بشكل عام، ومع تكرار زياراتي للمكان صارت هناك علاقة وطيدة بيني وبين بعضهم لتصير هناك علاقة حقيقية بيننا".

يضيف، "أفكر في كيفية توثيق هذه الصور ربما من خلال كتاب أو أي صيغة أخرى، لأنها تعكس واقع مجموعة من الناس في مصر خلال فترة زمنية بعينها. ومع الوقت مثل هذه الصور تكون لها قيمة في التعرف على شكل وطبيعة حياة الناس، إلا أن العام الأخير بسبب ظروف كورونا عطل كثيراً من المشروعات، أو يمكن أن نقول أجلها لنتمنى أن تخرج للنور قريباً".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات