Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الخزانة الخضراء" في غزة حل ريادي يوفر ملابس صديقة للبيئة

المشروع يهدف لإعادة تدوير الثياب المستعملة وإعادة بيعها بنصف سعرها المعروض في الأسواق

بعد ساعات من إعادة ترتيب خزانة ملابسها، جهّزت هبة كيساً كبيراً ممتلئاً بالسترات التي لم تعد ترغب بارتدائها من جديد. هذه الأقمشة انتهت صلاحيتها بالنسبة لها، وفي الوقت ذاته، لا ترغب في التخلص منها عن طريق تحويلها إلى نفايات صلبة.

لم تكترث هبة كثيراً بالملابس المتراكمة التي أخرجتها من خزانتها، فأمامها خياران إما إتلافها، وإما التبرع بها لأحد المحتاجين، واصلت يومها في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر "إنستغرام" وجدت حلاً مناسباً أن بإمكانها مواصلة استدامة الملابس عن طريق إعادة بيعها، وذلك للمحافظة على بيئة خالية من النفايات التي لا تتحلل.

محافظة على البيئة

بسرعة، حاولت هبة التواصل مع القائمة على مشروع "الخزانة الخضراء" للاستفسار عنه أكثر، وإبلاغها بأنها تملك كثيراً من الملابس المستعملة ولا ترغب في اقتنائها داخل خزانتها، وفي الوقت نفسه، تحاول أن تستفيد منها مالياً.

وبينما كانت أمل منهكة في تحضير ثوب لأحد الزبائن، ورد إليها اتصال للاستفسار عن "الخزانة الخضراء"، فتجيب بأنها "مشروع ريادي لاستدامة الملابس المستعملة ذات الجودة العالية عن طريق إعادة بيعها بأسعار قليلة، عند مقارنتها مع ثمنها الأصلي المعروض في السوق". وتضيف، "الأمر ليس كذلك فقط، فنحن لا نرغب في بيع ملابس مستعملة فحسب، إنما نحاول التوصل إلى حلول عملية هدفها الحفاظ على البيئة ولو بنسبة ضئيلة، فبدلاً من تحويل السترات وغيرها من الأقمشة إلى نفايات صلبة، ثم حرقها، نحاول إعادة بيعها من جديد".

يختلف عن "البالة"

أغلقت أمل سماعة الهاتف، وواصلت ترتيب مجموعة من الملابس المستعملة بطريقة احترافية في غرفة صغيرة اقتطعتها من بيتها، وافتتحت فيها مشروع "الخزانة الخضراء"، ثم طلبت من أختها البدء في جلسة التصوير المخصصة لأحد فساتين السهرة، من أجل عرضه على الزبائن لشرائه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعد مشروع "الخزانة الخضراء" الأول من نوعه في قطاع غزة، وهو يختلف كثيراً عن فكرة ملابس "البالة". وتوضح أمل أن الفرق يكمن في أن فكرتها توفر ملابس مستعملة، لكن بجودة عالية، بينما في "البالة"، "تكون الأنواع المعروضة منها مهترئة جداً، ولا تناسب كل الأذواق".

واختارت أمل اللون الأخضر لخزانة الملابس المستعملة، لارتباطه بثقافة إعادة تدوير المنتجات وتقليل الأضرار على البيئة مهما كان الأثر ضئيلاً. وتشرح فكرة مشروعها بأنه يتيح الاستثمار بالملابس والربح منها، ومن جانب آخر يوفر للمستهلك جودة عالية وسعراً مناسباً، فضلاً عن فكرة الحفاظ على البيئة.

الملابس لا تتحلل

وتوضح أمل أن قطاع غزة ينتج يومياً نحو 2100 طن من النفايات الصلبة، على الرغم من وصول مكبّات النفايات إلى الحد الاستيعابي الأقصى، وتقدر نسبة الملابس التالفة والأقمشة بنحو 15 في المئة من إجمالي النفايات المنتجة يومياً في القطاع، (هذه المعلومات حسب بيانات مصلحة البلديات والمعهد الوطني للبيئة والتنمية).

وتشير أمل إلى أن الملابس مصنوعة من أنسجة لا تتحلل مع مرور الزمن، وفي النهاية، فإن مصيرها الحرق، بالتالي تتحول إلى غاز الكربون الضار بالغلاف الجوي.

وتشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أن إتلاف الملابس عن طريق حرقها ينبعث منه يومياً ما نسبة 10 في المئة من الانبعاثات الضارة للكربون إلى الغلاف الجوي حول العالم.

وتتابع أمل، "حاولنا كثيراً بث رسائل عن أضرار إتلاف الملابس والتأثير في سكان غزة حول مخاطر هذه الخطوة، وأن الحل الأمثل يمكن في إعادة استغلالها من جديد عن طريق بيعها أكثر من مرة، بدلاً من حرقها"، وبالفعل، عند تصفح متجر "الخزانة الخضراء"، فإن أمل تعرض معلومات حول كل قطعة ملابس وتشرح نوعية القماش المصنوع منها وأثره على البيئة في حال جرى إتلافه أو حرقه، وفي الوقت نفسه، توضح جودته، وتشير إلى أن الهدف من ذلك التأثير على المستهلك لإقناعه بالشراء.

مناسبة للوضع الاقتصادي السيئ

وقبل تنفيذ الفكرة بشهرين، بدأت أمل بتوعية سكان القطاع حول أهمية تغيير الصورة النمطية لديهم عن الملابس المستعملة، في ظل المشاكل الاقتصادية التي يعانيها القطاع، وفي العادة، تلعب أمل دور الوسيط، إذ تأخذ من الناس الذين يرغبون بيع ملابسهم الجيدة ذات الجودة العالية، ثم تعرضها في "الخزانة الخضراء" للمشترين. وتقول إن الأسعار عادة ما تكون نصف الثمن الأصلي المعروض في السوق لتناسب الوضع الاقتصادي للسكان.

ويعيش سكان غزة أزمة اقتصادية خانقة للغاية، في ظل ارتفاع مؤشرات البطالة بين العاملين إلى نسبة 65 في المئة، وبحسب بيانات مركز الإحصاء الفلسطيني، هناك نحو 300 ألف عامل عاطلين عن العمل، فضلاً عن بلوغ نسبة الفقر نحو 85 في المئة بين الأسر.

وتبين أمل أن هذه العوامل الصعبة التي يعيشها سكان القطاع جعلتهم أكثر إقبالاً على شراء الملابس المستعملة ذات الجودة الجيدة، كونها تناسب وضعهم الاقتصادي السيئ.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات