Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تكرار التلويح بمقاضاة "أوبك" قد لا يفيد إدارة بايدن كثيرا

مخاوف سياسية من خسارة انتخابات التجديد النصفي تدفع الديمقراطيين للوم الآخرين على التضخم

المقر الرئيس لمنظمة البلدان المصدرة للبترول في النمسا  (أ ف ب)

مع ارتفاع أسعار البنزين للمستهلك في محطات الوقود في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى لها منذ سبع سنوات، عاد الحديث في الإعلام الأميركي عن مشروع قانون قديم حول منع الاحتكار، يسمح لوزارة العدل الأميركية بمقاضاة الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك).

هذا الأسبوع، كتب الرئيس الأميركي جو بايدن رسالة إلى رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية "لينا خان"، يطالبها فيها بالتحقيق في "سلوك غير قانوني محتمل" بأسواق البنزين الأميركية. وأعرب بايدن في رسالته يوم الأربعاء الماضي عن قلقه بشأن الاختلاف بين أسعار الوقود في المحطات وتكلفة شراء الوقود بسعر الجملة، مستشهداً بما قال إنه "دليل متزايد على السلوك المعادي للمستهلك من جانب شركات النفط والغاز".

ويسهم ارتفاع أسعار الوقود والغذاء بشكل كبير في ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة، التي يلقي فيها الحزب الجمهوري المعارض باللوم على سياسات إدارة بايدن الديمقراطية التي غذت الضغوط التضخمية. ومع اقتراب انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي بمجلسيه، النواب والشيوخ، يزيد قلق الإدارة الأميركية من احتمالات خسارة الحزب الديمقراطي الأغلبية في مجلس النواب وفوز الجمهوريين ولو بصوت واحد في مجلس الشيوخ بما يجعلهم أغلبية فيه.

ولأن إدارة بايدن لا تستطيع التراجع عن حزم التحفيز الاقتصادي التريليونية، التي يعتبرها الجمهوريون سبباً رئيساً في ارتفاع التضخم وتضر بالنمو الاقتصادي الهش في مرحلة التعافي من أزمة وباء كورونا، تحاول الإدارة "إلقاء اللوم على الغير" بحملة على شركات الطاقة.

محاولات متكررة وفاشلة

خلال الأسبوع الماضي عاد الحديث عن مشروع قديم في الكونغرس، سبق وحاول بعض النواب تمريره أكثر من مرة منذ ثمانينيات القرن الماضي لكن محاولاتهم فشلت، وليس هناك ما يضمن أي نجاح لمحاولتهم الآن. ونشرت وكالة بلومبيرغ تقريراً حول مشروع القانون يفيد بعدم وجود كارتلات لإنتاج وتصدير النفط، المعروف باسم "نوبك" (أي لا لأوبك)، وعن محاولات عضوين في مجلس الشيوخ تبني طرحه مجدداً للتصويت.

كانت اللجنة القضائية في مجلس النواب الأميركي وافقت على طرح مشروع القانون عبر تصويت شفوي في أبريل (نيسان) الماضي. ومنذ ذلك الحين، يسعى عضو مجلس الشيوخ الجمهوري المحافظ عن ولاية آيوا تشاك غراسلي، والعضو الديمقراطي الليبرالي عن ولاية فيرمونت باتريك ليهي إلى حشد تأييد لطرحه للتصويت.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع ما بدا من توجه الإدارة الآن لشن حملة على شركات الطاقة، وجد من يتبنون مشروع القانون فرصة للدفع نحو طرحه للتصويت. لكن رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، استبعدت ذلك قائلة، "إن المجلس يركز الآن على خطة الرئيس بايدن لتمويل مشروعات البنية التحتية والإنفاق الاجتماعي للحكومة". وفي مقابلة تلفزيونية يوم الأربعاء، قال السيناتور الديمقراطي باتريك ليهي، "تحدثنا مع عدد من الأعضاء حول مشروع نوبك"، موضحاً "أنه يعتزم مناقشة مشروع القانون أمام مجلس الشيوخ".

ويستند القانون إلى تشريع قديم منذ نهاية القرن التاسع عشر، استخدم لكسر احتكار شركة "ستاندرد أويل" العملاقة وقتها لسوق الطاقة في الولايات المتحدة. وعاد إليه المشرعون الأميركيون نهاية السبعينيات بعد أزمة النفط عقب الحرب العربية الإسرائيلية في 1973، لكن مشروع القانون لم يمر.

حتى عندما أقره مجلسا الكونغرس في عام 2007، لم يخرج مشروع القانون من الكابيتول وسط تهديد باستخدام حق النقض من جانب الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش. وكلما ارتفعت أسعار البنزين في محطات الوقود في الولايات المتحدة، يعود النواب والشيوخ لمشروع القانون. في الأغلب الأعم كمناورة سياسية لكسب الأصوات الانتخابية.

عقبات سياسية وقانونية

على الرغم من أن الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن كان من مؤيدي مشروع القانون في عام 2007، وكذلك من قبل في عام 2000، فإنه من المستبعد أن يصادق على القانون حتى إذا حظي بالتصويت المطلوب في مجلسي الكونغرس. لكن التلويح به ربما يشكل ورقة ضغط على شركات الطاقة والدول المصدرة للنفط كي تزيد الإنتاج لتخفض الأسعار.

لكن الواقع القانوني أن "أوبك" لا تحدد سعراً للنفط إطلاقاً منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي. وكل ما تفعله -والآن مع شركائها من خارجها في تحالف "أوبك+"- هو ضبط المعروض في السوق مقابل الطلب العالمي عبر اتفاقيات إنتاج لضمان استقرار أسواق الطاقة العالمية.

في كل المرات التي أعيد فيها الحديث عن مشروع القانون كانت وزارة الخارجية الأميركية وعدد من الجهات الأخرى تبدي معارضتها الشديدة لمجرد طرحه. فضلاً عن شركات النفط الكبرى، والأميركية منها، التي ترى فيه إثارة لاضطرابات في أسواق الطاقة ستضر بالمستهلك الأميركي في النهاية وليس الشركات فحسب.

يسمح التشريع لوزارة العدل الأميركية بإمكانية رفع دعاوى قضائية ضد أعضاء منظمات النفط لانتهاك قوانين مكافحة الاحتكار الأميركية. وحتى لو لم تتصرف وزارة العدل مطلقاً وفقاً لسلطتها في رفع الدعاوى، فقد يكون مجرد وجود هذا الخيار كافياً لإجبار المنظمة أو الكارتل على تغيير سلوكه، كما يقول تقرير "بلومبيرغ". وتنقل الوكالة عن بوب مكنالي، رئيس مجموعة "رابيدان إنرجي غروب" الاستشارية والمسؤول السابق في البيت الأبيض قوله، "نطلق على قانون نوبك وصف سلاح نووي لما له من تأثير هائل. تتراوح السبل فيه من إقرار عقوبة صغيرة إلى الاستيلاء على جميع الأصول".

ورفض نائب وزير الطاقة الأميركي ديفيد تورك فكرة طرح القانون في مقابلة مع "بلومبيرغ نيوز" في وقت سابق من الشهر الحالي قائلاً، إن الإدارة "تبحث في النطاق الكامل بشأن الخيارات لخفض أسعار البنزين وأنواع الوقود الأخرى. بعدما ارتفعت أسعار الوقود في محطات البنزين الأميركية بأكثر من 50 في المئة".

وفي الماضي، عارض معهد البترول الأميركي وغرفة التجارة الأميركية بشدة مشروع القانون. ويقول جيفري كوبفر، المسؤول السابق بوزارة الطاقة الأميركية في إدارة بوش في الفترة من 2006 إلى 2008، "إن الحديث عن السيطرة على أوبك يبدو أنه يعاود الظهور كلما ارتفعت أسعار البنزين. لكنه يظل رد فعل غير مثمر". ويضيف، "سيؤدي ذلك إلى مزيد من التقلبات في سوق النفط، وانخفاض مستويات الاستثمار، ونشوب نزاعات تجارية، وفي النهاية ارتفاع الأسعار بالنسبة إلى المستهلك الأميركي".

 ويرى كثير من المحللين أن إدارة بايدن قد لا تسمح بمرور القانون، وإن استفادت من مجرد التلويح به في سياق محاولاتها كسب أصوات الناخبين التي تراجعت نسبة تأييدهم لها مع ارتفاع معدلات التضخم. ويستشهد هؤلاء بأنه حتى في فترة حكم الرئيس السابق دونالد ترمب، حين عاد الحديث عن مشروع القانون عام 2018 لم يتعد الأمر مجرد المناورة أيضاً.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز