Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل انتقال "شل" من هولندا إلى بريطانيا هروب من الضرائب؟

شركة الطاقة العملاقة تطرح على مساهميها خطة لجعل مقرها واحداً وليس مشتركاً

تتضمن خطة "شل" توحيد فئات الأسهم فيها لتصبح واحدة (رويترز)

تحاول الحكومة الهولندية المؤقتة العمل بسرعة على تغيير أحد قوانين الضرائب لإقناع شركة "رويال دتش شل" بالعدول عن قرارها نقل مقرها الضريبي إلى بريطانيا. وكانت الشركة الهولندية - الإنجليزية أعلنت قبل يومين أنها ستطرح على مساهميها الشهر المقبل خطة تخليها عن مقرها المزدوج في بريطانيا وهولندا، ليصبح مقرها في بريطانيا فحسب.

وتبذل حكومة رئيس الوزاء لتصريف الأعمال، مارك روته، جهوداً لتأمين دعم برلماني كاف لإلغاء الضريبة على عائدات أرباح الأسهم، باعتبارها سبباً رئيساً في قرار شركة الطاقة العالمية العملاقة نقل مقرها الضريبي من البلاد.

ومنذ عام 2005، والشركة مسجلة في بريطانيا، ولكن مقرها الضريبي في هولندا. وأسهمها مقسمة بين أسهم بريطانية وأخرى هولندية، ما يعني اختلافات في تقدير العائد على الأسهم والضرائب على تلك العائدات، وقالت الشركة إن خطتها تعني تيسير مسألة توزيع العائدات السنوية للمساهمين، وتسهل على الشركة عمليات إعادة شراء الأسهم التي تعود بالربح على مساهميها.

وتتضمن الخطة توحيد فئات الأسهم في الشركة لتصبح فئة واحدة في حال جعل مقري قيادتها وتسجيلها الضريبي في بلد واحد هو بريطانيا، وستطرح الخطة على المساهمين في 10 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

تنافس ما بعد "بريكست"

وكانت الحكومة الهولندية أعربت عن خيبة أملها لدى إعلان الشركة عن خطتها، وقالت في بيان إنها "مفاجأة غير سارة"، بينما رحبت الحكومة البريطانية بالخطوة واعتبرتها تصويتاً بالثقة على وضع بريطانيا ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي "بريكست".

وكتب وزير الأعمال البريطاني كوازي كوارتنغ على حسابه في "تويتر"، "هذا تصويت واضح بالثقة في الاقتصاد البريطاني"، بعدما أعلن أن الرئيس التنفيذي للشركة بن فان بوردن ورئيسة القطاع المالي جيسيكا أول وكبار المديرين السبعة في الشركة سينتقلون إلى مقرها في لندن.

وعلى الرغم من أن الشركة العملاقة موجودة في بريطانيا، إلى جانب وجودها في هولندا، إلا أن نقل مقرها الضريبي يعد مسألة في غاية الأهمية ولو رمزياً لحي المال والأعمال في العاصمة البريطانية "سيتي أوف لندن"، فقد كانت بورصة أمستردام تفوقت على بورصة لندن في العامين الماضيين من حيث الأسهم والسندات والمشتقات المالية المقومة باليورو.

وخسرت بورصة لندن قدراً من سوق التداول للأوراق الأوروبية الذي يبلغ قدره تريليونات الدولارات، وتحولت تلك العمليات إلى بورصات أمستردام وباريس وبدرجة أقل فرانكفورت، وأصبحت بورصة أمستردام صاحبة النصيب الأكبر من تلك التداولات العام الماضي.

من هنا، تأتي أهمية الخطوة الرمزية بانتقال "رويال دتش شل" إلى لندن، وحسب الخطة، ستتخلى الشركة من أسمها عن "رويال دتش" وستصبح شركة "شل"، على الرغم من أن الشركة أكدت في بيانها أن عملياتها ستظل في هولندا، وسيبقى مقرها في مدينة لاهاي يدير أعمالها من هناك، وستُبقي على موظفيها في البلاد.

ضرائب وقيود

ويأتي قرار الشركة بعد مطالبة أحد المساهمين الجدد فيها، وهو صندوق استثمار "ثيرد بوينت" الأميركي، بأن تفكك نفسها إلى شركات مستقلة إحداها تعمل في مجال النفط والغاز، وأخرى في مجال الطاقة المتجددة. وكان الصندوق الأميركي، المعروف بحماسته لمناصرة البيئة ومكافحة التغير المناخي، اشترى حصة من أسهم "شل" ووجه رسالة إلى إدارتها في هذا الخصوص. لكن رئيس الشركة استبعد الاستجابة للطلب في مقابلة مع "بي بي سي" مطلع هذا الشهر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن الضغوط ازدادت على "شل" في هولندا قبل أشهر، حين أصدرت محكمة هولندية حكماً لمصلحة شكوى من مجموعات الضغط البيئية، موقعة من 17 ألف مواطن هولندي، تطالب "شل" بخفض انبعاثات الكربون من عملياتها بنسبة 45 في المئة بحلول عام 2030. واستأنفت الشركة ضد الحكم، ولم يفصل في الاستئناف بعد.

يضاف ذلك إلى ضريبة 15 في المئة على عائدات الأسهم، التي كانت الحكومة الهولندية وعدت في عام 2017 بإلغائها، لكنها لم تتمكن في ظل معارضة النواب من أحزاب "الخضر" وغيرهم. وهناك قوانين هولندية تحد من قدرة الشركة على إعادة شراء أسهمها، وتضع سقفاً لذلك لا يزيد على 2.5 مليار دولار في ربع العام (كل ثلاثة أشهر).

ويمكن تصور تعقيد الضرائب على العائدات وسقف إعادة شراء الأسهم، إذا أخذنا في الاعتبار أن "شل" ستوزع عائدات لمساهميها بقيمة 7 مليارات دولار من حصيلة بيع استثماراتها في حوض بارميان للغاز والنفط الصخري في الولايات المتحدة.

اعتبارات مالية أساساً

من الواضح أن لقرار "شل" الانتقال إلى بريطانيا والتخلي عن تسجيل مقرها الضرائبي في هولندا دوافعه المالية في الأساس. وهذا ما جعل الحكومة الهولندية تحاول تسريع إلغاء ضريبة عائدات الأسهم، لكن الانتخابات الأخيرة في هولندا لم تحسم تشكيل حكومة، حتى وإن بدا أن روته سيشكل الحكومة الجديدة، وفي ظل عدم اليقين السياسي في البلاد تخشى "شل" من زيادة الضغوط عليها، خصوصاً من القوى السياسية اليسارية والمناصرة للبيئة.

مع أن الشركة كبيرة الحجم، وتصل قيمتها إلى أكثر من 168 مليار دولار، إلا أن العائد المالي لحي المال والأعمال لن يكون كبيراً جداً من خطة انتقالها بالكامل إلى بريطانيا، بدلاً من تقسيم مقرها الرئيس بين لندن ولاهاي، وأكدت الشركة أن خطة الانتقال لن تغير شيئاً في استمرار تداول أسهمها في بورصات أمستردام ولندن ونيويورك.