Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بداية باهتة لحملة الانتخابات المحلية في الجزائر

المواطن فقد الثقة في الطبقة السياسية وبات يتجه إلى المجتمع المدني

جزائرية تقترع في الانتخابات البرلمانية السابقة (أ ف ب)

كما هو الطقس بارد هذه الأيام في الجزائر، كذلك هي بداية الحملة الانتخابية للمحليات المقررة في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. فهي، حتى الساعة، متواضعة وباهتة، وما زالت المساحات المخصصة للإعلانات في معظم شوارع المدن والبلديات فارغة.

وبين التطورات الخارجية مع المغرب وفرنسا وابتعاد المواطن من السياسة، انقسمت آراء المتابعين في شأن تبدد الاهتمام بالانتخابات المحلية. ما فتح الأبواب أمام الترجيحات المتعلقة بنسبة الاقتراع، مع ترجيح ارتفاع نسبة العزوف عن المشاركة، على الرغم من محاولات الهيئة المستقلة للانتخابات تقديم تسهيلات تدفع إلى تنشيط الاستحقاق. وقد أعلن رئيس الهيئة محمد شرفي أنه وجه بالإسراع في المصادقة على القوائم الانتخابية النهائية للمرشحين. وكشف أن مجلس الدولة صادق لمصلحة 75 في المئة من قرارات رفض الترشح التي اتخذتها الهيئة، في الوقت الذي تم فيه إلغاء 25 في المئة من قرارات الرفض المتبقية من طرف الهيئات القضائية، مجدداً التزام الهيئة مكافحة التزوير والمال الفاسد خلال الانتخابات.

تبريرات مرشحين

وعلى الرغم من أن الحملة الانتخابية تستمر لثلاثة أسابيع، ويخوضها 40 حزباً سياسياً وكتلة من قوائم المستقلين، (نحو 6 آلاف قائمة)، إلا أن بدايتها تثير مخاوف جدية من العزوف الشعبي، سواء عن التجمعات واللقاءات الدعائية أو عن الاقتراع. وهو ما يشير إليه المرشح لطرش خريفيف، ملاحظاً أن "البداية المحتشمة ليست بسبب طلاق المواطن للسياسة أو الأحداث مع المغرب وفرنسا فحسب، بل قد يكون السبب هو ضعف الطبقة السياسية في استقطاب المواطنين والمواطنات، وربما يكون السبب ضعف القدرة الشرائية للمواطن الذي وجد بين عشية وضحاها أن الأسعار ارتفعت من دون سابق إنذار".

ويعتقد المرشح كمال دوادي أن "الوضع يكشف عن عدم ثقة المواطن في المسؤول، وهو مؤشر غير مريح"، مضيفاً أن "الانتخابات البلدية كما هو معروف تستقطب المواطنين وتثير الاهتمام، على اعتبار أنه يوجد مرشح في كل حي وشارع".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول المرشح بلقاسم عجاج، "انطلاقاً من تجربة سابقة في الانتخابات البرلمانية، ومواكبتي كصحافي دورات انتخابية عدة، فإن الحملات الانتخابية تكون باهتة في الأسبوع الأول، ثم يبدأ النشاط واهتمام المواطن مع الأسبوع الثاني"، مضيفاً أن "ما يميز انتخابات 2021 التشريعية والمحلية هو الأزمات المتكررة الممثلة في ندرة السلع الاستهلاكية وتدهور القدرة الشرائية وأزمة كورونا التي زعزعت استقرار عائلات فقدت ذويها".

ويتابع عجاج "أفضت هذه العوامل وغيرها إلى إحداث فجوة بين المواطن والسلطة، ما أرغم المرشحين على محاولة تدارك الثقة المفقودة قبل الحديث عن البرامج الانتخابية أو تقديم الوعود التي أضحت غير مقنعة لدى المواطن الذي عايش تجارب مع منتخبين سابقين لم يكونوا أهلاً لصوته، فحصل الطلاق والعزوف". ويشير إلى أنه "يبقى رهان الجبهة الداخلية، وخصوصاً الاجتماعية، أهم المحركات والعوامل في صناعة العملية الانتخابية، باعتبار أن المواطن يدرك حاجاته وأن تلك الحاجات غير مرتبطة بالخارج أو بالصراعات في المنطقة المغاربية أو العربية أو حتى الدولية".

اللجوء إلى التواصل الاجتماعي

وسارع المرشحون إلى تعويض غياب المواطن عن التجمعات واللقاءات، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. فراحوا يستميلون الناخبين عبر وعود لم تعد تحظى بثقة المواطنين الذين سئموا من تكرار العبارات، وفق تعبير معظم المعلقين على مناشير المرشحين. علماً أن للانتخابات المحلية ميزة خاصة في الجزائر، إذ لا تخضع نتائجها للحسابات السياسية، بل لعوامل مرتبطة بما يسمى "العروشية" أو "القبلية" والجهوية والعلاقات العائلية. ولا يغيب عامل "شراء الذمم" بالأموال والمساعدات الغذائية والولائم.

وسط هذا، وفي ظل غياب قوائم المرشحين عن المساحات الإعلانية، انتشرت إعلانات الهيئة المستقلة للانتخابات التي تدعو المواطنين إلى المشاركة في الانتخابات المحلية المقبلة. وهو مشهد أرجعته أطراف عدة إلى أمور تنظيمية، ويتعلق بتأخر السلطة المستقلة لمراقبة الانتخابات في تقديم الاعتماد الرسمي لبعض القوائم، إضافة إلى مشكل الضغط الحاصل حالياً على المطابع.

المحليات ليست البرلمانيات

وفي السياق، يقول أستاذ القانون العام أبو الفضل بهلولي، إن "هناك عديداً من التشكيلات السياسية لم تنصّب بعد مكاتب المداولات، وهذا مؤشر على غياب التحضير الجيد للاستحقاقات المقبلة"، مشيراً إلى أن "المواطن فقد الثقة في الطبقة السياسية، وبات يتجه إلى المجتمع المدني، خصوصاً أن هناك أحزاب أفلست ولا تعبر عن طموحات الشعب". ويلاحظ كيف أن "المتنافسين لم يستغلوا الفضاء الأزرق بطريقة احترافية، على الرغم من أن قانون الانتخابات الجديد جاء بنصوص تسمح بتنظيم الحملات الانتخابية".

ويتابع بهلولي أن "هناك نقاطاً تدفع إلى نفور المواطن، ومنها ترشح بعض الأشخاص الذين كانوا سابقاً في المجالس المنتخبة، إلى جانب ذلك شهدنا نقص الحملات التوعوية في شأن أهمية العملية الانتخابية، التي تلعب دوراً كبيراً في التعبئة الشعبية، إضافة إلى أن الأحداث الخارجية، لا سيما قطع العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب، وتصاعد التوتر بين فرنسا والجزائر، أخدت حيزاً واسعاً من الاهتمام. وهذا أمر طبيعي". وختم قائلاً "أعتقد أن نسبة المشاركة في الانتخابات المحلية المقبلة ستكون مرتفعة مقارنة مع الانتخابات السابقة".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي