Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الكلفة مهمة في مسار التحول الأخضر

المتسوقون يحبذون الاستدامة البيئية شرط أن تكون منتجاتها رخيصة، ما يدعو إلى خفض شامل لتكاليفها الإضافية

مزرعة تابعة لمنظمة تسعى إلى مكافحة الفقر عبر حلول التنمية المستدامة بيئياً في مدينة جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا (أ ف ب)

يفاخر بيان صحافي صادر عن مجموعة "أسدا" المالكة لسلسلة محال السوبرماركت، بأن "الأسعار الأدنى تؤدي دوراً أساسياً في شراء المستهلكين منتجات تحترم الاستدامة البيئية". وكنت على وشك حذف البيان الصحافي قبل أن أواصل قراءته.

وفي العادة، لا تكون هذه الرسائل أكثر بكثير من إعلانات مموهة قليلاً، ولا تتضمن "الأخبار" الواردة فيها عادة أكثر بكثير من زعم الجهة المرسلة بأن أسعارها هي الأدنى ومنتجاتها هي الأفضل، ولا تحتوي عادة سوى بعض "البحوث" الزائفة إلى هذا الحد أو ذاك، التي تدعم ذلك الزعم.

لكن، لسبب ما، واصلت القراءة. وفاجأني أنني وجدت أن البيان الصحافي يشكل أحد البيانات الصحافية النادرة التي تقدم شيئاً مفيداً. إذ تفيد "أسدا" بأنها أجرت بعض الاستطلاعات قبل قمة مؤتمر الأطراف الـ26 (كوب 26)، التي بينت أن الزبائن يهتمون بالاستدامة. وهذا خبر جيد.

واستطراداً، لقد أورد أكثر من نصف المشاركين (55 في المئة) في عينتها المؤلفة من ثلاثة آلاف شخص، إنهم مستعدون لإجراء تغييرات مهمة في أسلوب الحياة لتقليص بصماتهم الكربونية. ربما من المناسب أكثر الإشارة إلى أنه خبر جيد نوعاً ما. ويصح الأمر أكثر حين يأخذ المرء في الاعتبار أن الناس يبدون مستعدين جداً للكذب على القائمين بالاستطلاعات، ولا سيما حين يعتبرون أن ذلك ينعكس إيجاباً على مظهرهم. ويتحقق ذلك مثلاً حين يورد شخص ما أنه يمارس الشراء في ضوء اعتبارات الاستدامة قبل مؤتمر الأطراف الـ26.

غير أن ما هو جيد نوعاً ما، أفضل من سيئ.

إليكم السبب. لقد كان الناس الذين أجابوا عن الأسئلة صادقين كفاية للإقرار بأن السعر سيؤدي دوراً في خياراتهم في ضوء الاستدامة. وهذا سبب مهم. وذكر نحو ثلاثة أرباع المشاركين في العينة (76 في المئة) إن خفض أسعار المنتجات التي تحترم الاستدامة سيشجعهم على مراعاة البيئة حين يتبضعون.

صحيح أن التحول إلى الخيار الأخضر لا يتضمن دوماً حدوث زيادة في التكلفة. ومثلاً، تشكل شرائح اللحم نقيضاً للاستدامة لأن الأبقار تطلق كثيراً من غاز الميثان في الغلاف الجوي [يعتبر من الغازات المسببة للاحتباس الحراري]. وإن أسعارها مرتفعة.

لكن، ليس من غير المعتاد الطلب من المرء أن يدفع أكثر في مقابل "الخيار الأخضر"، ما يشكل عائقاً أمام بعض المستهلكين.

ومما لا يساعد في هذا المجال أن الخيار الأخضر ليس واضحاً دائماً. هل ما يشتريه المرء يحترم الاستدامة حقاً؟ أم هل خضع للتلفيق الأخضر لأغراض تسويقية؟ إنها مسألة حقيقية في وقت يبدو فيه التلفيق الأخضر أكثر رواجاً في صفوف الشركات من بدلة من "سافيل رو" (علامة تجارية رائجة للملابس).

في ذلك الصدد، تقترح "أسدا" لتلك المعضلة حلاً يتمثل في "التعاون بين الموردين، والمصنعين، والبائعين بالتجزئة لإزالة عائق السعر الذي يمنع المتسوقين من شراء منتجات تحترم الاستدامة".

إن ذلك الحل معتاد جداً من الشركات وغامض، إذ تروج الشركة (أسدا) لـ"وعد سعري أكثر اخضراراً". وعند تلك النقطة، يبرز الترويج الذاتي الصارخ، إذ تعد بمزيد من المنتجات الخضراء (جيد). وتعد بوسم البضائع للمساعدة في توجيه الناس، وتلك فكرة جيدة، لكنها قد تتعقد في ظل عشق الحكومة للاتفاقات التجارية المراوغة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع ذلك، فسلسلة محال البقالة ليست على خطأ في إثارة المسألة. فبعض الناس لا يستطيعون ببساطة أن يتحملوا تكاليف الاستدامة. وتعني تخفيضات الحكومة لـ"الائتمان الشامل" [دعم مالي للفئات الأدنى دخلاً] وزياداتها الضرائب الشخصية من خلال التأمين الوطني في وقت ترتفع فيه الأسعار بسرعة، تعني أن هؤلاء الناس لا يستطيعون أن يتحملوا مجرد التفكير في الأمر. إن الأولوية لديهم تتركز في مجرد تأمين الأغذية.

الأسبوع الماضي، غطيت تحليلاً لـ"مؤسسة القرار" يبين أن البريطانيين من المرجح أن يزدادوا فقراً بحلول نهاية الولاية البرلمانية الحالية على صعيد مداخيلهم الحقيقية المتاحة المعدلة وفق معدل التضخم، وهذا أمر لم يحصل منذ بدء العمل بالسجلات في سنة 1955.

في الواقع، يتجاوز هذا الموضوع محال السوبرماركت، إذ سيتكبد الفرد تكلفة إضافية في شراء سيارة كهربائية، مثلاً. ويمكن للألواح الشمسية أن تخفض فواتيره الكهربائية، لكن ثمنها باهظ، وقد تمر سنوات قبل أن يتحقق الوفر المتأتي منها.

ببساطة، ليست تلك الخيارات متاحة أمام الذين لا يملكون المال للاستثمار فيها.

من الواضح أن إحدى الطرق المتوفرة للمساعدة في هذا المجال تتمثل في تصميم النظام الضريبي في شكل يحابي الشراء الذي يحترم الاستدامة. وتعد السيارات الكهربائية مثلاً جيداً من ذلك. ويعني ذلك أن تشغيلها أرخص بكثير، والضرائب المفروضة عليها أقل بكثير، لذلك يعود جزء على الأقل من التكلفة الإضافية في نهاية المطاف إلى المشتري.

واستطراداً، لقد دارت مناقشة كبيرة حول الضرائب الخضراء ومدى قدرة الناس في تحملها، لكن المناقشة في شأن الحوافز الخضراء كانت أقل. وربما آن الأوان كي يتغير هذا الوضع.

إن الأرض مهمة. مهمة حقاً. وإذا لم نحمها، ستكون التكلفة التي سنتكبدها جميعاً وحشية.

في المقابل، حينما يمكن للمرء أن يسخر من دوافع "أسدا"، يعد التوجه المركزي في بيانها الصحافي مباشراً. إن السعر مهم أيضاً. ويجب معالجة تلك المسألة.

© The Independent

المزيد من آراء