Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المجلس العسكري السوداني يضبط بوصلته الخارجية تجاه مصر والسعودية وميراث "البشير"

أكد اصطفافه مع القاهرة ودول الخليج ضد أي قوى تضر بمصالحهم

اختار رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني القاهرة كمحطة أولى لزياراته الخارجية (المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية المصرية)

اختار رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني القاهرة كمحطة أولى في زياراته الخارجية، ليؤكد الوقوف في محور التحالف المصري- الخليجي، متعهدا عدم إقامة أي علاقات مع أي دولة تضرّ بمصالح الخليج ومصر، ليؤسس لقطيعة مع لعبة التناقضات والتقلب بين المحاور التي مارسها نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، بحسب مراقبين.

وبعد أن أعلن المجلس العسكري الانتقالي في السودان استعداد بلاده للوقوف مع السعودية ضد التهديدات والاعتداءات الإيرانية والدفاع عن "بلاد الحرمين"، وبقاء قواته في اليمن لهذا الهدف، وذلك غداة زيارة نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف بـ"حميدتي"، للسعودية ولقائه بولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، تعهّد الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس العسكري الانتقالي بالسودان، عدم إقامة أية علاقات مع أي دولة تضرّ بمصالح مصر ودول الخليج العربي، خلال زيارته للقاهرة مساء السبت.

الاصطفاف مع مصر ودول الخليج

وفي قطيعة للروابط القوية بين نظام الخرطوم السابق والنظامين القطري والتركي، أعلن المجلس العسكري الانتقالي بالسودان يوم الجمعة بقاء القوات السودانية في السعودية واليمن ضمن قوات التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن قبل أن يعلن رئيسه، السبت، اصطفافه الكامل مع مصر ودول الخليج. ومن جانبه، قال طلال إسماعيل، المحلل السياسي السوداني، لـ"اندبندنت عربية"، إن "المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في السودان أكد تمسكه بعلاقات بلاده بدول التحالف العربي بخاصة بعد أن برهن على أنه تعلّم الدرس من تذبذب النظام السوداني السابق وتقلّبه بين المحاور الإقليمية، وبخاصة فيما يتعلق بعلاقاته بكل من تركيا وقطر، حيث أقام الرئيس السوداني المخلوع المشير عمر البشير علاقات تحالف وشراكة استراتيجية مع كل من الدوحة وأنقرة، وفي نفس الوقت كان على تقارب مع كل الدول المقاطعة لقطر، وهي السعودية ومصر والإمارات والبحرين، وسط محاولات للإمساك بالعصا من المنتصف، مما أدى إلى ارتباك في سياسة البشير الخارجية، مما دفع المجلس العسكري الانتقالي إلى اختيار الوضوح والشفافية والاصطفاف مع مصر والخليج، حيث أكد من جانب وقوفه مع السعودية والإمارات في وجه التهديدات الإيرانية، والعمل على وقف العلاقات مع أي دولة تضرّ بمصالح مصر والخليج، ولاسيما في ظل دعم هذه البلدان للاستقرار في السودان ماديا وسياسيا".

واعتبر المحلل السياسي السوداني أن "قيام رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بأول زيارة خارجية له إلى مصر، وبالتزامن مع زيارة نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو للسعودية، في أول تحرّك خارجي للمجلس يأتي تأكيدا على اتّباع المجلس العسكري لاستراتيجية خارجية تتمثل في وضوح المواقف والانحيازات وسط حالة الاستقطاب الإقليمي القائمة والتموضع في معسكر الرباعي العربي والتحالف العربي بقيادة السعودية"، مشيرا إلى أن "النظام السوداني السابق في أواخر أيامه كان قد اقترب من المحور الإيراني بزيارته دمشق ولقائه الرئيس السوري بشار الأسد التي فاجأت الجميع، لذا فإن المجلس العسكري الانتقالي يحاول القضاء على سياسة تعدد المحاور التي حاول نظام البشير ترسيخها خلال سنوات حكمه التي استمرت لنحو ثلاثة عقود".

الوقوف مع السعودية في مواجهة التهديدات الإيرانية

وفي ظل التساؤل حول مصير الاتفاق التركي السوداني حول جزيرة "سواكن" الواقعة على البحر الأحمر، كان أمن البحر الأحمر ومكافحة الإرهاب والموقف من دول حوض النيل والتدخلات الإقليمية والخارجية ومستقبل الانتقال السياسي في السودان، أبرز محاور الزيارتين اللتين قام بهما رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني ونائبه إلى مصر والسعودية، في أول تحركات المجلس الخارجية. وبدورها، قالت الدكتورة هبة البشبيشي، الخبيرة المصرية في الشأن الأفريقي، إن "مصر تتحرك نحو دعم الانتقال السياسي الذي يضمن احترام إرادة الشعب السوداني وخياراته، ووفقا لدورها كدولة عربية ودولة جوار للسودان ورئيس للاتحاد الأفريقي"، مضيفة أنه "في ظل التهديدات الأخيرة من إيران والمساعي التركية لتعزيز وجودها في البحر الأحمر، فإن مسألة الأمن البحري تمثل واحدة من أهم المجالات الضرورية للتعاون بين السودان ومصر ودول الخليج، وعلى رأسها السعودية، بما في ذلك أمن الخليج العربي ومكافحة الحوثيين في اليمن الذين مثلوا تهديدا بحريا خلال الفترة الأخيرة بتوجيهات من إيران".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضحت أن "التأكيد على استمرار علاقات التنسيق الأمني عالي المستوى واللجان الوزارية المشتركة في كافة المجالات، كان أحد أبرز ملفات المباحثات بين الرئيس المصري ورئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني، وأن التحركات الخارجية للمجلس وما يستتبعها من دعم سياسي للحكم الانتقالي في السودان، يمكن أن يعطي دفعة للعملية السياسية وجهود استعادة الاستقرار في السودان والتغلب على عقبات المرحلة الانتقالية، وبخاصة أن مصر ودول الخليج قدمت وعلى استعداد لتقديم المزيد من الدعم الاقتصادي للشعب السوداني".

وقد أكد الفريق أول عبد الفتاح البرهان التقارب الشعبي والحكومي المتأصل بين مصر والسودان، مشيداً بالجهود القائمة للارتقاء بأواصر التعاون المشترك بين مصر والسودان، ومثمناً الدعم المصري غير المحدود لصالح الشعب السوداني وخياراته وللحفاظ على سلامة واستقرار السودان في ظل المنعطف التاريخي المهم الذي يمر به، بحسب بيان للرئاسة المصرية.

دعم اقتصادي وسياسي للحكم الانتقالي

وخلال زيارة "البرهان" للقاهرة، والتي جاءت قبل أيام من دعوة قوى إعلان "الحرية والتغيير" لإضراب عام والتهديد بعصيان مدني لحث المجلس العسكري على سرعة نقل السلطة للمدنيين، أعلنت الرئاسة المصرية أنه "قد تم التوافق بين الجانبين بشأن استمرار التشاور المكثف بهدف الإسهام في تحقيق استقرار السودان وتفعيل الإرادة الحرة للشعب السوداني الشقيق والانحياز لخياراته".

وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي "استعداد مصر لتقديم كافة سبل الدعم للأشقاء في السودان لتجاوز هذه المرحلة بما يتوافق مع تطلعات الشعب السوداني بعيداً عن التدخلات الخارجية"، وأعرب السيسي عن ثقته في قدرة الشعب السوداني ومؤسسات الدولة على استعاده الاستقرار وتحقيق الأمن والحفاظ على مقدرات دولة السودان، مؤكداً أهمية تكاتف الجهود الإقليمية والدولية الرامية لمساعدة السودان على تحقيق استحقاقات هذه المرحلة ومواجهة الأزمة الاقتصادية لما فيه صالح الشعب السوداني.

وقد انشغل الرأي العام السوداني بدلالات زيارة رئيس المجلس العسكري الانتقالي لمصر وزيارة نائبه إلى السعودية، عن النقاش العام الذي دار حول انسداد أفق التفاوض بين المجلس العسكري والمحتجين المعتصمين أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية، ومدى تعبيرها عن تحالفات النظام الجديد أو في الأقل الحكام الانتقاليين، يقول الدكتور هاني رسلان، الخبير المصري في الشأن السوداني، إنه "بالتحرك الأخير للمجلس العسكري قد أعلن اتجاهات بوصلة سياسته الخارجية، ورغبته في دعم موقفه الداخلي من خلال حضوره الخارجي وحصوله على الدعم المالي والسياسي من الدول العربية الرئيسة الداعمة للاستقرار في المنطقة، ومواجهة محاولات التحريض على إشعال الأوضاع التي تمارسها بعض القوى الخارجية، وفي مقدمها حلفاء النظام السابق المتضررين من رحيله، وعلى رأسهم تحالف البشير- تميم، وتحالف البشير- أردوغان"، مشيرا إلى أن "تعدد تحالفات البشير وتناقضها أدى إلى تخلي كل الأطراف عن دعمه، فيما يسعى المجلس العسكري الانتقالي على النقيض للحصول على دعم وعلاقات مستقرة مع المحور الخليجي- المصري، وهو ما جرى التأكيد عليه خلال زيارة رئيس المجلس العسكري للقاهرة، والذي جرى خلاله تعهد مصر مواصلة دعم الاستقرار السياسي والأمني في السودان، بما يتفق مع إرادة الشعب السوداني الحرة وخياراته وبما يحافظ على مؤسسات الدولة السودانية وأمنها ووحدتها واستقرارها".

التحية العسكرية

وحاز مشهد تأدية رئيس المجلس العسكري السوداني عبد الفتاح البرهان التحية العسكرية إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي فور وصوله ولدى مغادرته، اهتماماً وتبايناً واسعا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي. إذ تداول مدونون ونشطاء صور التحية العسكرية أمام الرئيس المصري.

وفي الوقت الذى عبّر البعض عن استيائه منها، معتبرين أنها تحمل من "التبعية" أكثر من "روح الثورة التي أطاحت بالرئيس السوداني عمر البشير"، رفض البعض الآخر انتقادها، وذكروا أن البروتوكولات العسكرية تفرض نفسها، وذلك في وقت لا يكف سودانيون عن عقد مقارنات بين تجربتهم والتجربة المصرية.

ويذهب بعضهم إلى حد المقارنة بين بدايات البرهان والسيسي، ففي الوقت الذي يتخوّف فيه البعض من تشابه النهايات، ينظر آخرون إلى تجربة السيسي بعين الرضا، باعتبارها الأفضل لمواجهة الإسلام السياسي.

اقرأ المزيد

المزيد من سياسة