Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إعادة فتح سفارة الجزائر بطرابلس وتعيين سفير بخلفية إخوانية

يأتي القرار في خضم حيوية دبلوماسية بين البلدين وتبادل الزيارات على أعلى المستويات

وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة مستقبلاً نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي موسى الكوني (وكالة الأنباء الجزائرية)

أعادت السلطات الجزائرية فتح سفارتها في العاصمة الليبية طرابلس، بعد إغلاق دام سبع سنوات منذ مارس (آذار) 2014، وأعلنت تعيين سليمان شنين، رئيس البرلمان الجزائري السابق سفيراً فوق العادة لدى ليبيا. ويكشف هذا القرار عن تحولات مرتقبة مع دور متزايد للجزائر في المشهد الليبي.

عودة بسفير فوق العادة

وذكر بيان للخارجية الجزائرية أن "الحكومة الليبية وافقت على اعتماد سليمان شنين، سفيراً فوق العادة ومفوضاً للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية لدى دولة ليبيا". وأشارت إلى أنه من المنتظر أن يلتحق الدبلوماسي الجديد بمنصبه مع نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.
ويأتي قرار إعادة فتح السفارة بطرابلس، في خضم حيوية دبلوماسية على خط الجزائر – ليبيا، مع تبادل الزيارات على أعلى المستويات، كان آخرها زيارة نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي موسى الكوني، وقبله وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، ما يؤشر إلى مرحلة جديدة من "الحضور" الجزائري في المشهد الليبي، بخاصة مع بداية التحضير للانتخابات المقررة نهاية العام الحالي، التي تعرف تجاذبات تهدد إجراءها في موعدها المحدد، ما يضع "الاستقرار النسبي" الذي تعرفه البلاد أمام خطر الانفجار والعودة إلى نقطة الصفر.
ولعل منح الوافد الجديد على سفارة الجزائر في طرابلس، صفة "سفير فوق العادة"، كفيل بإعطاء إشارات لمختلف الأطراف داخل ليبيا وخارجها، إلى أن العودة ليست من أجل "تسخين" الكرسي وإنما للعب دور من شأنه إحداث تقدم في العملية السياسية الليبية، على اعتبار أن "سفيراً فوق العادة" يملك صلاحيات قانونية موسعة تشمل توقيع اتفاقيات باسم الدولة أو الهيئة التي يمثلها، وهو ما لا يحق للسفير العادي.

تموقع مع الشرعية الدولية

وتعليقاً على الخطوة، قال الحقوقي الجزائري عابد نعمان إن "الجزائر تتموقع مع الشرعية الدولية أساساً قبل التطرق إلى من يمثلها في ليبيا"، مضيفاً أن "قواعد اللعبة تفرض أن التمثيل الدبلوماسي يجب ألا يتعارض مع المناخ الشرعي والقانون العام والوضع السياسي في المنطقة، وهذا حتى نتجنّب الصدام في مفاهيم الأشياء ووجهات النظر بشأن الملف الليبي، بخاصة العقيدة السياسية، ما يترجم قوة الدبلوماسية الجزائرية في عملية تكييف التعامل الدولي حين تخص المسألة دولة جارة، لأن أواصر الأخوّة والجوار تفرض نفسها في احترام البيت الداخلي، والتعامل وفق مقتضياته والبنى التي يرتكز عليها". وأوضح نعمان أن "الأمر مسألة مبدأ وهو الحرص على احترام منظومة البيت الداخلي، طالما أنها ذات شرعية دولية".
وواصل نعمان أن "توقيت العودة هو إعلان رسمي بالموقف وتنفيذ آثاره القانونية في المجتمع الدولي لوقف أي مفاوضات تكتيكية غير حاسمة، مثل حاجز مرور متقدم ضد احتمالات التدخلات الدولية في ظل قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب والتوتر مع فرنسا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال نعمان بخصوص تعيين سليمان شنين ذي الخلفية الإخوانية إن "رئيس البرلمان السابق المحسوب على التيار الإخواني ورد اسمه في مجمل الحسابات لتعيينه سفيراً منذ مدة، ثم من حيث المبدأ، إن المنظومة ذات الصفة الشرعية دولياً في الحكومة الليبية هي إخوانية، ويفرض ذلك مبدأ احترام المنظومة الداخلية للدولة، وخلق سبل التعاون وليس أسباب التشنج، وهذا ما حصل". وتابع أن "الشخصية المختارة يبدو أنها حظيت بإجماع على أنها شخصية منضبطة".

تعيين أثار استفهامات

وكانت الجزائر سحبت سفيرها والطاقم الدبلوماسي في مايو (أيار) 2014، بعد ورود معلومات حول محاولة جماعات إرهابية اقتحامها، أعقبها تفجير بسيارة مفخخة استهدف محيط السفارة الجزائرية. ومنذ ذلك الوقت، تُدار شؤون تلك البعثة الدبلوماسية من سفارة الجزائر في تونس.
ولم تأخذ إعادة فتح السفارة في طرابلس حيزاً واسعاً من النقاشات بقدر ما أثار تعيين شنين استفهامات، ليس بسبب انتماءاته وإنما لعدم خبرته في النشاط الدبلوماسي، بخاصة أنه سيشغل المنصب في إحدى أهم الدول التي تشهد اضطرابات، وهو ما فسرته أطراف عدة على أنه توجه جديد للدبلوماسية الجزائرية، إذ يرغب الرئيس عبد المجيد تبون بإعطاء طابع سياسي لمنصب السفير، بعدما ظلت التعيينات الدبلوماسية محصورة في العاملين بوزارة الخارجية. كما ربما يكون التعيين مرتبطاً بعلاقة سليمان شنين بجهات نافذة تدور ضمن فلك "الإخوان" في ليبيا، ما يشكّل عاملاً مساعداً على الإقناع وتمرير الأفكار.

يُذكر أن سليمان شنين هو أحد القياديين السابقين في حركة "مجتمع السلم"، أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر، وهو منضوٍ حالياً ضمن "حركة البناء الوطني" التي تُصنّف كالممثل الرسمي للإخوان في البلاد. ويُعتبر شنين أول سياسي إسلامي يصل إلى رئاسة البرلمان الجزائري منذ الاستقلال، وكان ذلك في يوليو (تموز) 2019، عقب تفجر تظاهرات الحراك الشعبي، وبعد استقالة رئيس البرلمان السابق معاذ بوشارب تحت ضغط الشارع، لتنتهي مهمته بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت أخيراً ويغادر منصبه في مارس (آذار) 2021.

توقيت بمتغيرات على صعيدين

من جانبه، رأى الإعلامي حكيم مسعودي أن "توقيت إعادة فتح السفارة ارتبط بمتغيرات على صعيدَين، الأول متعلق بليبيا وعودة الاستقرار النسبي فيها، بالتالي زوال مبرر غلقها، كما تزامن أيضاً مع بلوغ المسار الانتقالي مرحلةً متقدمة مع إقبال ليبيا على لحظة تأسيسية، وهي عملية بناء المؤسسات الدستورية وتنصيب السلطات، وهذا يعني الجزائر بدرجة كبيرة بحكم الجوار والرهانات التي تعنيها ليبيا في المرحلة المقبلة، إلى جانب انخراطها لتكون عنصراً فاعلاً في مرافقة الليبيين لحل الأزمة وفق المقاربة السياسية في إطار دول الجوار الليبي".
وتابع مسعودي، بخصوص المعطى الثاني، أنه "يتزامن مع مساعي الرئيس تبون لتنشيط الدبلوماسية بتعيين رمطان لعمامرة وزيراً للخارجية، وتفعيل مجالات عملها وفق دوائر جيوسياسية محددة، وعليه فإن إعادة فتح السفارة تدخل في سياق تعزيز حضور الجزائر في الملف الليبي ولو بصورة رمزية"، مبرزاً في ما يتعلق بتعيين سليمان شنين، "صحيح أنه محسوب على الإخوان أيديولوجياً، لكن سياسياً لم تعُد لهذا التيار خصوصيات في الجزائر، وهو في هذه الحالة مكلّف باسم الدولة ويمثلها ولا علاقة لانتمائه السياسي بهذا التعيين".

المزيد من العالم العربي