Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البنوك البريطانية مدعومة بالمال العام لذا يجب إلزامها خدمة المصلحة العامة

طالما استمرت باحتلال موقع متميز باعتبار أنها مصدر أولي لضخ المال في اقتصاد المملكة المتحدة...عامة الناس في موقع تفاوضي أقوى مما يدركه صنّاع القرار

البنوك البريطانية أُنقذت قبل عقد واحد بفضل المال العام، ومُنحت أكثر من 130 مليار جنيه إسترلين (بي إكس هير)

في الأسبوع الماضي شاهدنا بأم العين فشل الصناعة المصرفية البريطانية.

ونشرت "دائرة أمناء المظالم المالية" تقريراً أشارت فيه إلى ارتفاع عدد الشكاوى المقدمة حول الحسابات المصرفية الجارية بشكل حاد، فيما كشف تحقيق أجرته "لجنة الخزانة في مجلس العموم" أوجه استبعاد البنوك قطاعاً واسعاً من الشعب من خدمات حيوية.

ويوم الخميس الماضي، أمرت "اللجنة الأوروبية" مصرفي "أر بي أس" و"باركليس" بدفع ما عليهما من غرامات تبلغ 1.1 مليار يورو بعد أن اكتُشف تواطؤ المتداولين فيهما في التلاعب بأسواق المال.

وعلى الرغم من كثرة الاتفاقات والالتزامات الطوعية بحماية المستضعفين، فإن الملايين من الناس استُبعدوا مع إغلاق عدد كبير من فروع البنوك، وإلغاء عدد كبير من مكائن وآلات سحب النقد، كما أن ثمار الابتكارات التكنولوجية تقتصر على ميسوري الحال فحسب.

ولو أن تجربة المستهلكين هذه كانت في أي قطاع آخر لأثارت قلقاً كبيراً. إلا أن حقيقة كونها تحدث في النظام المصرفي – الذي هو واحد من أكثر القطاعات الاقتصادية التي تدعمها الدولة- فإن ذلك يمثل فشلاً ذريعاً في حقل السياسات العامة.

وتجدر الإشارة إلى أن البنوك البريطانية أُنقذت قبل عقد واحد بفضل المال العام، ومُنحت أكثر من 130 مليار جنيه إسترليني. والقطاع المصرفي البريطاني ما زال يتسلم مساعدات تقدر بمليارات الجنيهات كل سنة، وهذا بفضل دعم دافعي الضرائب المالي له. وقيمة الدعم هذا تُقدر بـ 23 مليار جنيه إسترليني سنوياً.

والآن، تحقق البنوك الأربعة الأكبر في المملكة المتحدة، أرباحاً وفيرة، تعد الأضخم منذ الانهيار المالي الأخير قبل حوالي 10 سنوات. ومع الدعم المالي الذي قدمناه لمصارفنا الكبرى، يعتقد معظم الناس أنها ملزمة مقابل ذلك أن توفر للعامة خدمات أساسية وألّا تخدعنا، لكنها الى اليوم تسير في الاتجاه المعاكس.

فخلال الخمس سنوات الأخيرة شهدنا ارتفاعاً حاداً في شكاوى المستهلكين تتعلق بالخدمات المصرفية والحسابات المصرفية الجارية، وقدم أكثر من 40 ألف شخص شكاوى لـ "دائرة أمناء المظالم المالية" بين 2018 و2019، أي أكثر من 27 في المئة عن السنة الماضية.

في الوقت نفسه، أغلقت البنوك أكثر من 3000 فرع خلال الأربع سنوات الأخيرة وحدها. أما الآلات المجانية لسحب النقود فأعدادها تتراجع بمعدلات قياسية بعد أن ضغطت البنوك لخفض تمويل شبكاتها.

وحان الوقت لإبرام اتفاق جديد مع البنوك البريطانية. فإذا كانت تواصل تلقي الدعم المالي الضخم من أموال دافعي الضراب سنوياً، فإن عليها أن تثبت على أقل تقدير جدوى الدعم هذا من طريق توفير خدمات أولية لعامة الناس. وإذا لم تكن على استعداد لتغيير سلوكها، فحريّ بالهيئات الناظمة في هذه الحال أن تتحرك أكثر بالنيابة عنا ولمصلحتنا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واقتراح " لجنة الخزانة في مجلس العموم"، وهو يقضي بإلزام المصارف قانونياً بخدمة مصالح الزبائن على أفضل وجه ممكن، هو بداية تستحق الترحيب. ومن الممكن أن تشمل الإجراءات الأخرى شرطاً جديداً يسري إذا رفض بنك من البنوك طلب زبون بفتح حساب له، ويلزمه بتوجيه الزبون صوب خيار بديل، حتى لو كان ذلك يعني تقديم توصية بمزود آخر لهذه الخدمة. 

ويجب أن تقدم البنوك حسابات جارية أولية مجانية للناس غير المؤهلين لأنواع أخرى من الحسابات المصرفية بسبب تخلفهم في السابق عن سداد الديون. هذه آلية مهمة للوصول إلى 1.3 مليون راشد في المملكة المتحدة محرومين من التسهيلات المصرفية. لكن " لجنة الخزانة في مجلس العموم" وجدت أن بعض البنوك لا تقوم بأي شيء لدعمهم.

كذلك فإن اتفاقات البنوك الطوعية بحماية المجموعات السكانية من إغلاق فروعها فشلت بشكل واضح. ومع ازدياد معدلات الأعطال التي شابت خدمات "تكنولوجيا المعلومات"، فإن البنوك لا تستطيع الاعتماد على قنوات الانترنت والهواتف الجوالة للتعويض عن الوجود الفعلي للعاملين. فمن بين كل عشرة أشخاص هناك تسعة منهم استخدموا فرعاً مصرفياً ما خلال العام الماضي، ولجنة الخزانة محقة عند قولها بأن تدخلاً تنظيمياً لا غنى عنه لضمان الحفاظ على شبكة الفروع المصرفية.

 كذلك، يجب القيام بإجراء طارئ لحماية قدرة الناس على الوصول الى أموالهم في المصارف. وكان التقييم الأخير لمستوى "الوصول إلى النقد" حذر من أن البنية التحتية للنقد في بريطانيا على "حافة الانهيار". فشبكة مكائن وآلات سحب النقد تُموَّل بواسطة رسوم تقدمها البنوك. لكن الضغوط التي مارستها البنوك أدت إلى خفض قيمة الرسوم، وجعل جزءاً كبيراً من هذه الشبكة غير صالح للاستخدام. والتزام الحكومة الأخير بـ "الحفاظ على النقد لأولئك الذين بحاجة إليه" بادرة مرحَّب بها، لكنها ستكون عقيمة، ما لم يُتوصل الى نموذج مستدام لتمويل نظام آلات النقد.

إضافة إلى ذلك، فإن أي اتفاق جديد مع البنوك البريطانية يجب أن يقرّ بالحاجة إلى تغيير منهجي في دور البنوك الأوسع في اقتصاد المملكة المتحدة. فحالياً، هناك أقل من 10 في المئة من قروض البنوك الجديدة تذهب إلى إغراض إنتاجية. فشطر راجح من القروض يُمنح للعقارات والأسواق المالية، وهذا ما يؤدي إلى حرف مسار الاقتصاد صوب الفقاعات العقارية، وتضخم في القطاع المالي وتضخم أسعار الأصول.

في المقابل، يستطيع "بنك إنجلترا" أن يكون أكثر حزماً في توجيه مسار القروض نحو المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ونحو اقتصاد ملائم للبيئة، وصوب الكيانات المجتمعية التي هي في أشد الحاجة للنقد. و"بنك إنجلترا" بدأ في إرساء نُّظُم تُقيد منح البنوك قروضاً محفوفة بالمخاطر، وبالإمكان تطبيق نفس الأدوات للمساعدة على تحقيق أهداف مجتمعية أوسع.

غير أن إجراءات كهذه ستواجه مقاومة كبيرة. فيلوِّح اللوبي المصرفي بالانسحاب من المملكة المتحدة، ويُهدد روس ماكوان، رئيس "رويال بنك أوف سكوتلاند"، بفرض رسوم على الزبائن مقابل حساباتهم الجارية. لكن الحقيقة هي أنه طالما استمرت البنوك باحتلال موقع متميز باعتبارها مصدرا أولياً لضخ المال في اقتصاد المملكة المتحدة- وكلما أخفقت تدعمها أموال دافعي الضرائب- فإن الجمهور في موقع تفاوضي أقوى مما يدركه صانعو القرار.

ديفيد كلارك مدير السياسات في مؤسسة "بوسيتف موني"

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد