أكدت الهيئة العامة للإحصاء في السعودية ما ذهبت إليه تصنيفات وكالات التصنيف الائتماني العالمية منها وكالة "موديز" ووكالة "فيتش"، اللتان صنفتاها ضمن النطاق "A+".
إذ حقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للرياض نمواً بنسبة 6.8 في المئة في الربع الثالث من عام 2021، مقارنة بالربع الثالث من عام 2020.
وقالت الهيئة في تقريرها الأخير إن هذا النمو الإيجابي يعود إلى الارتفاع الذي حققته الأنشطة النفطية بنسبة قدرها تسعة في المئة نتيجة زيادة الطلب العالمي على النفط الخام، ومعاودة البلاد رفع إنتاجها في عام 2021، تليها الأنشطة غير النفطية بنسبة 6.2 في المئة، كما حققت الأنشطة الحكومية ارتفاعاً قدره في المئة، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن معدل النمو في الربع الثالث من العام الجاري هو أعلى معدل نمو منذ عام 2012.
وعلى الرغم من أن ارتفاع أسعار النفط كان عاملاً رئيساً ومباشراً في سرعة تعافي الاقتصاد السعودي ونموه بمعدل جيد، فإن اقتصاديين أشاروا إلى أن هنالك عوامل أخرى أسهمت في التعافي والخروج من التداعيات السلبية لأزمة فيروس كورونا على الاقتصاد، وقال الاقتصادي جمال بنون "أمران مهمان أسهما في تحقيق النمو للبلاد، الأمر الأول وهو حزم وصرامة السعودية في تطبيق الإجراءات الاحترازية والبروتوكولات الخاصة بممارسة الحياة الاجتماعية، من أجل حماية اقتصادها".
خفض أعداد الإصابات
ويستطرد بنون بالقول "إن الحكومة عملت على عدم إرهاق المؤسسات الصحية بارتفاع عدد المصابين بفيروس كوفيد-19، وتشددت في أهمية أن يحصل الجميع على اللقاحات، ومكنت جميع فئات المجتمع من الحصول عليها مجاناً بمن فيهم الأشخاص المقيمون على أراضيها بصفة غير مشروعة، ومنعت دخول الأسواق وأي مرافق عامة لمن لا يحمل شهادة تلقيح ضد كورونا، ووقفت بحزم لأي تجمعات ومناسبات واحتفالات".
ويتفق معه الاقتصادي صلاح الشلهوب بالقول "إن استدامة الإنفاق خصوصاً على القطاع الصحي خلال فترة تفشي الجائحة وما تلاها من الحصول على اللقاحات كان له دور كبير وبارز في سرعة التعافي الاقتصادي، خصوصاً أن العديد من دول العالم لا تزال اقتصاداتها تعاني التداعيات السلبية لتفشي الجائحة وارتفاع عدد الإصابات بالمرض بمعدلات كبيرة في بعضها".
إغلاق الحدود
ويرى بنون أن قرار إيقاف الرحلات الجوية من الخارج ومنع السعوديين من مغادرة البلاد، من القرارات التي انعكست إيجاباً على محاصرة الفيروس ومنع انتشاره.
وأضاف "عندما سمحت الرياض بعودة الرحلات الدولية أعادتها بشروط وتطبيق إجراءات صارمة، هذه الخطوات ساعدت على ثبات الاقتصاد السعودي وتخفيف المضاعفات، من خلال الحفاظ على صحة المجتمع وسلامته".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأردف بالقول "إن هناك أمراً آخر أسهم في تحقيق نمو الاقتصاد المحلي، وهو تصدر صندوق الاستثمارات العامة في تنفيذ المشروعات الاقتصادية الضخمة، وظهوره كلاعب مهم من حيث ضخ استثمارات على المستويين المحلي والعالمي، وأطلق الصندوق قبل أسابيع مشروع (ذا ريغ) في قطاع السياحة، وتبلغ مساهمة الصندوق في محفظة الأسهم السعودية بقيمة 470 مليار ريال (125.32 مليار دولار)".
من جانبه، أكد الشلهوب أن الإنفاق على المشاريع التنموية في البلاد خصوصاً الكبرى منها مثل مشروع البحر الأحمر ونيوم وغيرها، أسهمت بشكل كبير في نمو الاقتصاد المحلي وسرعة تعافيه.
انخفاض معدلات البطالة
كما شهدت فترة العودة إلى الحياة الطبيعية إنعاشاً للمنشآت التجارية العملاقة في البلاد، وهذا ما أكده بنون بقوله "إن انتعاش كبريات الشركات السعودية بخاصة أرامكو في تنفيذ وتوسعة عدد من المشاريع، إضافة إلى سابك، دفع خطط وبرامج الترفيه والفعاليات السياحية إلى تنشيط قطاع التجزئة والخدمات وتحسنت ظروف العمل، وعادت الشركات إلى طرح الوظائف للشباب والشابات ما خفض نسب البطالة التي كانت قد ارتفعت خلال أزمة كورونا، وانخفضت بنسبة معقولة تتماشى مع التعافي الاقتصادي من 12.6 في المئة العام الماضي 2020 إلى 11.7 في المئة خلال هذا العام 2021". وقال "من المرجح أن يتعافى الاقتصاد السعودي تدريجياً ويصل إلى مستويات جيدة، مع الضوابط التي تتبعها الحكومة، وأيضاً التسهيلات والمحفزات من دعم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتعديل الكثير من القوانين الاقتصادية التي كانت معيقة للنمو".
ويتفق معه الشلهوب بقوله "من الملاحظ ارتفاع معدلات الإنفاق الاستهلاكي بعد عودة الحياة إلى طبيعتها وهذا انعكس بشكل جيد على منشآت القطاع الخاص التي انتعشت اقتصادياً بعد الإغلاق وقت الأزمة، مما أسهم في توسع أعمالها وفتح فرص وظيفية، مما أسهم في خفض البطالة داخلياً، إضافة إلى زيادة معدلات الإنفاق التي أسهمت في رفع معدلات الناتج المحلي".
وأشار إلى أن التوقعات تشير إلى نمو أفضل في المستقبل، خصوصاً مع التنوع في مصادر الدولة من القطاعات غير النفطية واستدامة النشاط الاقتصادي، بعد الإجراءات التحفيزية له من قبل الحكومة وقت الأزمة وبعدها.