Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"جوه الحلة" كتاب طبخ موجه للمكفوفين

يمثل نواة لمشروع متكامل لمساعدة هؤلاء على إعداد وجبات الطعام بالاعتماد على الذات

الفصل الأول من الكتاب متعلق بإجراءات السلامة التي يجب على الكفيف اتباعها أثناء الطهي (الحساب الرسمي للكتاب على فيسبوك)

على الرغم من تعدد كتب الطهي وتنوعها في كل العالم العربي، إلا أن أحداً لم يفكر في إصدار كتاب طبخ موجه لفئة من المجتمع، وهم المكفوفون، ليستطيعوا قراءتها واستيعابها بسهولة لأنها مصممة بطريقة تمكنهم من استيعابها وتطبيقها بطريقة فعالة وآمنة وناجحة في الوقت ذاته من دون الاعتماد على الآخر.

هذا الأمر دفع الشقيقتين إيمان وإسراء إلى تطوير نشاطهما المتمثل في تقديم وصفات المأكولات على مواقع التواصل الاجتماعي وفيديوهات عبر "اليوتيوب"، إلى إصدار كتاب للطبخ موجه خصيصاً للمكفوفين ليصبح (جوه الحلة – أي بداخل الطنجرة) نواة لمشروع متكامل يهدف إلى مساعدة الكفيف على الطبخ والاعتماد على نفسه بشكل كامل. الكتاب يتألف من 170 صفحة تشمل 64 وصفة متنوعة من كافة المطابخ وتجمع بين المصري والعالمي.

وتقول إيمان الحسيني مؤلفة الكتاب "اهتمامي بالطبخ بشكل عام دفعني بالتعاون مع أختي المحبة إلى محاولة تقديم الوصفات للناس من خلال مدونة للاستفادة من تطبيقها. وبعد فترة من تلقي ردود أفعال، إيجابية فكرنا في أن يكون لما نفعله دور مجتمعي الهدف منه خدمة الناس بشكل عام، ولكن لم تكن لدينا فكرة واضحة عن الكيفية التي سننفذ بها هذا الأمر".

وتضيف "بعد فترة جاءت فكرة تقديم كتاب طبخ موجه للمكفوفين بطريقة تناسبهم. وبعد البحث تبيّن أنه لا يوجد أي كتاب طبخ بطريقة برايل في العالم العربي، ولا يوجد اهتمام بفكرة أن يتم شرح وصفات الطعام للكفيف بطريقة تناسب وضعه فيستطيع استيعابها وتطبيقها بسهولة، ومن ثم توجهت إلى وزارة الثقافة المصرية وسجلت حقوق الملكية الفكرية لهذه الفكرة وبدأت بالعمل عليها".

مراحل التنفيذ

توجيه كتاب لفئة معينة لها ظروف خاصة يختلف عن تأليف كتاب عادي لوصفات الطبخ، لا سيما أن الكتاب يعتمد على شرح مهارة سيتم تطبيقها، فتقول الحسيني: "بالطبع كان هناك اختلاف كبير عن أي وصفات قمنا بتقديمها سابقاً أو عن تأليف كتاب طبخ عادي، فكان لزاماً أن يكون الفصل الأول من الكتاب متعلق بإجراءات الأمن والسلامة التي يجب على الكفيف اتباعها أثناء الطهي، وبحثت كثيراً في مراجع متعددة لأصل لهذا الأمر لأنه على قدر كبير من الأهمية، فالطهي يتطلب التعامل مع أدوات مثل السكاكين والولاعات والأشياء الساخنة، وكلها أمور لا بد من الحرص التام في التعامل معها، كما لا بد أن يقوم الكفيف بترتيب أدواته بنفسه حتى يسهل عليه استخدامها".

وتضيف "الأمر الآخر الذي كان يجب مراعاته هو إلغاء حاسة البصر تماماً عند شرح الوصفة واستبدالها بالحواس الأخرى، فيعتمد الكفيف على السمع والشم والتذوق واللمس، ومن هنا نخاطب هذه الحواس عند شرح الوصفة، فلا نقول عندما ترى الماء يغلي وإنما نقول عندما تسمع صوت غليان الماء، ولا نقول له عندما يتغير لون البصل في الإناء مثلاً، وإنما نقول له اتركها لدقيقتين واخرج قطعة صغيرة والمسها لتتأكد من أنها نضجت. وهكذا فطريقة كل الوصفات تم تعديلها لتناسب ظروف الكفيف وليمكنه تطبيقها بسهولة".

ردود الأفعال

عند تقديم تجربة جديدة للمرة الأولى، دائماً ما ينتظر مقدمها ردود الأفعال عليها لتحسين أي جانب من جوانب القصور أو الإضافة على ما تم تقديمه من خلال تجربة فعلية، فكيف كان رد فعل المكفوفين ممن استخدموا الكتاب وقاموا بالتطبيق بالفعل؟ تقول مؤلفة الكتاب "ردود الأفعال كانت إيجابية جداً، وشعر كثير من المكفوفين الذين قاموا بتطبيق الوصفات بسعادة كبيرة، لتوافر مثل هذا الكتاب للمرة الأولى بطريقة تناسب ظروفهم من جانب، ومن جانب آخر بقدرتهم على تطبيق الوصفات بالفعل، وشجعهم هذا كثيراً على خوض التجربة والاعتماد على أنفسهم في الطهي".

وتضيف "حرصنا في الكتاب على التدرج في الوصفات من الأسهل للأصعب لسهولة التطبيق، وجمعنا وصفات متنوعة من ثقافات مختلفة وبلدان مختلفة لتتيح للكفيف تنوع التجربة".

مشروع متكامل لتعليم الطبخ للمكفوفين

وأصبح "جوه الحلة" حالياً سلسلة من مشروع متكامل، تبعه إطلاق لتطبيق إلكتروني موجه للمكفوفين، كما سيشمل المشروع أيضاً تنفيذ ورش عمل لتعليمهم الطهي بشكل مباشر، فتقول إيمان الحسيني "أطلقنا في الفترة الأخيرة تطبيقاً يضم وصفات مسموعة بنفس الطريقة التي تناسب الشخص الكفيف، وهو قيد التجربة حالياً، وسنسعى فيه للتعاون مع كبار الطهاة في مصر والوطن العربي لتقديم وصفاتهم بطريقة تناسب المكفوفين. كما قدمنا سابقاً ورشة عمل فعلية لتعليم الطهي وكانت ناجحة، وسنتوسع في هذا الموضوع الذي تعطل الفترة السابقة بسبب ظروف كورونا. وخلال الفترة المقبلة سنعمل على أن يكون لدينا مدربون للطهي من المكفوفين يقومون هم بالتدريب في مثل هذه الورش".

وتضيف "بدأت أصداء الكتاب تنتقل من مصر للدول العربية راهناً، وصارت هناك رغبة في الحصول عليه، ونأمل خلال المرحلة المقبلة بأن يتوافر الكتاب في كافة أنحاء الوطن العربي، باعتباره يراعي احتياج فئة من المجتمع، ويقدم لهم مادة لم تكن متوافرة من قبل تعمل على دعمهم وتسهيل حياتهم وتطويرها نحو الأفضل".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات