Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"استقالة ماي" لن تحل "معضلة بريكست" والتأثير السلبي في الاقتصاد البريطاني

الأسواق تحتفل... والإسترليني يرتفع... والاقتصاد حائر

بريطاني يحتمي بمظلة تحمل علم المملكة المتحدة أمام مصرف إنجلترا المركزي في لندن (رويترز)

جاء رد الفعل السريع بارتفاعٍ طفيف في سعر صرف الجنيه الإسترليني، إثر إعلان رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي استقالتها من رئاسة حزب المحافظين في السابع من يونيو (حزيران) المقبل، وترك رئاسة الحكومة ما إن يختار الحزب الحاكم خلفاً لقيادتها.
وعلى الرغم من التحسن أيضاً في مؤشرات الأسهم في الأسواق الرئيسية التي كانت تنتظر إعلاناً من مقر الحكومة البريطانية، فإن محللين كثراً لا يتوقعون أن تستمر موجة التحسن تلك وأن يعود سعر الجنيه إلى التقلب وربما منحى الهبوط، بعدما وصل إلى أدنى مستوى له في أربعة أشهر هذا الأسبوع عند 1.2 مقابل اليورو.
ومع توقع استقالة ماي منذ فترة، تحسبت الأسواق والأعمال لهذا الاحتمال بما أفقد إعلانها اليوم أثر الصدمة. ويرجَح أن يكون التأثير في المدى القصير والمتوسط مرتبطاً بمدى قدرة السياسة البريطانية على تفادي حالة "عدم اليقين" التي ميزتها في العام الأخير. وحتى قبيل استقالة ماي، أكدت المفوضية الأوروبية بوضوح قاطع أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع رئيسة الوزراء البريطانية غير قابل لإعادة النقاش أو التعديل بأي حال من الأحوال ـ وإن كان البيان السياسي المصاحب له تمكن مراجعته. وهكذا يترك خروج ماي، الخروج الأكبر، أي الـ "بريكست"، على حاله، بل ربما يزداد تعقيداً وكلفةً مع استمرار حالة عدم اليقين. وربما يكون أقصى ما يطمح إليه مَن سيخلف ماي في رئاسة حزب المحافظين والحكومة هو تمديد آخر لموعد الخروج إلى ما بعد 31 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وكانت ماي حصلت على هذا التمديد بعد رفض مجلس العموم (البرلمان البريطاني) للاتفاق الذي توصلت إليه مع بروكسل، وكذلك استبعاد الخروج من أوروبا من دون اتفاق في الموعد المحدد بالأسبوع الأخير من مارس (آذار) الماضي.

تقرير المركزي

وذكرت الأنباء في ذلك الوقت أن بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) أعد تقريراً قدمه لرئيسة الحكومة، خلاصته أن التأخير يكلف الاقتصاد البريطاني 4.7 مليون جنيه استرليني في الساعة أو 800 مليون جنيه استرليني في الأسبوع (أي نحو 3.5 مليار جنيه في الشهر). وأضاف التقرير أن كل تأخير يعني استمرار عضوية بريطانيا للاتحاد الأوروبي ما بعد مارس 2019، يعني زيادة الفاتورة التي تعهدت بريطانيا بدفعها للاتحاد الأوروبي والمقدرة بنحو 50 مليار يورو نتيجة التزامات بريطانيا في صناديق أوروبية كالدعم الزراعي ومعاشات التقاعد. يذكر أن الاقتصاد البريطاني تقلص حجمه بنسبة 2 في المئة تقريباً الآن عما كان يتوقع أن يصل إليه لو صوّت البريطانيون في عام 2016 بعدم الخروج من أوروبا. وفي ذلك الوقت كانت نسبة النمو السنوي لاقتصاد بريطانيا أكثر من 2 في المئة لتصبح الآن أقل من 1 في المئة. ونتيجة عدم اليقين بشأن "بريكست" والخلافات السياسية الحادة داخل الحزب الحاكم وبينه وبين أحزاب المعارضة، خسر الاقتصاد البريطاني أكثر من 7 آلاف وظيفة في القطاع المالي فقط نتيجة تقليص الشركات العاملة في حي "سيتي أوف لندن" لنشاطها في بريطانيا. وأياً كان شكل "بريكست" المقبل، يتوقع أن يخسر حي "السيتي" نحو تريليون جنيه استرليني ستنتقل من لندن إلى دول أخرى في الاتحاد الأوروبي.

ترجيح فوز جونسون

ومن جهته، رفع بنك الاستثمار الأميركي "جي بي مورغان" هذا الأسبوع احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون صفقة إلى 25 في المئة من التقديرات السابقة البالغة 15 في المئة، مع افتراض أن وزير الخارجية البريطاني السابق بوريس جونسون سيصبح رئيساً للحكومة.
كما رجّح البنك الأميركي تنظيم انتخابات عامة، إضافة إلى تأخير جديد لانسحاب بريطانيا المزمع من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر المقبل.
ومع ترجيح المتابعين لفوز بوريس جونسون بزعامة حزب المحافظين وبالتالي تولي رئاسة الحكومة، لا يُتوقع تغييراً كبيراً في الخيارات المتاحة الآن بالنسبة لـ "بريكست": بخروج من دون اتفاق، أو باتفاق صعب (يشبه علاقة كندا التجارية مع الاتحاد الأوروبي مثلاً). وبما أن جونسون هو مَن قاد حملة التصويت بالخروج في استفتاء عام 2016 فستكون الضغوط عليه كبيرة من قاعدته الحزبية للخروج، حتى ولو من دون اتفاق. وسيعني ذلك مزيداً من الخسائر للاقتصاد البريطاني يصعب تقديرها من حيث حجم الوظائف المفقودة (بعشرات الآلاف)، والأعمال التي ستترك البلاد وحتى اتفاقات التجارة مع بقية دول العالم. ويُلاحَظ أن تيريزا ماي جعلت استقالتها تدخل حيّز التنفيذ بعد الزيارة الرسمية للرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى بريطانيا، إذ تسعى الحكومة البريطانية إلى التفاوض على اتفاق تجاري مميز مع الولايات المتحدة، بأفضل مما يمكن التوصل إليه بين أميركا والاتحاد الأوروبي أو اليابان.

حالة عدم اليقين

وخلص مراقبون ومتابعون للشأن البريطاني إلى أن استقالة ماي، وأياً كان مَن سيخلفها في رئاسة الحزب والحكومة، لن تغير كثيراً من حالة عدم اليقين التي تضر بالاقتصاد البريطاني يومياً تقريباً، وتقلل من فرص استفادته حتى من علاقاته المميزة مثل تلك التي تربطه بالولايات المتحدة.
كما أن صبر الاتحاد الأوروبي بدأ ينفد بسبب عدم قدرة بريطانيا على اتخاذ قرار بشأن الخروج وما يسببه ذلك من أضرار، ليست اقتصادية وحسب، بل ذات تأثير سياسي على بقية دول الاتحاد ومدى حرصها على البقاء فيه.
وأعلنت تيريزا ماي استقالتها من منصبها بعدما فشلت في إقناع النواب بتأييد الاتفاق الذي توصلت إليه مع الاتحاد الأوروبي بشأن "بريكست"، وقالت إنها فعلت ما بوسعها "لتحقيق الديمقراطية وحماية اتفاق بريكست وإبرامه"، ولفتت في الوقت ذاته إلى أنها ستواصل مهماتها كرئيسة للوزراء إلى حين اختيار زعامة جديدة.
ومن أمام مقر الحكومة البريطانية بالعاصمة لندن، قالت في كلمة ألقتها، الجمعة، إنها ستبقى في المنصب حتى 7 يونيو (حزيران) المقبل، حتى تتيح الفرصة لحزب المحافظين الذي تنتمي إليه لاختيار زعيم جديد للحزب. ولفتت ماي في تصريحات أدلت بها خارج مقر إقامتها في "داونينغ ستريت"، حيث بدا عليها التأثّر، إن "عدم قدرتي على إتمام بريكست أمر مؤسف للغاية بالنسبة لي وسيكون كذلك على الدوام". وأتى قرار ماي ليمهد الطريق أمام اختيار زعيم جديد من المرجح أن يسعى إلى إبرام اتفاق أكثر حسماً لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وجاءت خطوة "ماي" استجابةً لضغوط حزبها الذي طالبها بالاستقالة، بعد فشلها في تنفيذ الـ"بريكست".
وكان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مقرراً في 29 مارس الماضي، لكن مُدِّد هذا التاريخ إلى 31 أكتوبر المقبل، بسبب الأزمة السياسية في البلد حول اتفاق الخروج.  ولاختيار خليفة لـ"ماي"، يتعين أن يترشح اثنان على الأقل من أعضاء حزب المحافظين لشغل المنصب. وفي حال تقدم مرشح واحد فقط، يصبح زعيماً للحزب تلقائياً، ولكن في حال إعلان أشخاص عدة نيتهم للترشح، مثلما حدث قبل إعلان ماي استقالتها، فستتنافس أسماء عدة على حلبة السباق.

الإسترليني يرتفع بعد الاستقالة

وفي أعقاب الاستقالة جاء رد الجنيه الإسترليني مرتفعاً بعدما وصل إلى مستويات هبوط كبيرة في فترة عدم اليقين السابقة. وصعد الجنيه الإسترليني مقابل الدولار واليورو خلال تعاملات الجمعة، بعد إعلان ماي استقالتها. وبحلول الساعة 9:59 صباحاً بتوقيت غرينتش، ارتفع الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأميركي بنسبة 0.3 في المئة ليصعد إلى 1.2695 دولار.
وعلى الرغم من ارتفاع العملة البريطانية إلى 1.27 دولار في وقت سابق من التعاملات لكنها لا تزال قرب أدنى مستوياتها المسجلة في العام الحالي، كما صعد الإسترليني أمام اليورو بأكثر من 0.2 في المئة ليهبط اليورو إلى 0.8815 إسترليني. وعانى الجنيه الإسترليني خلال الأيام الأخيرة، من أطول سلسلة خسائر له مقابل اليورو منذ إنشاء العملة الموحدة قبل عقدين من الزمان، بعد تسجيله أكبر الخسائر لمدة 13 يوماً متتالية بين العملات العالمية الرئيسية في مايو (أيار) الحالي. وكان الجنيه انخفض من أكثر من 1.17 يورو إلى أقل من 1.14 يورو وانخفض من أكثر من 1.32 دولار أميركي إلى أقل من 1.28 دولار - وهو أدنى مستوى منذ فبراير (شباط) الماضي.
واحتفلت الأسواق الأوروبية، لا سيما العملات، بعد التطور غير المسبوق في الشأن البريطاني، وتحديد رئيسة الوزراء ماي، الجدول الزمني لمغادرة منصبها وذلك بعد 3 سنوات من العمل، وسط تأزم ملف الخروج من الاتحاد البريطاني "بريكست". وأعلنت المفوضية الأوروبية الجمعة أن استقالة ماي "لا تغيّر شيئاً" في موقف الدول الــ27 الأعضاء بشأن الاتفاق المبرم حول بريكست. 
وقالت المتحدثة باسم رئيس المفوضية الأوروبية مينا أندريفا "سنحترم رئيس الوزراء الجديد، لكن ذلك لا يغير شيئاً في الموقف الذي اعتمده المجلس الأوروبي حول اتفاق خروج" بريطانيا من الاتحاد.

ارتياح عام في الأسواق

الخبير الاقتصادي والأستاذ في جامعة لندن، الدكتور ناصر قلاوون، قال إن استقالة ماي أحدثت ارتياحاً عاماً في الأسواق اليوم بعدما كانت بالأمس في المنطقة الحمراء نتيجة القلق في حي المال والأعمال وشركات التأمين. وهناك بعض الراحة لمعرفة السلوك الذي ستسلكه الحكومة المقبلة بانتظار تشكيل الوزارة الجديدة من قبل حزب المحافظين، مشيراً إلى أن الراحة الحالية في الأسواق ستمتد لمدة ثلاثة أشهر، ولن يتم اتخاذ أي قرارات مهمة خاصة بوضع المملكة المتحدة بصفة عامة في تلك الفترة.
ولفت قلاوون إلى أن وجود رئيس وزراء جديد لن يحل المشكلة إلا بتأجيل الاتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي لمدة سنتين، إلا لو كان بوريس جونسون لأنه قادر على تقديم تنازلات، إذ إنه شخصية شعبوية في حزب المحافظين، ويجب عليه أن يؤمن وجوده بالحزب أو يتحالف مع زعيم معتدل أو منافس معتدل له مثل وزير الخارجية الحالي جيرمي هانت.
وأوضح أن "الأسواق كانت غير راضية عن تأجيل الخروج من الاتحاد الأوروبي، بل تريد اتفاقاً ولا تريد الخروج وهذا ما أضعف فرصة ماي، التي استرضت نقابة الصناعيين البريطانيين والمصارف وشركات التأمين". وأضاف "مَن سيشكل الحكومة يجب عليه توحيد أجنحة الحزب بحيث أن البرلمان لن يغيّر من موقفه إلا بعد لملمة صفوف حزب المحافظين والاتفاق مع حزب العمال، إذ إنهما يشكلان ثلثَي البرلمان، كي يكون قادراً للدعوة لانتخابات جديدة عام 2022".
وأكد أن "الخروج من دون اتفاق سيؤذي الاقتصاد البريطاني أكثر، إلى جانب أن هناك انهيارات في الأسواق التجارية والشركات وصلت إلى صناديق التقاعد، ناهيك عن المصائب التي تنهار على الحكومة المقبلة، وأولها تأمين بقية الاستثمارات لمساندة المتقاعدين"، مشيراً إلى أن "سياسة زيادة أعباء الدين واسترضاء صندوق النقد الدولي يعني الفشل في ما هو مقبل".
وقال قلاوون إن الاستثمارات العربية في بريطانيا ستشهد حالةً من الهدوء النسبي خلال الفترة المقبلة، لافتاً إلى أن "انقسام حزب المحافظين ومن ثم تشرذم الأحزاب بشأن بريكست يعني أن المملكة المتحدة ستكون من دون حكومة نافذة، وهو الأمر الذي سيدفع جلالة المملكة إليزابيث إلى التدخل".

التداعيات الاقتصادية "مربكة"

عبد العظيم الأموي، المتخصص في الشؤون المالية العالمية، وصف التداعيات الاقتصادية بــ"المربكة" بسبب ارتفاع نسبة احتمالات خروج بريطانيا من دون اتفاق- الذي تتوقعه الأسواق- وبالتالي ستفقد لندن تصنيفها الائتماني كما ستتأثر القرارات الخاصة بالاستثمار والائتمان.
ولفت الأموي إلى أن "استقالة ماي ستدخِل الاقتصاد في مرحلة جديدة من عدم اليقين، ستؤثر سلباً في الاقتصاد البريطاني، لا سيما في ظل معطيات جديدة بشأن عودة احتمال الخروج من دون اتفاق إلى الواجهة، وأيضاً إجراء انتخابات مبكرة إلى جانب احتمال إجراء استفتاءٍ ثانٍ، وكلها تجعل التقلبات أكثر حدة خلال الفترة المقبلة، لافتاً إلى أن "هناك عاملاً مهماً وهو أن الفترة من الآن وحتى 31 أكتوبر قد لا تكون كافية لإجراء الترتيبات اللازمة داخل حزب المحافظين والحكومة ما يزيد حالة القلق والحذر لدى المستثمرين".
وعن صعود الجنيه الإسترليني في أعقاب الاستقالة، اعتبر عبد العظيم الأموي أنها "يبقى رد فعل أولياً وآنياً لا يعكس ما الذي يمكن أن يحدث للعملة في الشهور المقبلة، ولكن هناك تفسيرين، الأول أن الأسواق تسعِّر على اعتبار أنه ربما يكون هناك تمديد متوقع للمادة 50 إلى ديسمبر (كانون الأول) المقبل لإتاحة الوقت لإجراء انتخابات عامة والمناقشات التي تتبعها، نظراً إلى أن الفترة المحددة ليست كافية لترتيب الأوضاع واتخاذ موقف تفاوضي جديد مع الاتحاد الأوروبي. والثاني هو أن الأسواق العالمية متفاعلة إيجاباً مع تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن أن قضية هواوي قد تكون إحدى فقرات أجندة المفاوضات في الحرب التجارية الدائرة بين الصين وأميركا، في مؤشر على أن ترمب يريد أن ينزع فتيل الأزمة وهذين السببين كانا وراء ارتفاع فوتسي 100 (أحد أكبر مؤشرات الأسهم البريطانية) والجنيه الإسترليني".
وتوقع الأموي حدوث تقلبات إضافية على صعيد الأسهم البريطانية وسعر صرف الجنيه الإسترليني في الأشهر المقبلة، فيما ستبدأ الأسواق بتسعير مستويات جديدة للإسترليني ربما تكون تحت مستوى 1.20 في حال الخروج غير المنظم وصعود تيارات مناهضة لأوروبا في البلاد.
ولفت إلى أن بوريس جونسون يُعتبر المرشح الأوفر حظاً لخلافة ماي، وأحد صقور "بريكست"، ما يرفع توقعات الأسواق في خروج غير منظم إلى جانب تحسب وتشدد أوروبي في المفاوضات، موضحاً أن "اختيار جونسون فقط لا يكمل الصورة، بل فريق العمل الذي يصاحب رئيس الوزراء الجديد سيكون له تأثير في توقعات الأسواق للخطوات التي تترتب على ذلك".
وتوقع أن "الأمر صعب حتى في حالة الخروج غير المنظم، إذ يُلزم بريطانيا بإصلاحات قانونية كبيرة، إذ سيكون عليها أن تراجع 500 قانون يخص التجارة، وبناء منظومة جديدة، ما يجعل وجودها خارج الاتحاد الأوروبي صعباً، ولكن في الوقت ذاته يعطيها مزيداً من المرونة وهامشاً أوسع للحركة لتبرم اتفاقات جديدة، وهذه هي النقطة الذي يركز عليها دعاة الخروج ولكن ليس بالسهولة التي يتوقعها البعض.
وأكد أن ارتفاع فرص الخروج غير المنظم ستعود إلى الواجهة التوقعات المتشائمة لمارك كارني محافظ بنك إنجلترا (البنك المركزي) في وقت سابق بانكماش الاقتصاد بنسبة 8 في المئة خلال العامين المقبلين وهبوط الجنيه الاسترليني بنسبة 25 في المئة.

حالة تفاؤل

من جانبه، يرى محمد زيدان كبير المحللين الاستراتيجيين لأسواق السلع لدى «ثينك ماركتس»، ومقرها دبي، أن استقالة ماي أتت متأخرة وهناك احتفالات بالأسواق اليوم وأبرزها الاحتفالات في سوق العملات، وما شهده الجنيه الإسترليني من ارتفاعات تؤكد حالة التفاؤل في الأسواق ككل".
وتعرضت تيريزا ماي إلى ضغوط قوية في الأيام القليلة الماضية لدفعها لتقديم استقالتها تحت طائلة مواجهة تصويت بسحب الثقة مرة أخرى، موضحاً أنها "حاولت ثلاث مرات تقديم صفقة من شأنها تأمين عملية الخروج من عضوية الاتحاد الأوروبي، لكنها فشلت في الحصول على دعم برلماني". وأشار زيدان إلى أن التكهنات عمّن سيخلف ماي سابق لأوانه، مشيراً إلى أن "في كل الأحوال، مَن سيأتي بعدها سيقلل التعقيدات المتعلقة بالاتفاق بشأن بريكست. ولفت إلى أن "وصول أحد المتشددين حيال بريكست في هذا الوقت إلى رئاسة الوزراء سيؤدي إلى خروج صعب أو طلاق صعب، الأمر الذي ستكون له انعكاسات كبرى على الاقتصاد البريطاني". ورأى زيدان أن "فكرة الخروج الفوضوي ليست مستبعدة حالياً"، لافتاً إلى وجود احتمال آخر أمام الحكومة المقبلة وهو تنظيم استفتاء ثان حول فكرة الخروج من الاتحاد الأوروبي. وعاد زيدان ليؤكد أن "مَن سيأتي بعد ماي يجب عليه إنشاء علاقات تجارية جديدة لتجنب انعكاسات الحرب التجارية على الاقتصاد البريطاني، وعليه أيضاً تجنب الآثار السلبية لبريكست والخلاف الدائر منذ فترة حول هذا الملف".

استقالة متوقعة

في السياق، قال علي الحمودي الخبير الاقتصاد الدولي والأسواق العالمية، إن استقالة ماي كانت متوقعة بالنسبة للأسواق في الأيام الماضية بعدما كان واضحاً أنها لن تفلح في تمرير اتفاق الخروج مرة أخرى في البرلمان.
وأشار إلى أن رد فعل الأسواق كان الارتفاع وتحسن أداء الإسترليني، لافتاً إلى أن "السؤال الملح حالياً هو مَن سيخلف ماي كزعيم لحزب المحافظين"، موضحاً أن "هناك أحاديث كثيرة عن عمدة لندن السابق، وزير الخارجية السابق بورس جونسون، الذي أعلن أنه سيرشح نفسه للمنصب. لكنه لن يكون وحده، فهناك المرشح الأوفر حظاً ربما، وزير البيئة مايكل غوف، المتحدث البارع والمدعوم من الملياردير الأسترالي- الأميركي روبرت مردوخ".
وأكد أن "رئيس حزب المحافظين، الذي سيكون رئيس الوزراء المقبل، لن يغيّر من حالة عدم اليقين بالأسواق إلا لو جدّ جديد بالنسبة لملف بريكست، خصوصاً في موقف البرلمان منه". وأضاف أن "التركيز الوحيد في الشأن البريطاني حالياً الذي ستتابعه الأسواق عن كثب، هو أن كل الخيارات مطروحة الآن، وهي إجراء انتخابات برلمانية عامة، أو استفتاء ثانٍ على بريكست أو حتى إلغاء تفعيل البند 50 من اتفاقية لشبونة (بند إطلاق عملية الخروج)، إذ إن البرلمان الحالي صوّت سابقاً على عدم الخروج".

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد