Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سائحان إسرائيليان يشعلان "معضلة دبلوماسية" بين تركيا وإسرائيل

يسعى الإسرائيليون إلى محادثات مع الأتراك في غرف مغلقة في موازاة الإجراءات القضائية

وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس (رويترز)

فشلت كافة الجهود الإسرائيلية للإفراج عن الزوجين نتالي وموردي أوكنين، اللذين اعتقلتهما السلطات التركية في إسطنبول على خلفية التقاط صور لهما أمام قصر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ووصلت المحاولات الإسرائيلية للإفراج عنهما إلى أعلى المستويات، ولم ينجح رئيس الحكومة نفتالي بينيت ووزير الخارجية يائير لبيد، في تحقيق أي تفاهمات مع السلطات التركية للإفراج عنهما.
وفيما تعتبر السلطات التركية أن تصوير قصر أردوغان تم على خلفية جمع معلومات استخبارية، وعليه اعتُقل الزوجان بتهمة التجسس، ترى إسرائيل أن التقاط الصور جاء بنوايا طيبة كأي سائحَين يلتقطان الصور في جولة سياحية.
واعتقلت السلطات التركية الزوجَين ومعهما المرشد السياحي الذي أوضح أمام المحققين الأتراك أنه أنذر الزوجين من خطورة تصوير القصر لكنهما تجاهلا تحذيراته.

ذريعة لمواجهة سياسية

وتجاوزت التقديرات الإسرائيلية لخلفية الاعتقال المسائل الأمنية والاستخبارية، ففي أعقاب العلاقات المتوترة بين البلدين منذ فترة، يرجح المسؤولون السياسيون والأمنيون أن السلطات التركية افتعلت المشكلة ومددت اعتقال الزوجين لمدة 20 يوماً مع توجيه تهمة التجسس الخطيرة بهدف استخدامهما كورقة مساومة لعرض مطالب سياسية على إسرائيل كشرط لإطلاق سراحهما، بالتالي تخرج تركيا رابحة على أكثر من صعيد.
وبحسب توقعات مسؤول أمني، وبخلاف التقديرات الإسرائيلية حول خلفية المطالب السياسية، فإن الشكوك لدى جهاز الأمن التركي تجاه إسرائيل، نابعة من اعتقال 15 اسرائيلياً في تركيا وصِفوا بأنهم عملاء للموساد واتُهموا بالعمل في تركيا على مدار سنة عبر خمس خلايا مختلفة.
وأثار هذا الموقف، الذي حظي بدعم جهات أمنية وحتى سياسية، خلافات إسرائيلية، خصوصاً من قبل سياسيين اعتبروا أن اعتقال الزوجين ما هو إلا وسيلة ضغط لتحقيق مكاسب سياسية من إسرائيل.
وما بين هذا الموقف وذاك، هناك مَن رأى في إسرائيل أن الهوس والجنون لدى أردوغان، أديا إلى اعتقال الزوجين اللذين وقعا أسيري "حرب صراع بقاء لسلطان مريض"، وفق تعبيرهم.
وأسند الإسرائيليون موقفهم من أردوغان وأهدافه الشخصية إلى تجارب سابقة، خلق من خلالها الرئيس التركي الأزمات الدولية التي مرت بها أنقرة بسبب قراراته، كالأزمة مع ألمانيا، وروسيا، وهولندا، والولايات المتحدة والصين بهدف تعزيز شعبيته بين الأتراك، وفق تقدير هذه الجهات الإسرائيلية.
وبات الإسرائيليون على قناعة بأن تل أبيب باتت هدفاً لتحسين صورة أردوغان، فبعد اعتقال المتهمين بانتمائهم للموساد يبحث الرئيس التركي عن أي ذريعة لتعميق الأزمة مع تل أبيب وتجميع أوراق مساومة لاستخدامها من أجل انتزاع أهداف من إسرائيل.

تحذير من السفر

ومع تفاعل القضية، تشعبت جوانبها إلى حد اعتبار تركيا منطقة غير آمنة للإسرائيليين. وتبحث الأجهزة الأمنية المخاطر التي قد يواجهها الإسرائيليون في تركيا، وهناك مَن دعا إلى إعلان تحذير عام لجميع الإسرائيليين من السفر إلى تركيا.
من جهته، دعا رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، بعد فشل جهوده لحل الأزمة والإفراج عن الزوجين، إلى إبقاء المعركة خلف الكواليس، خشية أن تفضي تصريحات في غير محلها إلى رد متطرف من قبل تركيا يؤدي إلى تصعيد الأزمة ووضع عراقيل أمام التوصل إلى تفاهمات، ما يدفع بأنقرة إلى طرح مطالب سيكون من الصعب على تل أبيب الاستجابة إليها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تغيير النهج الإسرائيلي تجاه تركيا

وفي سياق بحث سبل التعامل مع السلطات التركية، أوصت جهات أمنية إسرائيلية، متخذي القرار بالعمل على تغيير النهج تجاه تركيا، واتخاذ قرارات مشابهة لتلك التي تتخذها "هيئة مكافحة الإرهاب" حين يكون هناك تخوف من شن عمليات لتحقيق أهداف مختلفة. وبناءً عليه دعت الجهات الأمنية وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى الإعلان عن خطر زيارة تركيا خشية التعرض للاعتقال بذرائع عبثية، ويصبح المعتقلون أوراق مساومة لتحقيق أهداف سياسية تركية.
مثل هذه التوصية ستؤثر على قطاع السياحة، وهو الأكثر فعالية هذه السنة، بعد الخروج من أزمة كورونا. وستُحدث مثل هذه التوصية تراجعاً كبيراً في السياحة الإسرائيلية إلى تركيا. كما يمكن أن تعلن إسرائيل تحذيرها من الطيران عبر إسطنبول، التي تشكل قاعدة جاذبة للطيران التواصلي من الشركات التركية لكل أرجاء العالم. ولمثل هذه الخطوة أيضاً تداعيات اقتصادية على الشركات التركية، التي ترى في إسرائيل مقصداً استراتيجياً.

الحرم القدسي أحد أهداف تركيا

وإلى جانب ما يراه الإسرائيليون من أهداف تركية لاعتقال الزوجين، سواء مطالب سياسية أو رفع شعبية أردوغان، هناك مَن وضع الحرم القدسي الشريف ضمن المواضيع التي تناولتها أبحاث الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
في هذه الأثناء، يسعى الإسرائيليون إلى محادثات بين الدولتين في غرف مغلقة في موازاة الإجراءات القضائية. ويستعد الإسرائيليون لبعض مطالب الأتراك، من بينها:

- تحسين مكانة ودور تركيا في الحرم القدسي الشريف من خلال جمعيات ممثلة عنها في القدس.

- اعتذار تل أبيب عن التجسس وإرسال عناصر من الموساد لها إلى إسطنبول للتجسس لمصلحة إسرائيل.

- تقديم تسهيلات لحركة "حماس" في غزة، وللغزيين بشكل عام.

منع ابتزاز اسرائيل

في سياق متصل، دعا الباحث في مركز ديان ومعهد القدس للاستراتيجية والأمن، حاي كوهين ينروجك، إلى اتخاذ موقف إسرائيلي حاسم وعدم السماح لأي جهة كانت لابتزاز إسرائيل. وقال "مَن يتابع السياسة الخارجية التركية يدرك جيداً أنه يمكن حل قضايا "رهائن" من هذا النوع بطريقتين: بالقوة الناعمة، أي: أسلوب ألمانيا، أو بالدبلوماسية القاسية والوحشية على نمط الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب. وفي حال لم تقرر المحكمة التركية الإفراج عن الزوجين الإسرائيليين ستجد تل أبيب نفسها أمام سيناريو غير سهل في التعامل مع تركيا وستجد نفسها أمام ابتزاز لا يمكن تقبله". وأضاف ينروجك "ليس سراً أنه على مدى سنين، استخدم أردوغان بيته لجني مكاسب سياسية من خلال خلق أزمات مع دول غير إسلامية، لا سيما مع إسرائيل. هكذا نجح في صرف انتباه العام عن مسائل مشتعلة في الدولة".

المزيد من الشرق الأوسط