Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مرشحون للرئاسة الجزائرية أُبلغوا بضرورة الانسحاب لتأمين "التبرير القانوني"

الجيش يقدم تنازلات ضمن الدستور وتبدلات في فحوى الخطابات

رفع العلم الجزائري خلال تظاهرة مناهضة للحكومة في 24 مايو 2019 في وسط العاصمة (أ.ب)

مع توجه المجلس الدستوري لإعلان "استحالة تنظيم الانتخابات" بعد انسحاب أبرز ثلاثة مرشحين للرئاسيات المقبلة في الجزائر من السباق، تكون المؤسسة العسكرية قد وافقت على تنازلات جديدة لكن ضمن خطوط دستورية. وقد جرت نقاشات حول قرار تأجيل الرئاسيات منذ أيام عدة، بينما أُلقيت المسؤولية على المجلس الدستوري لإيجاد الفتوى المناسبة بما يمنع "الفراغ الدستوري".

وبدأت نتائج توافقات عليا بين المؤسسة العسكرية والرئاسة حول تأجيل موعد الرئاسيات في الظهور خلال ساعات نهار السبت 25 مايو (أيار) 2019، في وقت كان المجلس الدستوري في انتظار ملفات مرشحين للرئاسيات المقررة في الرابع من يوليو (تموز) 2019، قبل إغلاق أبواب الترشح منتصف الليل.

ويضغط جزء من المتظاهرين خصوصاً في عاصمة البلاد، على المؤسسة العسكرية للالتزام بتعهداتها من خلال تطبيق المادتين "7 و8 من الدستور"، ليتحول الأمر إلى شعارات تطالب رئيس الأركان نفسه بالرحيل.

كما أعاد حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، تركيزه على رئيس الأركان الفريق أحمد قايد صالح، داعياً في بيان، الجسم القضائي إلى إحضار الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة والاستماع إليه في ما يتعلق بأعماله ومساعديه.

وقال التجمع، الذي اعتاد على الضغط على رئاسة الأركان منذ اعتقال رجل الأعمال استعد ربراب بحجة "العدالة الانتقائية"، "إذا كنّا نريد أن تطبّق العدالة ولا شيء غير العدالة، إضافة إلى الاستقلالية التي يجب أن تتمتع بها حتى عن الرأي العام، فعليها أن تبدأ النأي عن الطابع الانتقائي لهذه الاعتقالات، وذلك باستدعاء كل العصابة".

وتابع التجمع، قائلاً "يجب أن يُسمع لأقوال عبد العزيز بوتفليقة، رئيس الدولة المخلوع، عن أعماله وعن نشاط مساعديه، وإن هذا يُعتبر في المرحلة الحالية، الضمان الوحيد لنيل المصداقية، حتى لا تتحول عملية الأيدي النظيفة في الواقع إلى ما يشبه حملة لمطاردة السحرة".

ودان الحزب ما أسماه "هجوم قائد أركان الجيش أحمد قايد صالح للالتفاف على مطالب الحركة الشعبية، وبإصراره على إجراء انتخابات رئاسية في ظل ميزان قوى جديد بين الزمر المكوّنة للنظام"، معتبراً أن "المحاكمات الأخيرة سخّرت المحاكم لاستعراض وجوه مختارة من النظام القديم أمام القضاة".

بلعيد "الظروف الشعبية لا تسمح بالترشح"

توالت بيانات انسحاب المرشحين، هم الأهم بين قائمة الـ 77 مرشحاً، على مدار ساعات النهار، بدأها اللواء المتقاعد علي غديري، ثم رئيس التحالف الوطني الجمهوري بلقاسم ساحلي، واختُتمت برئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد.

ففي خطاب يبرر فيه دواعي انسحابه، قال بلعيد، في ما يتعلق بعدم إيداع ملف الترشح للرئاسيات لدى المجلس الدستوري، إن "هذه الانتخابات لم تشهد ما يُستحق لقيامها، بدءًا بعدم تنصيب اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات، التي كانت أحد أهم مطالب الجبهة، وصولاً إلى عدم توفر الظروف والأجواء الشعبية التي تدفع إلى المشاركة في هذا الموعد الدستوري".

والغريب في محتوى بيان بلعيد أنه كان يقول عكس هذا الكلام قبل بضعة أيام فقط، حين دافع عن ترشحه ورغبته في الاستمرار في التغيير الدستوري. وبناء على ذلك، يُعتقد أن بلعيد مثل غيره، جرى تبليغه بالعدول عن الترشح لتمكين المجلس الدستوري من تقديم تبرير قانوني.

وأضاف بلعيد "الغموض والجمود اللّذان يسودان، يدفعان إلى انعدام التحضير الحقيقي والجدي لهذه المحطة المهمة، إضافة إلى عدم تطبيق الحوار الذي دعت إليه المؤسسة العسكرية والذي يُعد أحد أنجح الوسائل لتنظيم هذه الانتخابات".

ساحلي "الثقة مهزوزة بين السلطة والحراك"

لم يكن انسحاب التحالف الوطني الجمهوري من الرئاسيات متوقعاً، خصوصاً أن مسؤوله الأول كان يميل للسلطة في فترة بوتفليقة وعبد القادر بن صالح. وأعلن الأمين العام للحزب بلقاسم ساحلي انسحابه، قائلا إن "ترشحه كان مشروطاً بضرورة مرافقة الحل الدستوري والانتخابي، بجملة من الإجراءات السياسية لطمأنة الرأي العام الوطني وترميم الثقة المهزوزة بين السلطة والحراك الشعبي".

وتابع "لا سيما ما تعلق بتشكيل حكومة كفاءات وطنية بقيادة شخصية مستقلة وتوافقية، ومعالجة إشكالية عدم شرعية رئيس المجلس الشعبي الوطني (البرلمان)، التي أشار إليها الحزب منذ اليوم الأول الذي حصل فيه السطو على هذا المنصب، وخرق قوانين الجمهورية في شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2018، وعدم تنصيب هيئة وطنية مستقلة للإشراف على الانتخابات".

ويقول مقربون من بلقاسم ساحلي إن "رفض شرائح مختلفة من الشعب الجزائري للإطار الذي ستتم فيه الانتخابات في يوليو 2019 وعدم اكتمال الآليات الدستورية والقانونية (الهيئة العليا للإشراف والرقابة وتعديل قانون الانتخابات)، إضافة إلى غياب التوافق السياسي لدى غالبية الفاعلين في الساحة الوطنية، أسباب أدت إلى التراجع عن الترشح".

"هدية" فنيش لأنصار الحل الدستوري

يجتهد المجلس الدستوري في تحضير بيان للرأي العام يتعلق بالرئاسيات المقبلة. وتتحدث مصادر عن تضمين البيان استدلالات من مواد في الدستور واجتهادات خبراء المجلس، في حال غياب مرشحين بشكل كامل أو رفض كل ملفاتهم، ما قد يبقي السلطة القائمة ضمن دستور البلاد، حتى لو حصل انتقال إلى فترة جديدة تشبه الانتقالية، لكنها بتسمية دستورية مغايرة فقط.

وتوجد أمام هيئة كمال فنيش، رئيس المجلس الدستوري، خيارات يعددها أستاذ القانون عبد الكريم سويرة، قائلاً "على الراغب في الترشح لمنصب رئيس الجمهورية أن يتقدم للمجلس الدستوري بملف يتضمن كل الشروط المطلوبة، إضافة إلى قائمة تضم 600 توقيع فردي من منتخبين محليين أو قائمة بـ 60 ألف توقيع على الأقل عبر 25 ولاية".

 وأوضح سويرة "إن هذه التوقيعات تحصل أمام ضباط الحالة المدنية أو أمام ضباط عموميين، كالمحضرين القضائيين والموثقين، وتقدم في شكل تطبيقات إلكترونية مع الاستمارات للمجلس الدستوري، وسيكون من الصعوبة بمكان جمع كل هذه التوقيعات خلال هذه المهلة، بسبب إعلان عدد من البلديات مقاطعتها لهذه الانتخابات".

أما عميد كلية العلوم الإنسانية في قالمة الدكتور يوسف قاسمي، فقال "يجب الالتزام بالمسار الدستوري وفق حلول سياسية توافقية، يستلهم من خلالها مطالب الحراك والطبقة السياسية الفاعلة، واحترام مؤسسات الدولة لأنها هي الإطار الذي يحمي الجميع، وبالنسبة إلى الانتخابات يُستحسن أن تؤجل مع إمكانية الذهاب لتفعيل المادة 103 من الدستور، التي يمكن أن تعطي أفقاً سياسياً لتأجيل هذه الانتخابات، لوقت لاحق، قد يصل لمدة 60 يوماً إضافياً".

المزيد من العالم العربي