Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خفض سعر الدولار مطلب شعبي عراقي يقابله تبرير حكومي

أشارت أرقام وزارة التخطيط إلى تصاعد معدلات الفقر والبطالة

بلغ سعر شراء الدولار من وزارة المالية العراقية 1450 ديناراً، أما سعر بيعه للمصارف فحُدد بـ1460 ديناراً لكل دولار (أ ف ب)

شهدت الأسواق العراقية التي تعتمد كلياً على استيراد المنتجات والسلع الاستهلاكية من الخارج ارتفاعاً كبيراً لأسعار السلع، وصل بعضها إلى أضعاف سعرها السابق قبل قرار الحكومة الاتحادية رفع سعر الدولار الأميركي أمام الدينار العراقي، مما تسبب بضرر للمواطنين، لا سيما الطبقات الفقيرة وأصحاب الدخل المحدود.
وقرر البنك المركزي العراقي نهاية العام الماضي تعديل سعر صرف الدولار أمام الدينار، إذ بلغ سعر شراء الدولار من وزارة المالية 1450 ديناراً، أما سعر بيعه للمصارف فقد حُدد بـ1460 ديناراً لكل دولار، فيما يكون سعر البيع للمواطن 1470 ديناراً لكل دولار.

مطالبات بإعادة سعر الصرف

وتعالت أصوات سياسية وشعبية مطالبة بإعادة سعر الدولار إلى ما كان عليه سابقاً، حيث طالب "تحالف النهج الوطني" بـ "معالجة أسباب تزايد معدلات البطالة والفقر وإعادة سعر الدولار". وقال التحالف في بيان، "لا زالت مضاعفات وآثار القرار الجائر برفع سعر صرف الدولار تتوالى وتتزايد وتشتد صدماتها على أغلبية الشعب العراقي، وأشارت وزارة التخطيط إلى أرقام ونسب مرعبة في تصاعد معدلات الفقر والبطالة وصلت إلى 31 في المئة من مجموع الشعب، وأكدت أن أحد أهم أسباب هذه المآسي هو قرار رفع سعر الدولار، وقد أوضحنا في أكثر من مناسبة خطأ هذا القرار وأن مبررات تسويقه واهية وباطلة سواء كانت مبررات سد عجز الموازنة، فقد ارتفع سعر بيع النفط الى ما يقارب 84 دولار للبرميل، أو مبررات مكافحة تهريب العملة الصعبة، وقد اتضح كذب هذه الدعوى باعتبار أن كميات مبيعات البنك المركزي في مزاد العملة للدولار لم تنخفض عن مستويات بيعه قبل القرار حتى نصدق بأن ثمرة مكافحة تهريب العملة الصعبة قد تحققت، بل على العكس من ذلك بدأت معدلات بيع البنك المركزي للدولار تزيد حتى على ما كانت معدلات بيعه قبل القرار الظالم برفع سعر الدولار".

وتابع بيان التحالف، "مما تقدم يتضح تخبط صناع القرار في السلطة وإهمالهم لملاحظة الآثار الاجتماعية القاسية التي تخلفها قراراتهم المرتجلة غير المدروسة، وعدم امتلاكهم لشجاعة الاعتراف بالخطأ ومراجعة القرارات الفاشلة، على الرغم من قساوة فاتورة هذا التخبط وتحمل كلفته من قبل ملايين العراقيين المتضررين".
وطالب التحالف "بمعالجة أسباب تزايد معدلات البطالة والفقر ولتبدأ الحكومة بإعادة سعر الدولار إلى ما كان عليه، وتعمل على تطبيق العدالة الاجتماعية ومعاييرها المنصفة في توزيع الثروات وموارد الموازنة العامة دون مجاملات سياسية، وإغلاق كل منافذ الهدر والفساد الذي يختفي كثير منه في عناوين إجمالية غامضة أو في موارد ترفيّة بعيدة من حاجات المواطنين الضرورية".
وأشار بيان التحالف إلى أن "استقرار النظام الاجتماعي وثبات أمنه مرتبط بمعالجة أسباب المظالم المتراكمة على ملايين المواطنين ومراجعة القرارات الاقتصادية الظالمة والخاطئة لتنسجم مع تلبية حاجة المواطن وتخفيف معاناته، وليس إنتاج مزيد من المكاسب غير المشروعة للمتنفذين والممسكين بالقرار والسلطة".

3 أسباب وراء اعتماد سعر الصرف

في المقابل، دافعت وزارة المالية العراقية عن قرارها برفع سعر صرف الدولار، مؤكدة أنها اعتمدت ذلك السعر لرفد الإنتاج الوطني وحماية احتياط البنك المركزي ودعم الموازنة.
وقالت المالية في بيان صدر الأحد 14 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، "تحملنا خلال السنوات الثلاثة الماضية أعباء أزمة مالية خانقة هددت قدرة الدولة على الإيفاء بالتزاماتها"، وأضافت أن النمو الاقتصادي "بدأ بالتعافي تدريجاً في أعقاب انكماش جائحة كورونا في العام الماضي"، لافتة إلى أنه "يتوقع أن يؤدي التحسن في ظروف سوق النفط العالمية إلى تعزيز النمو الاقتصادي". وأشارت إلى أنه كان "لجائحة كورونا تأثير كبير على الناتج المحلي الإجمالي للعراق في عام 2020"، مؤكدة أن "الورقة البيضاء تعد إطاراً شاملاً لمعالجة الاعتماد على النفط والمشكلات الهيكلية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع بيان الوزارة، "تحسنت آفاق الاقتصاد العراقي مع التعافي في أسواق النفط العالمية، لكن انتشار متغيرات فيروس كورونا الجديدة وتحديات تغير المناخ تشكل بواعث جديدة للمخاطر، ويتوقع أن يتعافى الاقتصاد تدريجاً على خلفية ارتفاع أسعار النفط وزيادة حصص إنتاج أوبك التي من المقرر إلغاؤها تدريجاً في عام 2022. وسيكون الناتج المحلي الإجمالي النفطي المحرك الرئيس للنمو على المدى المتوسط. ويتوقع أن يتحسن الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، لكنه سيظل بمتوسط نمو أقل من ثلاثة في المئة بين عامي 2021 و2023 بسبب الأجيال المتحورة من جائحة كورونا، إضافة إلى التحديات التي يواجهها الاقتصاد العراقي وفي مقدمها نقص المياه والطاقة الكهربائية التي تؤثر في الزراعة والصناعة".

وزادت وزارة المالية العراقية أن "ارتفاع مؤشرات خط الفقر التي ارتبطت بعلاقة طردية مع ارتفاع جائحة كورونا، إضافة إلى بعض الاضطرابات الاجتماعية التي تواجه العراق منذ سنوات، تستدعي التخطيط المناسب لتحقيق أهداف اجتماعية فعالة، بينما يعد العراق واحداً من أكثر البلدان المعتمدة على النفط في العالم".

فرصة عودة الدينار إلى 1200 للدولار

في السياق، قال المتخصص في الاقتصاد الدولي نوار السعدي إن "الأسواق العراقية تدفع ثمن الدينار المنخفض من خلال ارتفاع أسعار المواد والسلع الاستهلاكية وخصوصاً الغذائية منها".
وتابع، "هذا الأمر دفع قسماً كبيراً من الشعب وباحثين في الأوساط الاقتصادية إلى المطالبة بعودة أسعار صرف الدينار العراقي أمام الدولار لسابق عهدها قبيل ديسمبر (كانون الأول) 2020، لذا أرى أن فرصة عودة سعر صرف العملة المحلية لـ 1200 دينار للدولار الواحد، أصبحت سانحة بعدما تجاوزت أسعار النفط حاجز الـ 85 دولاراً للبرميل، كون السياسية المالية العراقية اعتمدت في تغيير سعر صرف الدولار أمام الدينار المعطيات الحرجة آنذاك من انخفاض أسعار النفط ووصولها الى أقل من 50 دولاراً للبرميل، فضلاً عن ظروف جائحة كورونا التي عطلت مرافق الحياة وشطبت آلاف فرص العمل، لكن مع تعافي أسعار النفط أخيراً وانعكاس ذلك انخفاضاً في معدل التضخم، بات ضرورياً رفع سعر الدينار العراقي لتجنب ارتفاع معدلات الفقر وانخفاض القوى الشرائية وتهجير الأسواق العامة".

وأكد السعدي، "يجب أن يمارس الآن ضغط شعبي كبير لإلزام الحكومة العراقية والبنك المركزي بعد ارتفاع أسعار النفط بتعديل سعر صرف الدولار وإعادة رفع سعر الدينار، أو على الأقل تقديم الدعم إلى الطبقات الفقيرة التي تأثرت بشكل كبير جداً نتيجة ارتفاع سعر الدولار". وزاد، "حيث إن وضع التضخم اليوم خطير جداً في العراق على الرغم من أننا حذرنا سابقاً في مقالات عدة من مغبة رفع قيمة الدولار أمام الدينار العراقي وتداعيات ذلك على ارتفاع الأسعار وعدم السيطرة على جشع التجار ومستوردي البضائع، لكن للأسف حتى الآن لم يؤخذ كلام المتخصصين على محمل الجد في إعادة التوازن والأمن الغذائي للمواطنين".
وشدد السعدي على ضرورة أن "تعيد الحكومة قراءة الحاضر المالي والانفراجة في المتغير النفطي مع قراراتها الطارئة التي اتخذتها في ختام العام الماضي. والظروف المستجدة في ما يخص جائحة كورونا والركود الاقتصادي يتطلبان من القائمين على صنع القرار المالي في العراق وضع معالجات وحلول سريعة لتدارك الأوضاع في البلاد، خشية تفجر معدلات البطالة والفقرة وعدم السيطرة على آثار ذلك في المستقبل القريب".