Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البرهان يستعين بمسؤولين من عهد البشير لشغل مناصب إدارية في الدولة

قاضٍ سوداني يأمر شركات الاتصالات في الخرطوم بتوضيح سبب استمرار انقطاع خدمات الإنترنت

البشير يبتسم من وراء القضبان خلال إحدى جلسات محاكمته بالخرطوم في 31 أغسطس 2019 (رويترز)

عمد حكام السودان العسكريون إلى الاستعانة بمسؤولين سابقين من عهد الرئيس المعزول عمر البشير، لشغل مناصب في الجهاز الإداري للدولة، الأمر الذي يراه معارضون علامةً على سعيهم إلى تعزيز سيطرتهم على البلاد، فيما أمر قاضٍ سوداني شركات الاتصالات في الخرطوم بتوضيح سبب استمرار انقطاع خدمات الإنترنت بعد أكثر من أسبوعين من استيلاء الجيش على السلطة، وبعد يومين من أمر قضائي بإعادة الاتصالات.
وانقطعت خدمات الإنترنت عبر الهاتف المحمول في أنحاء السودان منذ استيلاء الجيش على السلطة في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وعرقل ذلك جهود الجماعات المؤيدة للديمقراطية للتعبئة لحملة عصيان مدني وإضرابات احتجاجاً على الانقلاب.
وصدر الأمر القضائي بإعادة خدمات الإنترنت على الفور يوم الثلاثاء 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، استجابةً لشكوى من جمعية حماية المستهلك السودانية. وكرر القاضي اليوم الخميس 11 نوفمبر، الأمر لشركات "زين" و"أم تي أن" و"سوداتل" و"كنار" بإعادة الخدمات في انتظار الإعلان عن أي تعويضات يتعين دفعها للمشتركين.

تحالف مصلحة

في موازاة ذلك، يقول مراقبون إن قائد الجيش، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، الذي لا يملك قاعدة سياسية، لجأ إلى تحالف قائم على المصلحة مع شخصيات ساعد في إبعادها عن السلطة عند إطاحة البشير في عام 2019.
وتشير هذه التحركات إلى أن البرهان يسعى إلى إحكام قبضة المؤسسة العسكرية على السلطة متجاهلاً الدعوات التي أطلقها قطاع كبير من المجتمع الدولي للعودة إلى ترتيب اقتسام السلطة بين المدنيين والعسكريين، الذي كان من شأنه أنه يؤدي إلى إجراء انتخابات في عام 2023.
في المقابل، نفى مصدر في الحكومة لوكالة "رويترز" أن يكون من تم تعيينهم أخيراً، من "فلول" حكم البشير، وقال إن ترشيحاتهم تمت وفق الإجراءات الإدارية المعتادة.
ومع ذلك، فإن التعيينات المعلنة لمسؤولين سابقين كبار من عهد البشير منذ الانقلاب شملت هويدا الكريم، وكيلة وزارة العدل، وعلي الصادق، وكيل وزارة الخارجية، ومحمود الحوري، وكيل وزارة التربية والتعليم.
وقال الصادق لـ"رويترز"، إنه تولى منصبه من منطلق الأقدمية. وأضاف، "لست منتسباً لأي نظام سابق. وأنا أؤدي عملي كموظف عمومي".
وتم أيضاً تعيين مسؤولين في مناصب عليا في بنوك الدولة ووسائل الإعلام والحكومة الإقليمية في ولاية الخرطوم وولايات أخرى.
ويقول معارضون إن البرهان ربما يشدد المعارضة الشعبية لاستيلاء الجيش على السلطة، ويضيق بذلك المساحة المتاحة للمصالحة، بتعيين مسؤولين سابقين من عهد البشير الذي ارتبط في أذهان الكثيرين من السودانيين بسنوات العزلة والعقوبات الأميركية.
في الوقت ذاته، قال موظفون حكوميون وجماعات سياسية إنه يجري عزل موظفين عموميين تم تعيينهم في مناصبهم في ظل تحالف "قوى الحرية والتغيير" المدني الذي كان يتقاسم السلطة مع الجيش قبل الانقلاب، أو تم تكليفهم مهام أخرى.

اعتقالات

وفي علامة على الخلاف المتنامي بسبب التعيينات، اعتقل العشرات من المشاركين في اعتصام معارض لتسليم مناصب لمسؤولين عينهم الجيش، في مبنى وزارة التعليم بولاية الخرطوم يوم الأحد الماضي، وذلك بحسب ما أعلنت لجنة المعلمين.
وفي بيان صدر الأربعاء 10 نوفمبر، رفض مسؤولو الصحة في ولاية الخرطوم عزلهم من مناصبهم وتعيين من وصفوهم بأنهم "استسلموا للجيش وخانوا العهد وتبرأوا من الثورة".
كما استهدفت حركة العزل التي أجراها الجيش أيضاً، "لجنة إزالة التمكين" التي شكلت لتفكيك حكم البشير وإبعاد الموالين له من المناصب العامة. وتم القبض على عدد من كبار أعضاء اللجنة وأعلن البرهان مساء يوم الثلاثاء تشكيل لجنة لمراجعة عمل هذه اللجنة.
في المقابل، وفي بيان يحض على "المقاومة السلمية للانقلاب"، أكد المكتب السياسي لـ"حزب الأمة" القومي السوداني موقفه "الرافض لانقلاب 25 أكتوبر ومقاومته بكل السبل السلمية".
وقال المكتب السياسي لـ"حزب الأمة" إنه يرفض "كل القرارات الصادرة عن قائد الانقلاب والخاصة بفصل قيادات الخدمة المدنية غير الموالية للانقلاب واستبدالهم بكوادر المؤتمر الوطني المندحر"، في إشارة إلى الحزب الحاكم خلال عهد البشير.
واتهمت "شبكة الصحافيين السودانيين" الجيش باستخدام شخصيات من "حزب المؤتمر الوطني" في عملية "تطهير الموظفين العموميين الذين عينتهم الحكومة الانتقالية بعد إطاحة البشير والتضييق على اللجان النقابية وقيادات حملة العصيان المدني المناهضة للانقلاب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان "حزب المؤتمر الوطني" قد واصل إصدار البيانات قبل وقوع الانقلاب على الرغم من حله غير أنه لم يصدر أي تعليق علني على ما قام به الجيش.

حركة الاحتجاج

أوقفت سيطرة الجيش على السلطة العمل باتفاق تقاسم السلطة بين المدنيين والعسكريين الذي تم التوصل إليه في عام 2019 بعد إطاحة العسكريين البشير في أعقاب احتجاجات شعبية استمرت شهوراً. وقاد البرهان المجلس الحاكم المشترك بين الطرفين، غير أنه كان مقرراً أن يسلم القيادة لشخصية مدنية قبل الانتخابات التي يفترض إجراؤها في عام 2023.
وبعد اعتقال شخصيات مدنية رفيعة ووضع رئيس الوزراء عبدالله حمدوك قيد الإقامة الجبرية في 25 أكتوبر الماضي، قال البرهان إنه سيعلن تشكيل حكومة من المتخصصين، لكنه لم يفعل ذلك حتى الآن. وتعثرت جهود شاركت فيها الأمم المتحدة لتأمين الإفراج عن الساسة والعودة إلى اتفاق تقاسم السلطة.
وقال الباحث السوداني مجدي الجزولي إن البرهان استغل الوقت في تعيين الموالين للجيش والدولة في مناصب تمثل مفاصل مهمة في السيطرة على البنية التحتية والبنوك والتجارة. وأضاف أنه "يفعل ما يفعله كل حاكم من فرز للجهاز الإداري والعثور على الموالين له، وهو يخلق أمراً واقعاً قبل (تشكيل) مجلس الوزراء".
وقال البرهان إنه حل الأجهزة الانتقالية للحيلولة دون تسبب التنازع بين الفصائل السياسية في زعزعة استقرار البلاد. وهو يؤكد التزامه بالانتقال الديمقراطي، وبأن الانتخابات ستجرى في عام 2023.
وتطالب حركة الاحتجاج الجيش بالانسحاب من المسرح السياسي بالكامل. وكانت تلك الحركة هي التي قادت التظاهرات المناهضة للبشير وحشدت الجماهير مرة أخرى في الفترة التي سبقت الانقلاب في 25 أكتوبر.
وعلى الرغم من أن قطع خدمات الإنترنت أعاق حملة العصيان المدني يومي الأحد والاثنين الماضيين، خرج مئات الآلاف في تظاهرات شعبية احتجاجاً على إجراءات الجيش. ومن المقرر تنظيم مسيرة مليونية أخرى في 13 نوفمبر الحالي.
ويواجه البرهان الأزمة الاقتصادية التي كانت سبباً في الانتفاضة على البشير واستمرت حتى إطاحته، إذ توقفت المساعدات التي كانت بدأت تتدفق من الغرب لمساعدة السودان في الانتقال السياسي. كما تم تقديم مشروع قرار في الكونغرس الأميركي يدعو إلى فرض عقوبات على قيادات الانقلاب.
وقد يواجه أي تحالف بين البرهان وفصائل تابعة للنظام السابق موقفاً عسيراً، بسبب استياء هذه الفصائل من دور البرهان كقائد للجيش في إطاحة البشير في عام 2019.

المزيد من العالم العربي