Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السودان... ثورة الفن والأدب والتكافل

لكل رسمة قصة مختلفة ومنظر الألوان يبث الطمأنينة

مصلون سودانيون أمام مسجد في العاصمة الخرطوم في 24 مايو 2019 (أ.ف.ب)

في أجواء تدل على سلمية وعفوية المعتصمين داخل القيادة العامة منذ السادس من أبريل (نيسان) 2019 إلى هذه اللحظة، يعيش فيها الثوار حالة من الترابط الاجتماعي والأسري بشكل ملحوظ، بدايةً من الدعم الذي يقدمه الشباب لإخوانهم الثوار، وصولاً إلى مرحلة بناء مخيمات علاجية تظهر مدى سلمية هذا الشعب. قصص وحكايات شهدها ميدان الاعتصام الذي صنع دولة مصغرة تضم كل شيء.

بس أنت حاول بيِّت

شعار بلغة "الدارج"، أصبح يُردد بين المعتصمين كافة ليلاً ونهاراً، لحث المعتصمين على ضرورة قضاء الليل في ميدان الاعتصام وعدم الرجوع إلى المنازل، إلى حين تحقيق أهداف الثورة ومطالبها، واعدين بعضهم البعض بتوفير المستلزمات المعيشية كاملة داخل أرض الاعتصام.  وهذا ما حدث بالفعل، إذ يوفر المعتصمون الحاجات لبعضهم من خلال لجان أُسّست من قيادات تجمع المهنيين لتنظيم العمل في محيط الاعتصام منذ الصباح وحتى المساء، إضافة إلى إنشاء صندوق نقدي لمساعدة الفقراء وسط المعتصمين، كُتب عليه باللغة الدارجية "عندك خت ما عندك شيل"، أي "من يملك المال، فليتبرع لمن لا يملكه"، ما يدل على التكاتف الاجتماعي بين أبناء السودان. وخلال الأشهر الخمسة الماضية، جُمع  مبلغ أكثر من نصف مليون دولار لدعم الثورة، وعولج المصابون ودُفعت تكاليف علاجهم كلها، كما أُرسل بعضهم للعلاج في الخارج. وزوّد المعتصمون بالمأكولات الشعبية، التي تشتهر بها السودان طوال فترة رمضان المبارك، وجُهزت ستة مطابخ داخل محيط الاعتصام لتحضير إفطار رمضان. وكانت تأتي أسر من أحياء العاصمة، محملة بوجبات للمشاركة في إفطار الصائمين، هذا إضافة إلى تسيير مواكب يومية من أنحاء البلاد  كافة نحو موقع الاعتصام.

 

أجواء أُسرية

داخل ميدان الاعتصام، أسر تسهم في إنجاح الاعتصام من خلال تقديم المساعدات بأشكالها كافة. وخلال جولة داخل الاعتصام، تحدثت سهى أسامة وهي إحدى الثائرات الموجودات في محيط الاعتصام منذ السادس من أبريل مع أسرتها، عن الاعتصام ودورها هي وأسرتها فيه، فقالت إنهم "موجودون منذ البداية وحتى تاريخ اللحظة، يشاركون في تحضير الطعام والعصائر للمعتصمين وتجهيز الميدان وتأمين نظافته، إضافة إلى المشاركات الأخرى مثل التوعية والتثقيف". وعن دور الكتب والنشاطات الثقافية داخل الاعتصام، أضافت سهى باعتبارها شاعرة أن "الحركة الثقافية هناك واضحة ومرنة، وتُعرض الكتب للقراءة ولمناقشتها"، مشيدة بدور "الثقافة في دفع الثورة نحو النجاح، لأن الشعب السوداني الثائر يعرف حقوقه".

الثقافة داخل الاعتصام

بيع أكثر من 1500 كتاب خلال أسبوع واحد داخل محيط الاعتصام، وإيماناً بدور القراءة والثقافة في زيادة وعي المجتمع، أنشأت إيمان إسماعيل معرضاً  للكتاب داخل ميدان الاعتصام، وقالت إن "البداية كانت بإحضار كتبهم الخاصة وتبادل الكتب في ما بينهم، بعدها تبرعت دور نشر من بينها دار عزة للنشر، بدعم المعرض بألف كتاب لترسيخ مبدأ القراءة والاطلاع، كما صاحبت الاعتصام فعاليات ثقافية مختلفة من بينها زيارة للكتاب السودانيين، الذين تبرّعوا بكتبهم الموقعة بأسمائهم خلال حفل توقيع داخل الاعتصام، وحددوا أسعار الكتب لتتناسب ومتناول الجميع، ما أسهم في زيادة الإقبال عليها.

جداريات القيادة

نشط التشكيليون السودانيون طوال فترة الاعتصام، في تزيين شوارع مدينة الخرطوم برسومات ذات طابع رمزي، عكسوا من خلالها مطالبهم وشعورهم تجاه الثورة ووفاءهم للشهداء، برسم أطول جدارية تحمل صور جميع الشهداء.

وقال عمر كنان، أحد الرسامين التشكيليين خلال حديثي معه "في البداية كان الرسم عشوائياً، فكان أي فنان يبادر برسم ما يريد على أي حائط في مقر الاعتصام، ثم انتقلت الفكرة لرسم جدارية خاصة بصور الشهداء، وتعاونّا جميعاً إخراج العمل، ثم أصبحنا نعمل بشكل مجموعة، حتى نفذنا كل الأعمال هناك، ورسمنا كل الجدران المحيطة بالاعتصام، ولم نكتفِ بذلك بل لجأنا أيضاً إلى رسم رسومات تعبيرية على الإسفلت، لأن غايتنا من الرسم تخليد ذكرى الثورة والشهداء، حتى تعرف الأجيال القادمة ثورة ديسمبر واعتصام أبريل الذي لا يزال قائماً". وأوضح كنان "لكل رسمة قصة مختلفة، تعبر عن ثورتنا المجيدة. عندما نرسم، نشعر بالسعادة، ومنظر الألوان يبث الطمأنينة في نفوس السودانيين في محيط الاعتصام".

المزيد من العالم العربي