Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السودان... الدعوة إلى الإضراب تختبر المعارضة و"الدولة العميقة"

المجلس العسكري يلجأ إلى أنصار البشير في النقابات لمواجهة الضغوط

نذر تصعيد عدائي بين المعارضة والمجلس العسكري في السودان (أ. ف. ب)

أثارت دعوة قوى الحرية والتغيير المعارضة في السودان، العاملين في المؤسسات الحكومية والخاصة، إلى الدخول في إضرابٍ عن العمل يومي الثلثاء والأربعاء في 27 و28 مايو (أيار) للضغط على المجلس العسكري لتسليم السلطة إلى المدنيين، جدلاً وتبايناً في مواقف المعارضة وتساؤلات حول مدى نجاح الخطوة في ظل "دولة عميقة" من أنصار حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقاً. 

وتخشى قوى سياسية وقيادات معارضة أن يؤدي تنفيذ إضراب في المؤسسات والشركات إلى زيادة معاناة المواطنين. وتعتبر الإضراب سلاحاً ذا حدين، الأفضل التلويح به لا استخدامه. وترى تلك القوى أن فشل الإضراب سيؤدي إلى خسارة كبيرة للمعارضة وخسارة الورقة الوحيدة التي تملكها. أما نجاحه، فسيدفع المجلس العسكري إلى التمسك بمواقفه، ما سيضع البلاد أمام سيناريوات خطرة، أقلها تجاوز العسكر المعارضة وتشكيل حكومة انتقالية والدعوة إلى انتخابات عامة بعد 6 أشهر. 

ويعتقد أنصار حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقاً أن نجاح الإضراب يعني عدم وجود "دولة عميقة" كما تزعم المعارضة التي طالبت بفترة انتقالية 4 سنوات لتفكيكها.

الحل لا يزال ممكناً 

 تحالف "قوى نداء السودان" الذي يُعد أحد أهم مكونات قوى الحرية والتغيير، توقع إمكان تجاوز الخلافات بين قيادة الثورة والمجلس العسكري الانتقالي بشأن المجلس السيادي المقترح، من طريق الحوار وتغليب المصلحة الوطنية. 

واعتبر التحالف الذي يتزعمه الصادق المهدي، أن اعتراف المجلس العسكري بقوى الحرية والتغيير ممثلاً شرعياً للثورة السودانية يُعد مكسباً مهماً. وينحصر الخلاف في رئاسة المجلس السيادي ونسب المشاركة فيه. ويؤكد التحالف أن تجاوز هذه المعضلة يمكن تخطيه عن طريق التفاوض.  

ويطلب من قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي ما سماه "استدعاء الميراث الثري لشعبنا في الحكمة والبصيرة لتجاوز المزالق، ونثق بأن التجربة النضالية المتميزة لشعبنا كافية لتجاوز انسداد الأفق الحالي". 

ويدعو الصادق المهدي إلى تشكيل مجلس سيادة لحكم البلاد بغالبية مدنية ورئاسة عسكرية، مشيراً إلى أن نذر تصعيد عدائي بين المعارضة والمجلس العسكري بدأت تلوح في الأفق بعد شهر من البحث عن صيغة انتقالية لحكم البلاد. 

ويضيف المهدي أن نهاية التصعيد ستعطل حكم البلاد وتمنع التحول السلمي نحو أهداف الثورة، وستتيح فرصة واسعة الى "حركات الردة".

تباين مواقف 

يرى خالد يوسف، عضو قوى الحرية والتغيير، أن الوقت غير مناسب لإعلان إضراب وعصيان مدني، باعتبار أن المفاوضات ما زالت قائمة وهناك لجان فنية تعمل، مؤكداً الحرص على الاتفاق الذي يفضي إلى تسليم السلطة لمدنيين. ويكرر أنه متى تعذر الوصول إلى حل عبر التفاوض، لن يكون هناك خيار سوى مزيد من الإجراءات التصعيدية  المجربة بوسائل سلمية. ويطلب توفير جو مناسب للحوار، معتبراً أن استخدام الأدوات المتاحة ليس وسيلة تهديد أو ضغط، إنما للتعبير عن آمال الشعب ورغباته. 

في المقابل، يقول محمد ضياء الدين، الناطق باسم حزب البعث وهو عضو قوى الحرية والتغيير، إن التلويح بالعصيان المدني والإضراب السياسي يُعتبر أحد وسائل النضال السلمي والديمقراطي، وإن الإعلان عنه جاء نتيجة تلكؤ المجلس العسكري في تسليم السلطة للشعب والإعلان عن قيام سلطة انتقالية مدنية. 

يضيف أن قوى الثورة تستعد لمرحلة مواجهة مع المجلس العسكري، كاشفاً أن كثيراً من القطاعات بمختلف مجالاتها أبدت استعدادها لساعة الصفر المرتقبة في حال استمرار المجلس على النهج ذاته الذي وصفه بالمراوغ للاستئثار بالسلطة. وراهن على الانتفاضة والاعتصام لنجاح الإضراب وإسقاط المجلس العسكري. ويطلب من المجلس العسكري تجنيب البلاد الانزلاق نحو المجهول.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

شراكة 

فاجأ المجلس العسكري الأوساط السياسية والنقابية بقرار قضى بالتراجع عن تجميد نشاط النقابات التي كانت محسوبة على نظام الرئيس المعزول عمر البشير وحزبه المؤتمر الوطني، بعد اتهامه من جانب المعارضة بتعطيل التوافق على تشكيل المجلس السيادي. 

ويعتقد معارضون ومحللون أن المجلس العسكري لجأ إلى إعادة التنظيمات النقابية لإحباط الدعوة إلى إضراب العاملين في مؤسسات القطاعين العام والخاص. 

ويرى مراقبون أنه حين اتخذ المجلس العسكري قراراً بتجميد عمل النقابات، أراد إثبات جديته في تفكيك مراكز وواجهات النظام السابق، على أمل أن يحدث انفراجاً في المباحثات المستقبلية مع قوى الحرية والتغيير يفضي إلى تأسيس شراكة بين الطرفين. 

غير أنّ التصعيد الأخير بين المجلس العسكري وبعض قوى الحرية والتغيير، التي لوّحت باللجوء إلى الإضراب العام والعصيان المدني للضغط على المجلس لتقديم تنازلات، دفع الأخير إلى المناورة والاستفادة من خطابات إقليمية ودولية رافضة لتجميد النقابات. فقرّر التراجع عن القرار، في خطوة ذات دلالات سياسية مرتبطة بحال الشدّ والجذب بين المجلس العسكري والمعارضة، فيما يسعى المجلس إلى استخدام النقابات في صراع الإضراب والعصيان المدني. 

ويُستبعد أن يكون المجلس العسكري راغباً في استخدام أدوات النظام السابق، لكنه أراد من خلال جميع خطواته خلال الأيام الماضية، احتواء محاولات التصعيد من قبل المعارضة، وهو أمر مرتبط بالضغوط المتبادلة. 

ولجأ المجلس العسكري إلى تحفيز العاملين برواتب إضافية وإعادة بعض العاملين العالقين في بعض المؤسسات والهيئات الحكومية، لخلق مراكز تأييد وتعاطف مدني، لتكون مظلات حماية من التصعيد الذي يقوده تجمع المهنيين وأطراف أخرى من المعارضة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي