Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العلاقات بين تركيا وأميركا انخفضت إلى 30 دقيقة

يثير تخبط أنقرة في سياستها الخارجية موقفاً سلبياً منها من قبل واشنطن

عندما ننظر إلى عام 2017 وما قبله، نرى أن مدة معظم الاجتماعات التركية - الأميركية كانت بمعدل 90 دقيقة أو أكثر (رويترز)

أخيراً... وبعد شكاوى وتظلماتٍ أطلقها في المؤتمرات الصحافية، تمكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من الحصول على موعد مع الرئيس الأميركي جو بايدن.

الاجتماع الذي حدده البيت الأبيض لمدة 20 دقيقة، استمر لـ65 دقيقة، وإذا أزلنا حصة الترجمة من هذا الاجتماع تبقى مدته 30 دقيقة. ويُعرف عادة أن الاجتماعات الثنائية المجدولة تستغرق وقتاً أطول، بينما تستغرق الاجتماعات غير المجدولة وقتاً أقل.

وهكذا نفهم من مدة الاجتماعات التي يعقدها القادة الأتراك مع الأميركيين، ما إذا كانت واشنطن تولي أهمية لعلاقاتها مع أنقرة أم لا.

فعندما ننظر إلى عام 2017 وما قبله، نرى أن مدة معظم الاجتماعات المقررة لقائدي البلدين كانت بمعدل تسعين دقيقة أو أكثر، بينما كانت مدة الاجتماعات غير المقررة ساعة واحدة تقريباً.

وكان آخر أطول اجتماع بين رئيسي البلدين هو الاجتماع الأخير الذي التقى فيه أردوغان والرئيس السابق دونالد ترمب في البيت الأبيض في مايو (أيار) 2017، والذي استمر لمدة ساعتين.

بعد هذا التاريخ، بدأت العلاقات بين أنقرة وواشنطن تميل نحو التدهور، لأن حكومة "حزب العدالة والتنمية" التركي كانت على اتصال مع موسكو بشأن نظام الدفاع الجوي الروسي "أس – 400" (S-400). وأصبح هذا الوضع هو العامل الرئيس الذي بدأ يؤثر سلباً في العلاقات بين أنقرة وواشنطن. وأخيراً، مع شراء تركيا صواريخ "أس – 400" من روسيا في عام 2019، بدأت علاقاتها مع الولايات المتحدة تشهد أكثر أيامها توتراً في التاريخ.
ونفهم أن البيت الأبيض حد من اجتماعات القادة الأميركيين والأتراك في السنوات الثلاث الماضية على وجه الخصوص، كرد فعل على عدم اتساق السياسة الخارجية لأنقرة.
ونلاحظ أن مدة الاجتماع بين أردوغان وبايدن في نهاية الأسبوع الماضي كانت 30 دقيقة إذا ما قمنا بطرح حصة المترجم، ما يكشف عن مدى سوء العلاقات بين البلدين.
وعندما ننظر إلى القضايا المطروحة على جدول الأعمال بين أنقرة وواشنطن، نرى أنها تحتاج إلى مناقشات طويلة تضيق عنها نصف ساعة، بل وحتى ساعة.

وفيما يلي القضايا التي يتوقع الرأي العام تناولها على الطاولة:

- لا تزال قضية الصواريخ التي تم شراؤها من روسيا عالقة وتنخر العلاقات بين البلدين.

- ليس واضحاً بعد ما إذا تم استبعاد تركيا من مشروع الطائرات "أف – 35" (F-35)، التي دفعت أنقرة ثمنها وأسهمت كمنتِج مشارك في مشروع الجيل الأحدث من الطائرات المقاتلة.
- هل سيتم استرداد مبلغ الـ1.5 مليار دولار الذي دفعته تركيا مقابل المشاركة في مشروع "أف – 35"؟ وكيف؟

- مطالب أنقرة حول شراء 40 طائرة من طراز "أف – 16".

٥- تحفظات أنقرة بشأن آثار الحوار الأميركي مع الأكراد (حزب الاتحاد الديمقراطي) في سوريا.

- ملف شرق المتوسط.

- مستقبل العلاقات مع حلف شمال الأطلسي

- آخر الأوضاع في أفغانستان.

- حيثيات الإجراءات القضائية الجارية في الولايات المتحدة حالياً بشأن مزاعم حول تورط بنك "خلق" في غسل أموال إيران السوداء.

- وقضايا أخرى مثل تسليم المفكر التركي فتح الله غولن، المقيم في أميركا الذي يعتبره أردوغان من أكبر معارضيه.

ولكن في نهاية الاجتماع الأخير، علمنا أنه لم يتم البت في أي من القضايا العشر الأكثر أهمية التي تسببت في الأزمة بين البلدين.
وقالت واشنطن في بيانها بخصوص هذا الاجتماع، "أكدنا تحالفنا في الناتو، وستستمر علاقاتنا، وناقشنا قضية شرق المتوسط، وناقشنا مشاكل تركيا في مجال حقوق الإنسان وسنتابعها".
في المقابل، صرح الرئيس أردوغان، من جانبه، أنه طرح قضية الأكراد في سوريا، وأفغانستان، وشراء طائرات حربية من طراز "أف – 16". وعندما سأله أحد الصحافيين "هل تحدثتما عن قضية شرق المتوسط؟" أجاب "كلا، لم تُطرح هذه القضية".

ويتناقض ذلك مع البيان الذي أدلى به البيت الأبيض، حين ذكر أن قضية شرق البحر الأبيض المتوسط ​​كانت على جدول الأعمال.

والأمر موكول لقرائنا الكرام بشأن تصديق أحد من المتناقضين.
ويبدو أن الرئيس الأميركي لم يأبَهْ بأي من الملفات التي حملها أردوغان معه.

ونلاحظ من نص البيان الذي أدلت به الولايات المتحدة أن بايدن لم يشدد إلا على الجزء الذي يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان في تركيا. لذلك، فإن الموقف الأميركي من تركيا هو إبقاؤها داخل النظام الغربي وحلف شمال الأطلسي، من دون إلقائها بالكامل في أحضان روسيا، ولكن أيضاً مع الحفاظ على مسافة جادة بينهما.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتخلت واشنطن عن وجهة النظر التي كانت تقول إن "أردوغان شخصية مهمة جداً ولا غنى عنه" في الظرف الحالي، بل إن أردوغان أصبح يرهق الجميع بأطواره الخشنة وانتهاكاته حقوق الإنسان والمزاعم التي تحوم حوله.
ولن يوافق بايدن على عودة تركيا إلى مشروع مقاتلات "أف – 35" ما دام أردوغان يمسك دفة الحكم. ومن الصعب تمرير القرار بشأن طائرات "أف – 16" لتركيا أيضاً.

لقد أرهق أردوغان العالم حقا، وللتأكد من ذلك يكفي إلقاء نظرة إلى القائمين على السياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية المتذبذبة.

فمرة نراهم يشترون صواريخ "أس – 400" من روسيا ثم لا يستطيعون استخدامها.

وفي الوقت نفسه، يبيعون الطائرات من دون طيار (SİHA) لأوكرانيا، ما يسمح لها بضرب المواقع الروسية في دونباس.

ثم بسبب شراء الصواريخ الروسية، حُرمت تركيا من طائرات "أف – 35" بسبب الحظر الأميركي.

ومن ناحية أخرى، تتوسل أنقرة الولايات المتحدة لشراء 40 طائرة من طراز "أف – 16".

ويحاول الأتراك أيضاً شراء صواريخ من إيطاليا وفرنسا، في حين لم تمضِ سوى أيام قليلة على تصريحات رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي التي لقّب فيها أردوغان بـ"الديكتاتور".

كما دخلت أنقرة، في وقت قريب، في أزمة حادة مع فرنسا بشأن قضية شرق المتوسط.

ويحاول الأتراك -كما يزعمون- المصالحة مع مصر، لكنهم، مع ذلك يبيعون طائرات من دون طيار (SİHA) إلى إثيوبيا التي تعيش خلافاً حادّاً مع القاهرة.

ومجمل القول إننا نلاحظ في كل مجال هذه المواقف المضطربة وغير الموثوق بها للسياسة الخارجية التركية بقيادة أردوغان.

وعلى الرغم من أن الاجتماع مع الرئيس الأميركي لم يسفر عن أي نتائج، ورجع أردوغان من روما صفر اليدين، فإنه أصبح يعتبر نفسه ناجحاً لاستطاعته أن يلتقط صورة مع بايدن ليستخدمها في الأقل في السياسة الداخلية.
ولنترك أردوغان وحزبه يسلّون أنفسهم بالتقاط الصور، ولا أعرف ما إذا كانوا على علم بذلك، لكن الحقيقة هي أن واشنطن تركت التطبيع مع أنقرة إلى ما بعد الرئيس أردوغان.

المزيد من تحلیل